بأقلامهم (حول منجزه)

نقد النص وتجديد الفكر الاسلامي.. مساءلة في فكر نصر حامد أبو زيد وماجد الغرباوي

النص وآليات القراءة والنقد: مثّل النص الديني اطارا مرجعيا عاما للفكر العربي الاسلامي، فكان له من حيث هو نص، دور محوري في توجيه التطور اللاحق لذاك الفكر. وشكل (القرآن والسنّة) سلطة فكرية حكمت منذ البداية مجمل عملية الإنتاج المعرفي الإسلامي في العصرين الأول والوسيط، وحددت أبعاده المعرفية والمنهجية وهيمنت على توجهاته المتعددة.

لم ينطلق القرآن من فراغ سوسيوثقافي وتاريخي، بل يبني على ما سبق تصحيحاً وإغناءً وتطويراً: «وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقرآن أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» [يونس:37]. وإذا كان القرآن يقطع مع ما سبق، فهي قطيعة نسبية، بمعنى النقلة النوعية من إطار معرفي إلى آخر، ليتحول بذلك الى تراث هويتة ثابتة لا يمكن زعزعته او المساس به بعد اكتسابه صبغة القداسة.

الواقع ان جل التيارات الدينية لا تكاد تميز بين التراث الديني والدين، رغم أن النص الديني نفسه بشقيه –القرآن والسنة- يحتاج هو الاخر الى قراءة موضوعية علمية، تخلخل الاساطير التي تشكلت حوله، وتزحزح كل قراءة او تأويل تصدى لتقديم فهم عن الدين. وهذا ما قام به بعض المفكرين حينما درسوا تاريخية النص ودعوا إلى إعادة قراءة وتأويل النص الديني بمنهج اسلامي جديد، كالمفكرين نصر حامد ابو زيد وماجد الغرباوي، مثالا، حيث عملوا على تأسيس رؤى ومنظورات من شأنها ان تشكل منهجا جديدا يتجاوز الفهم التقليدي .

سعى الباحث العراقي ماجد الغرباوي1، عبر مشروعه الفكري النقدي إلى تقديم فهمٍ مغاير ومختلف للدين ومفاهيم الفكر الإسلامي، من خلال تأويل نصوصه ونقد سلبياته، والتمييز بين ماهو إلهي وما هو بشري، باعتباره خطابا كغيره من الخطابات التاريخية، قد يطرأ عليه ما يطرأ عليها. فأنجز من خلال هذا المشروع قراءة نظرية ومنهجية نقدية لأصول هذا الخطاب لتعريته بعد إخضاعه للمراجعة والنقد، والكشف عن أبعاده التاريخية والايديولوجية النسبية والتي غالبا ما يتغاضى عنها الكثيرون.

قبل شروعه في ممارسته النقدية عمل الغرباوي على كشف أليات إشتغال النص والخطاب، بعد أن حدد أبرز منطلقاته الايديولوجية. فالمشروع النقدي لماجد الغرباوي مشروع نهضوي، يروم التطور الحضاري، عبر فهم متجدد للدين ونصوصه المقدسة، بمنهج نقدي – عقلي بعيدا عن الخرافة واللامعقول الديني. فهو لا يعتقد أن قداسة النص تفرض عليه التعاطي بذات مناهج الفقهاء والأصوليين أو أي اتجاه آخر. بل يرى الباحث أن متطلبات البحث تفرض عليه تجديد أدواته ومناهجه النقدية، في ضوء رؤى عقلانية فاعلة ومعاصرة تسمح بفهم جديد للنص الديني ودلالته.

من المناسب ونحن نتطرق لمشروع نقدي طموح ان نتساءل ماذا يُقصد بالدين، وكيف تفهم الناس الدين؟ هل هو مجرد مجموعة طقوس وشعائر تمارس يوميا، أم أنه يتعدى ذلك لينغرس في صلب الممارسة التاريخية والاجتماعية والايديولوجية والسياسية والتي تسعى كل طائفة وكل فئة أن تبرر بها مصالحها الخاصة؟ لا شك أن فهم الناس يقتصر على الفهم الطقوسي، الأشمل من العبادات والممارسات اليومية، غير أن الباحث الغرباوي يبغي بلورة فهم جديد للدين، من خلال منهج نقدي، يبتعد به عن التوظيف السياسي والأيديولوجي والطائفي. منهج يعيد للدين حيويته وفاعليته، كسمة إنسانية، تساهم في توحيد الناس وتزرع فيهم روح المحبة والوئام والتسامح، ويساهم في استقرار النفس الانسانية المتعبة. يذكر ان ماجد الغرباوي اشتغل كثيرا على موضوع التسامح والعنف. لذا يقدم فهما للدين بعيدا عن التراث وسلطته. فمشروعه النقدي يتجاوز القراءة الظاهرية للدين ويغور في اعماق الدين للبحث عن تاريخية نصوصه، ودراسة تاريخ الاحكام الشرعية وفلسفة تشريعها، فطالما يردد أن (فعلية الحكم الشرعي تتوقف على فعلية موضوعه الذي تتوقف على فعلية جميع قيوده وشروطه)2، لذا كتب دراسة بعنوان: "دعوة صريحة لانقاذ الدين من سطوة الفقهاء"3، اوضح فيها بصراحة كبيرة، وهو المعروف بجرأته الصادمة في كتاباته وأفكاره، عن عدم فعلية كثير من الاحكام والتشريعات، كأيات القتال والجهاد، وما يخص اهل الذمة، والمراة وحقوقها، وكثير من القضايا الاخرى. فالنص المقدس عنده مفتوح على جميع القراءات، ويمكن للباحث الوقوف على طريقة اشتغاله. كما بذل جهدا كبيرا للفصل بين الدين والفهم الديني، ورفض فكرة التقديس لدى جميع المذاهب الاسلامية، بل يرى فيها عبء فكري وعقيدي انهك الدين. كما يعتقد أن الاسلام الديني قد انتهى بعد وفاة الرسول مباشرة ليحل محله الاسلام السياسي، في اشارة الى لحظة انقلاب الوعي الديني، واعادة تشكيله، فما توراثه المسلمون ليس هو اسلام الكتاب بل اسلام المذاهب والفرق. يقول في حوار معه: (ما إن تنتهي مرحلة نزول الوحي بوفاة النبي، تبدأ مرحلة تأويل النص المقدس، وتزوير الوعي الديني، بدوافع شتى، أخطرها السياسة حينما تفرض نفسها على التأويل، فيغدو نصا جديدا، وتفسيرا رسميا يصادر النص الأول، ويعيد تشكيل الوعي. وتارة تدفع ضروراتها باتجاه وضع الأحاديث، ونسبتها للرسول الكريم. وثمة نصوص لا يمكن الجزم بصحة صدورها لعبت دورا خطيرا في عالم السياسة، سواء في عهد الخلفاء، أو في عصر الدولة الأموية. وكما أن ثنائية السلطة والمعارضة كانت وراء التمادي في تأويل الآيات وتزوير الوعي ووضع الروايات، فأيضا كانت السياسة سببا أساسا في نشوء المذاهب والفِرق، وتأسيس مرجعيات فكرية وعقيدية جديدة. فعندما دشن الخلفاء بنزاعهم على السلطة مرحلة الإسلام السياسي، وتسيس الدين. أبقوا على قدسية النص، لشرعنة التأويل، فهو طاقة، يستمد قوته من مرونة النص المقدس وثرائه ورمزيته، ويبقى القارئ ومهارته في توظيفه)4.

اما المفكر نصر حامد ابو زيد انطلق من خلال اطروحاته بتسليط الضوء على اشكالية المزج التلفيقي بين التراث والدين وبعبارة اخرى الكشف عن اللحظة التاريخية؛ التي وقع فيها الخلط بين ما ينتمي الى الدين الرسمي، وبين ما يدخل في مجال التراث بشكل عام، وهي اللحظة التى تتحدد في الخلط بين السنة النبوية والدين ومنه يطرح لمعضلة النص فهما اخر، ففتح بذلك المجال امام حوار مفتوح على الدوام بالانفتاح على جميع مصادر المعرفة، حتى مع تلك الوافدة الينا من الغرب، والتي باستمرار تضعنا امام موقف الصدمة، ثم الانفتاح على رهانات النص العرفاني فالامر عنده لا يتوقف فقط عند حدود النص القرآني فحسب ..بل حتى اشكالية كيف نقرأ العرفان الاسلامي؟ فالتجربة العرفانية تعتبر عنده محتوى انطولوجي ومعطى فينومينولوجي، وتأسيس تاريخي ينتج خطابات لها دلالاتها ونظام ظهورها وبالتالي الجمع بين الفكر والذكر، وبين التفكير والتدبير.

فالدعوة للبحث عن مفوم النص ليس في الحقيقة الا بحثا عن ماهية القرآن .. والدعوة الى فهم واقعنا في علاقته بالنص القرآني على وجه الخصوص. فيضعنا هذا البحث امام اشكالات جوهرية يبرزها فعل القراءة والتأويل .

ولا يفوت الغرباوي الحديث عن لحظة تداخل البشري بالالهي عبر روايات لا يمكن الجزم بصحتها كما يعبر مرات عدة، لكنها تركت بصمتها واعادت فهم الدين. فالحدث التاريخي الاول ونزاع الصحابة على السلطة بالنسبة له نقطة تحول كبرى، وسّعت من دائرة المقدس، وخلقت مرجعيات شرعية جديدة، اليها يعود فهم الدين بصيغته السياسية، فيصف تلك المرحلة: (عندما نجرد تاريخ الحقبة الأولى من قدسيتها، سنكتشف جذور العنف، أسبابه وشرعيته. فالصحابة أول من أسس له، وفق مصالح سياسية، تلبّست بأهداف دينية. وأول من وظّف الدين لصالح السياسة. وأول من أقصى المعارضة، وأول من خاض حروبا داخلية على السلطة)5.

إن تقديس الصحابة حد العصمة، ترك تداعيات خطيرة، جعلت منهم مرجعية فكرية وعقيدية وسلوكية، بل جعلت منهم سلطة، تحدد سلوك المسلمين. خاصة الحديث الذي يقول: "خير القرون قرني"، أو "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". الذي قتل روح النهضة، والمبادرة الحضارية. وقتل روح التنافس حينما اعتبر جيل الصحابة مثله الأعلى، والغاية القصوى التي يطمح لها الإنسان، ثم تأخذ الأجيال بالهبوط حضاريا. فانقلبت مهمة الفرد بسبب هذا الحديث من التطور حضاريا إلى تدارك الانحطاط الديني قياسا بجيل الصحابة. وهذا هو الوعي الارتدادي، العاجز عن مواجهة الواقع، والتأثير فيه. مشكلة الحضارة مشكلة فكرية – ثقافية قبل كل شيء، وما لم نَعد النظر بمرجعياتنا ووعينا، فلا نغادر بقعة التخلف، ونبقى نتفاخر بماضٍ جميل، لا يمكن استدعاؤه، أو تقليده، ونعيش حاضرا بائساً محطّماً6.

 من هنا نطرح الاشكالات التالية:

- هل يمكن التأسيس لقراءة نقدية جديدة للنص الديني باعتباره سلطة مقدسة؟ وكيف نؤسس لفعل داخل سلطة النص الديني؟

- الى اي مدى يمكن تعرية هذا النص والحفر فيه لتخليصه من كل الرواسب الايديولوجية والميثيولوجية؟.

الخطاب الديني المعاصر.. مفهوم النص "التأويل والنقد"

ان المراحل الاولى التي ارست سلطة التراث الشمولية، وشكلت الوعي الديني، هي المساحة المشتركة التي دشن كل من المفكر المصري نصر حامد ابو زيد، والمفكر العراقي ماجد الغرباوي مشروعه النقدي للمقدس وسلطته ونصوصه. داخل النص المقدس وفي صلب الفكر الديني.  

لا ينكر أحدنا عودة الدين من جديد ليشكل وبصورة مكثفة محورا للسجالات الفكرية داخل مجتمعاتنا المعاصرة، فالإسلام كدين وتراث فكري يسترد اليوم حيويته المطابقة لتسارع التاريخ في كل المجتمعات الإسلامية، فبات يلعب دورا من الطراز الأول في عملية انتاج الإيديولوجيات الرسمية، وراح يستلب وعي الناس لولا جهودا متميزة داخل منظومة العقل الإسلامي أمثال ما قدمه: محمد أركون ونصر حامد ابوزيد وحسن حنفي وطه عبد الرحمن وعلي حرب وماجد الغرباوي... حيث استطاعوا أن يحركوا من جديد إشكاليات النص الديني الكلاسيكية برؤية أكـثـر حداثية، وتوظيفهم آليات فعالة في إنتاج المعرفة حول النص وكشف اساليبه، وتعريته من سياجات الدوغمائية7

واذا ما انطلقنا في توصيف النص عند نصر حامد ابوزيد نجد ان هذا النص في حقيقته وجوهره منتج ثقافي8 ..تشكل في الواقع والثقافة منذ 20 سنة. ”ومن الطبيعي أن يكون المدخل لدرس النص القرآني مدخل الواقع والثقافة... الواقع الذي ينتظم حركة البشر المخاطبين بالنص، وينتظم المستقبل الأول للنص وهو الرسول، والثقافة التي تتجسد في اللغة، بهذا المعنى يكون البدء في دراسة النص بالثقافة والواقع بمثابة بدء بالحقائق الإمبريقية9

