أقلام حرة

صادق السامرائي: روح الحديبية!!

في العام السادس للهجرة عزم المهاجرون والأنصار أداء العمرة، وكان عددهم (1400)، فاعترضتهم قريش القوية، وبعد مداولات ومفاوضات إنتهى الموقف بتوقيع إتفاق سمي (صلح الحديبية).

ويُقال أن النبي (ص)، قال لعلي بن أبي طالب: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال ممثل قريش: لا نعرف الرحمن، فليكتب بإسمك أللهم.

فقال: أكتب بإسمك أللهم

ثم قال: أكتب محمد رسول الله.

فقال ممثل قريش: لا نعترف بأنك رسول الله

فقال: أكتب محمد بن عبد الله.

وبعد توقيع صلح الحديبية ومدته (10) سنوات، غضب الكثير من المهاجرين والأنصار، ولكنهم أدركوا قيمة الإجراء النبوي بعد وقت.

الحكمة في السلوك أن عدوك عندما يكون قويا، عليك أن تكون حليما ذكيا متعقلا، لحين تمكنك فتقدر عليه.

وفي السنة الثامنة للهجرة فتحت مكة.

ومنذ ذلك الصلح وحتى اليوم لم يستوعب العرب والمسلمون روح الحديبية، وهيمنت عليهم التفاعلات البالونية والتصريحات الهذيانية، وما تعلموا مهارات إكتساب القوة وتنمية الإقتدار بأنواعه، مما تسبب بإنهيارات كبيرة في مسيرتهم.

فالقوة بحاجة لعقول فاعلة متفاعلة، وقيادات باصرة متعقلة، ذات إرادات إنسانية حضارية، تجيد تعدين النفوس وإستخلاص معادنها النفيسة؟

ومن الواضح أن المسلمين إستهلكوا أوقاتهم في التأويلات الفارغة،  اللازمة للإستنزاف الذاتي والموضوعي، وتعزيز الفرقة والتناحرات البينية القاهرة للخطو نحو الأمام.

وواقعنا المعاصر يؤكد إنغماس دول الأمة في منحدرات التبعية والخنوع، والهوان المؤذي لجوهر الروح والنفس، وما إستطاعت التحرر من أصفاد الإنهراس في طواحين الغاب الفتاك.

فهل ستفعِّل عقول أبنائها؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم