بأقلامهم (حول منجزه)

صالح الرزوق: أبو حيدر ومتاهاته.. شكر وتحية تقدير

بمناسبة مشروع تكريم الأستاذ ماجد الغرباوي لا يسعني غير الإشارة إلى أمرين اثنين:

الأول تفضله بحراسة وتمويل موقع المثقف. وهو مغامرة في عصر ما بعد الحداثة. وتأتي أهميته من الحدود التي يلتزم بها. وفي المقدمة الإسهام بتعويم معنى الإسلام العربي وليس الإسلام الأممي. ولا شك أن للعرب خصوصيتهم في عصر الفضاء المفتوح الذي تحول لأداة غزو ثقافي، أو ما اعتدنا أن نقول عنه الاستعمار الناعم. وأي عمل يتكفل بسلامة المحتوى العروبي - أو بلغة أبسط الهويات الوطنية هو عمل له أهمية وجودية، ويغني الثقافة من طرفين. في الداخل لأنه يساعد على خلق معنى نوعي intrinsic identity وفي الخارج لأنه يضيف تجربة خاصة لعالم متعدد وكثير المحاور والاهتمامات.

الأمر الثاني هو إلحاحه الدائم على موضوعة حل الخلافات سلميا. واللاعنف جزء من رسالة المثقف ومدير تحريرها الأستاذ ماجد الغرباوي، أبو حيدر كما اعتدنا أن نخاطبه.

وربما كانت هذه المهمة هي أكثر أدوار المثقف أهمية. ولكن مشروعه الفكري الذي بدأ بإشكاليات التجديد وتواصل حتى بلغ موسوعته التي صدر منها تسع أجزاء بعنوان "متاهات الحقيقة" هي أيضا إضافة هامة، ومن عدة وجوه، في نقد التشريعات السكونية، وفي إغناء العمل العقلي. و دائما كنت أقول إن ماجد الغرباوي شمعة مضيئة بين أفراد جيل التنوير الثالث. وهنا أود التذكير بملاحظة الدكتور محمد الطالبي عن جيل التنوير الأول. فهم،  بنصف راديكاليتهم وبحلولهم التوفيقية التي سمحت بها ظروف صعودهم،  تحولوا إلى عقبة أمام مزيد من تطوير التفكير العربي. ومشكلة العروبة أنها لا تستطيع التنكر لدور إسلامياتها. واللاهوت الإسلامي معروف أنه مادي - وأستعير هذا المصطلح من الشهيد حسين مروة. فكل الأديان سماوية وغير سماوية كانت دون دولة. ولا يوجد دين أسس لدولة مثل الإسلام، والإسلام تحديدا، لذلك يصعب جدا عزل ما لله وما لقيصر. وقد حاول الأستاذ أبو حيدر أن يحمل هذه المهمة. وهو يتابع دوره ويدحرج صخرة الفكر الإسلامي كأي سيزبف عربي.

ولذلك يجب أن نتوقع أن يدخل بمحاورات معقدة مع أعداء تطوير العقل وأساليب الإدراك. وفي الذهن الحوار المطول الذي دار بين أحد أساتذة الجيل السابق وهو محمد عابد الجابري، ورمز من رموز التنوير الوطني في سوريا، وهو المرحوم جورج طرابيشي.

من هذه النقطة أستطيع أن أتلمس معالم الدرب الشائك الذي يسير عليه مشروع أبو حيدر، والذي أصبح مشروعنا...

***

صالح الرزوق

ناقد وأديب وباحث – سوريا