اصدارات المثقف

المتخيل التعبيري للدكتور نادر احمد عبد الخالق اصدار جديد عن مؤسسة المثقف العربي

صدر عن مؤسسة المثقف العربي سيدني / استراليا و دار العارف بيروت / لبنان كتاب:

المتخيل التعبيري .. دراسة مقارنة فى الصورة والقصيدة

لـديوان: أدخل جسدى أدخلكم (صورة وقصيدة) للشاعرة وفاء عبد الرزاق أنموذجا للدكتور نادر أحمدعبد الخالق.

يقع الكتاب في 264 صفحة من الحجم المتوسط، تناول فيه المؤلف ديوان الشاعرة وفاء عبد الرزاق:  أدخل جسدي أدخلكم، الصادر عن مؤسسة المثقف العربي، بالنقد والدراسة لنصوصها الادبية، التي اقترنت بصور، انبثقت عنها قصائد تأملية للاديبة وفاء عبد الرزاق.

يذكر ان الدكتور نادر احمد عبد الخالق، متخصص بالنقد الأدبي في جامعة الازهر، وقد صدر له عدد من المؤلفات، كما له حضور أدبي واسع من خلال مشاركاته في الندوات والمؤتمرات، وما يكتبه في مجال تخصصه في الصحف الورقية والألكترونية.

وقد لخص الناقد آراءه عن الكتاب بما يلي:

كلمة أخيرة

 ديوان " أدخل جسدى أدخلكم " للشاعرة وفاء عبد الرزاق يضم مجموعة من الأفكار والموضوعات التصويرية التى لم تبعد عن مكاشفة الواقع وطرح إشكالياته العديدة، فى محاولة للتجديد التعبيرى وطرح الصورة الشعرية من منظور مختلف، واتسم الديوان فى عمومه بالتنويع فى الشكل الذى ورد فيه النص، فرأينا المطولات الشعرية التى تقترب من الملحمة، ورأينا النص المقطع ورأينا النص المركب من الذات والنفس، كل هذا فى إطار الفكرة التصورية التى تتعلق بعملية التقابل الفوتغرافى بين حالتين من التصوير الأولى بصرية مرئية والثانية لغوية وجدانية، ويمكن حصر بعض النتائج والسمات التى انتهت إليها تلك العملية الإبداعية التى التقت فيها الصورة الفوتغرافية والصورة الشعرية بطريق المقارنة والتحليل للمتخيل التعبيرى وهى كما يلى:

1- التوافق اللغوى بين النصين وكأن الدلالة قائمة على بعث المتخيل الأول والثانى فى رسالة شعرية ذاتية، مما أدى إلى استلهام الواقع وأنماطه وإشكالياته فى إطار الصورة المركبة، وجاءت الموضوعات رغم خصوصيتها التعبيرية مليئة بقضايا وأمور الحياة الخارجية .

2- الوحدة الموضوعية بين الصورة الفوتغرافية والصورة اللغوية وانعكاساتها نفسيا فى الدلالات النصية والجمل والتراكيب، ومن ثم الاعتماد على الاستعارة البيانية، ذات التركيب الرمزى رغم وجود الرغبة فى مصارحة الواقع والانفعال به موضوعيا وفنيا، والاستفادة من دلالات التأثير المباشر فى الواقع وتوظيفه بطريقة تجمع بين نصين مختلفين فى الأداء والتكوين .

3- الاعتماد على عنصر القص والسرد بطريق الحكى المباشر والرمزى، وتقديم الصورة الفوتغرافية فى سياق النص الشعرى من زوايا مختلفة فكرا وتمثيلا.

4- غلبة النزعة الوجدانية والشعورية الغنائية على جمل النصوص، مما ساعد فى تقديم الدلالة الناتجة عن فكرة التصوير وترجمتها شعرا إلى وقائع وأحداث وقضايا موضوعية مصيرية وهموم سياسية واجتماعية .

5- الجانب الإنسانى الذى انطلقت منه الفكرة الأصلية فى ترجمة النص المصور بالألوان والظلال إلى ألفاظ وجمل وعبارات، دون أن تختل الوظائف النفسية ودون أن تسبق الفكرة التعبير أويكون التأثير هو الأداة التمثيلية الأولى .

6- غلبة التيار الفلسفى أحيانا على معالجة الموضوعات ذات الصلة بالنفس وذات الانفعال الوجدانى، وكانت فى أغلب الأحيان بديلا عن السؤال الضمنى الذى يتوارى خلف الصورتين.

7- الجسارة فى شرح وتفسير التفاصيل الدقيقة للصورة الفوتغرافية ونقلها شعرا، ومن ثم ترجمتها إلى صور جزئية وكلية ذات دلالات استعارية وبيانية بعيدة التأويل والتعليل.

