أقلام حرة

هل تموت الأديان؟!!

ليس من السهل الإجابة على سؤال كهذا، لأن موت أي دين ربما يعني أنه مُختَرع بشري، والموت لا يعني إنتفاء العقيدة والدين كطقس، وإنما غياب العمل بالدين وتحقيق الحياة الحرة الكريمة، والأمان والألفة المجتمعية وفقا لمبادئ وقيم الدين.

إذا كان الدين مفردات متخيلة لا تمت للواقع بصلة واضحة فهو مصنوع بشري، أما إذا كان يترجم بصدق وقوة ديناميكية الوجود بعناصره المتنوعة، فأنه فوق قدرات الموجود المحكوم بقوانين ذات سلطات علوية لا يدركها، وتتوطن أبراج الغيوب.

ويبدو أن الغيب هو الطاقة التي أوجدت الأديان، والعلة الكبرى، فهو أصلها ومنبعها، فجميعها تريدك أن تؤمن أولا، وترى أن ما تراه لا ريب فيه، وبعد أن يترسخ الإيمان فيك، عليك بتسخير العقل لتبرير ما أنت عليه.

فالإعتقاد بدين ضابط سلوكي للبشر المنتمي للدين، ولكل دين آلياته السلوكية وطقوسه اللازمة للتعبير عن الإيمان، وتأمين التواصل التكراري مع مرتكزاته ومنطلقاته التفاعلية.

فهل أن الأديان حية فينا كجوهر سلوكي، أم أنها إتخذت مسارات أخرى مغايرة لحقيقتها وطبيعة منطواها؟

لا يمكننا أن نحكم ونتسرع بالإجابة، فكل دين يحسب هو الدين وغيره لا دين، ولا فرق بين السماوي والدنيوي، وحتى بين الأحزاب والمذاهب والفئات والجماعات.

فكل يدّعي أن المطلق في قبضة يديه!!

فأين الدين؟

الأديان تسفك الدماء وتكفّر وتزندق، وأذاقت البشرية الويلات، وأبادت الملايين تلو الملايين، ولو تكلمت السيوف لأفصحت عن عدد الأعناق التي بترت عبر التأريخ.

أما اليوم وقد توفرت أسلحة فتاكة، فالأديان ربما إتخذت مسارا آخرا، وتعبيرا مخادعا لتأمين الإبادة البشرية الفظيعة الخاطفة، الجالبة للأهوال بإسم الدين.

في بعض المجتمعات ذات الدين الواحد، صار الناس يبيدون بعضهم، ويحسبون قتل إبن الدين من طقوس ومراسيم التقرب إلى ربهم الذي يعبدون، وكم تعددت الأرباب بتعدد الأهواء!!

يبدو أن أهل أي دين تقاتل الدين الذي تدّعيه، وهذا يثير أسئلة لا تعرف الأجوبة، وتفسرها قوانين الغاب وحسب، فهل أن الدين دستور غاب؟!!

وإن الجواب خلف حجاب!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم