آراء

العراق.. وأبعاد المؤامرة الخبيثة

مهدي الصافيكمن يرمي حجرا وسط بركة ماء، تتناثر اشلاء العراق كجسد ميت سريريا، بين الرغبات والاملاءات الامبريالية الرأسمالية، التي لاتريد ان تشاركها القوى الاقليمية بتلاقف اي اجزاء من هذا الكنز الكبير المجهول المالك، فلا السياسيين، ولا الشعب قادرين على حماية حدود وثروات وابناء وارض هذا البلد بصورة دائمة، وبين الفساد والفشل وقلة خبرة وكفاءة الموظفين والمقاولين والسياسيين تتلاعب مافيات الفساد وتجار الحروب، بحياة واموال اعادة الاعمار والتنمية، كأمواج البحر الهائج، لا يرى من خلال هذا التموج والتلاطم والتصادم والانهيار غير الانفاق المظلمة، التي دخلت فيها جميع مكونات الشعب، فالرؤيا التنموية غائبة تماما، فضلا عن عدم وجود اية خطط وبرامج مستقبلية واضحة، لايستثنى منها اي من القطاعات والمجالات المهملة في الدولة، اي بعبارة اخرى، اذا قلنا ان عدم تشخيص الامراض تعني بالتأكيد انك لاتملك حلا حتى لو كان سحريا لمشاكلك المتفاقمة، ولعل من اهم عوائق اعادة بناء الدولة والمجتمع بطريقة سليمة هي كما نعتقد متمثلة بعدة نقاط منها..

اولا:الفشل والفساد السياسي وقلة خبرة وفعالية السلطات والهيئات العامة المستقلة بما فيها الرقابية وعلى رأسها السلطة القضائية.... وهذه الامور ترجع ايضا لضبابية الدستور، وعدم وجود المواد الواضحة والصريحة والشاملة المعالجة لتلك المجالات والمؤسسات الفعالة التابعة لها، ومنها ماهو متعلق بعمل تلك الهيئات المستقلة، وبطبيعة النظام السياسي، والقوانين المتعلقة بالحد من الفساد...الخ.

ثانيا:العمالة والتجسس للاجنبي او للدول المجاورة، والخضوع والرضوخ للاملاءات والرغبات والمطالب الخارجية، وذلك راجع لعدة اسباب منها مادية واخرى عقائدية او اثنية...الخ.

ثالثا:التخلف والجهل والطبيعة القبلية والعشائرية للمجتمع، والزحف الريفي للمدن، والتركة الثقيلة السابقة (الفقر والعوز، والامية، ونقص الشخصية، والامراض الاجتماعية النفسية، وحالات التوحش المتزايدة بفعل الطبيعة القروية للمجتمع، وتراكم الازمات، والظلم والاستبداد، والحروب، الخ.) من الانظمة الشمولية البائدة...الخ.

رابعا:عدم وجود حزب او تيار او نظرية سياسية نخبوية لادارة العملية الديمقراطية والدولة والحكم، تلم شمل الامة، وتنقذها من حالة التشظي والتشرذم والتفكك، لتساهم ببناء دولة المؤسسات الديمقراطية الوطنية، التي لابد ان ينصب اهتماماتها المباشرة في التنمية والتطوير والبناء والعمل والامن والاستقرار والازدهار، الخ.

مرت مراحل تدمير العراق بطريقة متدرجة لكنها محكمة في الاعداد والتطبيق والتنفيذ، ادخل في اربعة ازمات، هي حرب الاكراد اواسط القرن الماضي، حرب الثمان سنوات مع ايران١٩٨٠-١٩٨٨، حرب احتلال وتحرير الكويت١٩٩٠، الحصار الاقتصادي واندلاع انتفاضة شعبان ١٩٩١، حرب الخليج الاخيرة اي احتلال العراق٢٠٠٣، هذه المراحل الاربع، مرت في بادئ الامر بأزمة شط العرب واتفاقية الجزائر١٩٧٥، ثم اخذت من خلال تسارع الاحداث من قبل الادارة الامريكية الى محور اخر، اصبحت منطقة الشرق الاوسط فيما بعد الصنم العالمي، الذي يجب تدور حوله مشاكل وازمات الهيمنة وصراع الاقطاب الدولية، والحروب الباردة، بدأت مع عملية اسقاط نظام شاه ايران، والمساعدة بقيام ثورة فوضوية عارمة هناك (كما كان مخطط لها ان تكون)، ثم القيام بتقديم شتى انواع الدعم للجماعات العلمانية والمتطرفة، وبالاخص الدعم الاعلامي والمالي والاستخباري، وبفتح منافذ توفير الاسلحة والمتفجرات، تماما كما حصل في العراق بعد٢٠٠٣، فشلوا في ايران حتى مع وجود فتنة الحرب العراقية-العربية الخليجية (عدا سوريا) من جهة مع ايران١٩٨٠، ولكنهم نجحوا اخيرا في العراق، بأشعال فتنة طائفية كبيرة في المنطقة، امتدت كما روج لها مسبقا على طول الهلال الشيعي، من المحيط الى الخليج العربي-الفارسي.

هذه المؤامرات مع وجود الانظمة العربية الشمولية الدكتاتورية الفاشلة، زادت من معاناة المجتمعات العربية وجعلتها خاوية فارغة منكسرة، حتى مع ذهاب الدكتاتوريات ومجيء الربيع العربي، لم يتمكن العرب او النخب منهم من اعادة بناء دولة المؤسسات، بل ظهرت كأمة محطمة منهكة متعبة مشلولة، عاجزة عن المبادرة والانجاز، تحمل معها دائما هموم واثار ونتائج قرون من الفشل المتراكم، وحالة من الازدواجية والتناقض الفكري والثقافي والديني والاجتماعي، كل شيء في حالة تقهقر وتراجع، يطحن ماضيها حاضرها، حتى المنجزات العظيمة للحضارة العربية اخضعت بطريقة متخلفة لاسلوب التناقض والنقد السلبي، لايعرف من هو العالم او المفكر، رجال الدين اوعلماء الطبيعة من الاذكياء العباقرة، كل صغيرة وكبيرة في هذه الامة كانت تخضع لمقياس الدين، وكانها محاكم التفتيش الفقهية، تغربل حياة وتفكير وابداعات وفطرة الناس على اساس الحلال والحرام، والجائز اوالمباح (الخ).

سارت الشعوب العربية مع حركات التحرر العالمية اواخر خمسينيات القرن الماضي، مع الاحزاب والافكار الشيوعية والماركسية نحو الحلم والطموح المنشود، لترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية وانقاذ الطبقات المسحوقة في المدن والقرى والاحياء الهامشية، الا انها اصطدمت بالانقلابات العسكرية، ورد فعل المؤسسات الدينية المتطرفة، التي حشرت انفها في السياسة، ثم انسحبت امام القوى والاحزاب والشعارات القومية، وكأن قدر هذه الامة ان تغلق بوجهها جميع الابواب وشبابيك الحرية، وتمنع عنها بالقوة سبل الخلاص من قيود التراث والمحرمات الارضية، هذا التراكم الكبير لقصص الانهزام والانكفاء والتراجع والانطواء او الانغلاق الداخلي، ليس قصور في مستوى العقول او النخب او الاخلاق والثقافة والارث الحضاري، انما هي منغصات دخيلة لكنها عميقة التأثير، وكأنها بحجم كتلة هائلة من التعمية التاريخية وضعت امام المجتمعات العربية، وامام حركة العقل الجمعي المحاصر، فقد تم رفع الدين من مكانه الطبيعي، وضروراته الانسانية والاخلاقية والروحي، ووضعه تحت سلطة الطاغوت واجنحته او اذرعه الطويلة والقصيرة، فتحولت توجهات وتطلعات الامة نحو الانكماش التاريخي، بالعودة لنبش اغوار الماضي، واخراج كل مافيه من الحشو واللغو والدس والكذب وثقافة الاحقاد والفتن والارهاب، فصار الانسان العربي مشغولا بالخلافة الراشدة اكثر مما يجب ان ينشغل به، كبقية شعوب العالم اليوم، من اهتمامات كبيرة وواسعة لديها بعالم التكنولوجيا وتقنية المعلومات الدقيقة المتطورة، في تراجع ملحوظ في مستوى التعليم والثقافة والوعي والتفكير السليم، تتحمله جميع الاوساط والنخب والطبقات الاجتماعية والسياسية والدينية، هذه المراحل التخريبية لاتنتج مجتمعات عاقلة او منتجة، انما تنتج مجتمعات اتكالية كسولة، غير قادرة حتى على استصلاح الاراضي وزراعتها، فكيف بما مطلوب منها ان تكون اقرب لسرعة قطار الحضارة العالمية كي تحجز مكانا لها ولو بعد حين...

ابعاد المؤامرة في المنطقة متشعبة ومتداخلة وموزعة في اكثر من اتجاه او محور، الا ان بؤرة المؤامرة ونواة عملها العراق، تأخذ احيانا ابعادا دموية عبر اثارة وإشعال الازمات والحروب والفتن الداخلية كما ذكرنا، واخرى مادية لاستنزاف موارد الشعوب وامتصاص خزينها الاستراتيجي ومواردها الطبيعية، بعقود فاسدة ضررها اكثر من نفعها، كعقود الاستحواذ (العقود النفطية المجحفة، كعقود مابعد ٢٠٠٣المسماة عقود الخدمة او الشراكة الغير متكافئة)، وضخ القروض السيادية، وارتهان الدولة للشركات والمقاولين والاحزاب الفاسدة لمشاريع وهمية،، فقد جربت تلك الدول هذه الاليات الخبيثة لاركاع الشعوب وتحطيمها وارجاع عجلة التقدم (البدائية اصلا)عندها الى الوراء، كما حصل بإغراق البلاد بالديون اثناء الحرب العراقية الايرانية، ثم قامت بعد ذلك بتدمير وتحطيم استقرار السوق النفطية، (بخفظ اسعار النفط لمستويات متدنية قياسية بعد انتهاء الحرب)، مما دفع بالاحمق صدام ان يغزوا الكويت متهما هذ الجار المشاكس، والصديق القديم له، بتعمد ضخ النفط خارج اطار الاوبك لتقليل الاسعار، والتأمر للاطاحة بنظام حكمه، الخ.

لهذا نرى بوضوح تكرار نفس سيناريوا التخريب والتدمير التدريجي للدولة والشعب، بأتباع ذات الاسلوب والتجربة الخبيثة السابقة بعد ٢٠٠٣،

فالعالم بأكمله تقريبا يتحدث عن حجم الفساد الهائل الذي اكل الاخضر واليابس في بلاد الرافدين، الا البنك وصندوق النقد الدولي، وبقية الدول الاقتصادية العظمى، تتعمد تقديم القروض بفوائدها الميسرة كما تدعي، بغية استنزافه وزيادة الفساد في مؤسساته وطبقاته السياسية، كي تصبح في نهاية المطاف معاول هدم للدولة، لتفتيت وحدتها وتقسيمها الى عدة دويلات متصارعة متناحرة فيما بينها، من خلال مايتم اصداره من تقارير مغلوطة عن النمو الاقتصادي، وانخفاض معدلات التضخم، من اجل تبرير فتح خزينة القروض لهذه الكتل السياسية الفاسدة المهيمنة على الوضع السياسي العام، وجميع مفاصل الدولة، ولعل العالم ايضا يعلم ان دول الاتحادات السابقة كيوغسلافيا، والاتحاد السوفيتي، ودول المعسكر الاشتراكي، كلها تفككت ودخلت في دوامة الازمات الاقتصادية، وتشتت شملهم ووحدة اراضي دولهم واتحاداتهم وانتماءاتهم لاسباب مادية ومعاشية خانقة، لم تتمكن الشعارات والافكار والنظريات العائمة من انقاذهم من الانهيار والفوضى الحكومية المركزية، فغياب التنمية الاقتصادية وزيادة نسبة الفساد تعمل وتؤثر بطريقة مباشرة على وحدة المجتمع وتماسك الدولة، من هنا نجد ان وتيرة الاخفاقات والانتكاسات والمخاوف المتزايدة تجاه احتمالية ان تنجح محاولات تقسيم البلاد في حالة تصاعد خطير، فالمؤشرات والخطوات والتصرفات السياسية العامة لاتبشر بخير، اذ لازالت البصرة تعاني من الاهمال والتقصير في معالجة ملف الخدمات والبطالة والفساد عموما، فهي واقفة فوق بركان الثورة ومؤامرات فدرلة المحافظات الجنوبية، هذه العوامل مع عدم وجود نيات خالصة ورغبات صادقة للاصلاح، وغياب الخطوات العملية الجدية بانجاح العملية الديمقراطية لدى المكون العربي السني، واعادة بناء الدولة العراقية وفق معاييرعقلية علمية لاعطاء فرصة الادارة والحكم لاصحاب الكفاءة والنزاهة، وليس وفق الاعتبارات العنصرية المتوارثة، والرغبات الطائفية البائسة، بالدعوة للعودة الى المربع الاول، الى اسلوب وسياسة التسلط والاستبداد، التي كانت معتمدة لعقود طويلة، مليئة بالظلم والاقصاء ورفض الاخر...

كذلك من ابعاد المؤامرة المحيطة بالبلاد، ربط مصيره ومستقبله بالازمة الامريكية الدولية مع ايران، وبالملف السوري الشائك، فالبعض يعتقد ان العمق والامتداد او التمدد الايراني الشيعي في العراق، وفتح ابواب الدعم المالي والعسكري واللوجستي الايراني لتشكيلات عسكرية شعبية عراقية متعددة(بمافيها بعض فصائل الحشد الشعبي)، يخلق اجواء امنية غير مستقرة في المنطقة، وكذلك يدخل بلاد الرافدين في الصراع الايراني السوري اللبناني من جهة مع دول الخليج، ومن جهة اخرى مع اسرائيل وامريكا، ولهذا بات يسمع في الاعلام عن بعض التسريبات والمخاوف من خطورة التحركات الامريكية التجسسية تجاه فصائل وقوات الحشد الشعبي، وكذلك التهديدات الاسرائيلية بتوسيع دائرة الاستهداف لتشمل الجماعات المسلحة المحسوبة على ايران, او المتورطة في الحرب الاهلية السورية، هذا فيما يتعلق بالملف الايراني الاسرائيلي وتاثيراته المباشرة على العراق، هناك ايضا توجهات غير واضحة تجاه ملف تقسيم سوريا، فيما لو لم تلتزم الادارة الامريكية بتنفيذ وعودها بالانسحاب والابتعاد عن المنطقة، وعادت من جديد للتورط بالازمة، بزيادة التوترات والخروقات الامنية سواء كان على طول الشريط الحدودي الفاصل بين سوريا والعراق، او بالاعداد لمخطط طويل الامد لمحاصرة ومحاولة اسقاط نظام الحكم في ايران، بغية تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد، لتفتيت الدول العربية الكبرى، (وكذلك محاولة تقسيم او تحطيم ايران)، وتقسيمها لدويلات صغيرة مضطربة، حيث هناك ترابط وثيق بين ازمات المنطقة تأريخيا، بمعنى اخر ان تقسيم سوريا يعني العبور لمخطط تقسيم العراق وبالعكس....

تتبنى الامبريالية الراسمالية العالمية عدة مبادئ استعمارية لاركاع وتدمير الشعوب، بفرض انظمة سياسية استبدادية، تعمل على كسر ارادة وشخصية الشعوب اولا، لتمرير المخططات والاجندات والمشاريع الاستعمارية العابرة للسيادة الوطنية، ومن ثم تبدأ مراحل الهيمنة والاستحواذ، بهذه الاساليب تم التلاعب بمصير النظام الايراني قبل الثورة الاسلامية، حيث عمد شاه ايران على سبيل المثال لكسر ارادة وشخصية المواطن الايراني، عبر الارهاب الامني، والفساد الاخلاقي والمالي، وكذلك فعلت وفقا للاوامر الامبريالية اغلب الانظمة العربية التي جاءت بالقطار الامريكي البريطاني(كنظام الاحمق صدام، والمخلوع حسني مبارك، والقذافي، وبعض حكام الخليج، الخ.)، بعد ذلك يتم تحطيم امكانات الدول المادية، وزيادة الصعوبات والاوضاع الاجتماعية السيئة، ، واشغال المواطنين بمصادر دخلهم اليومي او الشهري، حتى يتمكن شركاء عملية الهيمنة من احكام القبضة الحديدية على ثروات ومقدرات وارادات الشعوب المهشمة او المحطمة معنويا...

