أقلام حرة

مركز شرطة محمد الحلبوسي

لا تحتاج الكوارث السياسية التي تحاصرنا إلى ذكاء لكي نكتشف أننا نعيش عصر الديمقراطية "كاملة الدسم"، فما بين اعتقال الكاتب والإعلامي محمد نعناع لأنه يضايق السيد رئيس مجلس الوزراء بتصريحاته وكتاباته، فكان لا بد من أن يلقى القبض عليه ليلاً وهو يجلس في إحدى مقاهي الكرادة..

وما بين صولة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على النواب الذين رفضوا قانون سانت ليغو، يعيش المواطن ازهى عصور الحرية، من منكم شاهد صور مجلس النواب العراقي وهو يعقد جلسة "ليلية" للتصويت على قانون يصادر حق الشعب باختيار نوابه؟، هل شاهدتم كيف تقف حنان الفتلاوي تنظر إلينا بريبة وضجر يرافقها أحد حمايات مجلس النواب خوفاً من أن تتعرض للإزعاج؟.. هل شاهدتم صور رئيس أعلى سلطة تشريعية محمد الحلبوسي وهو يحتمي بالعسكر لتمرير قانون يرفضه معظم العراقيين؟، ما شاهدناه ليست صوراً من داخل معسكر للأمن ولا مركزاً للشرطة يقع في المنطقة الخضراء، وإنما يا سادة هي صورة داخل قبة البرلمان العراقي حيث تعرض النواب الذين رفضوا التصويت لقانون سانت ليغو إلى الطرد واللكمات والإهانة، وتحويلهم إلى المدعي العام.. والفقرة الأخيرة أكبر نكتة سمعتها هذا العام، فقد اكتشفنا أنه في هذه البلاد يوجد منصب مدعي عام مهمته معاقبة النواب الذين لا يريدون التصويت على قانون يرسخ الخراب والانتهازية والمحسوبية.

رسائل التهديد لغة أصبحت مباحة في العراق والكثير من ساستنا لا يملكون غير لغة الوعيد والتربص بالآخرين.. لكن هل يجوز لمسؤول بحجم رئيس مجلس النواب أن تكون وسيلته الوحيدة للتفاهم هي مطاردة الخصوم وتشكيل أفواج شرطة للقبض عليهم؟، حين يحدث كل هذا فأننا نتحول من دولة شعارها القانون إلى دولة تحكمها شرطة الحلبوسي.

لعل الملاحظة الأساسية في معركة مجلس النواب، تؤكد أن التعديلات التي أقرها البرلمان فاشلة وهناك رفض شعبي لها، فكان لا بد من أن يلجأ السيد محمد الحلبوسي إلى أسلوب الصدام المباشر.. ولعل ما طالب به النواب المعترضون أمس من خلال وسائل الإعلام هو أن يكون هناك تصويت حقيقي وعلني على القانون وأن يعرض للاستفتاء الشعبي وهو مطلب لجميع العراقيين.. جميل أن يلعب محمد الحلبوسي دور محرر البلاد من المعترضين على القانون، ولكن أتمنى أن يجيب العراقيون جميعاً؛ من أين له كل هذه المليارات التي يبني بها القصور؟، وكيف تسنى له الاستيلاء على كل هذه الأراضي؟.

يسعى البرلمان بقيادة السيد الحلبوسي إلى أن يهرب بسفينة الوطن إلى المجهول ف، يتجاهل الاحتجاجات، محاولاً أن يوهمنا جميعاً بأن معركة العراق الحقيقية ليست، مع الخراب والوصولية ونهب البلاد، وإنما في اقرار قانون يعيد البلاد الى نقطة الصفر.

***

علي حسين

في المثقف اليوم