بأقلامهم (حول منجزه)

زيد الحلي: السعادة تكمن في متعة الإنجاز

لست مبالغا بالقول، ان الاستاذ ماجد الغرباوي  موسوعة ممتعة تشرح الأفكار الفلسفية بصورة غاية في البساطة، وأكثر ما يميزها هو الاستخدام المبدع للأشكال الفلسفية  وشرح مفاهيمها الملتصقة بالحياة،  وبذلك جذب القارئ  له، بأسلوبيته الممتعة، وشخصيا، اثق بقدرته الشخصية على التفكير الفلسفي بعقلانية، مؤكدا قول أبي الفلسفة الفرنسية رينيه ديكارت (1596 – 1650) " أنا أفكر، إذن أنا موجود"  فالشك  الوجودي، ينطلق من الشك نفسه، المبني على النهج الفلسفي القادر على محاكاة الاشياء، والتفكير في سيرورتها، وبذلك نصل الى الجواب المنطقي، وهو ان الشخص الذي يفكر يجب أن يكون موجوداً، وهذا ما يشير اليه  دوما الاستاذ الغرباوي في كتبه ومقالاته.. حيث يوضح فيها أهمية الفلسفة وحاجتنا إليها..

قراءاته في الفلسفة، وفي العطاء  الثر الذي يتمثل في موقعه الاعلامي الرصين "المثقف"  يؤكد ان له قابلية حياة دائمة، وهو يسكن ذاكرته بشكل عجيب، ينضح ويتصفى ويشف كقطرات الماء الصافي، وبذلك  نعرف بأن  لولا الذاكرة لأنتفت القدرة على بناء الحضارة الانسانية، فالذاكرة هي الوسيلة الوحيدة التي تمكن الانسان من خزن تجاربه وخبراته وخيراته المكتسبة في سباق نشاطه اليوم .

والمطلع على افكاره، يلمس عمقها في تناولها  لموضوعات قريبة من الواقع، بعيدة عن الرؤى الضبابية، مثل الحرّية والمسؤولية والعدالة الاجتماعية، ضمن مفاهيم  الفلسفة النقدية وفلسفة التاريخ، ويبتعد عن التنظير الذي ينفر منه القارئ، فإيمانه متجذر في ان متابعه وقارئه يهمهم معرفة معنى وجودهم، ويستجلوا غاية المتغيرات المجتمعية والكونية، لذلك أراه دائم التأكيد على إيمانه المطلق بالعقل الإنساني ما يشيئ الى نظرته الحياتية، المفعمة بالفلسفة، فالعقل عنده، عدو الوهم والانخداع والتعصب، لأنه لا يفتأ يجوب الآفاق سعياً وراء المجهول، حتى يكشف عنه ويجلوه للعيان .. والعقل بطبيعته منتظم وناظم، يربط حلقات المعرفة بعضها ببعض ..

في كتابات الاستاذ ماجد ، يحس القارئ، ان الكلمة فيها  تنطلق الى الاخرى بثقة عالية، ومن اللفظ الى معانيه، وهو لا يحدق في ما وراء الكلمات والالفاظ، هو يكتب وفق منظوره الخاص، معبرا عن دواخل ما يريد بيسر اخاذ، دون ان يتقيد بهواجس الاصداء التي ربما يطلقها من يريد المناكدة والنقد، واظن ان وراء تلك الثقة بالنفس التي يمتلكها الاستاذ ابا حيدر، شعور مبن على قناعة بأن كل مبدع حقيقي، هو شجرة شامخة، باسقة، ويرى في نفسه إنها تلك . .. الشجرة .

وهو ايضا  يؤمن أن الحياة شاسعة، والحقيقة ليست مجرد ادراك ذهني بحت، وقد دفعه حبه للحياة بما فيها من ثراء الى السفر في عالم الابداع وهو عالم واسع جداً، واثمر هذا السفر عطاءً ثرا في مجال الكتابة الفكرية، الى جانب الصحافة الثقافية الالكترونية التي قدم فيها اسماء عديدة هي الان في صدارة المشهد الثقافي العراقي والعربي ..

سبق أن كتبت عن ثلاثة كتب من كتبه، سنة: 2010م، هي: (التسامح ومنابع اللاتسامح.. فرص التعايش بين الأديان والثقافات. وكتاب تحديات العنف، وكتاب الضد النوعي للاستبداد. تساؤلات عن جدوى المشروع السياسي الديني) بعنوان: كتب الغرباوي تدخل دائرة المحظور من باب النقاش.. تساؤلات عن الضد النوعي للاستبداد. أشرت في مقدمة المقال أنه يقدم أفكارا لم يسلط عليها الضوء احد كونها أفكارا من العيار الثقيل، التي يخشي الخوض في تلابيبها الكثرة الكاثرة من كتاب الفكرة الجاهزة والمطروقة.

تقبل مودتي ابا حيدر الحبيب ... ان السعادة تكمن في متعة الإنجاز ونشوة المجهود المبدع..

***

زيد الحلي – كاتب وصحفي عراقي

...................................... 

* مشاركة (49) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).

رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي

https://www.almothaqaf.com/foundation/aqlam-10