8- الاعتماد على الألوان والظلال كمسوغات تعبيرية تترجم من خلالها الفكرة الموضوعية فى النص الفوتغرافى، ومن ثم تحويلها إلى صور بيانية مركبة تساعد فى شرح تفاصيل النص وتقدمه فى عدة اتجاهات .

9- سرد الصورة وفض تراكيبها بطريق القراءة الشعرية، مما جعل النص فى معظمه ينحو فى اتجاه القص الدرامى كما جاء فى قصائد " ذهب وفاتحة، وكم كان غيبا، ورنين مشلول، وخارطة مذنبة، وإلى رائحة التراب، وصدر التراب زجاج " خاصة عند مطابقتها بالصورة الفوتغرافية والوقوف على بناء المتخيل الناتج عنهما.

10- التشكيل بواسطة الرمز والاعتماد عليه فى نقل الفكرة المركبة من الألوان والظلال والتشخيص، إلى الفضاء الشعرى والنفسى والجمع بين الاتجاهات التعبيرية والموسيقية فى صور شعرية .

11- وأخيرا جاءت هذه الدراسة كمحاولة لفتح حوار جديد مع المثقف العربى العام والمتخصص، حول إمكانية طرح النص فى منطقه الجديد، دون حصار من قيود أوهيمنة المدارس التقليدية التى سيطرت على النقد واتجاهات النص كثيرا، وكذلك القراءة الموضوعية التصويرية من خلال تعدد وتنوع الصورة وانتقالاتها حسب الإيقاع الداخلي للنص والفكرة والتعبير، ومن ثم طرح ومناقشة المتخيل النفسي والفكرى والموضوعي والاجتماعي للواقع والحياة العربية الخارجية التى نحياها بعيدا عن الذاتية والفردية، كما قدمت لنا وفاء عبد الرزاق في ديوانها التصويرى "أدخل جسدى أدخلكم" - صورة وقصيدة - الذى حلقت فيه فى أجواء الماضي والحاضر والواقع والمستقبل، تستعرض العديد من القضايا والأفكار من منطق التجسيد الوجداني، بواسطة الصورة الفوتغرافية وترجمتها إلى نص شعرى يمتاز بغنائه وتكثيفه وشموليته ومناقشته لواقع تتشابه فيه المعالم العربية والإنسانية، ويبقى التساؤل قائما هل يستطيع المتخيل الفوتغرافى تمثيل الواقع ..؟؟ وهل تتطابق الوسائل الفوتغرافية مع الوسائل التعبيرية البيانية فى النص الأدبى؟؟ وماالنتيجة الموضوعية والفنية التى تترتب على بناء الفكرة التعبيرية فى الصورة الشعرية بواسطة الصورة الفوتغرافية ؟؟.

مهما كانت النتيجة التى يمكن استخلاصها من ذلك ومهما كان الاختلاف أوالاتفاق حول هذه التساؤلات، فإن الاعتماد على الصورة الفوتغرافية فى بناء المتخيل التعبيرى الأدبى يعد من ملامح التجديد فى التجربة الشعرية المعاصرة، ويعد اختزالا كبيرا لفكرة التعبير بالرمز، لأنه يجعل من التكثيف فى النص الأدبى مرحلة لاينتهى مدها ولاينتهى تأثيرها فى المتلقى نظرا لفكرة التركيب التصويرى البيانى والبصرى القائم على الألوان والظلال، والمتأمل فى وجهة النظر العربية، عند النقاد القدامى " القاضى الجرجانى، والقرطاجنى، والجاحظ وعبدالقاهر الجرجانى" وغيرهم يدرك كثيرا من الرؤى التقدمية التى استوعبت النص والتجربة، وجعلت من الصورة محورا للتعبير والتخييل ومدارا تنطلق منه القيم الجمالية والموضوعية والفنية، وقد قامت الدراسة النقدية التحليلية فى الديوان على تحليل الصورة بواسطة إيقاعاتها الداخلية والخارجية الموضوعية والفنية، فكانت هناك اللصورة الافتتاحية الأولى، والصورة الموضوعية الثانية، والصورة الختامية الأخيرة، وأعتقد أن دراسة النص المركب من المتخيل الفوتغرافى والبيانى الشعرى، لايمكن أن تفك طلاسمها بعيدا عن إيقاع الصورة وتنوع هذا الإيقاع والوقوف عليه فى مستوياته المختلفة، وأخيرا فإن ديوان " أدخل جسدى أدخلكم" – صورة وقصيدة – لوفاء عبد الرزاق يجتاز مرحلة من التعبير فى الشعر العربى ويفتح آفاقا من التأويل الدلالى أمام النقد المعاصر ويجعل التجربة الشعرية ذات خصوصية مركبة من التمثيل والتعبير فى مظاهر تعبيرية واستعارية عديدة .

 6 - 4 - 2012

في المثقف اليوم