بأقلامهم (حول منجزه)

آية محيي الدين: الحركات الإسلامية.. قراءة نقدية في تجليات الوعي لماجد الغرباوي

مقدمة: مازال الإنسان منذ القدم، يسعى إلى تحقيق المساواة، وبناء مجتمع يسوده العدل، وينعم فيه بحقوقه المشروعة، غير أن الانظمة الوضعية التي بُنيت على أنقاض البسطاء والكادحين، قد فشلت في ذلك. لتصبح الحركات الإسلامية الأمل الوحيد أمام المحرومين لنشر العدل وبسط الأمن والرفاهية والاستقرار، بعد التحرر من ظلمات الأنظمة الحاكمة ونير الاستبداد. وقد تمكنت هذه الحركات من خداع البسطاء عبر وعود كاذبة تبشّر بالعدل والمساواة. وقد رفعت في حينها شعارات براقة، كـ"الإسلام هو الحل" أو "القرآن هو الحل"، أي لا حل إلا ما تطرحه الشريعة الإسلامية. وبالفعل نجحت هذه الحركات في إعداد قاعدة شبابية متدينة، كوّنت فيما بعد ظاهرة اجتماعية واسعة[1].

مما لا شك فيه ان الحركات الإسلامية، قبل الدخول في السياسة، كانت أحد مصادر الوعي الديني، إضافة إلى دورها الهام في مواجهه الاستعمار والاستبداد، خاصة استبداد الحكّام الظالمين. (وقد تعاطفت الجماهير المسلمة مع التيارات الدينية، بعد فشل الأنظمة الوضعية، في تحقيق الحد الأدنى من الرفاه والحرية، خاصة وأن الحركات الإسلامية كانت وما زالت ترفع شعارات إسلامية، بقيت أملاً في نفوس الناس، ثم راح الخطاب الإسلامي يتمادى في تغذية المخيال الشعبي من خلال رسم صور حالمة عن نظام الحكم الديني، وحجم الرفاه والسعادة في ظل اقتصاد إسلامي، ينعم بالمساواة والعدل، ينعدم فيه الفقير والمحتاج، لا فرق فيه بين الحاكم والشعب في تطبيق الأنظمة والقوانين، فضلا عن ثواب الآخرة جزاء لصبر الانسان وثباته في تطبيق شريعة الله على يد الدعاة الميامين)[2].

لكن الحال قد تغيرت بعد دخولها عالم السياسة، ليصبح هدفها الرئيس قيام دولة إسلامية، فاتخذت، وهي تسعى لتحقيق هدفها، منحنى بعيداً عن الدين. وأصبحت السلطة هدفها ولو بالقوة. فكانت خطوتها الأولى التشبث بالعنف والإرهاب. فانعكس سلوكها المتطرف سلباً على الإسلام والمسلمين. ثم توالى نشوء حركات وفصائل إسلامية هدفها السلطة فاشتد الصراع بينها حدَ الاقتتال، جميعها يقاتل تحت راية الإسلام. وبهذه المناسبة سنتخذ من الله مثلا للدولة التي ابتلت بانتشار الحركات المتطرفة. كما أن تجربة الحكم كشفت الوجه الحقيقي للحركات الإسلامية التي ارتكبت أخطاء جسيمة، واشتد في ظلها صراع السلطة وتفشي الفساد المالي والإداري.46 majedalgharbawi500

كتاب الحركات الإسلامية

"الحركات الإسلامية.. قراءة نقدية في تجليات الوعي"، كتاب نقدي للأستاذ ماجد الغرباوي، صدر سنة 2015م، عن مؤسسة المثقف والعارف للمطبوعات، يقع في 160 صفحة، حجم متوسط، تناول فيه نقد الحركات الإسلامية بحثا عن حقيقتها، يقول المؤلف عن كتابه: (تعود كتابة هذه الأوراق لسنين 2004- 2006 ، فهي شهادات حية تراوحت بين استدعاء الذاكرة خلال فترة ثلاثين عاما أو يزيد في صفوف المعارضة ، وبين معاصرة لسلوك الإسلاميين في السطلة "العراق تحديدا"، فتمخضت عن رؤية نقدية لتجليات وعي الحركات الإسلامية المختلفة)[3]. مما أعطى الكتاب صفة تنظيرية – نقدية. فالكتاب يعبر عن تجربة شخصية ورصدا لسلوك الحركات الإسلامية في المعارضة والسلطة. من هنا تأتي أهميته، مما دعاني لتقديم قراءة عنه، عسى أن تكون بمستوى العمق الذي يتمتع به الكتاب، وتكون سببا للتنبيه حول أهميته لكل سياسي وكاتب يروم الكتابة عن هذه الحركات.

إشكاليات الوعي الحركي

تعانى الحركات الإسلامية مشكلة وعي، على صعيدي الذات والآخر، خاصة الآخر المختلف، دينياً وعقدياً وسياسياً. كما أنها تعاني أزمة وعي الذات وأسباب تخلفها وإخفاقاتها، دون أن تدرك ذلك. والغريب أنها لا تعي حجم التخلف ودرجة خطورته. ومازالت تعيش أوهام التفوق المعرفي والفكري والسياسي، وقد أحاطت نفسها ومنظومتها الفكرية والعقائدية بسور قدسي حرّم النقد والمراجعة. وحبست نفسها داخل أيدولوجيتها الفكرية والسياسية القديمة دون الانفتاح على الآخر، وعدم قبول أفكاره وآرائه وديانته[4]. فهذه الخطوة كانت كفيلة بظهور حركات أشد تطرفاً، لجأت إلى العنف لتحقيق أهدافها السياسية، مع رفض الآخر، ونعته بالكفر والشرك والانحراف لمجرد تعرضها للنقد من قبله.

تمثلت الحركات الإسلامية حديثاً بالتنظيمات الحزبية، التي تعد بمثابة اجواء روحية وتفاعلات وجدانية تمارس تغييب الوعي لتربح فردا مطيعاً مستسلماً، يتفاعل لا إراديا مع اهدافها وتنفيذ اوامرها دون نقاش. بل يعتبر النقد بمثابة عصيان أو سوء عاقبة تحول دون وصوله الى درجة اليقين[5].

لقد أثبت التاريخ ان بداية التقدم تكمن في التحرر من أسر الحركات الدينية المتطرفة، كما حصل في أوربا عندما رفض الشعب سلطة رجال الدين. لكنها لم تتحول إلى شعوب ملحدة عندما رفضت سلطة الكنيسة. وكل ما فعلته، حدت من سطوتها وتحكمها برقاب الشعب. وأعادت للدين دوره الإنساني، ولم تسمح لأحد بتوظيفه لمصالح سياسية، أو غيرها[6]. ومن يرد التقدم فليتحرر أولا من سلطة فكر الحركات الاسلامية.

الصنمية وأزمة الوعي

الوعى يعني مقاومة التزييف والمغالطات، وفضح الكذب والخداع. لذلك يعتبر الوعى شرطا لتصحيح مسار الحركات والاحزاب السياسية. أو تنهار بخموله ثم تموت. وكانت من جملة الآفات التي ابتلت بها الحركات الإسلامية على صعيد الوعي، ظاهرة الصنمية. وهي (شعور سلبي يهيمن على مشاعر الفرد حدَ الانبهار والقداسة المتعالىية على النقد)[7]. تشبيها بعبادة الأصنام (وثنية أو بشرية). وهي حالة قد يصاب بها أي إنسان بمعزل عن تربيته وثقافته ووعيه، وبعيدا عن مكانته العلمية أو الدينية أو الاجتماعية. (إذا فخطورة الصنمية تكمن في خسران "الوعي" الذي تتوقف عليه مسيرة الحركة، كما أنها تفضي إلى استبداد القيادة ودكتاتوريتها، عبر فرض قراراتها على القاعدة، مهما كان حجم خطورتها وتقاطعها مع الأهداف والمبادئ التي آمنت بها)[8]. الصنمية ظاهرة خطيرة لا تقتصر على الاحزاب والحركات السياسية فقط انما تتوغل داخل الاوساط الثقافية الفكرية والدينية والقيادية مادامت تحقق مصالح شخصية وحزبية. تتجلى الصنمية عندما يدافع القطيع بقوة عن اخطاء قياداته، تقديسا لهم، مهما ارتكبوا من أخطاء، ومهما انغمسوا بالفساد المالي والسياسي. وهذا هو الخطر عنما يتحول القيادي الى شخصية مقدسة بفعل الصنمية، تدافع القواعد الحزبية عن أخطائه، مهما تفاقمت. وهنا يجب علينا كشف المستور من خلال ثقافة نقدية شجاعة، تكشف للناس حقيقة هؤلاء.

الحركات الإسلامية والصنمية

يعود اتساع ظاهرة الصنمية لدى الحركات الإسلامية إلى عدة أسباب منها:

أولاً: حرمة النقد الذي تفرضه هذه الحركات على قواعدها، فتمهّد لا شعورياً لظاهرة الصنمية، وهذا هو تزييف الوعي، الذي تظهر تداعياته حينما يتعرّض الحزب لهزات داخلية، أو انشطارات هرمية. أو عندما تفيق قواعده على سذاجة الوعي، ضعف المواقف، تخلّف الثقافة، هشاشة الفكر، استغلال القيادة وحجم الفساد[9]. تحريم النقد يعني استمرار الأخطاء وتفاقهمها دون معالجة جذرية تعيد للحركة توازنها. كما أن حرمة النقد تحجب الحقيقية عن الآخرين، فيتمادون في تقديس القيادات، تقديسا زائفا. والتقديس مظهر من مظاهر الصنمية.

ثانياً: المبالغة في تقديس القيادات العليا رغم بشريتها. وينسى هؤلاء ان القيادي مهما كان يبقى انسانا قد يُخطئ ويسرق ويساوم من آجل مصلحته الخاصة. لكنهم ينسون هذه الحقيقة، فيصابون بصدمة عنيفة، عندما يكتشفون حقيقتهم ويقفون على أخطائهم وربما جرائمهم. ومثال ذلك اسلاميو السلطة في العراق، فلم يمض وقت طويل حتى انكشفت حقيقته، عندما انقلبوا إلى احزاب سياسية يبحثون عن مصالحهم الخاصة. فكان سلوكهم صدمة لبقية الإسلاميين.

ثالثا: الخطاب الديني بشكل عام، والحركي بشكل خاص يبالغ في تفسيراته الغيبية لسلوك قياداته، فيعتبرها لطفا وتسديدا وعناية من الله تعالى، وهذه التفسيرات تمهّد لتكريس ظاهرة الصنمية، وتساهم لا شعوريا في ترسيخها[10].

رابعاً: الفقر الفكري والثقافي كان أحد أسباب ظاهرة الصنمية داخل الحركات الاسلامية. حتى تمكّن الخطاب الحركي من تحريك قوافل الشباب باتجاه الموت معبأين بإيمان أسطوري، فيفجّرون أنفسهم، يقتلون النساء والأطفال قربة لله تعالى، وينتحرون على أمل لقاء الله ورسوله بوجوه بيض، وسبب هذه الظاهرة، صنمية الفكر والشخصيات الحركية البارة[11].

الوعى وظاهرة الصنمية

يبقى تخلف الوعي سببا رئيسيا وراء المظاهر المختلفة للصنمية، ولولا رثاثة الوعي لما استطاع أحد التلاعب بمشاعر الآخرين، وما تقوم به داعش اليوم يعتبر (تجسيدا لصنمية أفكار تمّ صياغتها وفقا لتفسيرات وتأويلات شخصية، أو في ظلّ ثقافة، لا تفهم سوى تمجيد الموت، ونبذ الحياة، فاستطاعت من أجل تمرير أفكارها تقديم قراءات للنص الديني بعيدة عن الواقع، وها هي الىوم تلتهم كل جميل في الحياة، وتتركنا نهبا لليأس والموت البطيء)[12].

من جانب آخر هناك صنمية الأفكار التي هي اكثر فتكا، حينما تقدس الحركات الاسلامية افكارها وتحرم نقدها وتقويمها. صنمية الأفكار مارد يحطّم كل أواصر المحبة والإخاء، ويقضي على كل آمالنا ومستقبلنا، حينما ينجرف دعاة الفكرة، يقتحمون الموت، ويقاتلون من أجل الدفاع عن أفكارهم، بغض النظر عن رصيدها التاريخي والعلمي، وأكثر تجليا هي عقائد الفرق والمذاهب، التي تبدأ صغيرة ثم تنمو للتحوّل إلى تيار جارف أحيانا[13].

شرعية النقد

ان هدف نقد الحركات الإسلامية ليس زعزعتها والقضاء عليها كما يعتقد البعض. إنما يسعى النقد إلى تأهيلها، سياسياً وفكرياً وعقائدية لتستطيع مواكبة الواقع، وتسهم فعلياً في تغيره، بداية من احترام الآخر وتنوعه الفكري والديني والسياسي. فالهدف الحقيقي من النقد وفقا لماجد الغرباوي، هو (إعادة تأهيل الحركات الإسلامية سياسيا وفكريا وعقيديا كي تكون قادرة على مواكبة المتغيرات الزمكانية، والعودة للمجتمع بقيم تساهم في تعزيز وحدته وانسجامه، وتحترم تنوعه واتجاهاته، وليس الهدف الإطاحة بها أو تحجيمها)[14]. لذلك يجب على الناقد الكشف عن حقيقتها، وبيان ايجابياتها وسلبياتها بشكل واضح. ويبقى الخيار للشعب في قبولها أو رفضها. هذا هو واجبنا تجاه الحقيقة، أما مع صمت الجميع لأي سبب كان، فسيكون سببا لاضمحلال مجتمعنا العربي. فالوعي وبيان الحقائق مسؤولية الجميع.

إن مشكلة عدم تحقق استجابة مثالىة للنقد بين قواعد الحركات الإسلامية، أن أفرادها لا يقرأون عادة، ولا يتابعون النتاج الثقافي. وأدمنوا التلقين واعتادوا الإصغاء بدلا من التعقّل والإدراك والقراءة والمتابعة. وتقتصر مسؤولية الفرد داخل الحركة السمع والطاعة وعدم العصيان، فهو وفقا لهذه النظرية مكلف شرعا بطاعة مسؤوله، ولا يحق له التمرّد عليه، لأنه تمرّد على الولي، وهو حدّ التمرّد على الله[15].

يمكن للحركات الاسلامية مع رفض النقد والتقويم أن (تمارس سياستها بعيداً عن توظيف الدين لصالح ايديولوجيتها الحزبية)[16]. أو سيكون مصير الإسلام والمسلمين، مع استمرار توالد الحركات الإسلامية المتطرفة في خطر. ففي كل يوم تزداد الحركات الدينية تطرفاً، وتكون سببا لرمي الإسلام بسهام الجهل والتخلف، مما يعكس صورة شوهاء لا تمت إلى الدين بصلة. مثال على ذلك حكم الإسلاميين في أفغانستان، والأذى الذي طال الإسلام نتيجة للجهل بحقيقة الإسلام، وما تفعله ألاعيب السياسية. (كما أن بعض الحركات الإسلامية من خلال ممارساتها المتطرّفة تواظب، من حيث تشعر أو لا تشعر على قذف الإسلام بسهام الجهل والتخلّف بشكل مكثّف، لدرجة أن الخطاب التبريري ما عاد يكفي لردّ كل الشبهات والتوجسات من تصرفات التيارات الإسلامية المتطرفة)[17].

ان كثيرا من المسلمين ما زالوا تحت سياط الشرعية التي لم يفقهوا آلياتها، ما أدى إلى تضليل الوعى وعدم معرفة الحقيقة، لذلك يعتقدون أن ممارسات الحركات الإسلامية المتطرفة تمثل موقف الدين الإسلامي الصحيح. هنا تكمن الكارثة. هؤلاء الاشخاص هم الأداة التي تستخدمها الحركات المتطرفة لاتساع قاعدتها، مما يؤدي إلى ترسيخ الظواهر المتطرفة باسم الدين واتساع فاعليتها السياسية والاجتماعية، لذلك لابد من ممارسة النقد من آجل اظهار الحقيقة امام هؤلاء الناس لإنقاذهم من الوهم...

شرعية النقد.. التأصيل

إن أكثر ما يثير قلق الحركات المتطرفة هو الإنسان الواعي الذي يتصف بشدة الحساسية ازاء التزوير والمغالطات ولا يتكيف مع الواقع أنما يعيش حالة من الثورة الداخلية ضد القيم المصطنعة لذلك يقف بوجه الخداع باسم الدين والإسلام وعدم الرضا باغتيال الحقيقة.

لذلك يجب نقد الحركات الاسلامية نقدا موضوعيا، للأسباب التالية:

أولاً: تاريخية الحركات الإسلامية

ان أول مبررات نقد الحركات الإسلامية هو تاريخيتها، و(يقصد بتاريخية الحركة الاسلامية خضوعها لقوانين التاريخ، فهي كأي كائن تولد، وتنمو، وتكبر، وتشيب، وتستنفد أغراضها، وتسقط، وتتأثر بالمؤثرات الزمانية والمكانية، ويصدق في حقها الخطأ والصواب، وتحتاج إلى إصلاح وتجديد ونقد ومراجعة، وقد تتماهى مع الزمان، أو لا تصلح له، فتنهار وتسقط. أي لها بداية ونهاية، وتصاب بالتلوث والشيخوخة والتشوه)[18].

فهي تخضع لقوانين التاريخ مثلها مثل أي كائن حي. لكن قادة الحركات الإسلامية يتنكرون لهذه الحقيقة، ومازال بعضها يمارس لعبة السياسة اعتمادا على رصيدها الديني، رغم استنفاد هدف وجوده، وباتت بحكم الميتة، لا تجد سوى العنف والارهاب وألاعيب السياسة مبررا لوجودها. أو تحصن نفسها بأسماء دينية لتكتسب شرعية عالية، وتحقق رصيدا جماهيرا اكبر. يقول الباحث ماجد الغرباوي: (... ليس هناك أشد مراوغة ولعبا من العناوين والأسماء الدينية، ولا أظن ثمّة أسماء تنطلي على الناس الطيبين كما تنطلي الأسماء الإسلامية التي ترفعها تلك الحركات، لذا تراها تتحصن خلف أسماء شديدة في إيقاعها ودلالاتها لتُكسبها شرعية عالىة تسمح لها باتخاذ مواقف أو ممارسة سلوك بدعم أسطوري من تلك الأسماء، أو تمنحها تلك الأسماء شهادة حسن سلوك لا تُسأل بسببها عما تفعل، وكيف تشرعن القتل والتنابذ والاحتراب. فتجد مثلا (حزب الله) حركة تتكرر في عدد من البلدان الإسلامية، أو (أنصار الإسلام) أو (أنصار السنّة) أو (جيش محمد) وغير ذلك)[19]. هذه الاسماء تمنح الفرد قناعة اكبر حول شرعية حركته ووجوب الدفاع عنها، ضد خصومها السياسيين، وقد يتعدى الأمر ليصفهم بالكفر والالحاد. وهذا هو الشطط، أليس جميع الحركات تجتمع تحت راية الاسلام، فكيف يحرض بعضهم ضد الاخر؟.

وما يؤكد بشرية هذه الحركات دراسة تاريخها، كيف تكوّنت، والأموار التي تفد عليها. خذ مثالا حركة طلبان التي تاسست بأموال ودعم الولايات المتحدة الامريكية. وهناك حركات استعانت فيما بعد بمساعدات وأموال دول لأجل استمرارها. كما أنها حركات قد ارتكبت جرائم القتل، فضلا عن ممارسة العنف والتنابذ، حتى باتت خطرا يهدد الإسلام. ولعل ما حدث في العراق أفضل مثال على ذلك[20]. الحركات الإسلامية تتحرك باسم الدين والإسلام، وتطمح تحت عباءة الشرعية للوصول إلى السلطة، وحينئذ سوف تملي علينا قوانين وأنظمة باسم الإسلام، وتمارس معنا شتى الممارسات باسم الدين وهي لا تعدو كونها اجتهادات شخصية[21]. ويمكننا الاستشهاد بممارسات إيران الإسلامية التي قامت باسم الشريعة والدين بكبت الحريات، حتى أنها اغلقت صحفا إسلامية كانت تتبنى آراء معارضة[22]. بالإضافة إلى حركة طالبان في أفغانستان والحروب الطويلة بينها وبين فصائل المقاومة الإسلامية الافغانية التي راح ضحيتها عدد كبير من المقاتلين. وفي الدول العربية، قد ارتكب العديد من الحركات الدينية جرائم مختلفة: التنابذ الطائفي، التشبث بالعنف والإرهاب، التمثيل بالموتى. وقاموا بتفجيرات قتلت الابرياء، كل ذلك تحت مسمى الإسلام.

ثانياً: تعدد الحركات الإسلامية

المبرر الثاني لنقد الحركات الإسلامية هو تعددها مما يوضح لنا وجود اختلاف في القراءة والتأويل والفهم. ومن أسباب التعدد هو الانشقاق والتوليد حيث تتولد من الحركة الإسلامية عدد من الحركات الجديدة. فـ(الانشطار والتوالد أحد أبرز خصائص الحركات الإسلامية، فعن الإخوان المسلمين "الجانب السنّي" انشقت أو تولـّدت حركات إسلامية متعددة، والأمر ذاته بالنسبة لحزب الدعوة الإسلامية "الجانب الشيعي. فما من حركة إلا وتجد جذورها في إحدى هاتين الحركتين، أو وُلدت في أجوائهما وتأثّرت بهما بشكل وآخر)[23].

وللانشقاق عدد من الأسباب منها:

- الاختلاف تجاه قضية معينه أو صراع حول الشرعية قد يكون سببا للانشاق. كل شخص يسعى لتقوية شرعيته، والحصول على أكبر عدد من الانصار. لذلك يصبح الفصيل الجديد في عيون الحركة القديمة، خائنا للوطن وللقضية وعميلا، رغم ان معظم الحركات الإسلامية هي أدوات بيد دول أخرى، تعبث بالوقع من أجل مصالحها. بينما القراءات الموضوعية تفسر القضايا والاحداث وفقاً لمنطق الإنسان فتري الاختلاف والتعدد ظاهرة طبيعية تعكس وجهات النظر القائمة على تعدد الفهم للأحداث والقضايا كما أنها تنظر للإنسان في نوازعه البشرية وليس هناك إنسان معصوم من الاخطاء كي نستثنى الحركات السياسية إذا الانشقاق أمر طبيعي ليس من الضروري من يكون له أسباب ذات عمق.

- وأحيانا يتجلى الانشقاق والتوليد عبر التراجع الفكري. ليتحول إلى تطرف كما حصل لبعض الحركات المنشقة عن الإخوان المسلمين مثل التكفير والجهاد في مصر كأنها دولة ليست مسلمة فهذه الحركات مارست التطرف حتى مع الآخر المختلف مذهبياً معها واقترفت أعمالاً شنيعة مثل القتل وتخريب دور العبادة والتفجير...

- وأيضا يحدث الانشقاق والتوليد نتيجة الصراع على المواقع الحزبية حيث تبدأ كل حركة بعرض مساوئ قاداتها السابقين والمتاجرة بدماء الشهداء من أجل الحصول علي الشرعية.

نؤكد، كما يقول الغرباوي: ان كون الإنسان متدينا لا يعني بالضرورة صحة وصدقية جميع أعماله وتصرفاته، أي أن تدينه لا يبرر ممارساته ما لم تكن متفقة مع الدين. غير أن الوعي الأيديولوجي يتخذ من تدين الإنسان قاعدة لتصحيح جميع أفعاله ومواقفه بل وتحليلاته السياسة وآرائه الفكرية وعلاقاته ومؤامراته، وكل شيء يغدو صحيحا شرعيا وفقا لضوابطه التبسيطية[24]. فلا غرابة حينئذٍ، كما يقول الأستاذ الغرباوي: أن لا تُصدر الحركات الإسلامية إلا أعمالا ثقافية وفكرية مكرورة ومستنسخه، تنفع في أحسن الأحوال للاستهلاك وتربية جيل متدن في وعيه وثقافته وفكره[25].

ثالثاً: نسبية المعرفة الدينية

فثمّة فارق جوهري بين النص كموضوع للقراءة والفهم من جهة. والفكر والمعرفة الدينية التي هي اشتغال على النص ونتاج بشري من جهة ثانية[26]. هذا ما ذكره الأستاذ ماجد الغرباوي نصاً للتمييز بين الدين والمعرفة الدينية. يضيف: (وإنما قلنا المعرفة الدينية لاستثناء النص (القرآن والصحيح من السنّة)، باعتباره مطلقا لا تشمله أحكام المعرفة الدينية التي هي قراءة وفهم له وليست هي النص ذاته)[27]. فنفهم من كلامه أن المعرفة الدينية نتاج بشري يتأثر بجميع العوامل الثقافية والعقدية والأيديولوجية، كما يتأثر بالعادات والتقاليد. إضافة إلى تأثره بميول المتلقي سواء كان فيلسوفا او مفكرا أو مفسرا. فلا توجد معرفة لا تحتمل الصواب والخطأ ما دامت نتاجا بشريا. وكدليل على تأثر الفهم البشري بقبلياته الثقافية، نظرب مثلا بتفاسير القرآن الكريم التي اختلفت رغم وحدة النص / آيات الكتاب. فإذا كان المفسر لغويا أنتج لنا تفسيرا لغويا وركز على بلاغة النص، وإذا كان فيلسوفا نراه يؤول الآيات تأويلا فلسفيا ويستخدم في كلامه مصطلحات الفلاسفة وأدواتهم كالوجود والعدم والماهية والقديم والحادث، وإذا كان يهوى العلوم الطبيعية يلوي عنق النص ليتطابق مع المكتشفات الحديثة[28].

حتى الاجتهادات الفقهية تتأثر أيضا بالظروف الزمانية والمكانية وبالمستوي الفكري والثقافي للفقيه، وهذا سبب اختلاف الفتوي من فقيه إلى آخر. والاختلاف لا يقتصر على الخلفية المذهبية وإنما يتعداه إلى اختلاف الثقافات والفكر والثقافة. فطبيعة البشر الاختلاف[29].

إذاً ليست المشكلة في أصل الاختلاف والتباين وإنما المشكلة الأساسية ثمّة من لا يعتقد بنسبية المعرفة الدينية، وإنما يتعامل معها بقدسية بالغة، ويصر على جزميتها ونهائيتها، ويرتب عليها آثارا كبيرة. يرفض التشكيك بها أو التقليل من قيمتها المعرفية[30]. يتخذها أساس لعدم احترام الآخر وتكفيره وتحليل قتلة ومحاربته من هنا نشأت الخلافات المذهبية.

وعليه ليست هناك معرفة دينية ثابتة أو مطلقة ما دامت تتأثر بانتماء الفقيه والمفكر والمثقف، وتتأثر بالظروف الزمانية والمكانية[31]. إن أحد أسباب تخلف الفكر الديني وعجزه عن مواكبة مستجدات الحاضر، هو تمسكنا بآراء صاغها أسلافنا وفقاً لظروفهم ومستوي ثقافتهم وأفكارهم. بينما للحاضر متطلباته التي تقضتي آراء جديدا تواكب تطورات الواقع. إذا نسبية المعرفة الدينية تعد عاملا أساسيا في نقد الحركات الإسلامية، فهي مجرد اجتهادات شخصية تحولت إلى آراء مقدسة، وظفت لتكفير الآخر ورميه بالكفر والضلال. بما فيها المجتمعات الإسلامية التي تختلف معها في الرأي، وسمحت بقتل الناس الأبرياء[32].

رابعاً: النصوص الدينية

النصوص الدينية هي المبرر الأخير لنقد الحركات الإسلامية. وربما هو الأهم بين المبررات السابقة، لقوة فاعليته وتأثيره لدى شريحة واسعة من الناس. (ويدخل النص بقوة في تشكيل الوعي وصياغة الحقائق. وأيضا يلعب دورا خطيرا في شرعنة الاستبداد السياسي، وتمرير القرارات الجائرة. ومازال النص مصدر الاحتراب والتنابذ والتكفير، وأساسا لقتل الآخرين، ونسف جسور المودة والوئام، وتحطيم القيم الحضارية والإنسانية. بالنص تآمروا على الحقيقة، وبه زوّروا التاريخ، وحولوا الدين إلى وسيلة للخداع والتضليل. فما من مؤامرة إلا وبجانبها نص يشرعنها ويوجه حركتها، ويدافع عنها، ويكذّب أعداءها)[33].لذلك سعى الأستاذ ماجد الغرباوي إلى نقد الحركات الإسلامية من خلال النص، لاسيما النصوص التي اشتغلت على الآيات والروايات فأنتجت نصوصا لا زالت مقدسة في نظر الكثيرين. لذلك النقد هو السبيل الوحيد لمراجعة التراث، من أجل قراءة وفهم جديدين للآيات والروايات لفضح التأويل البشري لها.

قداسة النص

المقصود بقداسة النص، كما يرى الغرباوي، هو مرجعيته، وصدقيته، ومصداقيته، فلا يتسرب الشك إلى صحة صدوره، لأنه قطعي الصدور كما يعبّرون، غني في دلالاته، متعدد في معانيه، إلهي في مصدره، لا يجوز تكذيبه، أو الطعن في صحة معانيه، صالح لكل زمان، شامل في مورده، كامل في مضمونه، ليس فيه زيادة أو نقصان، لا ترقى له النصوص، وتبقى فيه مساحات مبهمة لا يدركها العقل البشري[34]. بينما تعني القداسة عند المؤسسات الدينية ورجالها الاقتصار على نمط معين من التفسير، وهي التفاسير الرسمية، التي تكرّس مصالحها وتضمن استمرار سلطتها. فهناك فرق واضح في معنى الداسة، بين ما يطرحه كتاب الحركات الإسلامية، وما يتبناه الاتجاه التراثي التقليدي. والقرآن هو مصداق النص المقدس، فيمكننا وفق مفهو القداسة الذي طرحه الكتاب، تقديم أكثر من قراءة لنصوص الكتاب بما يخدم مصالح المسلمين. في ضوء المنطق الداخلي له، ومددات التأويل.

شرعية النقد في ضوء النص

مارس القرآن الكريم النقد من خلال تقويمه لعمل الانبياء والمرسلين، النموذج الإنساني الأول، رغم المستوى الأخلاقي الرفيع والقرب الأكيد من الله تعالى، فسجل على مسار المهام الموكلة لهم ملاحظات تقويمية لتسديد مسيرتهم، وبهذا يضع القرآن الكريم أساسا متينا لشرعية النقد[35]. بينما تجد كثيرا من الأوساط السياسية والدينية تبتعد عن المنطق العام للقرآن وترتكب موبقات وجرائم باسم الدين لا تنسجم مع قيمه ومبادئه. وقد عزز المؤلف كلامه عن شرعية النقد بمجموعة آيات وأحاديث نبوية[36]. فالحركات الإسلامية أولى بالنقد من غيرها، لانتسابها للدين، فيكون واجبا علينا نقدهم وتستديدهم، وهذا ما يؤكد الحديث الشريف: (المؤمن مرآة أخية المؤمن). فالمؤمن بمثابة مرآة الآخر، تعكس جميع تصرفاته وأفكاره وتضعه في مواجهه أخطائه مباشرة.

المرأة.. التحدي الاصعب

سلبت الحركات الاسلامية المرأة حقوقها التي منحها الإسلام لها، واتهمت الحضارة المادية أنها السبب في اغواء المرأة ماديا وجسدياً حتى فقدت كرامتها وباتت في نظهرم خطرا يهدد البشرية. وكل ذلك بمنآى عن النص الديني. (ولا غرابة في ذلك فقراءة النص وفهمه وتفسيره يختلف من فقيه إلى آخر ومن مفكر إلى مفكر. وكل قراءة تختلف في نتائجها عن الأخرى، لأن القراءة "أي قراءة" تتأثر بقبليات المجتهد أو المفكر أو المثقف، كما تتأثر بمكوناته المعرفية وخلفياته الفكرية والعقيدية والأيديولوجية. إضافة إلى ضرورات المنطق الداخلي للنص الذي يلعب دورا كبيرا في تحديد المعنى)[37].

لقد وضعت الحركات الإسلامية، بعد أن رفعت شعار التجديد والإصلاح، المرأة ضمن أولوياتها، ورسمت لها وظيفة جديدة بعيدا عن حضارة القرن الحادي والعشرين، وقيمها التي تأثرت بها المرأة المسلمة. بل وراحت المرأة المسلمة تندد بقيم الحضارة المادية البعيدة عن أحكام الشريعة وتعاليم الدين الحنيف. وأصبحت داعية تبشر بالأفكار الجديدة، دون تمييز بين القيم الأخلاقية والحضارية.

لم تتطور المرأة مطلقاً في ظل حكم الحركات الإسلامية كما حدث في أفغانستان وإيران والعديد من الدول الإسلامية التي صارت تهدر حقوق المرأة. ورغم حركات التحرر النسوية العالمية التي تدعو للمساواة بين الرجل والمرأة ...الخ. ما زالت المرأة المسلمة غارقة في ظل العادات والتقاليد، تأنس كونها نصف إنسان، عورة، شيطاناً مغرياً، لا يسمح لها بمجالسة الناس لأنه خلافاً للأعراف، ودائما عليها أن تثبت نقاءها وعذريتها، لا ثقة بها في أداء عمل سوى عمل البيت، تتعهد بتربية الاطفال لا يحق لها الخروج إلا بأذن زوجها. إي ان المرأة ليس لها إلا بيتها ثم قبرها، تلك هي المرأة نسبة للأوساط الشعبية. يقول الغرباوي: (إن وضع المرأة المسلمة ما زال كما هو قبل وبعد ظهور الحركات الإسلامية، ولم يطرأ على تفكيرها ما يؤكد مصداقيتها. فلا تغيير ملموس في وضعها الفكري والثقافي والإنساني، بل انكفأت المرأة تساعد الرجل على تحجيمها، وتبديد حقوقها، بعد انقلاب تذمرها إلى قناعة راسخة تتعالى على التمرد والرفض. فلا نخطئ إذا قلنا إن الفكر الحركي كان بالنسبة للمرأة أفيونا حقيقيا فاقم مشاعر النقص والتضاؤل أمام سلطة الرجل)[38].

ورغم وعود الحركات الإسلامية للمرأة بمستقبل أفضل تحت ظل الشريعة، إلا أننا لا نجد أمراه قد تولت منصبا قيادياً داخل الحركات الإسلامية، وانما تحولت تلك الحركات الى عبء على المرأة وحياتها ومستقبلها. بل الغريب ان بعض الحركات الإسلامية السلفية لا تعترف بإنسانية المرأة. ويبقى همهما الوحيد حجاب المرأة، وكيفية الحفاظ عليه، وكأنه ليس للمرأة مشاكل أخرى تعاني منها.

حقوق المرأة.. مقاربة أولية

يري الأستاذ ماجد الغرباوي: إن مسألة حقوق المرأة تتوقف على الاعتراف بإنسانيتها أولا وقبل كل شيء، ومن ثم الاعتراف بحقوقها السياسية والاجتماعية في موازاة حقوق الرجل... فثمّة رؤية ثقافية حجّمت سلطتها واختزلت إنسانيتها... لذا يجب تمكين المرأة من نفسها، وإعادة ثقتها بإنسانيتها، بقدرتها على منافسة الرجل. كما يجب أيضا ضخ المجتمع بخطاب ثقافي يطيح بمنظومة التصورات الخاطئة عن المرأة وضعفها، كي يتجاوز الرجل تصوراته الخاطئة عنها ويرقى إلى مستوى الشعور بالمسؤولية تجاه حقوقها الأساسية.[39].

لقد منح الإسلام المرأة حقوقها العادلة، لكن هناك من لا يراعي العدالة، حتى في استنباط الاحكام وتفسير الآيات. فتجد بعض الفقهاء يحرمون المرأة حقها في الانتخابات والترشيح. رغم ان النساء بايعن النبي صلي الله علية وسلم، وقد ذكر القرآن ذلك صريحا. وهنا آيات كثيرة تشرع لحقوق المرأة، لكن الحركات الاسلامية فسرت آيات الكتاب، كما يحلو لها ويتناسب مع أهدافها، فنظرت المجتمع للمرأة ليس وليد الحاضر، بل ترسخت منذ قرون. (إذًا ليست مسألة حقوق المرأة منحصرة في الحجاب، وليس هناك من يدعوها إلى التنازل عن عفتها وكرامتها أو التساهل في حجابها، وليس هناك من يدعو إلى إهدار مكانتها، أو يطالبها بمغادرة بيتها، المسألة قبل كل شيء ثقافية تتعلق برؤية المرأة لنفسها، ورؤية المجتمع لها)[40].

الحركات الاسلامية والولاء الوطني

إن ولاء الحركات الاسلامية للوطن أمر يثير الريبة في النفوس. وثمّة شكوك تعصف بمصداقية ولائها الوطني، شكوك مبررة[41]. وأدبياتها تؤكد على تهمش الوطن وتسمح باستباحة مقدساته وتدمير هويته. وكأن مفهوم الولاء عندها، يختلف عن مفهومه لدى جميع الاتجاهات الفكرية والأيديولودية. ويظهر ان الحركات الإسلامية ليس لديها أسس فكرية ترتكز اليها في صياغة الولاء الوطني. لهذا لا تزرع حب الوطن في نفوس أتباعها. الوطن في مفهومها عموم الوطن الإسلامي وليس البقعة الجغرافية التي يسكنها الإنسان، بيهم روابط مشتركة تخص بهم دون غيرهم. فوطن الحركات الاسلامية، وطن لا تحده حدود. وإذا كانت هناك مفردة أو اثنتان للوطن في أدبياتها فتقصد به الوطن الإسلامي كما يرسمه المخيال الحركي. وهو باختصار (وطن لا تحده حدود، وإنما يمتد بامتداد الإسلام في كل مكان، ويعلو سلطته خليفة الله، ويمثل فيه أفراد الحركات الإسلامية جند الله الأمناء في أرضه. ففكرة الوطن فكرة خيالىة لا تساهم في تشكيل هدف واضح تتحرك على هديه الحركات الإسلامية)[42]. إنها فكرة خيالية ونتاج ثقافة ماتت منذ قرون ظلت في طئ النسيان. ان ولاء الحركات الإسلامية يستبيح الاوطان ويسمح بقتل الأبرياء. فالولاء الديني عندهم لا يضاهيهه الولاء الوطني. الأول مقدم على الثاني دائما. وهذا النوع من الولاء لم يأمرنا الإسلام به، ولا يعد ولاء لله ولرسوله. وليس الولاء الذي استطاع النبي والصحابة من خلاله نشر الإسلام. بهذا تبدو الآن واضحة أسباب تطرف الحركات الإسلامية، وأسباب تشبثها بالعنف ولماذا لجأت للارهاب واستباحت اراقة الدماء ونهب الثروات. فالحركات الإسلامية تعتبر عبئا على الإسلام والمسلمين.

انهيار مفهوم الولاء الوطني

إن الولاء لله وللرسول والذين آمنوا لا يستلزم خيانة الوطن أو الاستهانة بمقدراته بحجة الولاء وإنما حب الوطن من الإيمان. ولا يستلزم اضمحلال الولاء الوطني بهذه الدرجة المفجعة[43]. والأنكى من ذلك إنها لا تعي ما تأخذ من التراث، ففكرة أرض الإسلام وأرض الكفر، التي كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء تلاشي الولاء الوطني هي فكرة سلطانية، بلورها فقهاء السلطة لأهداف سياسية تخدم الخليفة الإسلامي وتهيئ له مبررات غزو البلاد الأخرى والتحريض ضدها. وليس لهذه الفكرة بهذا القدر من الأحكام المترتبة عليها جذر ديني (آية أو رواية) يمكن ان يكون دليلا شرعيا لها[44]. هذا ما أكده الأستاذ ماجد الغرباوي وهو يتحدث عن انهيار الولاء الوطني.

إن هذه الحركات مازالت تقدّس التاريخ ولم تفكر باختلاف الظروف الزمانية والمكانية. فمثلاً، لم تقم الدولة الإسلامية عبر التاريخ امتثالا لأوامر إلهية، بل كان وراء قيامها أسباب وظروف خاصة، في مقدمتها السياسية. فهي نتاج ظرف تاريخي، وليس تجسيدا لحكم شرعي، فما الداعي لإحيانها في ظل ظروف مختلفة؟. فإنها سوف تواجه مشاكل كثيرة، كيف نقيم دولة ضم جميع المسلمين، مع اتساع أوطانهم وانتشارهم في جميع انحاء العالم؟ هل نخضع جميع الدول لسلطة الدولة الاسلامية، التي يحكمها خليفة المسلمين؟. يبدو لي ان هذه الحركات لا تعيش على أرض الواقع. كيف نحكم شعوبا بعادات وتقاليد ولغات ولهجات وثقافات مختلفة تحت راية حكومة واحدة. وكيف يحكم خليفة المسلمين شعوبا لا يفهم لغتها؟. (لقد أفضى هذا اللون من التفكير إلى تهميش الولاء الوطني، ووضعه في مرتبة متأخرة عن الولاء الديني. ولم تتراجع عنه إلا بعض الحركات الإسلامية تحت ضغط الواقع كما حصل بالنسبة للحركات الإسلامية العراقية التي عاشت ربع قرن في كنف الدولة الإسلامية / ايران)[45].

الحركات الاسلامية والارهاب

ان وصف الحركات الاسلامية المتطرفة بأنها حركات ارهابية بات أمرا لا شك فيه، بعد أن تمادت هذه الحركات في استخدام العنف والاسراف بالقتل، وتدمير الحياة المدنية. وقد بات الإرهاب باسم الدين والإسلام خطرا حقيقيا يهدد أمن العالم وسلامة الأمم، وباتت الحركات الإسلامية المتطرفة عبئا أثقل كاهل العاملين والمصلحين. فـ(في كل يوم تفيق الشعوب على جريمة نكراء، يذهب ضحيتها النساء والرجال والأطفال. وكلما حاولت الذاكرة نسيان الماضي أيقظها انفجار هنا أو جريمة هناك. وكلما ارتكز الإنسان الغربي إلى التسامح في التعامل معنا جرّته دماء الأبرياء إلى التعصب والانكماش والرفض، وكلما اعتذر المسلمون عن جريمة أفسدتها جريمة أكبر)[46]. إن ما تقوم به الحركات الإسلامية المتطرفة يتطلب مراجعة أسسها الفكرية والعقدية التي يصدر عنها العمل الإرهابي، فهناك سبب أعمق يدفع الفرد للانتحار والتصحية بنفسه. صحح ان هناك أسبابا نفسية وسياسية وربما اقتصادية وراء التصحية بالنفس، لكن وراء سلوك افراد هذ الحركات دوافع دينية، وليست ايديولوجية أو سياسية خالصة.

لقد ارتكبت الحركات الاسلامة أعمالها باسم الدين، جهلا منهم بحقيقة الفكر الاسلامي الأصيل لقائم على التسامح والمحبة. وقد استغلوا النصوص الدينية لنشر أفكارهم التكفيرية، فلا سلطة كسلطة الدين قادرة على اقناع الناس. الاسلام يدعو إلى: إعمار الأرض، احترام الآخر، تمثل الاخلاق والتمسك بالقيم الانسانية والدينية السمحاء، وعدم الاستهانة بحياة الناس، وحرمة قتل النفس المحترمة. بينما التفجيرات الانتحارية، قتلت النساء والأطفال، وكل من يختلف معهم دينياً. إن منفذي التفجيرات الانتحارية يعتقدون ان الله يريد منهم ذلك وقد اصطفاهم على غيرهم. فهم أيضا ضحايا نقص الوعي الديني، وعدم تمييز الصواب عن الخطأ، حتى لو اجمع كل الدعاة الإسلاميين على حرمة هذا العمل، فلا يغير قناعتهم، لأنهم لا يؤمنون إلا بما تقوله الحركات الإسلامية المتطرفة التي رسخت في أذهانهم أنها تقدم لهم الشهادة على طبق من ذهب. (وبعبارة أوضح، إن الخطاب الديني أعاد تشكيل العقل الحركي على أساس هجاء الحياة وعشق الموت، كراهية الآخر وتمجيد الذات، إهمال الدنيا وتعمير الآخرة، كسب رضا الله تعالى بالتضحية والفداء لأي سبب كان. فلم يثقف الخطاب الديني قواعد الحركات الإسلامية على تبني العفو والرحمة والتسامح والمغفرة مع الآخر، وإنما تثقف على كره الآخر، والتخطيط لقتله واستئصاله. ولم يتثقف الفرد على سعة رحمة الله ومغفرته، وإنما تثقف على أن الله جبار السماوات والأرض، لا يمكن إدراك رحمته بالإيمان والعمل الصالح، وإنما بالتضحية والشهادة في سبيله)[47].

