أقلام حرة

صادق السامرائي: متى بدأت الفتنة؟!!

هذا إقتراب مبني على قراءة نفسية بحتة ومكثفة، يحتمل الخطأ والصواب، وسأبدأ بخطبة الوداع التي فيها ما يشير إلى أن هناك بوادر فتنة حذَّرت منها الخطبة.

"أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة، فليؤدّها إلى مَن ائتمنه عليها...."

مستهل الخطبة يقر بوجود أسباب فتنة، قد تندلع بين المسلمين في أي وقت، ولهذا جاء التركيز على حرمة الدم والمال بينهم، أي لا حرب عليها أن تنشب بين المسلمين.

يعد وفاة النبي، وإجتماع سقيفة بني ساعدة، كانت فيها عناصر لفتنة طاحنة فأخمدت، وكما قال عمر بن الخطاب "كانت فلتة" توقى فيها المسلمون من فتنة نكداء، وطاقة التفاعل المحتشد تحقق تصريفها بحروب الردة،  وبهذه الحروب ربما نجا أبو بكر من القتل، أو الإغتيال الحتمي، لأن نيران الفتنة بقيت متوقدة تحت الرماد.

"وخفت عليهم الفتنة"، هذا ما ورد عندما عهد بالخلافة لعمر بن الخطاب من بعده.

ومقتل عمر بحد ذاته كان تعبيرا عن كوامن الفتنة، التي تأججت بين المسلمين وأصبح التعبير عنها يتطلب سفك الدماء، ولمقتله تعددت الأسباب والروايات، والمرجح أنها مؤامرة من قبل الذين قمع رغباتهم، فوظفوا مَن يقتله.

وبلغت الفتنة ذروتها بعد مقتل عثمان، وتواصلت حتى توِّجَت بمقتل علي، وتواصلت في حروب المسلمين مع المسلمين في الدولتين الأموية والعباسية، فقتل المسلمون من المسلمين مئات الآلاف، لأسباب سياسية ولتنازعات على السلطة.

ولا تزال الفتنة بين المسلمين جارية ومتوقدة، ودخلنا في دوامات التكفير، التي هي صنو ذريعة الزندقة، التي حمل لواءها الخليفة العباسي المهدي وإبنه الهادي حتى أوقفها هارون الرشيد.

وكأن الفتن والإضطرابات من ضرورات تواصل الدين وتمدده في الدنيا، والقول بأنكم أمة واحدة والإعتصام بحبل الله ولا تفرقوا، أشبه بالخيالات أو مطاردة السراب.

فهل مَن لديه القدرة أن يجزم متى بدأت الفتنة؟

وهل مَن يستطيع أن يؤكد أن المسلمين أمة واحدة؟

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم