أقلام ثقافية

ياسين الرزوق: القِبْلاتُ المُتَحَرِّكة

yasin alrazuk• يوم قال أندريه بارو "لكلِّ إنسان ٍ متحضِّر ٍ في هذا  العالم وطنان "وطنه الأم وسورية " من مملكة ماري الشهيرة  دحرج على قوله صخرة سيزيف الذي قاوم الموت ليغري كلَّ هواة الموت كي يمروا بصخرة سورية ويدحرجوها على عشَّاق الحياة

• ربما أوعز  أندريه بارو بلوح الطين الأول الذي ابتدعه الإنسان حين اكتشف مملكة ماري في بداية القرن العشرين إلى ساسة العالم أنَّ في الشرق وطناً لا يحتمل النسيان ولا بدَّ من تسليط ذاكرة التخريب والدمار على معالم التنوُّع الذي ما فارق ولادته الأولى وهو يُبعث من فينيق ٍ إلى فيينيق

• ليت خالد الأسعد بقي على أعتاب زنوبيا يكتب بماء الذهب لعبة الإمبراطوريات التي دفع ثمنها وهو ينحت على تلاوة أورليان مصحف الزمن المقهور الذي ما فتئ أن شرب دمه وهو يعلقه بين صفحاته على مرأى اللات والعزَّى تَرجُمُه عيون من كبَّروا باسم الله وكلَّما غاصوا في الدم حتى غرقهم تعلَّقوا بقوس النصر وهم يتفرجون على جريانه في معبد بعل مسفوحاً في زمن ٍ أغدق بالهمجية على شعوب ٍ كم تكسرَّت جرار التحضُّر بين أياديها عند أول صيحة للغزو وعند أول مفترقٍ لشعاب التقوى فمضت بظنون الأفضلية تعيث باسم الأبجدية الأولى وتطبِّق القصاص باسم القرآن المُنَجِّي وترسم للنار سبلاً لا حصر لها وللجنة شعبة واحدة من بضع ٍ وسبعين شعبة هي شعبة السنة الكرام الذين اخترقت أرحامهم  دولة العراق والشام بنطاف رغباتهم فبقوا من أتباع أبي بكر وعمر وانصاعوا لمسيلمة الكذَّاب  فاقتتلوا ليقتلوا ويبسطوا ذراع الوجه الواحد ويقطعوا رأس التعددية والتنوع ويخنقوا رئة السياسة ويبقوا قطعان الشعوب غير قادرة ٍ على رفع سقف كرامتها إلا بقدر ما يجعلها تتنفس لتعيش ميتة أو لتموت حية !!

• في معلولا وقف الأسد وهو يمسك قرآن الوطن الواحد حينها كانت هامته في السماء يبحث عن روح عيسى فإذا بنا نراه عائداً على صليب العذاب يقبِّلُ جباه الصامدين في وجه الكيانات المارقة والفيدراليات المفتَّتة والاتحادات الزائفة والولايات العابرة والخلافات الغابرة والسلطنات الغائرة  حتَّى أشعل في عيد الصليب شمعة الفرح والحزن شمعة الحياة والموت شمعة الفناء والخلود ومن حوله عيونٌ أضاءت دروب الحبق واقفة ً بأهلَّتها تعطِّرُ كلَّ صليبٍ أرَّقته مواجع  الفراق  بعبير الأمّة الواحدة التي لن تشتِّتها الأحقاد ولن يطفئها التآمر وما زال الأسد في رحلته الطويلة إلى بيت المقدس لا لقتل اليهود في مبكاهم بل لتطهير بيت المقدس من مفاتيح قهره بغطرسة مستعمريه الأسد الذي عثَّرته الجغرافية فقام أقوى ليهزَّ بلاد نجد ٍ ذات ليل ٍ مدلهم علَّها تصحو لتفرك عيون سارقيها كي يحسنوا القراءة بأنَّ الوثيقة العمرية فتحت أبوابها من جديد لكنْ بمفاتيح الأسد الإنسان وليدركوا أنَّ قابيل لن تقبل منه قرابين الدم الصارخ وهو يقدِّمها على أطباق صهيون الغاصب  باسم اليهود والنصارى والمسلمين  ويذبح بتيهه وضلاله وحقده  أهل الأرض السورية فيسيل دمهم على جملة أندريه بارو الشهيرة لتغدو " لكلِّ مجاهد ٍ همجيٍّ في هذا العالم قبران وطنه الأم وسورية " !! وما زال المؤمنون يلحنون دون تفكُّر ٍ ودون تأمل ٍّ بآيات حجِّهم الموروث يرجون عاقبتهم الفريدة وهم يتناحرون وينحرون ويهدمون كلَّ مسرىً للروح وكلَّ متنفَّس ٍ للعقل وكلَّ كعبة ٍ للعشق والحياة !! ("أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ") !!

فهل الله بناصر ٍ شرعة الإنسان وما ذلك على الله بعزيز ؟!!

 

الشاعر المهندس: ياسين الرزوق

 

في المثقف اليوم