وبحسب ماجد الغرباوي فانه يرى في النص بنية، تستمد وجودها من نسق دواله واسلوب ترابطه، وطبيعة مرجعياته الفكرية والثقافية، وبالتالي هذا النص له بعد باطني خفي، وسلطة تتوقف فعليتها على تحديد منبعه او مصدره ومؤلفه. ولكي يكتسب النص صفة القداسة يجب ان يصطبغ بصبغة متعالية عن كل ماهو ثقافي وتاريخي10. لكنه بنفس الوقت يحذر من رهاب القداسة في نقد النصوص، وهذه نقطة مهمة تعرض لها الباحث الغرباوي فالروايات الموضوعة قد تخدع الباحث باسم القداسة، خاصة الباحث الديني الذي يعتقد بقداسة النص، فهذا الاعتقاد ينعكس سلبا كما يرى ماجد الغرباوي: (تارة رهاب القداسة يحول دون التعرف على تاريخ النص وفلسفته وشروط فعليته، مخافة المساس بقدسيته، فيؤثر الباحث التمادي بالتبرير على خدش حصانة النص، رغم أن النصوص جاءت لمعالجة الواقع، وفعليتها ترتبط بفعلية ظروفه، وليست أحكاما مطلقة تتعالى على شروطها التاريخية وفلسفة تشريعها)11. وذلك لإن حصانة النص، كما يعتقد الباحث الغرباوي، تجعل منه فضاء معرفيا مغلقا، يحد من خيارات قراءته وتأويله. ومهما تمادى الباحث في نقده، لا يجافي منطق النص ودلالالته ولوازمه، فيعود لتلك الثوابت والمحددات، يتحرك في مداراتها، في تماهٍ مستمر مع النص، وفي دوامة المراجعة والنقد لقبلياته حينما تصدم مسلماته بمنطق النص أو تأويلاته. ولعل في النصوص الغرائبية مثالا واضحا للفرق بين القراءتين، حيث يتخلى العقل أمام انبهار الباحث الديني، أو لا أقل يلوذ بالصمت، ويبالغ في قداسة النص وقائله، هروبا من جحيم أسئلة العقل واستفهاماته. بينما يرفض الباحث المتحرر تلك الغرائبية حينما تناقض العقل والمنطق ويتعذر التأكد من صدقيتها تجريبيا. فالعقل لا يتخلى عن دوره، ولا يتوانى عن طرح الأسئلة والاستفهامات. فهو لا يتعقل وجود إنسان خارج الطبيعة البشرية مهما كانت قدسيته، أويكون  قادرا على اختراق القوانين الكونية12.

نفهم من كلامه المتقدم: أن قداسة النص سلطة موجهة لوعي الناس، ومرجعية معرفية نهائية. فالنص المقدّس هو الموجّه لحركة الفكر الإسلامي ومدياته عبر التاريخ. كما تبيّن أن النص المقدس لا يتحرك فقط بقيمته المرجعية، ولا بقداسته فقط، وإنما يتحرك ضمن منظومة معرفية، وجهاز مفاهيمي، تربطهما علاقة جدلية بالبيئة الثقافية والاجتماعية للمتلقي، الفرد والمجتمع. وكل واحدة من هذه المفردات هي سلطة بحد ذاتها، تعزز من قيمة المقدّس. فالفيلسوف واللاهوتي "المتدين" عندما يستغرق في تأمله النقدي، سرعان ما يعود لأحضان النص الديني تفاديا لأي فهم، يستفز يقينياته، وقد ينقلب على تفكيره حينما يتمرد، ويسعى لنقضه تماهيا مع عقيدته13.

الرواية ليست مجرد نص عادي، بل يعتقد ماجد الغرباوي انها: سلطة تحرك الفرد فور سماعه، وتفرض عليه موقفا وسلوكا يعزز قيمتها وسلطتها. وهي ليست مجرد نسيج لغوي بل يتلقاها المتلقي ضمن نظام معرفي متوارٍ، ومجموعة أنساق ثاوية في أعماقه، ودلالات تؤثر لا شعوريا، وبنية معرفية تتحرك في إطار مقولاتها. ويظهر هذا بوضوح على مشاعر المتلقي عندما تتحدث الرواية عن موضوع الآخرة أو عذاب القبر أو تحفز فيه روح النقد والندم وجلد الذات وطلب العفو والمغفرة والشعور بالذنب وتأنيب الضمير. أو التفاعل العاطفي مع المواقف التاريخية. كما أن تداعيات رفض النص أو التمرد على منطقه، لا تغيب عن ذهن المتلقي، فيندفع باتجاهه، من خلال حزمة مؤثرات، شعورية ولا شعورية. فعقوبة العاصي أخروياً يهتز لها جميع كيانه. فيكون تلقيه تلقيا مزدوجا. إيجابي باعتبار صدقية النص. وسلبي عندما يتمرّد عليه، ويرفض أوامره ونواهيه14.

والروايات خاصة الموضوعة كما اشار مرارا في كتبه وحواراته، ليس مجرد نص بل تتحول الى مرجعية فكرية وعقيدية، وهنا يتداخل المقدس بالبشري، ويأخذ الثاني صفحة الاول فيفرض هيمنته المرجعية، وهو ما يتوخاه الواضع من وضعه واختلاقه للرواية، وهذا هو الهدف الأساس وراء وضعها واختلاقها، لتكون أداة ماضية لاقناع الناس بمضمونها وقمع معارضيها. والنص المقدس هو الوحيد القادر على تحقيق هذين الهدفين معا، خاصة عندما يعتقد الناس بوجوب طاعته، امتثالا لله ولرسوله. وهذا هو سبب تقوّل بعض الرواة على الله ورسوله كذبا وزورا، خدمة لمصالح شخصية أو سياسية أو دينية. بل أن النصوص الموضوعة هي التي أدارت لعبة السياسة، وقلبت موازين القوى على طول تاريخ السلطة في الإسلام15.

لقد درس الباحث ماجد الغرباوي سلطة النص في الروايات وبحث قوة تاثيرها على المتلقي، ورصد كيف لعبت الروايات الموضوعة في تقديم فهم جديد للنص المقدس، بل وللدين كله، فالدين الان هو دين تراثي، وفهم بشري على قياسات الفترة الاولى، عصر الصحابة، ثم اخذت الروايات تزداد كلما ابتعدنا عن عصر النص كما يعبر الغرباوي. لذا يعبر عن قلقه بشان الروايات الموضوعة، فيقول: ورغم اكتشاف طيف واسع من الأحاديث الموضوعة، لكن بقي ما هو خطير منها عصيا على الكشف إلا وفق مناهج نقدية صارمة، قد تنفع نتائجها طبقة الواعين من الناس، لكنها لا تقنع الفقهاء، ومن يتعاملون مع النص بقدسية فائقة. سيما حينما تكون الرواية معتبرة صدورا، واضحة دلالة، وفقا لمناهجهم في نقد الحديث، بل حتى مع عدم وجود دليل على اعتبارها وصحة صدورها، يخشون رفضها، ويتعاملون معها برفق، كي لايتجرّأ، ويتخطى الخطوط الحمراء، أو يخترق مناطق محرمة، فتجد ديدنه الاحتياط في تعامله مع الروايات. لذا ما زالت سُنّة النبي توجه وعي الناس، رغم ما فيها من ضعف وتناقض مع آيات الكتاب الحكيم. ورغم تاريخيتها إلا ما ندر، وفقا لمسؤولياته كنبي ومبلغ وبشير ونذير16.

والخلاصة ان النص عند ماجد الغرباوي، ليس مجرد مفردات وجمل، بل هو نسق ثقافي، ونظام معرفي، وسلطة تستمد قوتها من أسلوب بنائه، وطريقة تركيب الكلام، وتشكيل دلالاته.  ففهم النص يتطلب عدة معرفية، تتنوع في أدواتها ومناهجها، تغور في أعماقه، لتكتشف طريقة اشتغاله وأدائه، والإطلاقات تعمق سلطته حتى لو كانت نصوص مكذوبة. فتارة لا يكفي التفكيك، بعيدا عن منهج التحليل، تبعا لقوة رمزيته وإيحائه. فالنصوص مخاتلة، مراوغة، تخفي أكثر مما تظهر، وتستدرج المتلقي بدلالاتها، لتخفي مدلولات لا تريد خضوعها لمنهج النقد، خاصة النصوص المقدسة التي اتصفت ببلاغتها، وقوة تعبيرها ورمزيتها. ففهم كل نص ينتج نصا جديدا، له معالمه، وأسلوب اشتغاله، في توظيف سلطته على المتلقي. ويتضح هذا جليا في فتاوى الفقهاء، واستنباطاتهم الفقهية. فالنص الجديد يتصل وينفصل عن النص الأول وفقا لخلفية القارئ / الفقيه مثلا، ومنهجه في فهم النص. وأكثر وضوحا في روايات تفسير القرآن، فإنها تحجب النص الأول وتحل محله، في سطوتها وسلطتها. سيما المنهج الأثري، الذي لا يجيز مقاربة النص القرآني مباشرة، بمعزل عن رواية تراثية تفتح مغالقه وأسراره (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ). والراسخون بالعلم هم النبي وأصحابه. فيجب اعتماد الرواية في فهم آياته. وهذا الاتجاه لا يدرك أن النص الثاني يحجب النص الأول، ويغلق منافذ العلم والتأويل بسبب تاريخيته، وقبليات قائله. وهكذا بالنسبة للنص الثالث الفقيه / المفسّر17.

التأسيس لفعل النقد عند ماجد الغرباوي

 في الحقيقة ليس الدين في حد ذاته ما كان يسعى إلى نقده الباحث ماجد الغرباوي بل فهم معين وطريقة محددة في التدين. أي ذاك المعنى الذي رسخته الممارسة التاريخية والايديولوجية عبر عصور التاريخ الحضاري للشعوب الاسلامية، ويرى أنه ثمة حقيقة تاريخية وهي: أن النصوص المنسوبة للرسول لم تتوقف بعد وفاته، واستمرت تلبي حاجة المرجعيات الفكرية والعقدية والسياسية، فاشتملت هذه الاخيرة على اخبار غرائبية عن الخلق والموت، والحياة وحياة القبر والاخرة...، وراحت تفرض محددات وشروط للنجاة يوم المعاد. وذلك من خلال ما تقدمه من تفسيرات وتأويلات للكتاب الكريم، أو لتستقل عنه بتفصيلاتها فتؤسس لعقائد ورؤى جديدة فتفرض رقابتها على الحقيقة18.

فنجد أن هذه المذاهب والفرق لم تعد مجرد اختلافات إجتهادية حول المسائل الفقهية بل أصبحت تمثل قراءة وفهما للدين له خصائصه ومعالمه وقدرته على التنافس لاحتكار الحقيقة وسبل النجاة في الاخرة، فنجدان هذه الفرق اعادت قراءة الدين وفقا لرؤيتها، فأقر ماجد الغرباوي في حواره النص وسلطة النفي أن من يتابع تطور الفكر العقائدي عبر القرون الأربعة، و يدرس ظروف نشاتها، يصاب بالذهول حينما يكشف خداعها وأوهمها وبشريتها، فالعودة لتاريخ الفرق والمذاهب الإسلامية بموضوعية وتجرد تام، يرصد بنفسه بشريتها وتاريخيتها واوهامها وخداعها من حيث التأسيس والوجود والإستمرار19.

وبإعتبار أن العقيدة شأنها شأن أي كائن تبدأ صغيرة وبسيطة وربما ساذجة ثم تتطور، فبعضها يموت وبعضها الأخر يقاوم التحديات عندما تجدد هذه الأخيرة خطابها فيصبح بذلك الدين نسخة مذهبية طائفية لا محالة20.

و لقد فحص ماجد الغرباوي هذا الخطاب في شكله التقليدي والمعاصر فوجده منغمسا في تصورات كلامية ايديولجية بعيدة كل البعد عن معاني الدين نفسه، من حيث كونها تكرس الجمود والجهل والتخلف بإسم قدسية مزعومة، وذلك ما يستوجب إعمال العقل للتأويل والنقد من جديد، فالدين بحد ذاته لا يقبل التشظي ولا الإختزال أو الإحتكار، له حقيقة واحدة وحقيقته الكبرى هي "الله"21.

 وبالتالي الدعوة للعودة إلى الدين بعيدا تمذهب الخطاب وطائفيته، فالخطابات الطائفية تشكل خطرا حقيقيا على المبادئ والقيم الإنسانية ولأن هذه الأخيرة تكرس الجمود والجهل والتخلف والدوغمائية وبالتالي يصف هذا الخطاب بأنه خطاب إقصائي ماكر، مخادع ينبذ الأخر ويتوارى خلف شعار التسامح22.

فنجد أن هذا المشروع النهضوي يؤسس لفعل النقد في صلب الفكر العقائدي الديني والذي لا يهدف إلى القطائع مع الموروث بل نقد عقلاني منهجي وأسلوب تأويلي فاحص تجاه ممكنات الخطاب الديني، والوقوف عند منطلقاته الايديولجية لفضح طريقة تأويل رواد هذا الخطاب من جهة وكذا تزييف آليات إشتغالهم وإستدلالهم عليها من جهة اخرى23.

فجاء هذا المشروع بغية تسليط الضوء على الطبيعة المنهجية إلى جانب الأفق النقدي في صلب هذا الخطاب، فنستشف انه مارس نوعا من الحفر في بنيته، فوجد أن الحادثة التاريخية بينت بوضوح تحول الصراع من المجال السياسي إنطلاقا من فكرة من الأحق بالخلافة شرعا إلى المجال الديني.

فعملت هذه المذاهب على تحطيم الدين وبنيته وهي ترفع شعاراته بما يخدم متبنياتها العقدية، و اختزلته في رموزها فتكون بذلك فهما جديدا للدين يصعب نقده او تفكيكه فاصبح من المواضيع المسكوت عنها أو من المستحيل التفكير فيها24.

فنجد ان عصارة هذا المشروع النهضوي للمفكر ماجد الغرباوي يتلخص في الدعوة لانقاذ الدين من سطوة الفقهاء والفرق المذهبية من جهة والتأسيس لفعل النقد داخل الخطاب الديني من جهة اخرى، وهذا النقد لا يمكن ان نؤسس له الا بمراعاة ماهو قابل للنقد وماهو ممتنع عنه، فهناك نص يتعالى على التاريخ، سرمدي، له قدسيته فيحتكر الحقيقة ويفسر الواقع، ألا وهو النص القرآني، وهو نص ينغرس في التاريخ وقد سبغت عليه المذاهب قدسية خاصة وهي السنة، وبالتالي فالنقد لا يكون نقدا للدين في ذاته، بل يكون النقد حول فهمه وقراءته في هذا الخصوص.