بات من الصعب معرفة اي من الخطوط او المحاور والتوجهات الاقليمية او الدولية الاكثر تورطا وانشغالا بالازمات الداخلية للبلدان العربية الفاشلة، فهؤلاء يعملون بلاوزاع او ضمير او رادع اخلاقي او انساني او قانوني، ارهاب مستمر بدعم لاينقطع ولايتوقف، حروب بالوكالة كما في سوريا واليمن وليبيا، خلق ثورات وانقلابات وازمات جديدة كما في السودان، وكأنه اسلوب امبريالي جديد يؤمن بفتح ابواب جهنم بشكل دائم، الخ.

فالرأسمالية تعني ان الرفاهية وحياة الاسراف والبذخ والثراء لاينالها الا الاوفر حظا في هذا العالم، تنظر للانسان بقيمته المادية، ولولا ان الحضارة الغربية تواجه هذا التسلط والاستبداد الرأسمالي(كما ظهر مؤخرا في شوارع باريس وبعض احياء فرنسا من احتجاجات اصحاب السترات الصفراء) بقوة، لعادت المجتمعات الاوربية وامريكا الى عصر الاستعباد والاضطهاد ومحاكم التفتيش...

امريكا وايران وتركيا وبعض دول الخليج ودول الاتحاد الاوربي جميعهم مسؤولين عن صناعة الفوضى في المنطقة والعالم، ينظرون الى العراق، ويتعاملون من بقية الدول العربية وفق رؤية امبريالية قذرة، اما مع اسرائيل او ضدنا مع الهلال الشيعي والمقاومة العربية الرافضة للتطبيع والتقسيم، فهم جميعا على علم ودراية كاملة بان احتلال الدول او اسقاط وانهيار الانظمة والحكومات الشمولية عموما عبر اشاعة الفوضى، لن تنهض تلك الشعوب من كبوتها مجددا بسهولة، وتحديدا في الدول المتعددة الطوائف والاثنيات والاعراق، فكان لهم ما ارادوا عبر انتاج نموذج الدولة الفاشلة بأمتياز في العراق، لتبقى اسيرة الاملاءات والاجندات والارتباطات الخارجية، فقد وزعت الادوار بعناية، الفساد للطبقة السياسية الحاكمة، والهيمنة والسيطرة والتحكم للامبريالية الرأسمالية.

الحلول في مثل هكذا كوارث وطنية مصيرية، لاتبتعد كثيرا عن ضرورة ايجاد سبل الدعم الخارجي والمحلي لاية محاولة انقلاب عسكري ابيض، للاطاحة بمافيات الفساد السياسي والمالي، ومن ثم اعادة بناء نظام ديمقراطي مسير بطريقة ناجحة نسبيا، ينهي مرحلة الفساد والفشل، ويقترب في تركيبته وعمله واداءه وعلاقاته الخارجية من الانماط والنماذج السائدة في دول الخليج العربي، او بثورة شعبية عفوية تنفجر دون سابق انذار، لايمكن التكهن بنتائجها ونهاياتها، وسواء نجح اي من الاحتمالين في طرد الطغمة الفاسدة عن الحكم، فمسألة الامن والاستقرار والتنمية والازدهار ستبقى بعيدة المنال، مادام المجتمع مفكك ومقسم طائفيا واثنيا وعرقيا وحتى مناطقيا، وعاجز عن ايجاد صيغة سياسية وطنية ثورية طموحة، تأخذ بيد هذا الشعب بعيدا عن كل هذه النزعات والصراعات والمواجهات والصدامات والانتماءات الطائفية والعرقية، تعمل على بناء دولة المؤسسات المدنية، وفقا لدستور مدني متحضر محكم في مواده وبنوده وصيغته العامة ولغته الواضحة والصريحة والشاملة...

 

مهدي الصافي

 

في المثقف اليوم