كتب واصدارات

حسن حصاري: شامَةٌ في وجْهِ البَياض.. أحدث اطلالة للشاعرة مليكة فهيم

عن " دار أكورا للنشر والتوزيع - المغرب "، صدر حديثا، مجموعة شعرية جديدة، بعنوان: " شامة في وجه البياض " للشاعرة مليكة فهيم.

تقع المجموعة في 97 صفحة من الحجم المتوسط. تتوسط الغلاف لوحة "جاكلين مع الزهور" لبابلو بيكاسو.

المجموعة الجديدة، تكتسي لغة شعرية تمشي على الحافة، حيث تغوص الذات الشعرية في مياه ذات متوجسة، تعيش عزلتها واغترابها، فتنسج تفاعلاتها في نهر المريب والغامض والمستحيل. لغة تسلط الضوء على الذات، وهي تحاول رصد انعكاسات العالم في مرآتها، حيث تبزغ المفارقة الأنطولوجية والأسئلة الوجودية: قلقة، متشظية، متنافرة، تمنح السؤال صيغته الإشكالية. فكما تقول الشاعرة:

وأنَا أرِيد أن أَقْبِض

عَلى الكَلِمَة قبْل أن تَلْتَبِس،

لأصْنَع منْها حَقيقَةً مخاتِلَة

أسْتَنْجِد بحُنُوِّ النَّوافذِ المُوصدة

وهيَ تُديرُ ظهْرها

تتقافَزُ الصُّور العالِقَة

وَكُلَّمَا اجْتاحَني الارْتِياب

تُنْجِبُني اللغة

أتَمَدَّدُ على عُشْبِها الغَض

أعَانِق كَذِبَها الحَقيقي

أسَلِّط عليْه مَدَّ الفُقاعَات

الصاعِد نَحْو السَطْح

وأتْرُكهَا تُرتِبُني.

عموما، فنصوص المجموعة، تصنع شروطا ممكنة لإقامة شعرية، تمزق نسيج الكلام وهي متجهة نحو غواية البوح، تحكي أسفارها بخفة مرهفة، تنتصر للذات الموشومة بأسرارها وعطاياها، وبإيماءاتها ومصابيحها الخافتة، ومناجاتها العميقة، حيث ينهض القول الشعري أيضا، على الذاكرة والسفر الفكري والروحي والتخييلي، وتصادي النصوص الغيرية التي تعجنها الشاعرة، لتعيد بناء صورة الذات، تجسيرا لتشييد إشراقة هوية شعرية تراقص إيقاعات الذات والآخر، المحتمل والمستحيل، الداخل والخارج، المرئي واللامرئي، فتخلق الدهشة.

فحسب تعبيرها في مقاربة لغتها الخاصة تقول:

تدفُق اللغَة الباهتة بين أصَابعي

وعُزلتي أينما ولت وجْهها

فثمة موْج أملس

يرسُم خطوي المُثقل بِالشقوق

وعَواء يرثي جُثتي

يُرثق أزْرار قميصِي

بِرهافةٍ كريح

إن المجموعة الشعرية (شامة في وجه البياض)، وكما يقول الناقد محمد علوط في ورقته النقدية الصادرة بالملحق الثقافي لجريدة الإتحاد الاشتراكي بتاريخ: 7 يونيو 2024  " تنتسب هذه التجربة الى المجال الرحب لقصيدة النثر، ودونما ادعاء تنظيري فان السياقات التي تلجأ فيها الشاعرة الى اللغة الميتا شعرية، (الحديث الجواني عن الشعري داخل الشعر) لا تعكس ولعا ولا هوسا بجعل الكتابة الشعرية مصادرة على انتساب معلوم ومحدد. كل سياقات اللغة الميتا شعرية في هذه التجربة الإبداعية، تعكس مسار كتابة شعرية منشغلة بإعادة بناء صورة الذات في مرايا عالم من التشظي والانكسار والمحو والزوال .."

***

حسن حصاري

في المثقف اليوم