معضلة تأويل النص.. نصر حامد ابو زيد

 ان معضلة النص ترى فهما آخر مع قراءات نصر حامد أبوزيد، والشيء الذي أدهشنا في قراءاته، جرأته أولا، وكثافة معارفه لما تحمله من منابع متعددة ومختلفة، فحمولته المعرفية الكثيفة جعلت من تأويله تأويلا حيويا وغنيا، يفتح المجال أمام حوار مفتوح على الدوام ويرى أبوزيد أن قدرنا اليوم هو الإنفتاح على جميع مصادر المعرفة حتى مع تلك الوافدة من الغرب والتي باستمرار تضعنا أمام موقف الصدمة، ومن الضروري استثمار هذه الصدمة، خلافا لما حدث مع مفكري عصر النهضة، الذين غفلوا عن كيفية التعامل مع الراهن، فراحوا يضعون ثـنائيات تصادمية، جعلت من الفكر أكثر رجعية على الرغم من شعارات التقدم والطليعة… بحيث أنتج هذا الفكر صراعا كنا في غنى عنه، صراع ما هو قديم مع الحديث، والأصيل مع المعاصر، والسلف مع الخلف… لم نتعامل جيدا ولم نفهم واقعنا الذي كان نتاج الصدمة، لم نحاول فهمها فهما موضوعيا علميا "أو حتى فنيا" : مثل هذا الصراع ثبط عزائم العقل الإسلامي ومبادراته من أن يباشر في وضع مساهماته ومشاركته في بناء العالمية، وأجد تشخيص أبوزيد لمحاولات قراءته للتراث جد هامة فموقعنا في العالم، بالنسبة إليه هو موقع في حالة حوار جدلي مع الغرب، فسواء اخترنا من التراث أم اخترنا من الغرب فإن اختيارنا قائم أصلا على الحوار الذي يدعم موقعنا وإدراكنا مثل هذه الجدلية تخلصنا من حالة الفوضى التي يعاني منها النص التنويري في قراءاته الفكرية المعرفية، فالمتمحص في حالتنا الثقافية لا ينكر مثل هذه الفوضى .

 إن معضلة قراءة النص القرآني أصبحت تثير حساسية مفرطة أكثر من أي وقت مضى لدى قراء الإيديولوجيات المنفعية التي أعتقد أن ما يهمها من وراء ذلك فهم جوانبه السطحية فقط أما القراءات المعاصرة للنص فصنعت الحدث التنويري حسب إعتقادنا، فجرأة ممارستها لآليات القراءة تعدت حدود النص لتغوص في أغواره وحاولت كشف طبقاته المتوارية لمدة طويلة من الزمن25.

يقف نصر حامد أبوزيد وهو ليس بعيدا عن محاولات أركون في ممارساته التأويلية، يقف موقفا أكثر إجرائية، يبادر بمساعدته التراث ليس في شروحاته وتفاسيره، إنه لا يقف عند مرحلة التدوين بما حملته من بداية للإبداع والخلق، ولا يحاول نَعْيَ مرحلة الإتباع والتقليد لواقع العقل الإسلامي، بل يسعى إلى تشخيص كليهما إنطلاقا من التجربة المعاشة، إنه يقرأ النص القرآني مباشرة يطرح معضلة النص بالشكل التالي : كيف يمكن الوصول إلى المعنى الموضوعي للنص القرآني؟ وهل في طاقة البشر بمحدوديتهم ونقصهم الوصول إلى القصد الإلهي في كماله وإطلاقه؟ إن مثل هذه الأطروحات لا يمكن لأي معرفة معالجتها سوى القراءة النقدية وبآليات تأويلية وحدها بإمكاننا معالجة المعضلة، باعتبارها تقف بصورة جدية عند عناصر البنية المشكل منها فعل القراءة التي تطرح صعوبات حول (المؤلف / النص / الناقد) أو (القصد/ النقد/ التفسير)، ونلمح عبر هذه المعضلة الهاجس المؤرق لمفكرنا، كيفية الإسهام في بلورة وتأسيس معرفة عقلية بالنص القرآني (المقدس) إذ الملاحظ كما يقول أبوزيد : "أن ما يجمعنا نحن المسلمون موجود في النص، وينبغي التسليم بذلك، لكن الوصول إليه وبلوغه لن يكون إلا من خلال القراءة التأويلية، باعتبار التأويل العملية الأمثل للتعبير عن عمليات ذهنية على درجة عالية من العمق في مواجهة النصوص والظواهر"26.

