بأقلامهم (حول منجزه)

مصدق الحبيب: كلمة حق!!

تعرفت على الصديق والاخ الاستاذ ماجد الغرباوي منذ السنة الاولى لتأسيسه موقع ومجلة المثقف التي تحولت فيما بعد الى مؤسسة المثقف العربي ومركزها سدني - استراليا.  ولم يمض وقت طويل حتى ترسخت علاقتنا بحكم التقارب في افكارنا وفلسفتنا ونظرتنا لما يدور حولنا من شؤون وطننا الذي ابتلي بسلسة من الفواجع. وكذلك بحكم احترامي الجم لخلقه العالي وكرمه وتواضعه.

عرفت في الاخ الغرباوي  رغبته الصادقة لشق طريق مختلف تماما عمّا انتشر من مواقع وصحف ومجلات انتشارا انفجاريا على الانترنت وماهو مطبوع.  كان همه الاول هو نشر الكلمة الصادقة  وتنمية الافكار الناضجة ورعاية الاقلام  الجادة الملتزمة بالوطنية الحقة البعيدة عن التكتلات والتحزبات والاصطفافات العقائدية والمذهبية.  وهذا أمر واضح لمن يريد ان يلقي الضوء على تاريخ ما نشرته المثقف منذ تأسيسها ولحد اليوم والذي سيجده خاليا تماما من الترهات الصحفية ومنشورات الانترنت الهادفة الى الاثارة او الى التحزب والتنابز وتجنيد العواطف مع او ضد هذا الطرف او ذاك.

وحري بي القول ان الاخ الغرباوي أخذ على عاتقه تمويل هذا المشروع من جيبه الخاص دون مساعدة او تعضيد من أي جهة.  وقد مضى الى دعم نشر عدد من الكتب لشخصيات ادبية وثقافية مهمة، ثم بدأ بالتدريج وبأناة لنشر مؤلفاته الخاصة التي فتحت حقلا جديدا وسلكت دربا حاسما لم يسلكه احد من قبل حسب معرفتي المتواضعة.  وهكذا خرج الى النور مشروع الغرباوي الفكري بعدة اجزاء، وما زال ماض في الصدور.

لقد ركز مشروع الغرباوي على  البحث  الجاد في موضوعات فكرية تنويرية  اكتسبت اهميتها القصوى في هذه المرحلة الثقافية والحضارية المعتمة من تاريخنا الحديث.  فما احوجنا مثلا للتنوير في اشكاليات السلطة والحكم والاستبداد،  والحرية والعنف والتسامح والتعايش، والدين والعقيدة والمواطنة! وفوق ذلك فقد أخذنا الغرباوي الى فضاء فكري آخر، ادق واعمق وله ضرورة حاسمة اليوم في مجتمعنا العراقي والعربي الذي يشهد نكوصا ثقافيا وحضاريا مفجعا. ألا وهو الغور في موضوعات الحقيقة والاصلاح، والقدسية والدين والآلهي السماوي والبشري الارضي، واشكاليات الفقه والتفسير والحكمة والتشريع.

وليس اصدق من أن نراه يلخص رسالته الفكرية وهدفه التنويري بالقول انه يسعى الى:

" تحرير العقل من بنيته الأسطورية وإعادة فهم الدين على أساس مركزية الإنسان في الحياة. وترشيد الوعي عبر تحرير الخطاب الديني من سطوة التراث وتداعيات العقل التقليدي، ومن خلال قراءة متجددة للنص تقوم على النقد والمراجعة المستمرة، من أجل فهم متجدد للدين، كشرط أساس لأي نهوض حضاري، يساهم في ترسيخ قيم الحرية والتسامح والعدالة، في إطار مجتمع مدني خالٍ من العنف والتنابذ والاحتراب".

فمن فكر وسيرة هذا المعلم الجليل نتعلم وتتعلم الاجيال القادمة ليتمهد السير باتجاه العقل الراجح والوعي الرصين الملتزم من اجل المواطنة الحقة والعيش بكرامة وسلام ومحبة للجميع.

***

بقلم: الدكتور مصدق الحبيب

..........................

* مشاركة (17) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).

رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي

https://www.almothaqaf.com/foundation/aqlam-10