مرايا فكرية

المثقف في حوار خاص مع البروفسور محمد الربيعي (1)

خاص بالمثقف: الحلقة الأولى من حوار خاص مع العالم العراقي البروفسور محمد الربيعي، ضمن مرايا فكرية، وحوار شامل أجراه معها الأستاذ الباحث مراد غريبي، حول التعليم العالي في العالم العربي، فأهلاً وسهلاً بهما:

***

ا. مراد غريبي: بادئ ذي بدء، أرحب بالعالم العراقي البروفسور محمد الربيعي، الشخصية العراقية المعروفة، وأتمنى عليه أن يقدم لقراء صحيفة المثقف بطاقة تعريفية، تشتمل مراحل التكوين العلمي، والمسيرة المهنية وآخر اصداراتكم. تمهيدا للحوار في باب مرآيا فكرية.

د. محمد الربيعي: بروفسور متمرس في الهندسة البايوكيميائية في جامعة دبلن وزميل معهد كونوي للعلوم الطبية، وقبلها بروفسور في جامعة برمنغهام. شغل عددا من المناصب الاكاديمية وعمل كخبير لعدد كبير من الشركات الطبية والصيدلانية ولمؤسسات البحث العلمي الاوربية والعالمية، واستاذا مرتبطا وزائرا لعدد من الجامعات العالمية وخبيرا في شؤون التعليم العالي في منظمة اليونسكو، ومستشارا فخريا لرئيس الجمهورية العراقية ولوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. نال العديد من الجوائز العالمية المميزة لاكتشافاته وبحوثه العلمية ومنها وسام دونالاد العالمي ووسام مؤسسة العلوم الايرلندية وجائزة مؤسسة استيلاس اليابانية وشهادة دكتوراه فخرية من الجامعة الوطنية الايرلندية، واصدرت مؤسسة سبرنغر كتابا تكريميا على شرفه شارك في اعداده اكثر من 60 عالما وصناعيا وباحثا، واعتبر الاب المؤسس لصناعات ادوية التكنولوجيا الحيوية في المملكة المتحدة. نشر ما يزيد عن 500 بحثا علميا وكتابا ودراسة واستعراض وفصل كتاب وبراءة اختراع في مواضيع انتاج الادوية والمواد الطبية والموت الخلوي والخلايا الجذعية وهندسة الخلايا والانسجة وعشرات من الدراسات والمقالات والكتب حول التربية والتعليم العالي في العراق والعالم العربي. ادار اول برنامج لضمان الجودة في الجامعات العراقية لمدة 4 سنوات بتمويل من اليونسكو، وقام بأول عملية تقييم ومراجعة لاداء الجامعات العراقية المؤسساتي.

س1: أ. مراد غريبي: لعلّنا سنثير في هذا الحوار حفيظة بعض حاملي عنوان الأكاديمية، لأنّ البروفسور الربيعي له مطارحات مخصوصة يتميّز بها في بحثه لأحوال التعليم العالي والبحث العلمي في الجغرافية العربية، إذ يتداخل في كتاباته، النقد الثقافي بصفة عامة، ولكنّ أيضا التحليل المنهجي لكواليس الجامعات العربية بكافة حيثياتها واخفاقاتها، لذلك أود أن أسألكم بروفسور، بداية، عن هذه المسائل تحديداً، هل يجب على الأكاديمي اليوم أن يستفيد من هذا النقد والتحليل لواقعه؟

ج1: د. محمد الربيعي: يتحلى العالم العربي بتاريخه القديم الثري في الإنجازات العلمية. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي للتعليم العالي في العالم العربي يثير مخاوف بشأن جودة وفعالية البرامج والمؤسسات الأكاديمية. على هذا النحو، من الضروري إجراء تحليل منهجي لمشهد التعليم والبحث العلمي في الجامعات العربية من أجل معالجة أوجه القصور وتعزيز التحسينات. ومن المعقول افتراض ان الأكاديميين يجب أن يستفيدوا من نقد وتحليل منهجي لمشاهد الجامعات العربية بكل مزاياها.

أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الأكاديميين يستفيدون من التحليل المنهجي للجامعات العربية هو الحاجة إلى التغيير. لقد واجهت الدول العربية تحديات كبيرة مثل هجرة الأدمغة، وتراجع نوعية الإنتاج البحثي، ونقص جودة التعليم. تتطلب معالجة هذه التحديات إجراء تحليل شامل للوضع الحالي للتعليم العالي في العالم العربي، بما في ذلك فحص نقاط القوة والضعف. باستخدام هذه المعلومات، يمكن للأكاديميين العمل على تحسين النظام التعليمي من خلال تنفيذ إصلاحات مبتكرة تعالج نقاط الضعف في النظام التعليمي.