 مقارنة واستنتاج

 ان ما يميز مشاريع القراءات التراثية الحداثية للنص على مستوى المنهج والتي يندرج ضمنها مشروع نصر حامد ابو زيد وماجد الغرباوي:

هو أن هذه المشاريع تسعى إلى إحداث قطيعة معرفية كلية مع كل الجهود التراثية السابقة للنص القرآني خاصة ما تعلق بمناهج التفسير التي سادت في التراث الإسلام، وهي مناهج كانت تحتكم للضوابط وتستند للشروط وتخضع للأصول والمرجعيات الحاكمة للتفسير، وعدم استثمار المداخل المنهجية التي جسدتها مقدمات كتب المفسرين القدماء، بحيث عكست هذه المقدمات جهود المفسرين المتمثلة في خدمتهم وقراءتهم للنص القرءاني تحقيقا وتفسيرا وبيانا.. وهي جهود جاءت نتيجة جهد متواصل وعمل مستمر وكبير وعناء طويل واستقراء مستمر ودؤوب ومتابعة مكثفة في تعاملهم مع النص القرآني في جميع مستوياته ومكوناته . وهو تعامل كان من آثاره وحصيلته وتجلياته تأصيل القواعد ووضع الأصول ورسم الضوابط لتكون منطلقا في التفسير ومسلكا هاديا لكل قاصد أو راغب في تفسير القرءان الكريم . وإبعاد كل القراءات التي لا تستند أو لا تحتكم إلى شروط وضوابط التفسير، ولا ترجع إلى الأصول الضابطة للفهم السليم، ولا تسترشد بالجهود العلمية الكبيرة التي بذلها علماء السلف وضعوها على شكل قواعد وكليات لتكون مقدمات منهجية ومداخل أساسية في تفسير القرءان الكريم . وهذه القواعد والكليات في مجملها تدعو بإلحاح إلى المراهنة على المنقول واعتباره هو الأصل والسند في التفسير، والاهتداء إلى المعقول واعتباره معينا في التفسير وتابعا للأصل وهو المنقول وخادما له......

 

 مشقق ابتسام – ماستر(2) فلسفة

جامعة باتنة - الجزائر

............................

1- ماجد الغرباوي: كاتب وباحث عراقي، رئيس ومؤسس المثقف العربي، اشتغل على موضوعات نقد الفكر الديني، التسامح، العنف، الاصلاح والتجديد....يسعى من خلال مشروعه الى ترشيد الوعي عبر تحرير الخطاب الديني من سطوة التراث وتداعيات العقل التقليدي، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية والفكرية، حاز على عدد من الجوائز، له 25 عملا، كتب عن منجزه الفكري والثقافي العديد من النقاد والباحثين العرب والاجانب .

نصر حامد أبو زيد (10 يوليو 1943 - 5 يوليو 2010) أكاديمي مصري، وباحث متخصص في الدراسات الإسلامية ومتخصص في فقه اللغة العربية والعلوم الإنسانية.

2- ذكر ماجد الغرباوي هذه القاعدة الأصولية كثيرا في بحوثه ودراساته وكتبه. ووظفها بشكل علمي لاكتشاف تاريخية الاحكام الشرعية، وهذا بحد ذاته انجاز علمي كبير يحسب له. فكثير من الباحثين يريد الغاء النص المقدس وهذا غير ممكن لكن ماجد الغرباوي ابقى على النص المقدس واكتشف عدم فعليته عندما يتغير موضوعه بسبب الزمان والمكان وتغير الاحداث.

3- هذا عنوان دراسة تفصيلية يمكن الاطلاع عليها على الرابط ادناه:

http://www.almothaqaf.com/a/b9/885973

4- حوار مفتوح مع ماجد الغرباوي، الحلقة (50). على الرابط ادناه

http://www.almothaqaf.com/c/c1d-2/923967

5- ماجد الغرباوي، الصحابة ولعبة السياسية، على الرابط ادناه:

http://www.almothaqaf.com/c/c1d-2/923083

6- المصدر نفسه.

7- عثماني امال، تأويل النص الديني القرآني. مجلة الفتوحات، العدد2/2015

8- نصر حامد ابو زيد، مفهوم النص.. دراسات علوم القرآن، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء.المغرب، ط1، 2014.ص27.

9- نفس المصدر، ص28

10 - ماجد الغرباوي، النص وخطابات النفي، على الرابط أدناه:

http://www.almothaqaf.com/c/c1d-2/92387

11- ماجد الغرباوي، النص وحرية النقد، على الرابط ادناه:

http://www.almothaqaf.com/c/c1d-2/923539

12- المصدر نفسه.

13- المصدر نفسه.

14- المصدر نفسه.

15- المصدر نفسه.

16- المصدر نفسه.

17- المصدر نفسه.

18- ماجد الغرباوي، النص وخطابات النفي، مصدر سابق.

19- المصدر نفسه.

20- المصدر نفسه.

21- المصدر نفسه.

22- المصدر نفسه.

 23- المصدر نفسه

24 - المصدر نفسه.

25 - المصدر نفسه.

26- الحسين اخدوش، نقد الخطاب الديني المعاصر في ثوبه الاسلامي.. قراءة في تجربة حامد ابو زيد، يونيو 2016