أقلام حرة

أقلام حرة

منذ عشرون عام والعراق يعيش نظام رواتب حكومي طبقي، يعطي الكثير للاقلية من الموظفين! ويحرم غالبية الموظفين، ولا ينفع مع هذا الظلم أي تعديل للرواتب اذا بقيت الامور التي سنذكرها بالمقال على نفس الحال المائل، دعني اقول لكم ان بعض الهيئات المستقلة والوزارات ينتفع موظفيها بكل وسائل العيش الرغيد، لكن اغلب الوزارات يعيش موظفيها برواتب لا تسد متطلباتهم الشهرية، حيث أسس نظام مخصصات عجيب غريب، يمنح لبعض الوزارات والهيئات، ويحجب عن الاغلبية! فهل سمعت بمخصصات بريمر التي تمنع لبعض الموظفين والتي تصل الى مليونين دينار بالشهر! وهي تحجب عن اغلب موظفي العراق! أو ان تعطي بعض الوزارات والهيئات لموظفيها 14 راتب في السنة، وأغلب الوزارات فقط الراتب العادي (12 راتب بالسنة)، وبعض الوزارات والهيئات تعطي ضمان صحي لموظفيها، وأغلب الوزارات تمنع الضمان الصحي عن موظفيها.

انها طبقية عالم الوظيفة التي أسسها نظام سياسي فاشل كان لا يفهم ما يحصل بسبب هذه التفرقة بالعطاء.

وسنذكر هنا اهم أسباب الطبقية بين الموظفين ومطالبا لتحقيق العدل:

1- توزيع قطع اراضي للبعض:

خلال العشرون سنة الماضية قامت امانة رئاسة الوزراء والبرلمان والهيئات المستقلة ووزارة النفط بتوزيع قطع اراضي لموظفيها ومرات عديدة، وفي مناطق مهمة، بحيث الموظف بعد عام من التعيين يمنح قطعة ارض في مكان مميز، اما باقي الوزارات فلم تعطي حتى متر واحد، بل ان بعضها اذا توزع فهي توزع قطع اراضي في النهروان، تلك الصحراء التي هي قطع الأرض لا تنفع للسكن ولا للبيع!

والاقلية من الموظفين يستملون قطع اراضي قرب المطار او في الكرخ او على نهر دجلة، انه قانون ظالم يخدم الاقلية.

- اليوم نطالب بتوزيع قطع اراضي على كل موظف لم يستلم، وهذا لتحقيق العدالة، ورد الظلم، فما حصل طيلة عشرون عام ظلم كبير جدا وقاسي فاق ما فعله الطاغية صدام بحق العراقيين.

2- مخصصات مالية للبعض:

بشكل وقح وغير منصف تم تخصيص ابواب مالية للصرف لبعض الموظفين دون باقي موظفي العراق، حيث فتحت الخزانة أمام موظفي امانة رئاسة الوزراء، وموظفي البرلمان، وموظفي البنك المركزي، وموظفي النفط، وبعض الهيئات المستقلة، ليحصلوا شهريا على رواتب كبيرة جدا تجعل الحياة مرفهة.

وتصل المخصصات لهؤلاء الموظفين المحظوظين الى نسبة 600% يعني ست اضعاف الراتب الاسمي، بالمقابل الآخرون لا تزيد نسبة المخصصات عن 75% من الراتب الاسمي، فانظر لحجم الفارق والظلم الذي يتعرض له اغلبية الموظفين، عبر قانون ظالم ينفع الاقلية ويظلم الاكثرية.

بل هل سمعت بمخصصات بريمر! والتي تصرف لبعض الموظفين المحظوظين! وتصل وحدها الى مليونان دينار في الشهر! فتخيل حجم الثروة والرفاهية التي يعيشها الاقلية عبر قانون ظالم لم ينصف اغلبية الموظفين.

- لذلك مطلبنا بتعديل المخصصات لباقي موظفي الدولة بحيث تكون زيادة في صرف المخصصات وليس فقط زيادة نسبية بسيطة في الراتب الاسمي.

3- ضمان صحي للبعض:

في بعض المؤسسات الحكومية يوجد ضمان صحي للموظفين، من قبيل امانة رئاسة الوزراء وموظفي البرلمان ووزارة النفط، بحيث اي مراجعة الطبيب يتم صرفها من الضمان الصحي، او أي عملية يجريها الموظف وعائلته، يتم تحمل تكاليفها من الضمان الصحي، بهذا الحال يكون الموظف محمي ضد أي طارئ، والغريب عنده ضمان صحي وهو يستلم راتب ضخم جدا، مع ان المستحق للضمان الصحي هو الموظف الذي يستلم راتب قليل وهم اغلبية الموظفين، فانظر لظلم القانون الذي يعطي كل شيء للاقلية من الموظفين! ويمنع كل شيء عن غالبية الموظفين.

- نطالب بتوفير الضمان الصحي لكل موظفي الدولة، اسوة بالاقلية المدللة من قبل الدولة، ونتمنى من النقابات أن تساهم في المطالبة بهذا الحق الشروع والمغتصب منذ سنوات طويلة.

4- ايفادات وسفر للبعض:

في السابق كانت الايفادات تتوزع بالتساوي بين الوزارات والهيئات حسب الحاجة، وسعيا لتطوير الكوادر الوظيفية، لكن بعد الخلاص من الطاغية تغير الامر، واصبحت الايفادات محصورة بفئة معينة، مثلا تتاح الايفادات والسفرات بشكل كبير ومتكرر خلال السنة الواحدة لموظفي امانة رئاسة الوزراء والبرلمان ووزارة النفط، وتمنح تماما أمام موظفي باقي الوزارات. مثل التربية والزراعة والصناعة والتجارة والكثير.

في وزارة التعليم العالي تمنح فقط لاصحاب اللقب العلمي، وتمنع تماما عن باقي الموظفين، حيث الطبقية في ابشع صورها تمارس داخل الوزارة ومنذ عشرون عاما.

- لذلك نطالب بتوفير فرص ايفاد لجميع موظفي الدولة، حتى لو مرة كل سنتين لتطوير كفاءته وتحقيق العدالة، فما يحصل منذ عشرون عاما هو القبح الشديد ولا شيء غيره.

5- حوافز مالية للبعض:

الاقلية من الموظفين (المدللين) يستلمون حوافز بعضهم كل ستة اشهر وبعضهم كل سنة، وهي مبالغ كبيرة جدا، بالمقابل يحرم غالبية موظفي الدولة من الحوافز، هذا الأمر كان يمكن أن يحل بعض مشاكل اغلبية الموظفين، فمع غياب الضمان الصحي والمخصصات الكافية وعدم توزيع قطع اراضي، يكون بعض القبول لو تواجد موضوع الحوافز، والذي يمنح بشكل مستمر للموظفين المدللين، لكن يحرم منه الاغلبية مع انه حق اصيل لهم.

- لذلك نطالب بتوزيع حوافز كل السنين السابقة على الاغلبية المحرومة إحقاقا للعدل المغيب بسبب فئة متسلطة من الفاسدين وعديمي الضمير.

- اخيرا..

نتمنى من اهل القرار الاهتمام بمطالبنا، في سبيل إعادة الحقوق لاهلها، وانهاء حالة الظلم التي تعشعش بها اغلبة وزارات الدولة، فالناس بحاجة لفرحة العدل ورد المظالم، ويجب انهاء حالة الطبقية بين الموظفين التي حصلت بسبب الظلم في توزيع عطايا الدولة على من يقدم عمره لخدمتها.

***

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

ان مفهوم الإصلاح انما هو تعبير عن حاجة اجتماعية للتقدم خطوة إضافية في مسيرة الكمال، حيث أن مفهوم الإصلاح مرتبط دائما بوجود نقص يحتاج إلى إتمام بمعنى أن النقص يعتبر خراب واتمام النقص يُعد إصلاحا من هنا نفهم أننا أمام مفهوم متحرك حيوي مرتبط بفعل وفاعل وليس مفهوما تعبيريا جامدا، ولان اي فعل يحتاج إلى أدوات يستخدمها الفاعل فإن أصل الإصلاح سيكون متعلقا بشكل الادوات المستخدمة والتي ستمثل المدخلية المناسبة أو غير المناسبة لتحقيق خطوة مضافة إلى الأمام في مسيرة التكامل الإنساني وفي ذلك منهجين هما (التعيين والتقنين) ..