سبب آخر لاستفادة الأكاديميين من التحليل المنهجي للجامعات العربية هو الحاجة إلى القدرة التنافسية العالمية. أصبح العالم أكثر ترابطًا وعولمة، وتحتاج الجامعات في العالم العربي إلى التكيف مع المتطلبات المتغيرة للاقتصاد العالمي. من خلال تحليل حالة الجامعات العربية، يمكن للأكاديميين مقارنة مؤسساتهم بأفضل الجامعات في العالم، وتحديد الفجوات، واعتماد أفضل الممارسات لتعزيز قدرتها التنافسية.

ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن النقد والتحليل قد لا يكونان دائما بناءين أو منتجين. في بعض الحالات، يمكن استخدام النقد لتقويض جهود أولئك الذين يعملون من أجل تحسين النظام التعليمي. على هذا النحو، يمكن أن يوفر التحليل نهجا قائما على الأدلة لعملية صنع السياسات، ورؤى ثاقبة يمكنها أن تساعد في تطوير سياسات فعالة في مواجهة التحديات التي يواجهها قطاع التعليم العالي.

وبرأي ان النقد والتحليل الأكاديمي مهماً لتحسين جودة وأهمية التعليم العالي في الجامعات العربية لعدة أسباب، لابد ان تؤدي نتائجها الى:

1. تحسين جودة التعليم

2. زيادة الشفافية والحوكمة وتحسين معايير الجودة والمساءلة

3. تحسين التواصل بين الجامعات العربية والمؤسسات الأكاديمية في العالم

4. تحديد اوضح للأهداف والأولويات اللازمة لتحسين جودة وأهمية التعليم العالي في الجامعات العربية ولضمان تلبية احتياجات المجتمع وسوق العمل.3427 محمد الربيعي ومراد غريبي

س2: أ. مراد غريبي: من المعلوم أنكم درستم واقع مؤسسات التعليم العالي في الوطن العربي بكثير من التعمق مما جعلكم من أهم الباحثين على مستوى العالم في هذا، ما سر اهتمامكم بالتعليم العالي والبحث العلمي عربيا؟ وكيف بدأتم ذلك؟

ج2: د. محمد الربيعي: يُعد التعليم العالي والبحث العلمي من أهم عوامل التطور والتقدم في أيّ مجتمع، ويتأثر بها من حيث الاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة والعلوم والصحة. وانا كاكاديمي مغترب، اعتبر أن الوطن العربي يواجه كثير من التحديات فيما يتعلق بالتعليم والبحث العلمي، وبالرغم من التقدم المحرز في بعض الدول العربية او بعض الجامعات، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحسين جودة التعليم والعلوم في المنطقة العربية.

انطلاقاً من هذا المبدأ، فقد بدأ اهتمامي بدراسة واقع مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي مباشرة بعد ان بدأت بالاهتمام بالتعليم في بلدي العراق وبالتحديد منذ 2003، حيث بدأت رحلتي بدراسة أصل الأمور والمشاكل الموجودة في مؤسسات التعليم العالي في الوطن العربي. قبل ذلك كان اهتمامي بالتعليم العالي في الدول العربية يعود الى ارتباطاتي العلمية في مواضيع الهندسة البيولوجية والخلوية والطبية بالعالم العربي وزياراتي العلمية المتكررة فكان الاهتمام بالاختصاص العلمي بأكثر من الاهتمام بالمشاكل التربوية والتعليمية.

وخلال هذا الاهتمام بالوضع التربوي العراقي، وجدت العديد من المشكلات، ومن بينها انعدام البنيات التحتية اللازمة، وضعف الموارد المادية والبشرية، بالإضافة إلى استخدام تقنيات التدريس القديمة والتلقين وعدم الاهتمام بالتفكير النقدي والتحليلي وبتطبيق التقنيات الحديثة في مجال التدريس والبحث العلمي.

بالإضافة إلى ذلك، فإني اؤمن بمدى أهمية البحث العلمي والابتكار والتطور التكنولوجي في المجتمعات العربية، حيث يأتي ذلك من خلال الزيادة في المعرفة والثقافة، والارتقاء بمستوى التعليم العالي والشامل في المنطقة. وبالتالي، فإن اهتمامي بهذا المجال يأتي بناءً على الإيمان بأن تطوير البحث العلمي في الوطن العربي سيساعد على الارتقاء بمستويات التعليم والتحصيل العلمي في المنطقة.

س3: أ. مراد غريبي: كلنا نعلم أنه في العالم العربي الاهتمام بالكم اكثر من الكيف سواء بالنسبة للمنشآت وعدد الطلبة والباحثين والكوادر كيف يؤثر ذلك على جودة التعليم العالي والبحث العلمي؟

ج3: د. محمد الربيعي: يتسم العالم العربي بتنوعه الواسع، حيث يضم دول الخليج العربي ذات الثراء المادي وبلدان من منطقة الساحل الأفريقي الشرقي ذات الفقر. ويعطي هذا التنوع الفرصة المثالية لإجراء تحليلات شاملة لمجموعة واسعة من الموضوعات والقضايا، ولتبادل الخبرات عبر الحدود من أجل تحقيق التقدم المستدام في المجتمعات العربية. وعلى الرغم من ذلك، تتقارب الظروف الاجتماعية والبيئية في هذه الدول، ويرتبط سكانها بالعديد من العوامل المشتركة، بما في ذلك الاهتمام بالتعليم العالي وما يتضمنه من اهتمام بالكم أكثر من الكيف وهذا ما انعكس سلبا على الاستقلالية العلمية والتكنولوجية، وتأخر الدول العربية في مجالات الابتكار والتطوير والاكتشاف مقارنة بالدول المتقدمة. اصبح موضوع الكمية مقابل النوعية في صدارة المواضيع التي تهم التعليم العالي والجامعات وبدأ الكثير من التربويين والتدريسيين من التذمر من استحداث جامعات جديدة وقبول طلبة بأعلى من درجة استيعاب الجامعات في الوقت الذي لازالت فيه كثير من الجامعات تعاني من ضعف مزمن في مناهجها واساليب تدريسها، وشحة التدريسيين الأكفاء فيها، والنقص الرهيب في تجهيز مختبراتها وأبنيتها، وتوفير المساكن اللائقة لطلبتها. ولم تعد مسألة عدم توفر معلومات وإحصائيات موثقة بشأن جودة التعليم ومستوى الخريجين مهمة لان هذه المعالم اصبحت واضحة من خلال تفشي البطالة، والبطالة المقنعة بين صفوف الخريجين، وضعف مهاراتهم الاحترافية والمهنية، وهجرة الخريجين للدول الصناعية المتطورة خصوصا من مصر والمغرب العربي والعراق.

يتسبب الاهتمام الزائد بالكمية إلى حد كبير في تردي الجودة في التعليم العالي، حيث يتم إدخال طلاب يفتقرون إلى المهارات اللازمة للتأقلم مع بيئة التعليم العالي والبحث العلمي، مما يؤدي إلى تخرج طلاب يفتقرون إلى المؤهلات اللازمة للانضمام إلى سوق العمل. كما أن الاهتمام بالكمية يعرض المؤسسات التعليمية للمزيد من الضغط وانخفاض المستوى الاكاديمي، حيث يشعر المدرسون بالتوتر والإرهاق بسبب الأعداد الكبيرة من الطلبة التي يجب عليهم تلبية احتياجاتها.

من الواضح ان التحديات التي تواجه الجامعات العربية لتحقيق الجودة في التعليم العالي هائلة، وتحتاج إلى التصدي لها ومجابهتها لتلبية احتياجات التنمية، ولكنها تحديات ليست مستعصية على الحل. إذ يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال الشراكة والتعاون على جميع المستويات، في العالم العربي وخارجه على حد سواء، فليس من الضروري أن نضحي بالجودة لمجرد تحقيق زيادة في عدد طلبة الجامعات.

اما بالنسبة للبحث العلمي، فإن مستوى الإنفاق على البحث والتطوير في الدول العربية لا يتناسب مع الحجم السكاني واحتياجات التطور العلمي والتكنولوجي. وبالتالي، يفتقر البحث العلمي في العالم العربي إلى التمويل الكافي والتخصيص للمهام الأساسية والمشاريع ذات الأولوية العالية.

الدول العربية تواجه تحديا كبيرا لعدم وجود تناسب بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. هذا التحدي يؤدي إلى استفحال ظاهرة البطالة وسط الشباب الخريجين، ويقلل من فرصهم في المشاركة الفاعلة في التطور الاجتماعي والثقافي والسياسي. وفقا لتقارير منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD)، فإن معدلات البطالة بين خريجي التعليم العالي في المنطقة العربية تصل إلى 25%، مقارنة بـ 8% على المستوى العالمي. كما أن نسبة كبيرة من الخريجين يشغلون وظائف غير متناسبة مع تخصصاتهم أو مستوى مؤهلاتهم، ما يؤثر سلبا على جودة أدائهم وإنتاجيتهم. أسباب هذا التحدي تكمن في عدة جوانب، منها:

- عدم توافق المناهج والبرامج التعليمية مع احتياجات سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية، وانحصارها في المجالات التقليدية والنظرية دون التركيز على المهارات العملية والابتكارية والرقمية.

- عدم توفير فرص كافية للتدريب المهني والتطبيقي لطلاب التعليم العالي، سواء داخل المؤسسات التعليمية أو خارجها، بالتعاون مع القطاعات المختلفة.

- عدم اشتراك القطاع الخاص في تجويد التعليم وتحديثه، وضعف دوره في توظيف الخريجين وتأهيلهم لسوق العمل.

- عدم تشجيع روح المبادرة والإبداع والريادة لدى طلاب التعليم العالي، وضغطهم نحو اختيار التخصصات ذات الطلب المرتفع دون مراعاة اهتماماتهم وقدراتهم.

- عدم توفير بيانات وإحصاءات دقيقة ومحدثة عن سوق العمل واحتياجاته وتوقعاته، وعدم تبادلها بين الجهات المعنية بالتعليم والتوظيف.

لمواجهة هذا التحدي، يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية بالتعليم والتوظيف، ووضع استراتيجيات وسياسات وبرامج تهدف إلى:

- تحديث المناهج والبرامج التعليمية لتتوافق مع متطلبات سوق العمل المتغيرة، وتنويعها لتشمل المجالات الحديثة والمطلوبة، مثل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الأخضر، وغيرها.

- تعزيز التدريب المهني والتطبيقي لطلاب التعليم العالي، من خلال إنشاء مراكز تدريبية متخصصة داخل المؤسسات التعليمية، أو توفير فرص التدريب في الشركات والمؤسسات ذات الصلة بالتخصصات المختارة.

- تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تجويد التعليم وتحديثه، من خلال دعم المشاريع التعليمية المبتكرة، أو تقديم منح دراسية أو فرص عمل للخريجين المتميزين، أو تقديم استشارات أو تقارير عن احتياجات سوق العمل.

- دعم روح المبادرة والإبداع والريادة لدى طلاب التعليم العالي، من خلال تنظيم مسابقات أو مهرجانات أو مؤتمرات تبرز مشاريعهم وأفكارهم، أو تقديم تسهيلات أو حوافز لإنشاء مشاريع صغيرة أو متوسطة.

- إنشاء نظام معلومات شامل عن سوق العمل، يضم بيانات وإحصاءات دقيقة ومحدثة عن الفرص والتحديات والتوقعات في كافة المجالات، وإتاحته لجميع الجهات المعنية بالتعليم والتوظيف.3425 محمد الربيعي

س4: أ. مراد غريبي: لا شك أنه يعتمد تطور اي بلد في العالم على جودة التعليم العالي والبحث العلمي في رايكم ما هي أسس ومحددات هذا المسار؟

ج4: د. محمد الربيعي: في عام 2009، نشرت مقالا بعنوان " لماذا نحن بحاجة الى نظام لضمان الجودة في الجامعات؟". ألحقته بعدد آخر من المقالات حول الجودة، والتي لم تتوقف ليومنا هذا. جاء في هذه المقالات عدد من الافكار حول مسارات الجودة وتحسينها، ولكن الفكرة الرئيسية كانت بسيطة وعميقة في الوقت نفسه، وهي أنه ليس هناك اي بلد او تجربة يتم فيها الحفاظ على الجودة عن طريق الإبقاء على الوضع الراهن اي بتجنب التحديث والتغيير. وأكدت دائما على اننا بحاجة الى تعطيل مفعول المعتقدات التقليدية وعدم التهاون في تطبيق اسس نظام الجودة.

ولازالت هذه الفكرة التي تعززها المبادرات الدولية لتحسين الجودة تختبر صناع القرار من ناحية الاجراءات والأساليب التي يتم انتقاءها لتطوير التعليم العالي، وبالرغم من قناعتنا التامة بعدم وجود حل سريع لإحداث التغيير، وان إحراز الجودة يحتاج الى وقت، فإنه من المهم للغاية تغيير الثقافة السائدة التي تنظر الى الجودة على انها فقط مسؤولية دائرة الجودة وليست مسؤولية كل فرد في الجامعة، وهي مجرد اجراءات وقت الحاجة وليست عملية مستمرة، ولا تعني الا مجرد ارضاء اصحاب القرار، وتقديم الشكر والامتنان لهم لما تحقق من "انجازات"، وإنما هي عملية مصيرية تضع المسؤولين والتدريسيين بين خيارين فقط لا غير- اما ان تبقى الجامعات كمصانع قديمة وفي سبات دائم، وإما ان تتطور لتجاري ما يحدث في الجامعات العالمية.

جميع هذه التطورات في التعليم مشجعة، ولكن ما تزال الفوائد تدريجية. والتحدي الكبير الآن هو إيجاد وسائل لتحسين مخارج التعلم وتحقيق أداء أفضل بكثير، من خلال اصلاح النظام التعليمي الاولي والجامعي على حد سواء، وتغيير أساليب التدريس وإدخال التكنولوجيا التربوية إلى المدارس والجامعات، ومن حسن الحظ توجد الآن اختبارات جارية تشير الى نجاح المبادرات في كثير من الجامعات العربية.

لن اخوض في تفاصيل جودة التعليم، ولا في الاسباب التي تعرقل تطور الجامعات العربية، ولكني احب ان اتطرق الى بعض النقاط الاساسية التي من شأنها ان تساعد الجامعات في تطوير برامجها وتحسين النوعية، والتي برأيي يجب وضعها على الطاولة ومناقشتها على اقل تقدير، ولكن قبل كل شيء، يجب التنويه الى أني لا ارغب في التعميم ولا في الاتهام. هنالك جدل في الجامعات حول الموضوع بين معارض ومؤيد، وهو جدل صحي وشرعي، وهناك تخوف من ان تطبيق نظام الجودة قد يؤدي الى واجبات اضافية للتدريسي وارهاق له.

توجد عدة أسس ومحددات لتطوير جودة التعليم العالي والبحث العلمي في الدول العربية، ومن أهمها كما اشعر به:

1- توفير الموارد اللازمة لتمويل الأبحاث العلمية وتطوير البرامج التعليمية، وذلك من خلال زيادة الميزانيات المخصصة للتعليم والبحث العلمي.

2- توفير بيئة تعليمية وبحثية مشجعة للطلاب والباحثين، من خلال توفير الدعم الفني والمادي والأكاديمي اللازم لهم.

3- تعزيز التعاون الدولي والتبادل الثقافي والعلمي مع الجامعات والمؤسسات العلمية العالمية، وذلك لنقل التكنولوجيا الحديثة وتبادل الخبرات والفكر العلمي.

4- تحفيز البحث العلمي وتنمية الموارد البشرية المؤهلة والمدربة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي.

5- ضمان توافق التعليم العالي مع المتطلبات العالمية المتعلقة بالتخصصات والمؤهلات والاعتمادات العلمية.

ولتحقيق إجراءات ضمان الجودة المعتمدة ولغرض المراجعة المؤسساتية ومراجعة البرامج الاكاديمية في الجامعات العربية نفترض تطبيق المعايير والمبادئ العامة التالية:

1- الحفاظ على معايير منح الشهادات وجودة تنفيذ البرامج الأكاديمية.

2- تشجيع الإدارة الجيدة للجامعات.

3- تحديد وتقاسم الممارسات الجيدة في مجال التعليم والتعلم.

4- تطوير نظام وطني لضمان الجودة بحيث يجمع بين المراجعة المؤسساتية (جودة ومعايير وإدارة) ومراجعة البرامج \ الاقسام.

5- تنفيذ الإجراءات التي تقوم على اساس مراجعة الأقران جنبا إلى جنب الدعم الإداري القوي على المستوى الوطني والمؤسساتي.

6- توفير الأموال الكافية وطنيا لتغطية تكاليف نظام ضمان الجودة، بما في ذلك تغطية تكاليف المقيمين الأكاديميين.

7- تمكين تمويل عملية تحسين جودة البرامج في الجامعات والتي يتعين تنفيذها استنادا على نتائج المراجعة.

8- تدريب فرق المقيمين والمراجعين.

9- تنفيذ نظام ضمان الجودة بالاستفادة من الهياكل الحالية والوثائق وغيرها من المواد حيثما كان ذلك ممكنا، بدلا من إدخال بيروقراطية إضافية.

***

حاوره: الأستاذ مراد غريبي – صحيفة المثقف

في المثقف اليوم