الوعى المبتور أساس العنف

تعد العراق من الدول العربية التي تعرضت للعنف والدمار على يد الحركات المتطرفة مثل ما يعرف بتنظيم الجهاد، تنظيم القاعدة والعديد من الحركات التي استخدمت العنف سلاح للنشر الفوضى والعدوان باسم الدين مما جعل العراق في حالة من الاضطراب مع كل تلك الحركات التي تقاتل بعضها البعض مستخدمة اسم الدين كتبرير لأفعالها، حتى وصل بهم الأمر الى اصدار فتاوى تكفريه وتفعيل أحكام الجهاد، فقطعت رؤوس الأسرى، وقتلت الابرياء وهدمت دور العبادة، وحاربت كل من ينتمى إلى مذهب إسلامي مخالف لمجرد الاختلاف في الآراء، بالإضافة الى تضليل الشباب الذي لم يكتمل وعيهم الديني واقناعهم بالشهادة في سبيل الله. كل هذا قبل ظهور داعش، التي ارتكبت أعمالا فظيعة، يندى لها جبين الانسانية.

لقد تكدست الحركات الاسلامية المتطرفة حتى أضحت دماراً وخراباً، لدرجة ان ضحاياً العنف من المدنيين الأبرياء وصل مئة الف مواطن (آنذاك) كما كشف مركز الابحاث والدراسات الاستراتيجية، أليس هؤلاء المئة الف مواطن مسلمين أيضا؟ والغريب أن هذه الحركات لم ينصرها الله تعالى على الكفار والمشركين، ولم تحقّق شيئا من أهدافها المعلنة في محاربة الأمريكان، أو الغزاة (حسب قولهم) وإنما زادتهم إصرارا وتعنتا، وبرّرت اجتياح المدن وقتل الأبرياء والعزل، كما في عدد من المدن العراقية[48]. ويتساءل الاستاذ ماجد الغرباوي في هامش الصفحة 137: (السؤال المحيّر، لماذا لم تتعبأ هذه الحركات ضد إسرائيل وهي تمتلك من القوة والمال والسلاح ما يفوق التوقع؟؟ أليىست إسرائيل هي العدو الأول، وهي مغتصبة معتدية، وما تفعله بالفلسطينيين يوميا يندى له الجبين؟. هذا السؤال يضع الحركات الإسلامية المتطرفة في دائرة الشك بل الخيانة، والإنخراط في مشاريع تصب في صالح إسرائيل والقوى الإستكبارية العالمية، وضد مصلحة المسلمين والعرب).

لذلك وعي الحركات المتطرفة وعي ناقص مبتور، لا يمت للدين بصلة وإن كانت تلك الحركات المتطرفة تعمل لصالح أوطانها حقا، أليس الأفضل الجهاد ضد المحتل الغاشم الذي يستولي على عدد من مناطق العالم العربي بدل من قتل بعضنا البعض؟. أما لماذا لم يتطرق الكتاب لداعش بالذات، فقد بات واضحا من خلال مقدمة الكتاب أن مقالاته قد كتبت بين 2004 و2006.

الإسلاميون والسلطة

لقد خص الكاتب الفصل الأخير من الكتاب للحديث عن الحركات الإسلامية في العراق، باعتبارها أكثر البلدان العربية التي عانت وما زالت تعاني من ارهاب الحركات المتطرفة. وقد بدأ حديثه عن خصائص الحركات الإسلامية، واتخذ من حزب الدعوة الاسلامية مثالا، للحركات الاسلامية السياسية. يقول:

امتازت الحركة الإسلامية في العراق، سيما الشيعية وخصوصا حزب الدعوة الإسلامية، على غيرها من الحركات بعمق التجربة وعراقتها وتنوعها. فالحركة الإسلامية عاشت مرحلة التأسيس التي تمخضت عن نظرية في العمل السياسي وكم من الآراء والأفكار السياسية، سبقتها إرهاصات وعي مبكر لدى طيف من النخبة المثقفة[49]. وهذا يكسبها خبرة كبيرة، ويضيف الاستاذ الغرباوي: ثم انتقلت الحركة إلى مرحلة العمل الدعوي والتبليغي، الذي قطعت فيه، خلال عشرين عاما، شوطا كبيرا على صعيد بلورة وعي جديد في مقابل الوعي القومي والاشتراكي (إن صح التعبير)، فتوغلت في عمق المجتمع العراقي وامتدت إلى كافة المؤسسات التعليمية والمهنية. وانتهى بها المطاف إلى مرحلة العمل السياسي داخل العراق وخارجه، فاكتسبت تجربة هائلة في العمل السياسي وفن الحوار، والتحالفات، وخلط الأوراق، وسرعة الحركة والاختفاء[50]. فهو يتحدث عن تاريخ مفصل عن حزب الدعوة، من موقع الاطلاع والخبرة السياسية في مسارها التاريخي، لذا يضيف: وتعرضت إلى الانشطار والاختزال والتآمر والاحتواء، لكنها نجحت رغم كل المحن والأحداث والرهانات على إسقاطها. وبعد مرور عشرين عاما كانت الحركة الإسلامية على رأس السلطة في العراق. وهذا واقع يشهد له كل من عاصرها، عبر المراحل المتقدمة. وهذا الأمر يؤهلها لمواصلة المسيرة ويكسبها قدرة على الانسجام مع المرحلة التي هي فيها، إذا ما أرادت ذلك، وقررت من وحي مسؤوليتها اتخاذ خطوات عملية على هذا الصعيد. لكن قبل ذلك ينبغي أن تعي ما هو المطلوب منها راهنا، وتعي الىة التغيير وفقا لمستجدات الوضع[51].

إن المسيرة الطويلة، كمسيرة حزب الدعوة في العمل السياسية، تكسب اصحابها خبرة كبيرة، يمكنهم توظيفها لصالح مشاريعهم السياسية، متى ما تم استغلالها بطريقة صحيحة. لكن الحركات الإسلامية العراقية وقعت في مرحلة السلطة بأخطاء قاتلة. فمثلا ما زالوا يمارسون السياسة بعقل مرحلة المعارضة، علما أن لكل مرحلة اسلوبها وظرفها ومنهجها وسياسيتها. مرحلة السلطة تختلف عن مرحلة العمل في صفوف المعارضة السياسية، (ومن لا يعي الواقع لا يستطيع الانسجام معه، ومن لا ينسجم معه يتحوّل إلى عثرة في طريق الآخرين. وليس هناك فكر معصوم، أو أحكام نهائية، أو قناعات جزمية. وأيضا لا مجال لفرض الآراء، والتفرد والاستبداد، والتسلط. ويجب عليهم التخلي عن منطق الولاية، ومنطق الاستبداد المبطن، ومنطق الدولة الدينية، ومنطق الحمائم والصقور، ومنطق الحرس القديم، ومنطق الولاءات، ومنطق احتكار السلطة)[52].

إذاً يجب على الحركات العراقية إعادة صياغة ثوابتها الفكرية والسياسية لتكون أكثر انفتاحاً على الآخر. بينما باتت الدولة والسلطة أهدافا اساسية للأحزاب السياسية. وهذا يعني ضرورة التشبث بمنطق الدولة والسلطة، واستخدام نفس الأدوات السياسية التي يستخدمها الخصم، بلا حاجة إلى غطاء الدين وقباء الولي الفقيه، كما يصرح الغرباوي بذلك[53].

آفاق التجديد

يجب على الحركات الإسلامية العراقية تطوير نظريتها السياسية وعملها الحزبي لترقي الى مستوى السلطة بمفهومها الجديد، فلم تعد تلك الأفكار التقليدية التي لا تمت للواقع بصلة، بسبب مثاليتها الوهمية، صالحة للحكم. العراق بات نسيجا من التنوع الديني والمذهبي والسياسي والفكري، ولا يحق لاحد الاستحواذ على السلطة أو السياسة بسبب هذا التنوع الذي لا يناسب أرض الواقع، لذلك نحن بحاجة الى تجديد يناسب المرحلة الحالية بداية من الاعتراف بالآخر وإمكانية التعايش مع التعايش معه، ثم الفصل بين السياسة والدين، فالحركات السياسية ليس دينية.

لأول مرة منذ زمن يتحدث قادة الحركيين في العراق عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والاعتراف بالآخر والتسامح ورفض الاستبداد الديني، تبدوا هذه خطوة جيدة من أجل دولة العراق الحديثة لكن يجب أن تكون هذه الأفكار صادرة عن قناعة فكرية وليس أمراً فرضته مرحلة السلطة. فالتقدم الحقيقي يكمن في أساليب عمل جديدة تتثقف عليها القواعد الحزبية بشكل يحقق نقلة نوعية لمواصلة العمل السياسي. أعتقد كما يصرح الغرباوي: أعتقد أن الحركة الإسلامية العراقية مؤهلة الآن لتحديث منظومتها الفكرية ونظريتها السياسية في ضوء انطباعاتها عن الدولة الدينية، التي عايشتها عن قرب وشاهدت إخفاقاتها. وأيضا في ضوء ما تختزن من تجربة ثرية اكتسبتها خلال المرحلة السياسية، وأخيرا اشتراكها في السلطة، وممارستها لنظام الحكم. وكل شيء بات مهيأ في ظلّ الإمكانيات المتاحة، وأجواء الحرية والانفتاح التي عمّت البلاد[54].

الحركة الإسلامية والديمقراطية

الديمقراطية التزام يتطلع كل حزب سياسي الى تجسيده والايمان به، وتكمن حقيقة الديمقراطية بهامش الحرية والاعتراف بالآخر وبحقوقه ورفض الاستبداد والتسلط وتبني حرية الرأي.. فهي ليست أراء نظرية مجردة، وانما ممارسة يومية. فهل مارست الحركات العراقية الديمقراطية؟

لا يبدو أنها مارست الديمقراطية حقيقة، كما يعتقد الغرباوي، بداية من استمرار القادة لأكثر من ربع قرن وتشبثها بالسلطة، وهذه أولى علامات الاستبداد السياسي[55]. ودليل واضح على احتكار السلطة، واعتبارها إرثا يتداوله أبناء القبيلة الواحدة.

كيف لهذه الحركات أن تتبنى مبادئ الديمقراطية وليس هناك تجديد على مستوى القيادة ولا الفكر، يبدو أن الحركات العراقية ستحكم على ذاتها بالموت الأكيد لأنها لا تلتزم بمبادئ الديمقراطية في أوساطها على الأقل. يجب معالجة تلك السلبيات، أو سيتداعى وضعها الداخلي. وليس أمام الحركات الإسلامية العراقية اليوم طريق سوى العودة إلى الذات، العودة إلى الداخل لبنائه بناء ديمقراطيا سليما، يتجسد من خلال التداول المستمر للمناصب القيادية، والتجديد المستمر للثقافة والفكر. وإلا فسيُحكم عليها بالموت الأكيد، أو العودة إلى المعارضة[56].

الحركة الإسلامية العراقية في مواجهه أبنائها

اتسمت بعض الحركات الإسلامية بكثافة النخب العلمية والثقافية. واستطاع الإسلاميون التوغل في الأوساط الجامعية والمنتديات العلمية بشكل لافت. حتى كادت الحركة الإسلامية العراقية تستأثر بعدد من المواقع العلمية والثقافية في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن المنصرم[57]. لكنها لم تًحتضن بعد استلام السلطة في العراق، هذه الكفاءات. وقد عمدت الى تشويه سمعة عدد كبير من الشخصيات الاسلامية واتهامها بالتمرد والخيانة، خوفاً من منافستها، واحتلال مواقع مميزة داخل الحزب، لذلك ظلت تراوح في مكانها دون أي تقدم. لم تضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وفضلت الولاء والطاعة على الكفاءة، لضمان السلطة.

شكر خاص

شكراً للأستاذ ماجد الغرباوي. كتاب ممتع، صحح لدي كثيرا من المفاهيم، وسلط الضوء على احداث سياسية تدور من حولنا، ونحن تائهين في دروب الحياة. نحتاج الى مثقف مثلك ليعيدنا الى الطريق الصحيح.

***

آية محيي الدين – ماجستير علوم سياسية

 .........................

[1] - الغرباوي، ماجد، الحركات الإسلامية.. قراءة نقدية لتجليات الوعي، مؤسسة المثقف، سيدني – أستراليا، والعارف للمطبوعات، بيروت – لبنان، 2015م، ص 8.

[2] - المصدر نفسه، ص 7.

[3] - المصدر نفسه، ص 12.

[4] - المصدر نفسه، ص 16.

[5] - المصدر نفسه، ص 20.

[6] - المصدر نفسه، ص 21.

[7] - المصدر نفسه، ص 23.

[8] - المصدر نفس، ص 25.

[9] - المصدر نفسه، ص 27.

[10] - المصدر نفسه ص 26.

[11] - المصدر نفسه، ص 28.

[12] - المصدر نفسه، ص 29 و30.

[13] - المصدر نفسه، ص 30.

[14] - المصدر نفسه، ص 42.

[15] - المصدر نفسه، ص 48.

[16] - المصدر نفسه، ص 52.

[17] - المصدر نفسه

[18] - المصدر نفسه، ص 60.

[19] - المصدر نفسه، ص 64.

[20] - المصدر نفسه، ص 65.

[21] - المصدر نفسه، ص 66.

[22] - المصدر نفسه، ص 67.

[23] - المصدر نفسه، ص 71.

[24] - المصدر نفسه، 83.

[25] - المصدر نفسه، ص 81.

[26] - المصدر نفسه، ص 85.

[27] - المصدر نفسه.

[28] - المصدر نفسه، ص 87.

[29] - المصدر نفسه.

[30] - المصدر نفسه، ص 91.

[31] - المصدر نفسه

.

[32] - المصدر نفسه، ص 93.

[33] - المصدر نفسه، ص 101 و102.

[34] - المصدر نفسه، ص 103 و104.

[35] - المصدر نفسه، ص 105.

[36] - أنظر: ص 105 و106.

[37] - المصدر نفسه، ص 105.

[38] - المصدر نفسه، ص 108.

[39] - المصدر نفسه، ص 113.

[40] - المصدر نفسه، ص 118.

[41] - المصدر نفسه.

[42] - المصدر نفسه، ص 119.

[43] - المصدر نفسه، ص 122.

[44] - المصدر نفسه، ص 123.

[45] - المصدر نفسه، ص 124.

[46] - المصدر نفسه، ص 124.

[47] - المصدر نفسه، ص 129.

[48] - المصدر نفسه، ص 137.

[49] - المصدر نفسه، ص 139.

[50] - المصدر نفسه.

[51] - المصدر نفسه.

[52] - المصدر نفسه، ص 141.

[53] - المصدر نفسه، ص 142.

[54] - المصدر نفسه، ص 145

[55] - المصدر نفسه، ص 146.

[56] - المصدر نفسه، ص 147.

[57] - المصدر نفسه، ص 148.

 

.......................................

* مشاركة (33) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).

رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي

https://www.almothaqaf.com/foundation/aqlam-10