آراء

قيس ناصر: افلاس سريلانكا على الرغم من انضمامها لمبادرة الحزام والطريق!

في تقرير صدر يوم أمس  2/1/2022، عن الغارديان البريطانية، ذكر فيه إن سريلانكا تواجه أزمة مالية وإنسانية عميقة مع مخاوف من إفلاسها في عام 2022، تزامناً مع ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية ونفاد خزائنها .

وإن هذا الافلاس يعود الى أسباب عدة على وفق التقرير المشار اليه في أعلاه، وزعها على المحاور الآتية:

1- نتيجة جائحة كورونا مما سببت خسارة لقطاع السياحة .

2-  انهيار ايرادات الدولة بسبب تفاقم الانفاق الحكومي .

3- نتيجة للديون الصينية الضخمة، ووصول الاحتياطي الاجنبي إلى ادنى مستوياته.

إذ سجل التضخم مستوى قياسيًا بلغ 11.1٪ في تشرين الثاني 2021، وزيادة الاسعار بشكل غير طبيعي، جعل من ميسوري الحال  يكافحون من أجل توفير الغذاء لعوائلهم، ووصل بهم الحال الى الاكتفاء بوجبتين يومياً، وهذا الواقع، جعلهم في حيرة من الطريقة التي يتبعوها في تسديد ديونهم الخاصة  للدولة، التي هي بدورها مثقلة بديون للصين. بل وصل الأمر كما يصف التقرير ان أحد الباعة يقسم كيلو الحليب إلى عشرة أقسام من أجل بيعه، لأن الناس غير قادرة على تحمل شراءه بالكامل، وان نسبة واحد من كل أربعة سريلانكيين يفكر بالهجرة الى الخارج .

هذا المشهد لدولة تعد من الدول المؤسسة لبنك الاستثمار الاسيوي للبنى التحتية الذي يعد الأداة المالية لمبادرة الحزام والطريق، إذ إن سريلانكا شاركت في الاجتماع الأول للبنك  بتاريخ  24/ تشرين الاول/2014، فضلاً عن ان ميناءها (هامبا نتوتا) قد استحوذت عليه  شركة صينية وهي الشركة القابضة للموانئ التجارية الصينية المحدودة لـ 99 سنة، في سياسة  تثبت فشل الحكومة السريلانكية بادراتها للميناء والقصة معروفة للجميع.

كل ما تقدم ألا يدعو العراق الى دراسة الجدوى من الانضمام لمبادرة الحزام والطريق على الرغم من أن خطوات الحكومة العراقية سائرة باتجاه الانضمام، ولاسيما مع اعلان بنك الاستثمار الاسيوي للبنى التحتية انضمام العراق بتاريخ 28/12/2021، الذي كما ذكرنا سابقا يعد الاداة المالية للمبادرة ؟

وعلى الرغم مما يروج له في وسائل التواصل الاجتماعي من ضرورة انضمام العراق لهذه المبادرة التي تعرف شعبيا بطريق الحرير، وتوحي للمتلقي أن بمجرد انضمام العراق للمبادرة،  ستتحول الدولة العراقية الى الجنة الارضية أو الى أعلى مراحل الشيوعية على وفق رؤية اصحاب المبادرة (الحزب الشيوعي الصيني)، هناك بالمقابل من ذلك على وفق حالة سريلانكا، يتبادر سؤال –يفترض أي باحث يهتم بالشأن العراقي طرحه- هل تعد مبادرة الحزام والطريق فخاً للديون تعتمدها الصين كدبلوماسية من أجل نظام عالمي جديد هي أحد اقطابه كما وصفها الباحث الهندي براهما تشيلاني؟ فالموضوع ليس مع أو ضد مبادرة الحزام والطريق، التي هي استراتيجية صينية (الشرق) أو مع الاستراتيجية الامريكية (الغرب) التي تقف بالمقابل من هذه المبادرة، إنما هي عملية بحث عن مصلحة الدولة العراقية التي بحاجة أن تكون لها الأولوية لدى كل من يتصدى للشأن العام فالأمر لا يقف عند حد أن تكون مع الصين وتروج لها أو تقف بالضد منها .

 

د. قيس ناصر - باحث وأكاديمي

 

 

في المثقف اليوم