قراءات نقدية

مفيدة البرغوثي: ثنائية الرجل والمرأة في كتاب "السدّ" لمحمود المسعدي

1- بين الانتشاء بالخلق والاحتفاء بالجسد:

لئن كانت المرأة في ادبنا العربي بصفة عامة الشخصية المراوغة المحتمية بظل الرجل فإن امرأة المسعدي ميمونة تبدو في هذا المقطع من الجزء الخامس من كتاب "السد" المرأة الشجاعة الصادقة مع نفسها التي يدفعها صدقها غلى القسوة على غليان و"سده" و"فعله" في موقف لا مجال فيه للتغافل والتجاهل فإذا هي تدعوه بعد تفكير لكي يمارس معها "الجنس" و"الحب" وإذا هو يرفض ذلك بكل إيمان وصلابة فكيف دافع كل منهما على اعتقاده؟ فإذا كانت ميمونة وغيلان يمثلان ثنائية في الإنسان فكيف يمكن تجاوزها؟

لم يكن هذا النص بداية الصراع بين بطلي "السد" "ميمونة" و"غيلان" بل نهايته وذلك لمسحتي الحزن واليأس اللتان تغشيان المناخ المحيط بالطرفين واللتان توحيان بقرب الانشقاق وحل الروابط التي كانت تجمع بينهما.

