أقلام ثقافية

شمس الدين العوني: تأملات.. معرض الفنان التشكيلي محمد القماطي

ها هي رحلة الفن الجميلة تأخذ طفلها المدلل المأخوذ بشغف التلوين والرسم والنظر الى جنانها حيث خطاه الأولى بالبقعة القابسية الجميلة ونعني وذرف حيث طفولة وبهاء ونشيد مفتوح على الالوان والأمكنة.. ها هي الفكرة الملونة تعنون مسيرة ولع وعشق للفن لحوالي ستة عقود (55 سنة) وكأن الأيام لديه فن وشعر ولوحات وغوص في الحكاية الباذخة التي سماها ولها وهياها..

محمد القماطي هذا الذي يعانق ابداعاته الملونة بالفنون من كلمات وأعمال فيها الكثير من ذاته المفعمة بأحاسيس شتى.. هي علاقة وجدان وتواصل وحوار مفتوح.. و اما اللوحة لديه فانها العنوان المفتوح على الدهشة والحنين والآه..

والفن.. مساحة من مساحات القول الجمالي.. ذلك ان الحيز الممنوح للذات من عناصر وتفاصيل وأشياء يجعلها تتماهى بما توفر لديها من مفردة تشكيلية نحتا للقيمة وتأصيلا للكيان.. والفن تعدد اتجاهات وتيارات ورؤى مختلفة.. ولكن الفنان محمد تخير نهج ألوان من وحي الحوار الوجداني والانساني البليغ مع محيطه وحياته عامة وفق وعيه الجمالي.. أما المشاهد فانها خليط بين ما يعتمل في الذات من أفكار وهواجس ورؤى تنبع من أصل الفكرة.. والفكرة هنا هي هذا الحوار المأخوذ بالتواصل والود والفعل الكوني المشترك تجاه القيمة.. انها قيمة الانسان في تجلياته الثقافية والفكرية والانسانية العميقة.

محمد القماطي فنان وكاتب بما في المعنى من ولع وشغف لكن الرحلة اخذته الى عوالم الالوان ومتاهاتها فراح يبحث عن وجد دفين في الدروب.. الالوان صارت حكايته الباذخة التي يستلهم من تفاصيلها اشجانه وهواجسه قولا بالفن كملاذ وحلم مفتوح على الطفولة العائدة.. يفعل فعله الفني هذا في هذه الحياة بين شؤونها الشتى وألوانها المفعمة بالحلم ولكن الفن أعطى اللون الآخر للرحلة وأصواتها الملائمة.. وفق سفر الى الفكرة.. الى حدائق اللون.. الى الابداع التشكيلي..

التجربة كانت مفتوحة ومتواصلة وجديرة بالنظر.. أعمال متعددة نهلت من العلاقة الآسرة بالمدينة.. بالمشاهد بالمرأة وبالحنين والتراث والعادات وغيرها و.. بالمدن عبر جغرافيا الحنين بأمكنة مختلفة في تونس من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب..

هكذا ومن رحم كل هذا وتواصلا مع نغم القلب والفن كوجدان يتواصل المعرض الشخصي للفنان محمد القماطي وفق رغباته الفنية والانسانية والثقافية التي تخيرها فنانا وانسانا حالما وتواقا للاجمل في هذا العالم.

هذا المعرض يتواصل برواق الفنون ببن عروس حيث افتتح يوم الاربعاء 31ماي 2023.3350 محمد القماطي

و تحت عنوان "تاملات" وانطلق بحضور جمهور فنه وأحبائه وأصدقائه وزوجته الفنانة التشكيلية حورية القماطي وتم ذلك في حفل استقبال وافتتاح حضره أيضا جمال بن عمر معتمد بن عروس ومهذب القرفي المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بولاية بن عروس ومديرة رواق الفنون ببن عروس الفنانة نزيهة الصولي الى جانب نخبة من الفنانين التشكيلين والفوتوغرافيين وثلة من الأدباء والشعراء ومثقفي الجهة والفاعلين من المجتمع المدني..

الأعمال الفنية تحلت بفكرة الفنان القماطي في تعاطيه مع الرسم والتلوين ومثلت جملة مراحل اشتغاله الجمالي وتميزت بتنوع مواضيعها وثيماتها وتقنياتها وعن هذا المعرض الخاص يقول القماطي ".. سعدتكثيرا بهذا الحدث المهم بعد مسيرة متواصلة امتدت الى 55 سنة مع الرسم وسعيت في رواق بن عروس لابراز بانوراما تجربتي الفنية التشكيلية التي أواصل العمل ضمنها بعد العديد من المشاركات في المعارض الجماعية واقامة المعارض الخاصة وهذا يفرحني وشكرا لكل من زارالمعرض وأحب أعمالي ويمكنني القول ان الحلم يبقى يرافقني للعمل والتجدد وتقديم المعارض.. ".

معرض ولوحات وتنوع في سياق الرحلة الفنية بكثير من حلم الفنان ودأبه وحيويته في مشهد فني تشكيلي تونسي متحرك ومتعدد التجارب الفنية بين الهواية والاحتراف وفي الاساليب والاتجاهات والأجيال.

***

شمس الدين العوني

في المثقف اليوم