أقلام ثقافية

كيف اترجم معاناتي الى ابداع

(الكنز بين يديك.. انت لاتحتاج الى اكتساب القوة من احد لانها موجودة بداخلك ،ففي عقلك الباطن تكمن قوة العالم)..

لقد خصنا الله بخمس حواس وأردفها بسادسة للطوارئ لذا علينا استثمارها على اتم وجه..

الكثير منا وجد نفسه في يوم من الايام في مكان ليس مكانه ولم يكن لديه ادنى فكرة ان يكون بهذا المكان وتلك الزاوية من العالم بما تحتويه من انتكاسات وخيبات امل لاحصر لها لاترقى الى اي مستوى من مستويات تفكيره او طموحه..

لقد كان طوال حياته يخطط ويفكرلعمل ما او دراسة ما واذا بعاصفة هوجاء تقتلع كل مابناه من الجذور ليبقى حائرا ،مندهشا ،مكتوف الايدي ،يحاول ان يستوعب مايحدث ،يحاول ان يمتص جام دهشته ازاء مايحدث وكأن القدرنقل صورته ووضعها في مشهد لايمت له بأي صلة تحت اي اسم من المسميات..

الحدث وقع وقد اخذ من النفس ماخذه ولكن ،هل نرفع راياتنا البيضاء ونصفق لماحدث ام ندفن روءوسنا بالرمال كما النعام غير قادرين على مواجهة انفسنا عاجزين عن اسداء النصح لها او مواساتها ولو بعزاء بسيط بقول غدا يوم جديد..

في الحقيقة التاريخ زاخر بكم هائل من العلماء والعظماء والمفكرين والمبدعين من رسامين وكتاب ومخترعين وغيرهم مايجعلنا نخلع القبعة انحناءً لهذه العقول والمواهب الفذه..فمنهم من وجد نفسه يتيما في التاسعه من عمره بين براثن فقر مدقع ومسوءول عن امه واخيه الصغير فماكان عليه سوى الاعتماد على نفسه والاغتراف مماحباه الله من نعمة عقله الباطن ليصبح صاحب اشهر مطاعم اكلات سريعه في العالم ،ذلك هو العجوز الذي نرى صورته على مطاعم (كي اف سي) عندما فكر ببيع الدجاج المقلي بنفس الطريقة التي كانت والدته تعمله وقد كان انذاك مراهقا يعمل محولا للسكك الحديد فحوّل جزء من غرفته الى مطعم صغير يبيع فيه الطعام للقادمين بالقطارات خصوصا في الساعات المتاخرة من الليل وان المكان لم يكن فيه مطعما،استثمر الموضوع واستغل الفرص المتاحه ليقوم بعمل جعله من اغنى اغنياء العالم وذاع صيته لانه استطاع تفويض عقله الباطن بما يملكه من امكانات لاجل القيام بعمل ما..

ومنهم من اصابه العمى في سني طفولته فاتبع بصيرة قلبه وعقله حتى اصبح كاتبا عظيما مثل الدكتورطه حسين والكاتبة الامريكية هيلين كيلر التي كانت فاقدة للسمع والبصر منذ طفولتها..

ومنهم من فقد سمعه واستمر بالابداع وتاليف السمفونيات الرائعه مثل الموسيقار العظيم بيتهوفن. .

والطريف بالامر ان الاغلب منهم قدعانى الى حد ما حتى ليحول معاناته الى نجاج باهر يبهر العقول ويستحق ان يخلده التاريخ بحروف من نور..

والاغرب منهم كان يشكي نوعا من الاعاقة المادية او المعنوية جعلته يعتمد على المنجم الذي يمتلكه وهو العقل الباطن وحاسته السادسة التي تعمل عند الطوارئ عمل المنقذ والموجه والمبرمج ،فكانوا بحق مثالا يحتذى وجرسا يدق في ازقة القانطين.. ومن الجدير بالذكر ان الاعاقة في عضو ما تجد البديل على الفور لكي تسد مسد النقص الحاصل فمثلا تجد من فقد يديه يرسم بقدميه ومن فقد سمعه يوءلف المقطوعات الموسيقية والسمفونيات وهكذا.. فما عذر من اعطاه الله جميع الحواس! فاذا مااحسنت استخدام حواسك فانك ستصل حتما الى ماتريد وستحوّل هزائمك الى انتصارات وفشلك الى نجاحات وهنا يكمن السر في عقلنا الباطن..يقول وليام جيمس موءسس علم النفس الامريكي (ان العقل الباطن اهم اكتشاف تم التوصل اليه خلال المائة عام الماضية)..

ويشير علماء النفس الى ان الافكار عندما تنتقل الى العقل الباطن تحدث انطباعا معينا وبمجرد ان يتقبل العقل الباطن الفكره يشرع بتنفيذها بايجاد الوسائل الناجعة لانجاحها..يقول جورج ميرفي في كتابه قوة عقلك الباطن(هناك منجم ذهب في باطنكم تستطيعون من خلاله استخلاص كل شئ ترغبون فيه)

ومن اهم الامور الموءثرة على عقلنا الباطن هو الايحاء سواء كان سلبيا او ايجابيا فقد يكون بنّاء وقد يكون هدّام لذا علينا ان نميز مع من نتعامل فعقلك الباطن يعتمد على ماتمده من افكار فان كانت افكارك ايجابية عادت عليك بالنفع اما اذا كانت سلبيه وخصوصا اذا استمعت لمروجي الفشل فهذه الافكار كفيلة بالقضاء عليك ،وقد جاء بالحديث الشريف (تفاءلوا بالخير تجدوه).. وفي ذلك اشارة واضحة على التفاوءل بالعمل فكما ان هناك ناس يبثون الحب والنشاط فهنالك ناس يبثون النكد والفشل..واما الامر الثاني فهو الاعتقاد والايمان بالشي المراد تحقيقه حتى يصبح امرا واقعا..

كما ان عليك ان تكون قادرا على اتخاذ قراراتك بنفسك بعيدا عن اي تاثير لانك ادرى بما يدور في خلجات نفسك وليس الاخرين..

ان الوقوف على اعتاب المشكلة ومحاولة حلها جذريا بابدال بياناتها وبرمجة العقل الباطن بمعلومات جديدة ذات ابعاد مختلفة لها تاثير فعال بتغيير مسار الحياة تماما مثلما يجد النهر مسارا اخر اذا ماواجهته عقبة كأداء في الطريق ثم يكمل سريانه ولكن باتجاه اخر.. يقول الكاتب مصطفى محمود (افتحوا النوافذ ليتجدد هواء الفكر)

الموضوع باختصار شديد هو زرع الفكرة والعمل عليها وايجاد المناخ الملائم لها بايجاد وخلق وسائل لانباتها لتاتي أ’كلها ولو بعد حين..يقول الكاتب باولو كويلو في روايته الخيميائي (اذا رغبت في شئ فان العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك)..

فاذا مر الزمان ولم تفعل شيئا فلاتلمه بل لم نفسك،فسياتي وقت تنام فيه كثيرا لذا عليك الاستيقاظ الان لان الحياة ساعة كبيرة لاتنتظر احد..اشحن بطاريتك كل يوم لانها اذا نفذت فمن الصعب شحنها ثانية،واتكل على الله ثم على القوة الكامنه في عقلك الباطن،لان القوة والطاقة تاتي من الاعلى الى الاسفل وليس العكس..وان تتخذ خطوة السلحفاة افضل بكثير من ان تتامل يوما انك ستكون ارنبا، لان الخطوة الاولى هي اصعب مافي الموضوع فكن واثقا واتخذها بدراسه وثقه تامتين وبقية الخطوات ستاتي تباعا..وتذكر ان تقوم بشئ مهما كان ضئيلا افضل بكثير من ان تقف عاجزا..

وتاكد انك ستحصد ثمار هذا التغيير عبر الانجازات المتتالية التي ستثمر نتيجة تغييرك البرنامج ولو جزئياً..

مريم لطفي

 

 

في المثقف اليوم