بدأ النص بالصمت المطبق بين الطرفين وهو الذي قطعه غيلان بمبادرته بسؤال ميمونة في ما تفكر. والصمت أثقل وطأة على غيلان من الكلام. فميمونة تفكر في رعونة غيلان وكبريائه. فهذا السد "قائم" شامخ مستو يعانق زرقة السماء وغيلان "متخم" بنشوة الفعل "والخلق" يقف وقفة خشوع وتأمل وزهو أمام صنعه ساعة "تمام الصنع والخلق " وميمونة فقدت صبرها وجلدها وقد تكرّرت دعوتها مرات ومرات ولكن السد حال بينها وبين غيلان فكانت محاولاتها لا تنفذ إلى قلبه ولكنها لم تياس بل تحاول من جديد لأنها تشعر بأن وجودها لا يتم إلا بغيلان فهو مكملها وهي مكملته كما أنها تخاف عليه من السد ومن التردي في "الزيف"و "الخيال" وأخيرا وقد اعوزتهما الحيلة تلتجئ إلى سلاحها الخاص بها وبكل مراة الجنس "دودة" غيلان ودودة الإنسان وداؤه. كانت دعوتها بعد تفكير فجاءت مسلحة بشحنة فكرية وعاطفية قوية ثقيلة الوقع على غيلان قاسية عليه تدعوه فيها إلى "الكهف" غيلان الذي يصوب نظره دائما إلى السماء ويهزأ من الأرض ومن الجسم لأنه يعتقد بأنه ليس إلا "عقلا" خالصا و"فعلا" خالصا. في حين أن ميمونة تحاول أن تنبهه إلى انه جسم ممتد مثل سائر الأجسام ويتحتم عليه أن يعترف بالحيز المكاني الذي يشغله وبقية الموجودات التي حوله هي تدعوه إلى جوف الأرض إلى "الكهف" وفي حركة الدخول انحناء الرأس وفي ذلك خضوع واستكانة وإذعان وفي ظلمة الكهف رضاء بالحياة بظلامها ونورها وخيرها وشرها وجمالها وقبحها وهي تسأله قضاء يوم واحد وهنا إشارة إلى الزمان وكيف أن اللذة لا تدوم فهي عاجلة. فلذة فترة قصيرة تعقبها آلام طويلة مبرحة ورغم ذلك ترى ميمونة بأنّ على غيلان بل على كل إنسان ان يكون صادقا مع نفسه ولو لفترة وجيزة من حياته. إنما المأساة الحقيقية في أن نقضي حياتنا كلها في "الخيال" و"الزيف" دون أن تكون لدينا الشجاعة على مجابهة مشاكلنا وقبول الضعف اللاصق بنا بكل شجاعة بل ترى ميمونة بان لا بد لهما من أن "يتجردا" من ثيابهما ويعتكفا في الكهف ليعيدا الإحساس بجسديهما ويتمرغا في الظلمة و"الغبار" والأرض ويعتزلا السد والآلات والعمال وصياحهم ويقلعا عن الكلام ليسمعا صوت الحياة صوت "الصدق" صوت "الكون " يدعوهما إليه لكي يتعاطفا معه فيمارسان لذة الحب. ونلاحظ من خلال هذه الدعوة انفجار طاقة ميمونة الجنسية التي كبتتها طيلة عشرتها لغيلان فتجلّت لنا المرأة العاشقة التي تريد أن تثأر لجنسها ولحبها ولجسدها الذي هزأ به غيلان. وتريد أن يأتيها غيلان مخذولا عاريا من السد إذ السد غريم ميمونة كما نلاحظ ان نوع الحب الذي تدعو إليه ميمونة هو حب ذاتين حرّتين متساويتين ومفهوم الحرية عند ميمونة هو في التخلص من قيود الخوف ومغالطة النفس والمماطلة في مجابهة النفس بنقصها وعجزها وبمحدوديتها. هنا تكمن الحرية فاعتكافها في الكهف هو من أجل "التطهر" "كطهارة الوحوش" و"الحيوان " و"الأرض" و"النور" و"النار" فميمونة مارست هذه الطهارة في تجربتها الحسية الوجدانية مع الكون تعرت وخرجت "للهواء" "للنار" و"النور" منفتحة على الطبيعة بكل حواسها متعاطفة معها بكل أحاسيسها في حين أن غيلان متفرغ إلى سده وإلى عزمه وزيفه يخفي وراءه عجزه وعورته ويصنع سدا منيعا بينه وبين العراء لكن السد ليس إلا وهما أمام العراء الطبيعي عراء الجسد عراء "الكون " لذا فميمونة تدعوه كي يتخلى عن سدّه ويتطهر "بالنور " لا بالماء لان الماء في كون الآلهة كون النور والنار آسن "لعين" "ملعون" لا يطهر ولكن غيلان يرفض دعوتها ولذلك لم تنجح ميمونة في إحباط عزائمه لان إيمانه بالإنسان أقوى من كل شيء فالسد قائم والعقل قائم وغيلان مازال يتجاهل ضعفه وواقعه إذ الواقع لديه هو الممكن والخيال لذلك فقد ضحى بنصفه الآخر ميمونة شكّه وحيرته ليبني على أنقاضها سدّه المنتصب في خيلاء ومع ذلك فهو يحس بثقلها عليه ولكنه يتعامى ويتصامم لقد فصله السد عن الكون فإذا به غريب عنه لا يتعاطف معه ولا يفهمه فعلاقتهما ببعضهما علاقة عداوة.

فغيلان يعيش تجربة "خلق" ويرى بان التفكير والصمت والجلال من صفات السد هنا السد هو لحظة الصمت ولحظة "الخلق " ولحظة "إفراز القيح " لذا فقد هزأ من ميمونة عندما صمتت وفكرت وهو المتعالي والمتسامي عن بقية الموجودات. يريد أن ينفرد بذاته "فيتوحد" لكن غيلان لهو "العتي" و"الكبر" لقد أخذ به الغرور كل مأخذ فأعماه عن واقعه لو نظر غيلان إلى الأرض لو لبى دعوة ميمونة لرأى قامته ممتدة لاصقة بالأرض تلامس الكون والوجود ولرأى ان ميمونة نصفه الذي لا بد منه ولكنه لا يرى غيلان يفكر دون أن يرى فحمل "فرحه" أكثر من طاقته فإذا به "الخيال" و"الوهم" و"الزيف" إذ كيف يستطيع الإنسان أن يتخلص من جلده كيف له أن يهرب ويتفصّى من جوهره الأصلي هو هذه الثنائية هذا التلاقح بين الجسد والعقل فإذا فقد أحدهما لم يعد للإنسان معنى. فهذه الثنائية في الإنسان تجعله دائما متردّدا بين الألوهية والحيوانية تشدّه المادة إلى الأرض وتحتم عليه سبل التصالح مع الكون والانفتاح عليه وترفعه القوة و"العزم" و"الإرادة" "الإنسانية " اللامحدودة إلى حمل القرح على أن "يفرز قيحه " "فيفعل" و"يخلق" و"ينشىء" ويبني" السدود ينازع بها الآلهة ويقضّ مضجعها "لإثبات وجوده ولعل فشل غيلان يتمثل في "لا إنسانيته" إذ هو يهزأ من الجماعة ويعتقد في وحدانيته بالإضافة إلى أنه حاول التخلص من نصفه ميمونة فبقي شطرا وحيدا يصارع الأهوال والعراقيل والسدود فقضى على نفسه وعلى سده بالفشل. وفي الحقيقة ما وجود الإنسان إلا في مكانته الوسطى بين هذين القطبين الذين يمزقانه بصراعهما وما جوهره إلا هذا الصراع والجهاد من أجل تكوين شخصية معتدلة ومتزنة. لذا فالإنسان الحقيقي لهو ميمونة وغيلان متحابين متصافيين في حبهما وجنسهما وفعلهما وإرادتهما بين الكهف والسد بين الجبل والوهد بين الماء والنار والنور يأخذان من الطرفين ويتمتعان بأجمل ما في الكون ويتجاوزان المصاعب والعراقيل بعزم وقوة.

2- الصراع بين الانشداد إلى الوجود والتوق إلى المنشود:

التزمت ميمونة الصدق فقررت ان تكون نارا على كل من يحاول أن يخادعها أو يخادع نفسه ويحملها على الزيف والكذب.

و لقد كان هدفها من بداية مسرحية "السد" غيلان تصارعه رغم الحب ورغم الجنس ورغم كيانها وجوهرها كامرأة وصمت منذ القدم بوصمة التبعية ولكنها في هذا المنظر السادس من كتاب السد تقول "يا غيلان بلغت جهدي كفاني التصاعد والتعالي كفاني ! "

فإن كانت ميمونة تشكو الجهد والتعب والمعاناة فماهي معاناتها وماهو جهدها وتعبها طيلة عشرتها لغيلان؟ وما هي أبعاد هذه الشخصية من خلال كتاب السد؟ وماذا يمثل كل من ميمونة وغيلان؟ لقد أدركت ميمونة من البداية أن علاقتها بغيلان لن تكون علاقة حب صافية لا تشوبها شائبة لانها لمست اختلافا جوهريا بينهما يحتم عليها ان يكون موقفها موقفا حازما لا مجال فيه للتخاذل والتجاهل لان القضية قضية وجود أو عدم.

فاختارت أن تكون على غيلان لعنة وخزيا وحيرة حتى يرجع إلى رشده ووعيه رغم ما في هذه المغامرة من مجازفة لان غيلان مفعم بنشوة الفعل والخلق يريد تحقيق الممكن وبناء سد يحبس الماء ليحول القحط إلى خصب والجفاف رواء ويحول عالم الآلهة عالم النور والنار إلى عالم سد وماء ورواء لا يشوبه غبار الأرض الكالحة ولا لفحات الشمس المحرقة. لقد انتصب غيلان بين الجبل والوهد يخطط لبناء سد يصل إلى السماء ويفرض نفسه على كون الالهة "صاهباء" ويتيه به على الجبل وعلى صاهباء وهواتفها ولقد أحست ميمونة منذ البداية بخطر ما هو مقدم عليه فحاولت أن تثنيه عن عزمه ولفت انتباهه إلى الجبل قائلة " إنه جبل وليس بجبل " لقد أدركت ميمونة بان عالم غيلان عالم معاد له مهيمن على الإنسان والحيوان والطبيعة عالم الآلهة حيث يتحول فيه الجبل إلى "غول" يغتال غيلان ويحبط أعماله ويبعث فيه الضعف والوهن إنه صورة لخلق صاهباء وعتوها وعظمتها وليس لغيلان أن يحاول محاكاته آو التمرد عليه ولقد كانت ميمونة في البداية تشعر غيلان بزيفه وصلفه وتحذره مغبة استهتاره واستهزائه بصاهباء ولكم حاولت إقناعه بان أهل الوادي قانعون راضون وان ضعفهم إنّما هو عين التطهر وأن لا سبيل لتغيير نواميس الطبيعة. و لكن غيلان صامد يبني سده بكل إيمان وقوة معتقدا أن النواميس لا بد لها أن تتغير وان التطهر يجب أن يكون بالماء فالماء وحده هو القادر على التطهير وبعث حياة جديدة مبنية على الأمل والثقة بالإنسان وإمكانياته ومستقبله فما كان من ميمونة إلا أن تسايره في طريقه الوعر هذا الطريق الذي جبن عنه الكثير ولعل ذلك راجع لاستحالتة وبعده عن الواقع. وكيف لها ان تتركه وحده وهي تحس في قرارة نفسها بأنه نصفها الذي يكملها؟ لقد تبعته على مضض كالأم التي تراقب ابنها وتخشى عليه من مغبة غروره أن يلحق به أذى والمرأة التي تشعر بان زوجها هو قدرها الذي يجب أن تتبعه حيثما كان أحبت ذلك أم كرهت.

ولقد حاول غيلان أن يجعلها تعيش فعله وخلقه وأن يثنيها عن عزمها ويقنعها بوجوب مساعدته إلا أن عاطفتها لم تذهب بها إلى الحد الذي يجعلها تستجيب إليه. لقد كانت تخذله وتفضح عجزه وزيفه وتفتخر "بعرائها" وتجردها وتفاعلها مع الطبيعة

لقد تعرت ميمونة وخرجت للكون تتطهر بالشمس والهواء تحاكي "الصّفاة " و"النّسر" و"الحيوان " تناغي الوجود وتتمتع بنقائه وجماله الحسي ولكم أرادت أن يشاركها غيلان ويصل معها إلي قمة اللذة بأن يشاركها "تجردها" و"تطهرها" فيفعلا الحب والجنس محاكيين في ذلك النار والتراب والحيوان فيكونان صادقين إلى أبعد حدود "الصدق" قويين إلى أبعد حدود القوة ولكن هذه الدعوة بقيت بدون صدى لان غيلان لا يحس. غيلان يفكر وغيلان لا يلتفت إلى الطبيعة ولا ينظر إلى الاسفل إنّه ينظر إلى الأعالي ويركز اهتمامه على صاهباء كأنه يريد أن يستعيد شيئا سرقته منه أو كانه يتحين فرصة غفلتها ليختطف منها قدرتها وخلقها ولكم فشلت ميمونة في تحسيس غيلان بوجودها ووجود الطبيعة والكون حولهما وكأنها لم تجد منفذا تصل به إلى قلبه لقد حاولت ذلك عن طريق العقل ففشلت وحاولت ذلك عن طريق الحس فانهارت وإنها لأثقل طعنة توجه لميمونة ولكل امرأة أن تطعن في الحس والجنس ولقد عبّرت عن هذه المرارة في حلمها. ولقد صحبت ميمونة غيلان في رحلته إلى الفعل والخلق وكانت تعتقد أنها تفرّ بحبّها ولكنّها كانت "تخونه"في لاوعيها حينما تمنت أن يأتيها غيلان مخذ ولا عاريا بدون سد فتختلي به لنفسها وقد أصبح جسدا خالصا فيكون الفوز ويكون الانتصار ولعلها تمنت أن يفعلا سدا حسيا وأن تنجب أطفالا فتكتمل ماهيتها وتحقق وجودها فتقوى بذلك على الضعف وتواجهه بكل صدق ولكن ذلك بقي حلما وبقي غيلان كما عهدته هازئا صارما متصلبا ليس لتحويله عن عزمه سبيل.

