حوارات عامة

القاص المغربي حسن برطال... في ضيافة المقهى؟؟!

مستمر عن لغة وأحداث مميزة لتأثيث قصصه القصيرة جدا، ولأنه يؤمن بحضور المقهى في النصوص الأدبية كان الحوار التالي...

 

 سؤال لابد منه، من هو حسن برطال؟

-هو جندي مجهول يبحث في أركيولوجيا الزمن للتنقيب عن رفات جسده بنفسه لتصحيح تاريخ ذاته اعتمادا على إزميل الكتابة (القلم) وتوابل التحنيط (الحبر والمداد) بعيدا عن البيبلوغرافيات التي لا تصلح أحيانا سوى لتأتيت محمية المسار الإبداعي وهذا تحامل و احتيال إن لم أقل نصبا على مستهلك (القارئ) لمواد غدائية روحية تسمى الثقافة.. ولهذا أرفض أن أكون طرفا في قضية ليسقط اسمي من لائحة الجناة وأجده في ذاكرة الضحية (المتلقي) ../

 

متى جئت إلى عالم الإبداع والقصة بشكل خاص؟

-أتيت إلى عالم الإبداع كسائر الكائنات (الحية و الجمادية) مند لحظة الولادة ..لحظة تماس الروح مع هذا الكون .. أليس (الكون) هو أعظم إبداع رباني ..؟؟ الطبيعة بأشجارها وجبالها، أليست أجمل وأضخم لوحة تشكيلية..؟؟ شدو العصافير وخرير المياه أعذب الألحان والقصائد إننا نولد بحس إبداعي بجميع أجناسه لكن المِؤترات الخارجية هي التي تغير المسار ..أليست صرخة الوليد بإيقاعها الذي يطرب عالما من حوله أجمل إلقاء للكلمة الهادفة وصعلكة متمرد على وضع ما ..؟؟....... أنا أيضا ومنذ هذه الصرخة كان التأريخ لمرحلة بدايتي مع الإبداع.../

 

ما هو الدور الذي تلعبه الملتقيات الأدبية في مسيرة المبدع؟

-عندما نتكلم عن الملتقيات ، فكأننا نتكلم عن الوحدات (السكنية) والتي لا يستطيع أي مخلوق أن يعيش في معزل عنها بدافع الروابط والمشتركة لحماية الذات وعدم نفيها في زمان ومكان غير ملائمين لطبيعتها نلاحظ بأن (النبات) ينشأ غابة ليحيا في أشكال متجانسة .. الحيوان يعيش في قطعان متجانسة .. الطيور لها أسراب ..... الملتقيات هي محمية (المثقف) حيث وحدة الدين  (الإبداع) و اللغة (الهوية)  وخارج هدا التكثل يصبح واحدا من (أهل الكهف) يعيش غربة وجودية بدون اتصال وتواصل مع العالم من حوله .. لا لغة مشتركة .. لا منظور فلسفي موحد .. لا أهداف .. لكن من خلال التجمعات الثقافية يشعر هذا الكائن بآدميته و كينونته حينما يغرد داخل سرب من فصيلته وهذا هو المكسب الرئيسي للمثقف ..

 

ما هي طبيعة المقاهي في الدار البيضاء وهل هناك مقاه ثقافية؟

-الدار البيضاء مدينة اقتصادية قبل كل شيء .. بالمفهوم الأنطلوجي لكلمة اقتصاد وكل مقهى فيها يمثل لي مكانا لتناول الوجبات الغدائية واحتساء المشروبات ليس إلا .. في نظري لا وجود لمقهى أدبي على الإطلاق ولا يحق لكلمة (مقهى) أن تلتصق بكلمة (أدب) اللهم أدب الأكل والتربية على الحمية (الأدبية) .. فمن طبيعة الحال هنا لا أتكلم عن المقهى كبرنامج ثقافي من خلال أمسيات متقطعة و لكن الأهم هو كفضاء على مدة أسبوع .. شهر وسنة ..لأن الإبداع هو روح ملهمة ينفخ فيها الوحي من عبقه وهذا لا يتأتى إلا في خلوة الأمكنة و قدسيتها وعذريتها كالكهوف والمغاور كما هو الشأن بالنسبة الرسالات السماوية حيت  السكينة والاطمئنان بعيدا عن مرج وطنين الكؤوس وزرع بذور على بساط الموائد ينبث (كلام مقاهي) .. وسط هذه الأوضاع إن رأت العين قارئا فما هو إلا (قارئ فنجان).. وإن رأى (سطرا) فما هو إلا سطر من (النفحة) على ظهر اليد صالح للإستنشاق وليس سطرا بخط اليد من الكلمات ../

 

هل هناك علاقة بين المبدع حسن برطال والمقهى؟ وهل سبق وجربت جنون الكتابة بهذا الفضاء؟

-علاقتي بالمقهى لا تتجاوز مفهوم (الموقف) أو (السوق) حيث أجد شخوصي المياومين .. وأبتاع بضاعتي .. المادة الخام التي تتحول فيما بعد إلى ق ق ج مرعبة .. في عين النادل الشاحبة أتصيد المعاناة .. وفي الكلام المعسول أكتشف جرائم النصب والإحتيال.. وفي رماد المنفضات و بقايا السجائر أكتب عن السعال (الديكي) والسل ..أعترف شخصيا أنني لم يسبق لي أن مارست جنون الكتابة بمقهى ما بسبب تمرد الوحي و تكسير الإندماج الكلي مع الذات ../

 

هناك من يعتبر المقهى فضاءا ملائما للكتابة والإبداع ما رأيك في ذلك؟

-أنت تعرفين بأن كل فضاء مسيج بجدران زجاجية براقة و شفافة تكشف هويتك للآخر..وبألوان زاهية كالمصابيح مثلا تراقص الرؤيا لا يمكنها احتضان (رسالة) بمفهوم عام  لأن كل هذه الأشياء تقود إلى تكسير الاندماج الكلي  والحيلولة المطلقة .. وصد الوحي والإلهام .. وبما أن الإبداع رسالة فلابد له من خلوة المكان وبساطته .. الكتابة في المغاور والكهوف حيث الوجه المتخفي من الوطن.

 

ماذا تمثل لك: القصة، الطفولة، المرأة؟

-القصة :  حــــدث

الطفولة : فترة زمنية تقدر بربع ساعة

المرأة : كائن حي خرج من رحم الرجل

 

كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟

-حينما أومن بأن ممارسة الثقافة بالمقاهي أصبحت واقعا ..وتلتصق كلمة (المقهى) ب (الأدب) في مخيلتي ويحمل الفضاء أسماءا أدبية بدل تكريس ثقافة الإستيلاب (مقهى طورينو / مقهى ميلانو) وحينما يتحول (الرواد) إلى رواد حقيقيين يصنعون من هموم الناس كتابة تقرأ  بدل الكتابة عن الهموم والاستمتاع بسيرة ذاتية لجسد أنتوي يمر خلف الزجاج ..أنداك أتكلم عن مقهى أدبيا نموذجيا ../

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1270 الاثنين 28/12/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم