أقلام ثقافية

شمس الدين العوني: عن تجربة ومعرض الفنانة الهام تقتق

يمضي الكائن الى نشيده المفعم بالرغبة في الفعل تجاه الذات والعوالم بكثير من ألق الحال وهي تنشد بهاء اللحظات حيث طفولة مفعمة بالشغف الملون وبالغناء .. انها فكرة الحلم في تلويناته المتعددة حبا وحلما وتقصدا للجميل في كون من التداعيات.. هي رحلنه وهو يقيم بين قلقين وفرحين .. الوردة .. و الشوك .. و هكذا..

من هنا كانت اللعبة الفنية مجالا للافصاح عن هذه الذات الفرحة القلقة وهي ترنو الى رسم حيز من تفاصيل القلب وهو المحتشد بالأحاسيس وبما يمكن أن يقال نحو الآخرين والعناصر والأمكنة من عبارات ضاجة بالمعاني التي من عناوينها الشتى.. الفن مجال حب وسلام وعلو في سماء مثل فراشات من ذهب الأزمنة ..

و هكذا.. كانت فكرة الفن التي منها التلوين والتشكيل عند فنانة رأت من عقود ومنذ طفولة قديمة متجددة أن اللوحة مجال رسائل للانسان الكامن في دواخلها والقماشة مساحة وجد وجمال تعلن الجوهر في الفكرة القابعة بالكينونة.. و من هنا كانت رحلتها النبيلة مع الرسم والفن والمعارض في تونس وخارجها وفق يقين مقيم لديها مفاده أن الفن جزيرة وواحة وصحراء للتواصل والحلم والامتلاء في عالم تهزه الصراعات التي عنوان مجاريها الظلم.. ظلم الانسان لأخيه الانسان والدوس على الحقوق.. و تعددت اهتماماتها في مواضيع اللوحات والأعمال الفنية التي أنجزتها لعقود حيث كان الحق الفلسطيني بارزا في هذه المواضيع التي تعاطت معها بروح الفن ورسائله العالية .. حيث اللحظة الراهنة القائلة بالتوحش الجنوني للكيان الاسرائيلي تجاه الحق البين للشعب الفلسطيني.. هكذا هي فنانتنا في أعماله بين الراهن وتنويعات الحياة من مشاهد وأمكنة وأحوال شتى..

الفنانة التشكيلية الهام تقتق التي كانت تجربتها الفنية متعددة المراحل والأنشطة التي كان منها وو انتظم مؤخرا ونعني معرضها الفني الشخصي بالفضاء الثقافي والفني "دادا" برواقه للفنون.. هذا الفضاء الخاص الأنيق المفتوح على الأنشطة الثقافية.. DADA

في هذا المعرض لوحات متنوعة في الاحجام والمواضيع ومنحوتات ضمن عنوان لافت هو " أنا وأنت والآخرون " وانتظم في الفترة بين 25 نوفمبرو 11ديسمبر الجاري وبحضور وزيارات متفرقة لعدد من الفنانين والمهتمين بالفنون الجميلة ومن المعروضات لوحتان فنيتان بعنوان " صرخة شعب " وذلك بمثابة دعم لفلسطين وشعبها الصامد ولغزة وبطولات نضالها ضد المحتل الغاشم .. تقنيات متعددة وأعمال سنوا فيها الجديد وفيها المنجز منذ مدة في معرض تقول عنه الفنانة التشكيلية الهام تقتق ".. هذا المعرض هو حوصلة لمجمل التجربة الى الآن حيث عشت الفترات الأخيرة عديد الأحداث من الكورونا الى الحرب الظالمة على غزة مرورا بعديد المجريات في المجتمع التونسي ومعرضي هو رسالة بعينها لكل الفنانين وما أعجبني هو الاقبال المميز للفنانين وفئة الشباب على زيارته الى جانب حضور فلسطين بثقلها الثقافي والحضاري والنضالي والوجداني كحق مشروع بالنظر لما يعانيه الناس هناك .. " وعن بدايات الفنانة مع الرسم والتلوين تواصل القول ".. منذ فترات طفولتي كان لي ميل وحب للرسم و" البريكولاج " ونما معي هذا الولع والاحساس الفني حيث تخيرت الرسم على ميول فنية أخرى فيها تعبيرية عالية كالرقص ثم كانت مرحلة ما بعد البكالوريا ليكون اتجاهي الى المعهد العالي للفنون الجميلة لتكون لي تجربة مميزة حيث مررت بعدة اختصاصات كالرسم والنحت والحفر فكنت أقضي حوالي أربعين ساعة في الأسبوع في هذه الممارسات الفنية ضمن الدراسة وتتالت أنشطتي لتكون أيضا في فصل الصيف بعد الدراسة وعند العطل ومن ذلك الاشتغال الفني في أطر وورشات وفضاءات على غرار فضاء الفنان الحصايري ومتابعة أنشطة رواق شيم ومرسم محمود السهيلي .. و مرزوق ورفيق الكامل الى جانب مشاركاتي ضمن أنشطة الجمعية التونسية للتربية التشكيلية خاصة في التسعينيات وهذا فضلا عن مشاركات مع جمعيات عالمية و قمت بالتدريس في المعهد النموذجي ومررت الاهتمام بالفن والولع به الى التلاميذ كما شاركت في فعاليات مع فنانين أجانب برواق يحيى ثم سافرنا الى فرنسا وشاركت في المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس في مناسبة سابقة ومن معارضي كانت مشاركتي في لقاء 2022 بسيدي بوسعيد ضمن تظاهرة دولية .. ".

الفنانة الهام تقتق تعمل في مجالها الفني الابداعي وكما تقول باحساس ومعايشة للأشياء والعناصر والناس والأحداث ومن مناخات لوحاتها تمضي الى عوالم شتى عناوينها الأمل والحنين والفرح والشجن .. عرضت ضمن العديد من المعارض ضمن مشاركات جماعية الى جانب المعارض الشخصية وكان ذلك في تونس بقرطاج وسيدي بوسعيد وابن خلدون وابن رشيق وسوسة والقيروان والمنستير وتوزر.. وفي الخارج على غرار مصر وفرنسا كما أنها كانت مسؤولة عن المعارض الفنية بالكريديف .

هكذا تواصل الفنانة التشكيلية الهام تقتق نشاطها الفني التشكيلي حيث مثل هذا المعرض الفني مرحلة مهمة في مسيرتها بالنظر لما حواه من أعمال تشير الى الذائقة الجمالية والفكرة التشكيلية التي تعمل ضمنها الهام وفق ما تختزنه من وعي بالفن في حياة الناس وبما تسعى اليه في التواصل مع المتلقي حيث كانت الأعمال الفنية المتعددة ضمن رغبات الفنانة المشتغلة على منجزها الفني لعقود ..

معرض " أنا وأنت والآخرون " فسحة تشكيلية راوحت بين أعمال تنتمي لفترات مختلفة ولكن يجمع بينها شغف الفنانة تجاه الفن التشكيلي والعمل على أن تعكس الأعمال الفنية حالات انسانية وجدانية ثقافية لم تغب عنها فلسطين التي تخيرت لها الهام لوحات فنية تعلي من شؤون وشجون حقوق شعب يقاوم محتليه.. معرض يستح التوقف عنده لما تطرحه معروضاته الفنية من أسئلة وهموم .. وجمال.  

***

شمس الدين العوني

في المثقف اليوم