ولقد استعانت ميمونة بالعمال وبصاهباء وبالظواهر الطبيعية مثل الأعاصير والرعود التي نالت من السد ولكنها كانت كلها تمثل لدى غيلان فترة من الضعف والهون لا تلبث أن تتبدد أمام بأسه وعزمه وقوته وعناده. لقد لازم الأمل غيلان وعلق به علوق الجوهر فليس إلى انفصالها سبيل. فإذا به يتعامى ويتصامم ويتجاهل كل ما حوله مفتونا بفكرة الفعل والخلق. و لقد أحست ميمونة في الآخر بان صحبتها له أصبحت مستحيلة وأن لا سبيل إلى إقناعه "فطلقت "نفسها وتخلت عنه عندما اكتشفت زيفه وانخداعه. و بعدما سئمت التصاعد دون الصعود والتعالي دون العلو وبعدما يئست من صدقه وسئمت منه ومن اختفائه وراء سده "المنتصف" "صورة منه إليه " وتركت المجال لمياري "عتوّه" و"عقله فاقدا الرشد"

و لعل ميمونة هي من أهم الشخصيات التي اهتم بها المسعدي بصفة خاصة وتعاطف معها لأنها كانت طيلة مقاطع السد تمثل ذلك الجانب. الإنسان الأصيل الساكن المتوازن الذي رضي بالحياة بآلامها وسعادتها ورأى في التصالح معها عين الصدق ذلك الجانب في "الذات" الذي يحن إلى "الموضوع " ولعلها في اتحادهما يصلان إلى الاعتدال والتأله والتوازن المنشود.

إن روح ميمونة هي روح الإنسان الواعي بمشاكله الذي لم تنطل عليه مختلف الإيديولوجيات المتداولة عبر العصور كما لم تغتر بمقدرته فلم يكن إيمانه بنفسه يدفعه إلى الغرور. لقد كانت شخصية متئدة عميقة الأبعاد تمثل من بعض وجوهها مجتمعنا الشرقي المستكين الخاضع لنواميس الوجود المتفاعل معه المؤمن بالجماعة والتقدم الواثق في الإنسان ثقة نابعة من وعيه بالعجز وأن بإمكانه تجاوز هذا العجز بقبوله ولعل واقعية ميمونة تتمثل في كونها تؤمن بان الواقع هو الموجود أما الواقع بالخيال فوهم محض وأن غيلان الذي حاول إقامة الوجود بالعقل إنما كان حلوله بالكون حلول الدود بالثمرة فالثمرة إلى التعفن والفساد. و لقد تفطنت ميمونة إلى أن محاربة الآلهة وجميع القوى الغيبية لهو استنزاف للقوة الإنسانية ولمواهبها وقدراتها كما اعتقدت أن هذه القوة كان من مهمتها أن تسخر التصالح مع الكون والذوبان فيه لما تتطلبه هذه العملية من قوة وتجرد وصفاء. و لكن ميمونة وإن مثلت ذلك الجانب المستكين من الإنسان الواعي الذكي المتزن فقد مثل غيلان ذلك النصف الآخر من الإنسان الذي تأبى عليه إنسانيته إلا أن يجاهد ويناضل لتهديم خلق الآلهة وبناء عالم إنساني يكون الإنسان محوره الأساسي. لقد كان غيلان تلك القوة الإنسانية الجانحة بصفة متواصلة إلى المقاومة والمجاهدة لتحقيق الممكن عن طريق الحلم والحزم ولعل أقصى ما يصبو إليه الإنسان هو تحقيق ميمونة وغيلان معا فالواقع موجود بالفعل ولا سبيل إلى إنكاره إنّما هي الحقيقة والمعضلة في نفس الوقت ولكن عمل الإنسان يتمثل في تجاوز هذه الحواجز وتحقيق السعادة الإنسانية عن طريق الحلم الذي يتحول إلى حقيقة بفضل الجهد والطاقات الإنسانية الخلاقة. ولعل "تحفّر" الأرض تحت قدمي ميمونة و"تلاشي" غيلان في السماء لأكبر دليل على فشل كل منهما بمفرده إنما النجاح الحقيقي والسعادة الحقيقية في تلاقحهما وتعاطفهما وتضامنهما.

***

بقلم: مفيدة البرغوثي - شاعرة وكاتبة

في المثقف اليوم