بأقلامهم (حول منجزه)

محمود محمد علي: الرسالة الفلسفية للأستاذ ماجد الغرباوي

إذا أردت أن تعرف الرسالة الفلسفية للأستاذ ماجد الغرباوي فأقرأ له حواراته المفتوحة، والتي جسدها على منصة صحفية المثقف الزاهرة، وكذلك في كتاباته المتعددة بداية من الشيخ المفيد وعلوم الحديث، 1992، مرورا الشيخ بمحمد حسين النائيني.. منظّر الحركة الدستورية، 1999، ومنه إلى إشكاليات التجديد، 2000، والتسامح ومنابع اللاتسامح: فرص التعايش بين الأديان والثقافات، 2006، وتحديات العنف، 2009، والضد النوعي للاستبداد: استفهامات حول جدوى المشروع السياسي الديني، 2010، والحركات الإسلامية.. قراءة نقدية في تجليات الوعي، المرأة والقرآن.. حوار في إشكاليات التشريع 2015، وقراءة في تداعيات السلطة والحكم في العراق، 2016، ونقد مرجعية التفكير الديني، 2018، والهوية والفعل الحضاري، 2019، ومواربات النص، والفقيه والعقل التراثي، ومضمرات العقل الفقهي، 2020، وتحرير الوعي الديني، والمرأة وأفاق النسوية، وتراجيديا العقل التراثي، 2021.. وهلم جرا.

وقد جرى العرف في تاريخ الفلسفة أن يأتي في سياق مدارس فلسفية، ومن هنا يلزم إثارة هذا السؤال: هل في الإمكان العثور على مدارس فلسفية في كل ما كتبه الأستاذ الغرباوي؟، إذا كان الجواب بالسلب فبها ونعمت، أما إذا جاء الجواب بالإيجاب فيكون السؤال التالي على النحو الآتي: ولماذا هيمن فكر الإرهاب على الفكر العربي، وأسس مدرسة دينية واحدة هي مدرسة الأصوليات الدينية التي تكفر في الحد الأدنى وتقتل في الحد الأقصى؟

أما جواب الغرباوي فقد جاء مؤيدا لعدم وجود مدارس فلسفية حيث رأيناه يكتب مقالًا بعنوان " دعوة لإنقاذ الدين من سطوة الفقهاء"، وكذلك في حواراته المفتوحة حيث أعلن فكرنا العربي المعاصر لا يطلق على كيانا ثبت ومحدد بالفعل.

أما إذا أردت معرفة فكر ماجد الغرباوي الفلسفي فأقرأ هذا الكتاب التذكاري الذي كتب عنه، حيث تبدو فيه اهتمامات متعددة، ومع ذلك فهي تدور حول محور محدد وهو علاقة الأنا بالآخر، أو بالأدق علاقة العربي بالغربي، وتكون الغلبة للغربي على العربي، ومن شأن هذه الغلبة أن يمتنع إيقاظ العقل العربي من سباته الدوجماطيقي . وفي هذا السياق يمكن القول إن ماجد الغرباوي في إمكانه الكشف عن أسباب هذا السبات من أجل مدارس فلسفية جديرة، في نهاية المطاف، أن يقال عنها إنها تعبير عن فلسفات عربية – إسلامية معاصرة جديرة بهذه التسمية . وإذا أردت بعد ذلك أن تحدث توليفة بين رسالته الفلسفية وفكره الفلسفي، فأنت في هذه الحالة، نحصل على سيرته الذاتية .

وليس ثمة شك الأستاذ الغرباوي قد كرس مجهودا متواصلا للتعريف بالمواقف والمقاربات الفلسفية والنظرية الفكرية في ميادين عديدة تخص العقيدة، والدين، والمرأة، والتسامح، والعنق، والإرهاب .. إلخ . فالعدد الضخم من الكتب التي ألفها، والمقالات التي كتبها، والحوارات المفتوحة التي جسدها على منصة المثقف تشير بما لا يدعو للشك إلى سعة اطلاعه وإلمامه الشديد بكل ما يجد في الميادين الفلسفية والفكرية .

لقد حرص الأستاذ الغرباوي حرصا شديدا على ضرورة تأكيد ضرورة الاستفادة من الغير والانفتاح على الآخر على ضوء النظر بتمعن إلى تجربته، فلا ضير من الاستنارة بأنوار العقل ولا يهم مصدرا، كما أنه من المفيد جدا الاهتداء بهدي القيم العقلية الكونية ما دامت متناغمة مع تطلعات الإنسان وتواقة إلى الحرية والعدالة، وبناء على ذلك، من المشروع الاقتداء بتجربة الغربيين مادام التصور الذي يملكونه فيه غنمنا ولا يتعارض مع ما نحتاج إليه في مقاربة مشاغلنا ومشاكلنا، لكن لا يعني الاستغراق في الآخر واستنساخ تجاربه الفلسفية.

***

ا. د. محمود محمد علي

أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط المصرية / مصر

.................

* مشاركة (24) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).

رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي

https://www.almothaqaf.com/foundation/aqlam-10