قراءات نقدية

تخصيص المخصوص في قصيدة: صباح الخير

السيد الزرقانيللشاعرة مني جلال

- كما تعودنا منها دائما،تأتي إلينا في الوقت المناسب بتحفة شعرية من الحياة اليومية منطلقة إلي أفاق أوسع  من العام الي الخاص ثم تأخذنا إلي المخصوص كما كان يفعل شعراء العامية العظام "بيرم التونسي "في رائعته" المجلس البلدي " وشاعرنا العظيم "احمد فؤاد نجم "في قصيدته  الرائعة "البتاع "هاهي الآن تأتي إلينا بقصيدتها الرائعة "صباح الخير" تلك هي القصيدة الجديدة للشاعرة المتألقة " مني جلال "وهي من قصائد اللحظة الشعرية المتدفقة في لحن موسيقي ،متناغم مع المشاعر اللحظية التي يعيشها جموع المصريين في أزمة الوباء، الشاعر اختارت العنوان "صباح الخير " كناية عن فجر جديد سيهل علي الوطن،بعد ليل طويل كان مظلم  علي الجميع، كان كابوس اثار الرعب والقلق إلا أن هذا الصباح عند الشاعرة كان عاما علي ربوع الوطن في الصحراء المتسعة والوادي مع اختلاف اللهجات والعادات الا انهما مشتركان في تلك التحية التي اعتقد أنها من صنع وإبداع المصريين  فنجدها تقول في مطلع القصيدة:

صباح الخير على بلادي

على الصحرا وع الوادي

على المصري اللي في الأزمة

بيبقى شخص غير عادي

- ننظر إلي التعبير الرائع في نهاية المقطع "بيبقي شخص غير عادي"وتلك هي عظمة هذا الشعب الذي يظهر معدنه الأصيل وقت المحن والأزمات ففي وقت الفيضان قديما كان المصريون يبدعون بكل السبل والطرق لمقاومة تلك الكوارث الطبيعية وهاهو الشعب المصري يظهر جوهره الثمين في تلك المحنة الطبيعية التي اجتاحت العالم إلا أن مصر بفضل قيادتها وشعبها نجحوا في التقليل من الآثار المدمرة  فنجد الشاعرة في حث متدفق لا شعوري من رحم الأحداث تقول :-

صباح الخير

على الشعب اللي إيد واحدة

على الألفة وع الوحدة

على قلوبنا اللي وقت الجد

بتبقى ف لحظة متحدة

- تنتقل بنا الشاعر من مرحلة العموم إلي مرحلة التخصيص،حيث أظهرت تلك المحنة نوعيات معينة كان لها الدور الأعظم في تجاوزها، بل وحماية الجبهة الداخلية للوطن من ويلات الإرهاب حتي لو وصل الأمر الي التضحية ونجد ذلك متمثلا في الشرطة والجيش  فنجدها في لحظة وفاء ترسل التحية أليهم فتقول:

صباح الخير

على الشرطة معاها الجيش

وناس بتموت عشان نحيا

هدف واحد وغيره مافيش

على جنودنا اللي بيضحوا

عشان انا وانت بس نعيش

-ثم تنتقل بنا إلي المرحلة الثالثة والهامة وهي تخصيص المخصوص أي تلك الجنود التي ظهرت معادنها الأصيلة في أزمة الوباء وهم كل رجال الصحة والتي أطلق المصريون عليهم اسم " الجيش الأبيض "الذين رفعوا شعار الوطن أهم واغلي وحياة المصريين أهم من أي شيء فظهرت بطولات ومازالت هناك أسرار وحكايات سيجلها كل طبيب وممرض خاض معركة خاصة من نوع خاص في سبيل اجتياز الأزمة وتجلت تلك البطولات في المواقف الإنسانية التي تطايرت الي بعض وسائل التواصل  وتجلي معها الروح والعزيمة في تلك الملحمة الإنسانية لرجال الطب فاستحقوا التحية من الشاعرة التي تقول:

صباح الخير

على جنودنا اللي مجهولة

وجيش ابيض بيتفانى

جهود جبارة ومهولة

بيتحدوا الخطر والموت

بكل شجاعة وبطولة

صباح الخير على القادة

على الناس اللي شالوا الهم

بكل عزيمة وإرادة

في وقت الصعب بنشوفها

ورغم الشدة سدادة

- مع اشراقة اليوم الجديد تتجلي الآمال والبشائر في أرواح  المصريين لأنهم تعودوا انه من رحم  الموت تولد الحياة، الشاعرة تعد المصرين بان الأزمة ستمر كما مرت غيرها من الأزمات،وسيعود المصريين مرة أخري ألي التلاقي كما كانوا دائما فنجدها تقول :-

صباح الخير

هنتقابل في كل مكان

ونرجع تاني نتلاقي

دا شيء عادي وفي الإمكان

نقول اهي شدة وانزاحت

وتصبح قصة كان يا ما كان .

- وأخير علينا ان نقر بان الشاعرة تمتلك موهبة فطرية وإحساس مرهف،وتمتلك من الثراء الأدبي ما يجعلها تمتلك زمام الحرف والكلمة، تعتمد علي الأسلوب السهل  البسيط الذي يعبر عما بداخلها، لديها القدرة علي إحداث الدهشة والانبهار لدي المتلقي، تمتلك لحن موسيقي  مثير للاستمتاع، وصور جمالية رائعة في قصيدها، لديها القدرة علي الانتقال من فكرة الي فكرة دون الإخلال بالبناء الفني في القصيدة،وهذا عهدنا بها في إبداعها  الأدبي منذ طلت في الوسط الثقافي لتضع قدميها علي الطريق الصحيح من اجل الصعود إلي ذروة الإبداع الشعري.

 

بقلم  د. السيد الزرقاني

 

في المثقف اليوم