الأول .. التعيين

وهو تشخيص العلل ووصف المعالجات بمعنى أنها مرتبة البحث والتداول في الموضوع ومن ثم وضع وتقرير العلاجات المناسبة وبعد ذلك نشر النتائج .. في الواقع أنها مرتبة تمثل دراسة بحثية للواقع الاجتماعي أخلاقيا سياسيا واقتصاديا، ثم خذ هذه الدراسة القيمة وقم بتنضيدها بشكل جيد وبغلاف جميل وعنوان اجمل وضعها بيد الواعظ، طبعا سيرتقي المنبر ويعرض ما توصلت إليه الدراسات من نتائج على مستوى المقدمات والنتائج والأمراض والعلاجات وسيجعل تنفيذ خطة الإصلاح على مسامع الجمهور ويذكرهم بمراد الله في خلقه وأن الله تعالى يحب الصادقين ويبغض الكذب والكاذبين بقوله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا ايها الذين امنوا لم تقولوا ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون *) صدق الله العلي العظيم .. ثم ينزل من المنبر ويذهب كلٌ المؤمنين إلى بيوتهم يتداولون إمكانية الخطيب في الخطابة وكيف أنه كان يقول الحقيقة وان المجتمع فعلا يحتاج إلى إصلاح ومراجعة ولكن هل أن هذا الخطيب المفوه الحريص على ان يحدث فارقا يمتلك أدوات مناسبة للقيام بذلك ام أن حدود مايمكنه القيام به هو شرح هذه الدراسة الإصلاحية التي هي موجودة في أصل الدين والذي يمثل طريقة حياة وليست فقط طريقة تدين طبعا لايمكن لأحد أن يقول أو يدعي بان الفقيه او الخطيب يمتلك تلك الأدوات المطلوبة لتحويل هذه القواعد الإصلاحية النظرية إلى واقع عملي، لأن تلك الأدوات انما هي أدوات السلطة الحاكمة التي تمتلك سلطة التقنين التي تجعل السلوك الاجتماعي باركانه المختلفة اقتصاديا وثقافيا وسياسيا وغير ذلك مرتبط باالمحاذير القانونية لذلك فأنك عندما تأخذ نسخة من هذه الدراسة وتضعها بيد السلطة الحاكمة فإنها ستذهب إلى آليات التشريع القانوني والى اليات إنفاذ القانون، وبعد ذلك لن يكون لهذا الكتاب الجميل مكان الا في أروقة المكتبات لمن يريد المراجعة.. اما النسخة الأولى فإنها ستبقى تتنقل بين أيدي الوعاظ الى أن تبلىٰ دون أن تصلح شيئ لأن مدخلية الإصلاح مرتبطة بامكانية التكليف كما يقال في الحكمة

(عمل لا يكلف به أحد لن يقوم به أحد). لذلك لن يكون الإرشاد كافيا للإصلاح وانما هو فقط وعلى الأرجح سيكون حجة على الناس بأنهم قد تم تذكيرهم فنسوا ماذكروا به وتم وعظهم ولم يتعظوا وهذا ليس خاصا بالمسلمين وانما هي قضية سايكولوجية تتعلق بأثر ودور الرقابة والقانون في جعل الإنسان ينصاع، ومن ثم بعد أن يصبح الانصياع للقانون سمةً اجتماعية يتحول السلوك القانوني إلى عادة اجتماعية تُوَرَث، عند ذلك فقط يمكن القول إن هذا المجتمع مجتمعا منضبطا وحينها تصبح قضية الإرشاد كذلك مقننة كما يحدث عندما تقوم السلطة الحاكمة بإدخال الناس في دورات التنمية البشرية او التعليمية أو دورات الإصلاح وغير ذلك الفارق هنا في المجتمعات الإسلامية

ان الواعظ لايملك سلطة الارغام القانونية لذلك يبقى الإرشاد عبارة عن اقتراح لمن يريد هو أن يأخذ به بمعنى أنه بدون ضابطة تحدد مايترتب على الالتزام أو عدم الالتزام ..

***

فاضل الجاروش

.. ارتبطت مقدرات الشعب وأرزاقه وقوت ابنائه بمشاكل البرلمانيون وصراعهم الذي لاينتهي، فلا توجد دولة في العالم الحديث يتكرر لديها مثل هذا الخلاف المعقد على إقرار الموازنة في كل سنة كدولتنا ويستمر الخلاف بلا توقف لشهور عديدة حتى نتجاوز منتصف السنة والموازنة لم يتم إقرارها بعد، فهي الطاقة المحركة لحياة المجتمع الاقتصادية من داخل وزارات الدولة بما فيها التعيينات والقروض والسلف والأعمال وأموال التعويضات وباقي المشاريع المتوقفة بسببها، أن الشعب من شماله لجنوبه يقف حائراً بانتظار مايخلص إليه البرلمانيون والحكومة بخصوص الاتفاق وخاصة أصحاب الآراء المتصلبة منهم ... يبدو أننا لانمتلك حل لهذه المشكلة التي صارت تتعقد سنة بعد أخرى فالجميع لايرضى بحصته من التخصيصات الهائلة التي لو منح تخصيص محافظة واحدة من محافظاتنا الى دولة مثل السويد أو بلجيكا او الأردن لاستطاع شعبها ان يعيش في نعيم لسنتين متتاليتين .. يبدو أن الحل الوحيد هو الاستعانة بالأمم المتحدة من أجل تخصيص خبراء بإشرافها لكونها مؤسسة دولية تعنى بشؤون الدول الغنية المنهارة كدولتنا بغية تنظيم حياة مجتمعاتها الاقتصادية والحفاظ على ماتبقى من أموالها وأموال أجيالها القادمة من الضياع فقد راحت تهدر بطريقة عجيبة لم تحدث مثلها حتى في الحرب العالمية الأولى والثانية ... اتضح بعد التجارب الطويلة المكللة بالخيبة والفشل والخسران بأننا نفتقر الى العقول الاقتصادية المدبرة وغير قادرين على التخطيط بهذا الشأن لأننا نفتقر إلى أصحاب الخبرة الشاملة من جانب ونعاني من الفساد المالي ونهب الأموال من الجانب الآخر فلماذا لا نسلم أمورنا إلى الأمم المتحدة لتنظيم شؤوننا ونخلص !!!.

***

ماهر نصرت / بغداد

دار حوار بيني وبين إحدى المعارف في مجلس نسائي حول المقالات التي أكتبها والقصص المكتوبة وبعض الفيديوهات التوعوية المسجلة  عبر تطبيق سناب شات في نطاق ضيق نوعاً ما والتي تتناول التاريخ والقضايا الإجتماعية والتحليل النفسي والفلسفة والأساطير مع محاولة تقريب الصورة للمشاهد بالأزياء والأماكن.

قالت: أنا هدفي الشهرة وسوف أفعل أي شيء لأحقق أكبر عدد من المتابعين وأدخل لهذه الحياة الفارهة فما سوف أحصله من عدة إعلانات أضعاف دخل موظف عادي لعام كامل، لو كنت مكانك لما ترددت لحظة واحدة في طريق الشهرة والنجاح تملكين محتوى لا بأس به لكنك "ساذجة ومثالية" زيادة عن اللزوم.

لم أناقشها كثيراً فقط رددت أني لا أمانع إيصال ما أقوم به للناس ويسعدني أن أرى الوعي لديهم وتأثرهم بآرائي وإتساع زوايا نظرتهم للأمور لايهمني عدد المتابعين وان كثروا بمجرد أن أسمع أنني إستطعت إلهام شخصاً واحداً وجلب السعادة لقلبه فهذا نجاح عظيم بالنسبة لي..

بعد إنتهاء السهرة فكرت بكلامها كثيراً وحللته كعادتي من عدة جهات ، كانت على حق فيما ذكرته حول الوضع الإقتصادي وتحقيق ثروة هائلة تتطلب خمسة عشر عاماً ربما من الإدخار من راتبي الشهري والذي لن يفيدني حتى بتحقيق ربع قيمة أرباح مشهورة من مشاهير مواقع التواصل هذا عدا عن أن الشهرة بحد ذاتها ليس هدفاً صعباً خاصة هذه الأيام ، أعني كفتاة فإن الأمر لايتطلب سوى قدر من الجمال أو ميزانية لعدة عمليات تجميل بسيطة حتى يتأمن مبلغ كافٍ للمزيد منها ، تسوق ، شرح خطوات ماكياج "في البداية فقط" ، شلة من صديقات الأنس  حيوان أليف ،وتغطية كاملة لكل جزء من حياتها حتى تصل بعد فترة للتوثيق وتبدأ الشركات والمطاعم والمقاهي والأسر المنتجة بنيل رضاها للإعلانات لكن بالرغم من كل هذا ، فإن دراسة الجدوى بمشروع بهذا الشكل يحمل الكثير من المخاطر.

أولاً الحفاظ على هذه القاعدة الجماهيرية يعتبر تحدي كبير وذلك بسبب:

١- إنعدام الموهبة الحقيقية.

٢- أهداف سهله ومتاحة للجميع ولا تتطلب مجهود شخصي أو سعي مضني لها.

٣- عدم وجود معايير عالية للتميز.

٤- الهوس وضياع الوقت.

٥- المخاطرة المالية وعدم ثبات الدخل.

ثانياً: رأس المال معتمد بشكل أساسي على نسبة المتابعين وتحت تصرفهم بشكل كامل حيث أن تلك الثروة تتناقص وتتقلص تدريجياً حال ظهور منافس شرس ( أجمل وألطف أو حتى أكثر سخافة) فإنه سوف يسحب تباعاً نصف أو ثلاثة أرباع الجمهور والدعم  خاصة كماذكرت أن معايير النجاح هنا هي في متناول الجميع الصغير والكبير والمراهق والسخيف.

مما يتطلب من الشخص البدء ب"الشحاتة" الحديثة تحت إثارة الجدل لزيادة المشاهدات

إما بالإستعطاف والإستجداء بخلق نوع من الدراما وإفتعال مشاكل مع أي شخص آخر من زملاء المهنه مثلاً معدة بسيناريو مسبق يخدم مصلحة الطرفين (نلاحظ ذلك بوضوح إذا انتبهنا لأعداد تناقص المتابعين عند طرفي النزاع) 

أو القيام بأفعال مشينه والتصريح بآراء صادمه وواسترضاء الناس حيث يصل المشاهير إلى مرحلة أشفق عليهم فيها كثيراً وهي أنهم لايملكون حياة خاصة ولا يملكون حتى المطالبة بها لأنهم هم انفسهم من كشفها من البداية فتنتهك حياتهم مثلما تنتهك إنسانيتهم بحملات شرسة من التنمر والمضايقات.

مما يزيد وطأة الإضطرابات النفسية والسلوكية التي تصيب الفرد من هذه الفئة والسم الذي يبثه يومياً لحياة الآخرين الذين يتابعونه بدافع الحب أو الفضول أو الإستهزاء فقط.

في آخر الأمر أن لاشيء سوف يدوم وهذه الأضواء سوف تنطفيء يوماً ما لكن الدمار الناتج عن هذا الهدف لايمكن إصلاحه لشخص تناقصت قيمته الذاتية ونظرته لنفسه ونجاحه بزوال كل من كان يصفق له يوماً ما..

لذلك فإن كل من شهر بلا موهبة وبلا قضية ما تخلد انجازاته بعد إنطفاؤه حتماً ..لن يعود من جديد

طريق الوصول إلى النجوم اللامعة في السماء... مظلم

***

لمى ابوالنجا 

توجيه رئيس مجلس الوزراء لجميع الوزراء في انهاء التقييم الشامل لأداء وعمل المديرين العامين في وزاراتهم خلال مدة أقصاها ١٢ آذار الماضي كان وراءه تقييم للوزراء انفسهم، وعلى ما يبدو ان الفكرة بدأت تؤتي اكلها بما يتسرب من اخبار عن نية لتغيير بعض الوزراء المتلكئين في الحكومة الحالية التي مضى على تشكيلها اكثر من ستة اشهر في إشارة واضحة الى جدية هذه الحكومة بالعمل والإنجاز والاستفادة من الوقت بعد ان تأخر تشكيلها اكثر من عام.

فهل فشل هؤلاء الوزراء في تقييم فترة الستة اشهر الاولى من عمر الحكومة؟ ام انهم لم يحققوا المطلوب انجازه في البرنامج الحكومي المعلن للسيد السوداني؟. وبعيدا عن علامات الاستفهام اعلاه، هل يستطيع رئيس الوزراء تغيير وزرائه دون الرجوع للكتل التي رشحتهم ؟ وهل تقبل الكتل المشكلة للحكومة المساس بحصصها الوزارية ؟ والذي تعتبره استحقاقها وجزءا متكامل من اتفاق تشكيل الحكومة.

الامر برمته يحتمل اتجاهين: 

الاول - ان تقوم الكتل نفسها بترشيح وزراء بدلاء، وهنا لا تغيير سوى بالأشخاص.

الثاني - ان تخول الكتل السياسية؛ السوداني ترشيح وزراء مستقلين من التكنوقراط المهني المتخصص بديلا للفاشلين، وهو امر جيد ان تحقق، ولكنه مستبعد.

وان سار الامر بالاتجاه الاول فان فرض اسماء من نفس الكتل على رئيس الوزراء يحتمل اتجاهين أيضاً:

الاول - ان تعي الكتل مسألة الفشل السابق وترشح بدلاء اكفاء، وهو امر ممتاز حتى وان كانوا ذا خلفية حزبية لكن هدفهم خدمة الوطن والمواطن.

الثاني - ان تكرر الكتل السياسية ترشيح غير المؤهلين، وبالتالي تعاد دورة الفشل وفي هذا خسارة للسوداني اولا؛ والإطار التنسيقي ثانيا؛ وللوطن بشكل اكبر ثالثا؛ والمواطن على المدى القريب والبعيد رابعا؛ وخسارة للوقت خامسا.

ان مهمة عمل الحكومة ونجاحها تتحملها جهتين فقط دون غيرهما: رئيس الوزراء وائتلاف قوى الدولة الذي اوكلت اليه مهمة تشكيل الحكومة والذي تمثله اليوم قوى الاطار التنسيقي، والذي صرح في حينها وقبل التصويت على الحكومة برلمانيا بانه يتحمل المسؤولية التاريخية في بذل كل الجهود لانجاح هذه الحكومة واوكل المهمة الى السيد محمد شياع السوداني في رئاسة مجلس الوزراء ونال ثقة البرلمان بكابينته الوزارية وبرنامجه الحكومي، ومع الخطوات الجيدة نسبيا للأخير وسعيه الدؤوب لتنفيذ برنامجه الحكومي والوقوف على الثغرات واسباب الفشل بين فريقه الوزاري من خلال فكرة التقييم الشامل، لذا فانه يجب ان يتمتع بالقرار المستقل القادر على تغيير وزرائه بآخرين ممن يجده مناسبا للمهمة والمنصب دون ضغوط من احد أيا كان، عليه فانه بحاجة ماسة الى دعم من رشحه اولا ومن ساهم في تشكيل الحكومة ثانيا ومن جمهور المواطنين ثالثا... للسير بخطوات ثابتة نحو حاضر ومستقبل افضل للوطن والمواطن.

***

جواد العطار

إستغربَ صوت ناشط لأن أحدهم إعترف بدوره، وأثنى على أعماله التي تخدم الوعي العام وتنير العقول، وكان في دهشة لإفتخار إبن وطنه به.

فالسائد في واقعنا السلوكي، واحدنا يسعى لتحطيم رأس أخيه، والنيل منه وإظهار مثالبه وإنكار فضائله، فليس من عادتنا الإعتراف بفضل بعضنا، وبدورنا في صناعة الحياة الطيبة.

إذ نمتلك طاقة تخريب غابية، ونجتهد بالوصول إلى أهدافنا التدميرية، التي تشعرنا بالفخر والإعتزاز والقوة، فما أشد قسوتنا على بعضنا.

هذه حالة فاعلة فينا عبر الأجيال، وتنخر وجودنا وتستهلكنا، وبموجبها نتحرك بإنحدارية فائقة نحو الحضيض.

فلدينا أرفع الإمكانيات والقدرات في كافة المجالات، وترانا في آخر ركب الدنيا وقاع الزمن المعاصر، وطاقاتنا فذة وأصيلة، وعقولنا مبدعة وكبيرة، والتفاعل السلبي يهلكها ويفرغها من الإنتاج الجيد البديع، القادر على شق المسارات الصاعدة.

ونؤكد في سلوكنا أن "مغنية الحي لا تطرب"، ونتشبث بالغريب الطارئ ونتخذه راية وقدوة، ونحسب التقدم في التبعية والإمتثال لما عند الآخرين من عطاءات متنوعة.

والعجيب في أمرنا أننا لا نستوعب معنى التقدير والإفتحار والتعزيز ونعتبر ذلك مديحا، فما أن تتباهى بزميل ومبدع حتى يتوهم بأنك تمدحه، ولا يستوعب أنك تثمن جهوده وتشجعه على العطاء المتميز.

وإذا حاولت إظهار أصحاب الإنجازات الصالحة، وشددت على أيديهم، سيحسبون ذلك مديحا، وهذه كارثة سلوكية، لأننا في مهلكة المديح والقديح ولا نفهم غيرهما.

إن المجتمعات الواثقة من نفسها تتكاتف وتكون كالبنيان المرصوص، أما المجتمعات الممزقة فتتناثر وتتعادى، وتستغرب إذا أبدى أحد أفرادها مشاعرا ذات قيمة إنسانية، خصوصا عندما يخرج من قبضة منظومة القطيع.

فلماذا لا تتكاتف عقولنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

ان الهجوم على الكرملين بالطائرات المسيرة يعني ان الحرب تزداد شعلتها ولم يكن الغاية هو قتل الرئيس الروسي بوتين بقدر ما يكون ضربة معنوية كي تؤثر على مسار الحرب الأوكرانية الروسية وقد يكون جزء من هجوم الربيع المضاد وقبل احتفال روسيا بعيد النصر على النازية ولا شك أن الرد سوف يكون قويا من قبل روسيا  لمقرات حكومية داخل أوكرانيا ولن يكون الرئيس الأوكراني وحكومته في مأمن وطبعاَ غالباَ ما سوف تكون للحلفاء دور من الممكن في العملية  قد يكون من الداخل الروسي من قبل عملاء دول المتحالفة مع أوكرانيا وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وسوف تكون الحرب أكثر صرامة وضراوة مما كانت عليه وسوف يكون عنيفاَ وضربات تقسم ظهر اوكرانيا ولعلها سوف تحسم الحرب، وحلفاء أوكرانيا يريدن بهذه المحاولات الفاشلة والبسيطة تخويف بوتين وترهيبه للرجوع والانسحاب  كما تعتقد ولاشك ان الاماكن الحساسة لن تكون بعيدة عن انظار القيادة الروسية لتضرب بالكامل وبدون تردد وتكون الخسائر كبيرة بلا شك ويحدث نقلة نوعية هائلة  في تطوير مجريتها ويفضي الى تطورات في نتائج وتداعيات أمنية واستراتيجية دولية على المديات المختلفة البعيدة والقريبة المدى وتحدث دماراً واسعاً للبنية التحتية لأوكرانيا.. ان محاولة قصف مقر بوتين تضع جميع مقرات زيلنسكي وداعميه في خطر الهجوم المرتقب التي تعد له اوكرانيا والذي يراهن عليه حلف الناتو والولايات المتحدة الامريكية سيكون بمثابة الضربة الموجعة النهائية والحاسمة في سعي أوكرانيا استرجاع أراضيها التي ضاعت منها في المراحل الماضية ولعلها تظن ان  هذه الضربة سوف يحسن موقفها في حالة التفاوض حول التسوية السياسية الشاملة كما ان الغرب لن يقبل بخسارة اوكرانيا في هذه الحرب مهما كان حجم التكاليف او الخسائر المدفوعة فيها، لان هزيمة اوكرانيا سوف يكون هزيمة للناتو وضياع لكل ما تعتقد له ويراهن عليه الحلف. أما بالنسبة لروسيا فأن هذه المعركة لن تقل أهمية عما تمثله بالنسبة لأوكرانيا .ان العمليات العسكرية الروسية واجهت مجموعة من الاخطاءمن البعض من القيادات وبمرو الوقت تم اعادة النظر في تلك الاستراتيجياتوترتيب الاوراق وبدأت تنفيذ تكتيكات وخطط حكيمة تضرب اهم المواقع والمدن لشل خركة الجيش الاوكراني وفعلا حصلت البعض من النجاحات ورغم ذلك ان هناك البعض من النقاط هناك حاجة للتفات اليها وخاصة بالمساعدات الكبيرة التي تعد بالمليارات من الدولارات من الاسلحة المتطورة والحديثة بمشاركة بريطانيا والمانيا مما سببت اعادة البعض من الاراضي الاوكرانية،ومن هنا لابد ايضاً الاشارة الى الثبات الروسي وارسال رسائل مباشرة بقوتها التي لا يستهان بها وصمودها، واستفادة من ان تكون قوة اكبر مما كانت علية في العالم اليوم وزاد تقاربها مع الصين والهند وإيران والبرازيل وجنوب افريقيا وتضعضع الدولار والتحول نحو الاستفادة المتبادلة من العملات الاخرى للدول فيما بين، ولاك ان الغرب هو الخاسر الاول نتجية بيع الولايات المتحدة الامريكية العاز والنفط بخمسة اضعاف اقيامها ليؤدي الى التضخم والركود وغلاء الاسعار في كل المواد الاساسية والغذائية وزيادة نسبة البطالة مما فاقم الاحتجاجات والتظاهرات في كل ارجاء اوروبابعد افول الرفاهية في دولها والدخول في انفاق الظلام، كما ادى الى التقارب الروسي الخليجيورفض دولها حل ازمة الغاز والطاقة في اوروبا وزيادة العلاقة بين روسيا ومنظمة اوبك وتخفيض نسب بيع البرميل من النفط ليرتفع به اسعارها مما اغضب تلك الدول والمطالبة بعدم الانصاع للهيمنة الامريكية اولها فرنسا وعلى لسان رئيسها ماكرون . ولا ننكر دور الصين لتغيير النظام العالمي، ولا ننكر ابداً اتفاقاتها مع دول الخليج مثل السعودية والامارات وتغير استراتيجياتها الاقتصادية وحتى السياسية  نحو بكين وكذلك دول اخرى في منطقة الشرق الأوسط بمليارات الدولارات ومن مصلحتها استقرار المنطقة والتحلي بالهدوء لهذا هي تسعى من اجل ان يكون لها دور لحل المشاكل بين بلدان المنطقة ولعل التقارب الايراني السعودي نموذج من المساعي الحقيقية في دورها .وسوف نسمع ظهور عملات جديدة يتم التعامل معها تنافس الدولار ولعل اليوان الصيني مرشحاً قويا في المنافسة استناداً لحجم الإنتاج الصيني ونصيبها المتزايد من التجارة العالمية واكبر دولة مصدرة مستثمرة ومن الدول التي حطت جناح تجارتها في كل مكان في العالم.

***

عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي

العالم يتطور بسرعة. تجاوز بشكل قطعي قوة العمل المعتمدة على العضلات الجسمانية. تم المرور بسرعة واضطراريا إلى الاعتماد على العقل. لقد تحول هاجس وواجب العناية بالجسم بالمأكل والمشرب والرياضة موازاة مع تنمية الروح بالأخلاق والجدية والترويح على النفس بالترفيه إلى مجرد آلية إجبارية لإعداد العقل لرفع التحديات المستقبلية بكفاءة القيام بالأعمال اليومية المضنية التي تزداد صعوبة وتعسرا. لقد تغيرت بشكل جدري التمثلات في شأن شعار "ما بعد التعب راحة" متجاوزة مفهوم الجسد وأدواره لتختزل في تعب العقل والروح والنفس في الكدح المتواصل.

مطرقة الرقمنة لا ترحم، واستخداماتها التي تكتسح كل مجالات الإنتاج والخدمات والمعرفة والتعليم والتكوين والصحة خلقت تحولا مروعا وهداما لتقاليد الوجود السابقة. فحتى بعض المهن الجديدة في المدينة والبادية التي أينعت منذ إعلان النظام العالمي الجديد تهددها اليوم مخاطر الانقراض، لتبرز إلى الوجود مهن جديدة لخدمة المستقبل الديمغرافي للبشرية.

أزمة الكوفيد 19، كمرحلة تجريب وتعويد على أنماط عيش جديدة دقت ناقوس الخطر. تم إدخال أفراد الأسر إلى منازلهم وتم فرض الحجر الصحي، وأعطيت الانطلاقة لمشروع تغيير مشهد الأنشطة البشرية بشكل عميق. الصين بفيروسها تحولت إلى زعيمة لنمط حياة بشرية جديد في العالم. تأزم جزء من منظومة الأجور، وازدهر جزء جديد بأساليب عمل متنوعة وغير متجانسة، وبرزت قطاعات النشاط الضامرة والاحتياجات الجديدة في فضاءات الحياة البشرية كونيا.

لم يعد لأطفالنا وشبابنا وطلبتنا خيارات أخرى سوى بذل الجهود لفهم التحولات بأفق الاندماج في أنماط عيش جديدة. الوظائف المستقبلية في تحول سريع، والبحث عنها يتطلب اليوم تكوينات أكاديمية ميدانية جديدة. فلذة الأكباد المرتبطين بالإفراط في اللعب في الأزقة والشوارع سيتعرضون مستقبلا بلا ريب إلى تهميش مهول ومن تم سيتحولون إلى ضحايا إدمان المخدرات والدعارة والتجارة في البشر.

على الأسر أن تستفيق من سباتها وتعوداتها النفسية وتركز على القطاعات المزدهرة التي تختزن الفرص الزاخرة لأبنائهم. على الدولة كذلك ألا تتقاعس في إلقاء الضوء على وظائف المستقبل الأكثر توظيفًا لتيسير المهام أمام آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ  في اتخاذ الخيارات الصحيحة.

*** 

الحسين بوخرطة

أجهزة التنسيق الأمني تنكل بالمتظاهرين عقب استشهاد الأسير خضر عدنان!

وصدام مسلح فلسطيني بيني- محدود- حول المقاطعة في جنين، أدى إلى اعتقال الناشط غسان السعدي وسط غضب جماهيري عارم..

وأسئلة حول هجوم سيبراني غامض على القبة الحديدية الإسرائيلية أفشل تصديها لصواريخ المقاومة الدقيقة.

حدث كل ذلك صباح أمس الثلاثاء بعد استشهاد الأسير الفلسطيني الشيخ خضر عدنان، بعد إضراب عن الطعام في معركة البطون الخاوية استمر 87 يوماً رفضاً لاعتقاله.

وكانت سلطات الاحتلال تتوقع بأن تداعيات عملية الاغتيال بما بات يعرف بالقتل السريري الممنهج من خلال الإهمال الطبي، ستؤدي إلى مواجهات مع الفلسطينيين؛ لذلك، فوزير الأمن القومي الإسرائيلي في حكومة الفصل العنصري اليمينية بن غفير الذي يتبنى أجندة التطهير العرقي بحق الفلسطينيين تحت شعار يهودية الدولة، أمر من فوره برفع مستوى التأهب في سجون الاحتلال وخاصة أن الضفة الغربية شهدت مسيرات جماهيرية احتجاجاً على اغتيال الشيخ الأسير خضر عدنان.

وكان من المنتظر أن تتصدر سلطة أوسلو الموقف الرسمي برفض سياسة قتل الأسرى الممنهج باتخاذ مواقف حادة ضد حكومة نتنياهو على أقل تقدير فالأوراق الضاغطة كثيرة لو أُحْسِنَ التصرفُ بها بعيداً عن التبعية المذلّة؛ لكن المخجل في الأمر يتجلى بقيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية مساء أمس الثلاثاء، بالاعتداء الوحشي الموثق رقمياً، على مسيرة فلسطينية خرجت للتنديد باغتيال الشهيد الأسير خضر عدنان في مدينة جنين المحتلة.

وأفادت مصادر محلية- شبكة القدس وغيرها- أن عدداً من الشبان أصيبوا في قمع الأجهزة الأمنية للمسيرة.

وهو إجراء مشين، ومن شأنه أن يدرج سلطة أوسلو في موقف إسنادي للاحتلال وفق ما غرد به فلسطينيون عبر الفضاء الرقمي.

ليس هذا فحسب، بل اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية الناشط غسان السعدي خلال قمعها مسيرة جنين، وعقب ذلك جرى تبادل لإطلاق النار مع عناصر الأجهزة الأمنية في محيط مقر المقاطعة في جنين ترجمة لاتفاقية التنسيق الأمني المشينة، والمرفوضة جماهيرياً إلى درجة مواجهتها بالسلاح كما يبدو، لولا الانتباه إلى عدم منح سلطات الاحتلال فرصة إشعال حرب فلسطينية أهلية.

من جهتهم، قام السجناء في سجن عوفر العسكري بحركة تمرد واسعة وصلت إلى حد قيام أحد السجناء برشق الزيت الساخن على مجموعة من ضباط السجن.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية أن اختناقات بالغاز حدثت في صفوف الأسرى بعد توتر واستنفار في سجن عوفر الذي شهد اغتيال الشهيد البطل الذي قاوم الاحتلال بإضرابه عن الطعام حتى النهاية المشرفة.

وقالت مصلحة السجون الإسرائيلية بأن الحركة الأسيرة في سجن عوفر العسكري الإسرائيلي أغلقت جميع أقسام السجن، رافضة تسلُّم الطعام، معلنة النفير العام.

ومن المحتمل دخول الأسرى من جديد في معركة البطون الخاوية التي أثبتت نجاحها في فضح الاحتلال الذي لا يعير اهتماماً بالمعايير الدولية لحقوق السجناء الأساسية، ما أدّى إلى اغتيال الأسير خضر عدنان (44 عاماً) عن سابق إصرار.

وعليه فقد طالبت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين بتسليم جثمان الشهيد فوراً من أجل "تشييعه بشكل يليق بتاريخه النضالي" وقالت إنها علّقت العمل أمام المحاكم العسكرية لدى الاحتلال اليوم احتجاجاً على استشهاد الأسير الذي خاض معركة البطون الخاوية دون هوادة حتى نيله الشهادة، وهو أسمى ما قدم لأجل قضيته العادلة، العصية على التصفية، بوجود المقاومة المظفرة بأشكالها.

من جهتها لم تقف المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها الشهيد، حيث قصفت غلاف غزة برشقة مركزة من الصواريخ، ما أثار الهلع في صفوف المستوطنين الذين لم يدخروا جهداً في اضطهاد الفلسطينيين، والاعتداء على أراضيهم ومقدساتهم في عموم فلسطين المحتلة.

إلا أن الرد الإسرائيلي المحدود بقصف مواقع المقاومة في غزة لم يلجم الأسئلة في عقول الإسرائيليين وعلى كافة المستويات، حول جدوى القبة الحديدية التي فشلت في رصد الصواريخ الفلسطينية المتطورة ومن ثم إسقاطها.. وهذه فضيحة مدوية وفق كل المعايير، إذْ أماطت اللثام عن ضعف أداء تلك القبة الأسطورية في أتون المواجهات مثلما حدث يوم أمس.

الإعلام العبري من جهته انبرى لتوضيح ملابسات ما جرى حيث عزى فشل القبة إلى دقة صواريخ المقاومة التي -كما يبدو- تستخدم للمرة الأولى متجاوزة نظام القبة الحديدية.

فيما ربط آخرون ذلك بجهود المقاومة السيبرانية في غزة التي عطلت مؤقتاً انظمة القبة الحديدية الرادارية ربما بمساعدة الجيش السيبراني الروسي مبتغياً ضرب القبة الحديدية التي زودت بها تل أبيب الطرف الأوكراني، في عَقْرِ دارِها.

ليس هذا فحسب، بل أشارت مواقع إسرائيلية بأن منظومة الإنذار الراداري الإسرائيلي (كوموتاه) المرتبطة بالقبة الحديدية تعرضت خوادمها لهجوم سيبراني أمس الثلاثاء ما تسبب في تعطيل موقعها على الويب، لكن التطبيق والإنذارات سرعان ما استعادت طاقاتها.

وفي المحصلة فإن وحدة المقاومة الفلسطينية الميدانية في عموم فلسطين وسجون الاحتلال وفي الفضاء الرقمي تجلت في ردود الأفعال الناجمة عن استشهاد الشيخ خضر عدنان الذي قضى في تحديه للاحتلال الإسرائيلي في أتون معترك البطون الخاوية.. والله ولي الصابرين.

***

بقلم: بكر السباتين

3مايو 2023

هل استعجلت امريكا انهاء الحرب في اكرانيا؟

سعت امريكا منذ تفكك المنظومة الاشتراكية وحلف وارسو الى التمدد شرقا ومحاصرة روسيا لأنها ترى فيها الوريث الشرعي لتلك المنظومة ومن ثم منافستها على زعامة العالم.

ما كان للحرب في أكرانيا ان تستمر هذه المدة لولا الدعم الامريكي والغربي المنقطع النظير والذي كلفهم أموالا طائلة، والخاسر الاكبر في هذه الحرب هي اوروبا الغربية التي تنفذ اوامر امريكا بدءا من حظر استيراد الغاز الروسي، وضرب أنبوب  نقل الغاز، فأوروبا استفادت كثيرا من الغاز الروسي. واستيراده من امريكا بأضعاف ثمنه من روسيا، وكذلك توجيه امكانياتها نحو التصنيع الحربي وترك بقية المجالات الأخرى التي تعود بالنفع على رعاياها، للأسف الشديد ان غالبية  حكام الغرب لم يدركوا حجم المأساة التي وضعتهم فيها امريكا من خلال  زجهم في حرب لا ناقة  لهم  فيها ولا جمل.

لا شك ان الحرب قذرة ولا تعرف رحمة ولا إنسانية، الروس خلال عام من الحرب، لم يستهدفوا التجمعات السكانية، كما فعلت امريكا ومن معها بالعراق وفيتنام وكل البلدان التي  دنستها، بل طال القصف المواقع التي تغذي الحرب وتساهم في استمرارها.

امريكا  وفي عديد المرات ، تقول بانها لا تشجع الجانب الأكراني  بضرب العمق الروسي خوفا من  امتداد الحرب الى بقع أخرى، وقد تطالها هي.

محاولة ضرب مقر السلطة في موسكو بالمسيرات ليس بالأمر الهيّن، ان دل على شيء  فإنما يدل على مدى انزعاج امريكا من عدم تحقيق أي تقدم يذكر للقوات الاكرانية التي تدعمها، وهجوم الربيع المنتظر، وتخوفها من انشقاق بعض الزعماء الغربيين مثل فرنسا وتركها وحدها، قد يكون مشروع مارشال لإعادة اعمار اوروبا حقق بعض المكاسب للقارة، لكنها وللأسف ظلت تخضع للإرادة الامريكية وتنفذ اجنداتها على مدى عقود.

الذي لا شك فيه ان الأوكرانيين  لم يقدموا على مثل هذا الفعل إلا بعد استشارة أمريكا وحلفائها، والسؤال  المطروح هل استعجلت امريكا أنهاء الحرب في أكرانيا؟ ولكن أي ثمن سيتم دفعه؟ ومن سيدفع الثمن؟ .فأمريكا تشاهد وبأم عينها ان العالم بدأ  يتشكل من جديد، وان عهد القطبية  الاحادية ولّى الى غير رجعة، وان نفوذها آخذ في  الانحصار، هناك تكتل اقتصادي يضم دول كبرى (البريكس)، يسعى جاهزا الى فك الارتباط بالدولار الامريكي والتعامل  بالعملات المحلية للدول المعنية، كما ان دول إقليمية اخرى لها وزنها الاقتصادي، تريد الخروج من العباءة الامريكية والانضمام الى البريكس. كذلك نجد ان الصين وروسيا تتوغلان في  القارة الأفريقية للاستثمار فيها وبعض الدول الافريقية تعلنها صراحة انها لم تعد في حاجة الى المساعدات الاوروبية البسيطة والمذلة، ولا ننسى ان الاتحاد السوفييتي كان يناصر حركات التحرر الأفريقية، كما ان روسيا اخذت في بناء علاقات اقتصادية مع دول أمريكا اللاتينية والجنوبية التي يعتبرها الامريكان حديقتهم الخلفية .

المؤكد ان الكرملين لن يقف مكتوف الايدي امام المحاولة القذرة التي تطال راس النظام، وسوف يرد وبأقصى إمكانياته على ذلك، وان لم تجنح امريكا ومن معها  للسلم وحل النزاع بالطرق السلمية، وتطورت أساليب الحرب واستخدمت كافة الأسلحة المتوفرة غير النووية، فلا شك ان اوروبا بمجملها ستكون ساحة صراع  رئيسية لقوى عظمى، ولن يكون هناك مشروع مارشال جديد لإعادة اعمارها،بل ستصبح قارة اشباح .

***

ميلاد عمر المزوغي

أمضينا أكثر من قرن ونصف في مستنقع النظريات المعتقة في ظلمات الرفوف، والبعيدة عن الواقع والمستعبدة للرؤوس.

فهل وجدتم نظرية تمكنت من الحياة في واقعنا المنهوك؟

هل إستطاع مفكر أو حركة أو حزب تطبيق نظريته؟

نظرياتنا أقوال فارغة، ومن معطيات خيال وهْمي مألوس.

فكيف تفسرون فشل النظريات في بناء القوة والحياة؟

يتضح وجود خلل حضاري صارخ في آليات تفكيرنا، فالعلاقة بين التفكير والعمل تناقضية بحتة، فالسائد أن الأقوال تناهض الأفعال، وتمكنا من التعبير عن ذلك بتواصل فظيع، فالأحزاب أنجزت ما يتقاطع وشعاراتها ورسالاتها، والمعتقدات تنكر جوهرها، والمشكلة أن فينا عاهة مدمرة خلاصتها، أقوالنا أفعالنا، وتنعدم في وعينا مفردات ومهارات الربط بين الكلمة والفعل، فالفكرة قول وحسب، أما تمثلها وتحويلها إلى منجز فاعل في الحياة، فلا يخطر على بالنا.

المجتمعات تقدمت بقدرتها على تصنيع أفكارها، وتدهورنا لعجزنا عن ذلك، والذين أسهموا في بناء الحضارة عند مبتدئها العربي، كانوا يجيدون مهارات تصنيع الأفكار، ونحن الذين خسرناها أو تجاهلناها، وأصبحنا من القانطين.

فالأمة فيها العديد من المفكرين والمهتمين بنهضتها ومعاصرتها، وما قدموه نظريات ومشاريع مطمورة في صفحات الكتب، وما وجدنا آلية لترجمة المشروع إلى فعل يومي مفيد، بل أن معظمهم يدّعون التفكير، وهم يؤازرون قوائم الكراسي الآثمة، ويزيدون من غفلتها وإمعانها بالجهل والعماء السياسي.

نظريات وما أدراك ما هي، ما أمّنت من خوف ولا أطعمت من جوع، بل إستهلكت وقتا وورقا وحبرا، وخمدت أنفاسها فوق السطور، فلا تيار معرفي يهدف للتغيير، ولا قوة ثقافية ذات قيمة تنويرية، بل نظريات، ترضعنا حليب سراب.

فكيف لا نخور، وصراطنا أعوج وملبد بالغيوم؟!!

***

د. صادق السامرائي

لم أكن من متابعي الدراما المغربية بصورةٍ كبيرة، سواء في عموم منتوجاتها عامة، أو في ما يخصص لموسم رمضان، الشهر الذي يتسابق المنتجون لاستغلاله لطرح أعمالهم الدرامية حتى الخالية منها من أي مضمون أو هدف، غير التواجد في السباق، أياً كان مستوى ذاك التواجد وقيمته، ولو كان مجرد تكرار لقديم الأعمال الرمضانية السالفة، والتي لم تكن يوماً عملا مصورا لحقيقة مجتمعنا،أو معبرا عن قيمه الإيجابية،أو معززا لها، وكان في مجمله مجرد إعادة لتهريج الثقافات الخرافية، ما يطرح العديد من الأسئلة حول الحدود الفاصلة بين حق صناع العمل الفني في الإبداع وواجب بث المعلومات الصحية الموثوقة المسهمة في رفع الوعي بمخاطر القضايا المؤثرة سلباً على المجتمع،والمساندة لمجهودات الجهات المعنية بحل قضاياه الاجتماعية  المستعصية، كما هو الشأن بالنسبة لقضية "التبرع بالأعضاء"  التي أثارها المسلسل التلفزيوني "كاينة ظروف" والذي وجهت له أصابع الاتهام بإحباط المجهودات الكبيرة التي بذلها المغرب في مجال تشريع التبرع بالأعضاء، الذي كان المغرب فيه من الدول العربية السباقة لتقنينه، ليصبح بعيدا من حيث الترتيب وراء السعودية ومصر وتونس، بما ينشر من سخف المعلومات المغلوطة المفسدة لعقول المتابعين واهتماماتهم، التي تزرع التخوف في قلوب المتبرعين، وتبث اليأس في نفوس مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون الأمل في الحياة، الأمر الذي لم تتمكن  المؤسسات الدينية بأساليبها التقليدية من علاجه،-أو أنها لا تريد ذلك أبدا - وربما أسهمت  في تفاقمه، بصمتها المطبق عن ما يرد في الكثير من الأعمال الدرامية -التي يتناسب انتشارُها تناسبًا طرديًا مع تفشي الجهل وانحطاطِ الوعي- من معلومات خاطئة وأفكار رديئة وأكاذيب وأوهام وخرافات، لا تُفقر العقلَ فقط بل تُنوّمه، وتجعله عاجزًا عن التفكير العقلاني بأيّ شيء يوقظ العقل ويجعله يفكّر منطقيًا.

صحيح أنه لا تغوي فتنة تلك التوصيات والوصفات المتلاعبة بالمشاعر والمنافية للتفكير العقلاني العميق، الحكماء اليقظون الذين يعتمدون العقل لحماية أنفسهم من الانزلاق في متاهات الخرافات والأوهام والجهالات، ولا يقع في شراكها إلا المغفلون، الذين لا يفكّرون بتأملٍ ورويةٍ وتدقيق، في مضامينها ومفاهيمها وعباراتها وشعاراتها التي - مع الأسف - يسكن إليها الكثير منهم، لظنِّهم بأنها تروي ظمأهم الروحي، وتستجيب للاحتياجات المعنوية التي يبحثون عنها، فتؤثر بذلك في بناء عقولهم وأرواحهم وقلوبهم وسلوكياتهم ، وتقوض قناعاتهم و وثوقياتهم، لأن الجهل بيئة خصبة لتفشي هذا النوع من الإنتاجات، التي يتذوق الجهلة نكهة حواراتها ومضامينها المبلِّدة للعقل والمشيعة للغباء، كما تتذوق الأشياء العذبة، وكما يقال: "النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من السوق".

في الختام أطرح نفس التساؤل الذي أطرحه كل مرة :متى سنرتفع بمستوى مضامين أعمالنا الدرامية المحلية إلى صورة التي تليق بها وببلادنا وبمواطنينا ؟ التطبيق الذي سيبقى ناقصاً ومنقوصاً، خاصة فيما يخص التأليف والسيناريو والحوار، أما التمثيل فقد أثبت الممثلين والممثلات مقدراتهم الإبداعية في الكثير من المسلسلات وعلى رأسها مسلسل"كاينة ظروف" رغم ما يعرفه من وانتقادات عبر وسائل التواصل المختلفة .  

*** 

حميد طولست

هذه المقولة البعض ينسبها للأصمعي وآخرون لإبن المقفع، وتدل على النضوب وتجمد قدرات العقل، وعجزها عن إستحضار الأفكار وتأجيج لذة الإبداع، فيتوقف المبدع عن العطاء.

والحالة يمر بها المبدعون كافة، فلا بد من قترة إستجماع وإعادة تكرير وتخليق متوافقة مع ما بلغه المبدع من مستويات إدراكية، إتسعت فيها بصيرته وتنامت معارفه وخبراته ومهاراته التعبيرية.

وتجد العديد من المبدعين مروا بفترات توقفوا فيها عن العطاء، وقائمتهم طويلة، وهم من الكواكب الساطعة؟

والعبارة جواب على سؤال : لماذا توقفتَ عن الكتابة؟

فالإبداع يحتاج إلى محفزات، وعندما تتراكم الإحباطات وتتعاظم التحديات يجد المبدع نفسه في محنة التواصل، لأن خيبة الأمل تتملكه، فتخرسه وتدفعه إلى الصمت والغياب، ولتوهم المبدع بعطائه سيغير الأحوال ويبني ما يريده في دنيا التراب دور في ذلك، بينما الأحداث ترسم خارطة المسيرة المجتمعية للناس.

والتأريخ يقدم الأدلة الكثيرة على أن الأحداث بتفاعلاتها تصنع الحالات القائمة وتمازجها وتوالدها، فتيار الوجود يجري بعنفوان وفقا لإرادة الدوران، فيصنع ما يشاء من التبدلات اليومية اللازمة للديمومة والبقاء.

ومَن يتوهم أنه رقم صعب وقوة مؤثرة عليه أن يرعوي، ويستعيد رشده ويتبصر بموسوعية وموضوعية، فالمبدع الحقيقي الذي يأنس بما يُبدع، لا أن يقيس قيمة إبداعه بما يؤثر في الآخرين، فذلك أمر آخر مرهون بالنفس ونوازعها ومعطياتها الكامنة، فلا تكونن من المتوهمين بما لا يعين.

إصنع رائعتك الإبداعية، ودعها تتدحرج كموجة في التيار الجاري إلى الأبد، فقد تطفو وتبين، أو تغطس في قاع أمين.

***

د. صادق السامرائي

بعد متابعة دقيقة وقراءة متمحصة لنية وسلوك رئيس الوزراء العراقي والقرارات التي صدرت والتوجهات العامة له في رئاسة الوزراء وادارة دولة العراق، وبعد تاكد اي من المتابعين لما يعانيه العراق من المشاكل العويصة المزمنة ومنها تجذرت واصبحت امراضا سياسية واجتماعية وتوريث  التعقيدات التي فرضت نفسها منذ سقوط الدكتاتورية، ومن خلال التحليل المحايد والعادل لمسيرة السوداني خلال هذه الفترة، يتبين لدى الجميع انه نجح نجاحا كبيرا مقارنة لما سبقوه وما بدر منهم خلال نفس الفترة لحكمهم وتعاملاتهم مع القضايا الانية والدائمية، فهذا يفرض على المتتبع سؤالا على نفسه لبيان سبب النجاح، هل هو ذاتي نابع عن فكر وتوحهات واخلاق وفلسفة وسياسة السوداني ذاته ام انه نابع عن الاسباب الموضوعية والتي فرضت نفسها على ان تواكب مع المرحلة وتلصق بها، واستفاد السوداني شخصيا من هذه العوامل المساعدة في نجاح مهامه اولا، ومن ثم اتعض هو بنفسه مما حدث لمن سبقوه وادى الى فشلهم وسار هو بدقة متناهية لحد الساعة وتسبب نجاحه المتميز، ومن ثم هناك امور يمكن ان يعتقد الجميع بانها حاءت مع تسنم السوداني لزمام الامور، من التوازنات السياسية والتغييرات التي حدثت في المنطقة موازيا لما افادته داخليا من التغييرات المضوعية سياسيا، وخارجيا بالاخص تقارب ايران والسعودية وتاثيرات هذا التقارب على ما يجري في جميع المنطقة بما فيها العراق، هذا ان لم نحسب ما هو عليه البلد من الوفرة المالية والاريحية في وجود السيولة وانتعاش الاقتصاد العراقي بشل ملحوظ في هذه المرحلة بالذات لو قورنت مع بعض الفترات البائسة لما كان عليه العراق في بعض الفترات من قبل من نصل الى ما نحن عليه.

مهما كانت الاسباب، الا انه يحسب للسيد السوداني كل خطواته الجريئة التي اتخذها لحد الساعة وتاتي داعما لنفسه اولا  ودافعا كبيرا  لنجاح مهامه الصعبة.

الخطوات البارزة لحركة السوداني تبرز لنا نياته السليمة في عمله في كل خطواته وما يعمل عليه وهدوءه المشجع وتعامله الناجح مع ادق القضايا التي  يعتبر الخوض فيها مفتاح النجاح في مسيرته السياسية. من الملاحظ ان المرحلة الاحالية فرضت حتى التباطؤ في التدخلات الدولية للعراق مما اتاح للسوداني فرصة مشجعة على ان يركز على العمل الداخلي. ولابد ان نذكرمدى وضوح الطريق التي يتبعها في الحكم في جو يبرز فيه التصالح المفروض داخليا بشكل تلقائي او طبيعي وان اعتقد البعض بانه مؤقت، نتيجة انسحاب الصدر ومؤيديه من العملية السياسية، مما اتاح فرصة ذهبية للسوداني دون غيره من اجل التركيز على مهامه الخدمي قبل اي عمل سياسي يمكن ان تبعده عنة المسار الصحيح له.

ولابد ان نذكر ان السيد السوداني لايزال على طريق تنفيذ ما يمكن ان نمسيه بعملية تصريف الاعمال لما وصلت اليه مما كانت السلطة عليه سابقا دون الخوض في الامور الستراتيجية التي تفرض الاستقرار النهائي للعراق، ومنها امور تاجلت او فرضت المستجدات السياسية على تاجيلها، ولا يمكن التاكيد على بقاءها منكمشة ومؤجلة للنهاية ومنها الاتفاقات النهائية مع اقليم كوردستان والقوانين المهمة الضرورية التي لم تصدر من قبل البرلمان لحد الساعة والمشاكل الكبيرة للاقليم التي يمكن ان تنعكس على العراق لو لم يشارك في حلها واستغلها القومجية كنا يفعلون ازاء كل قضية تهم العراق قبل اقليم كوردستان ايضا، نتيجة تربيتهم الايديولوجية التي اعتادوا عليها ولم يدخلوا مرحلة ما تفرضه الانسانية والليبرالية والعولمة لحد اليوم.

ما يجب ان يحذر منه السيد السوداني هو الحذر ممن يلعب على مجموعة من القضايا العالقة بين الاقليم والمركز لصالح القوى التي لا يهمها  ما يقع فيه العراق مستقبلا وما يمكن ان يستفاد منه بعض القوى البعيدة عن ما يهم مصلحة العراق، ولابد ان يستغل السوداني المرحلة الجيدة المناسبة من كل الزوايا لانهاء المشاكل والقضايا التي لا يمكن ان يجد مرحلة مناسبة اخرى اكثر مما هو عليه اليوم وربما تتعقد الامور اكثر في وقت لا يمكن ان يجد الحل المناسب له اكثر من ملائمة الظرف الراهن. وعليه نعتقد بان  حكم السوداني بدات بداية موفقة لحد اللحظة ولابد ان ننتظر لما ياتي وما يحل، واننا نعتقد فان النية السليمة للسيد السوداني تساعده  من ثم تدعمه في تحقيق مهامه اكثر من اي شيء اخرلان ما ينتظره هو تحقيق الاهداف العظيمة جدا.

***

عماد علي

"اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك".. جوزيف غوبلز وزير الدعاية الألمانية إبان حكم هتلر.

(الأمثال تضرب ولاتقاس) مثل يمر دوما على مسامعنا في محافل عدة، ونردده بدورنا ونستشهد به في محافل عدة أيضا، غير أنني لا أظنه يصح في كل الأحوال، ولا ينطبق على كل المواقف، فكما أن هناك أمثالا تضرب وتقاس، وأخرى تضرب ولاتقاس، هناك ثالثة لاتضرب ولاتقاس البتة. ومن الصنف الأخير الأمر الذي ينطبق على الألعوبة أو الأضحوكة التي مافتئت رئاستا المجلسين التشريعي والتنفيذي، تمارسانها كل عام على العراقيين الطيبين حد السذاجة، تلك هي ألعوبة الموازنة العامة، فجسدت مثلنا القائل: (يومية هزي رطب يانخلة).

فقد ذهبت موازنات أعوام ماضية هباءً منثورا، ولم تثمر كل الصيحات والمطالبات والتظاهرات التي نادت من خلالها شرائح الشعب كافة، بسرعة قراءتها وإقرارها لينعم بها المواطن، وقد تداعت بسبب تأخير إقرارها كثير من مصالح الناس، وها نحن على مشارف منتصف السنة، ومازالت الموازنة في مخاض عسير، لاتلوح أية بارقة أمل بقرب موعد ولادتها.

فإن صح التعبير، فإن الـ (طبخة) ترسل من قبل المجلس التشريعي إلى لدن مجلس النواب، لتمر بطور القراءة -وما أطوله من طور- وقطعا ستكون قراءة تفصيلية وتمحيصية وتحليلية وتصحيحية، وهنا يصح ويقاس ويضرب المثل القائل: (لگمة الشبعان على الجوعان بطيّة)، إذ ستأخذ القراءة الأولى ردحا من الزمن، يدفع ثمن التأخير والمماطلة فيها المواطن وحده، وإذا كُتب لها -الموازنة- الوصول الى دفة القراءة الثانية، فهذا يعني (جيب ليل واخذ عتابه)، وبالتالي يدفع المواطن نفسه ثمن العتابة، وكذلك يتأمل آناء الليل وأطراف النهار إقرارها، والحديث يطول إذا كانت هناك قراءة ثالثة ورابعة وعاشرة.

وهذا يذكرنا بالماضي القريب، إذ بنظرة سريعة على اجتماعات مجلس النواب في "صولاته" السابقة، نرى ان إرجاء المناقشات وتأجيل القراءات هو "سُنة" متبعة لدى رئيس المجلس وأعضائه، وأهم ما يسوفون بمواعيد قراءته ويماطلون بإقراره هو قانون الموازنة، غير آبهين بالمطالبات والتظاهرات الشعبية الواسعة التي تخرج بين الحين والآخر، من اجل الضغط على البرلمان والكتل السياسية لإقرار الموازنة. كما يذكر المواطن جيدا كيف أهملت حملات جمع التواقيع أكثر من مرة، من اجل حث الكتل المتنافرة والمتناحرة، على إدراج الموازنة في جدول أعمال جلسات مجلس النواب ولكن، كان كل هذا نفخا في رماد. والأدهى من هذا تنحى بعض الكتل إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه الإسراع بقراءة الموازنة، كمقاطعة جلسات البرلمان، أو المطالب التعجيزية بغية تأخير إقرارها، ولم تنفع فقرات النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تنص على محاسبة المتخلفين عن حضور الجلسات بعقوبات شتى، وكالمعتاد.. كان النفخ في رماد أيضا، ورحم الله الشاعر عمرو بن معد يكرب حين أنشد:

ولو نارا نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ في رماد

الصورة اليوم في رئاسة مجلس النواب الحالي -علاوة على رئاسة مجلس الوزراء- هي الصورة ذاتها، والرماد هو الرماد ذاته، ولن ينفع النفخ فيه، مادام النصاب لايكمله إلا الأشخاص الذين كانوا سببا في عدم إكتماله بالأمس، ومادام المال العام والثروات التي تدعم الموازنة، نزلت في جيوب الفاسدين من المسؤولين عن إكمالها وإخراجها للتطبيق، ومادامت الأعذار والتبريرات جاهزة تسوغ التلكؤ فيها، كتدني سعر الدينار العراقي، وتذبذب سعر النفط وغير هذا وذاك كثير، تكون الموازنة وفق المعطيات هذه، أشبه بحليب العصفور، لانراه حتى في الأحلام.

***

علي علي

الكتابة مهنة في مجتمعات الدنيا قاطبة، إلا في مجتمعات لغة الضاد، حيث يبدو الكاتب وكأنه العدو والمارق الذي على المجتمع أن ينال منه.

فلا يوجد كاتب في بلداننا يعيش بكرامة بقلمه، بل يدفع ثمنا باهضا، وكأنه المجرم الذي عليه أن يثبت براءته.

ومعظم الكتاب يزاولون الكتابة كعمل ثانوي، وقد قال ذات يوم أحد الروائيين المعروفين: "لو كنت طبيبا لما إستطعت أن أكون كاتبا"، وكان موظفا في دائرة ويكتب بعد الدوام.

فالكتابة تحتاج لجهد وإجتهاد ومثابرة وبحث ووقت، وما نقرأه لمعظم الكتاب لا ينفعهم ماديا، بل يتسبب لهم بأضرار جسيمة في أكثر الأحيان.

في بعض المجتمعات حصل إضراب للكتّاب بسبب تدني أجورهم، وثارت ثائرة الدوائر الإعلامية بنشاطاتها المتنوعة، لأن إحجام الأقلام عن الكتابة سيتسبب بتداعيات إقتصادية وإنتاجية كبيرة.

أما في مجتمعاتنا فليصمت الكتّاب، لأنهم بلا دور ولا تأثير في الواقع المعرفي والثقافي والإعلامي، وغيابهم أفضل من وجودهم في عرف أنظمة الحكم، التي تبحث عن أبواقها الراقصة على إيقاعات مظالمها وآثامها النكراء.

فكتّابنا لايمتلكون الحوافز المغرية التي عند كتاب المجتمعات الأخرى، ومع ذلك يتواصلون في كتاباتهم، وكأنهم في جهاد ونضال محتدم لإستنهاض مجتمعاتهم، وتنوير الأجيال وتوعيتها بآليات وضرورات تقرير المصير بحرية وإرادة سيادية صادقة.

وتجد في مواقعنا وصحفنا مقالات تتساءل عن أسباب إستمرار الأقلام بالكتابة، وهذه العناوين لا وجود لها في المجتمعات الأخرى، لأن الكتابة مهنة وحرفة وصنعة لها مردوداتها المادية.

وعليه فمعظم كتابنا يستحقون التقدير والإحترام والفخر والإعتزاز، لأنهم يقدمون جهودا تنويرية وتثقيفية مجانية وبدوافع ذاتية بحتة، وما منهم حصل على حافز مادي عما يكتبه وينشره، بل العكس، فالمحبطات تتفوق على المحفزات.

فعندما يعيش الكاتب الحر حياة رغيدة بجهد قلمه، حينها سندرك أننا مجتمعات معاصرة، ذات قيمة معرفية ودور حضاري، فمجتمعاتنا تهين مبدعيها في حياتهم، وتبجلهم بعد رحيلهم، بينما كانت أقلام كتاب الأمة تقطر ذهبا في عصور سطوعها الإبداعي المنير.

وتبقى الأقلام تكتب وتحطم المصدات، وتقتلع أسوار الصمت الرهيب!!

***

د. صادق السامرائي

منهم قراء الفيسبوك؟

بعيدا عن النخبة والكتاب وأصحاب الأغراض والنوايا الواضحة والمعلنين أدون هنا ملاحظاتي عن عموم قراء الفيسبوك الذين لاغاية لهم من القراءة إلا مايصرحون به في تعليقاتهم ..

يقسم قراء الفيس إلى أقسام متعددة لكن اهمهم الذكور أو ما اصطلح على تسميتهم بـ(الزواحف) وهؤلاء ما أن يشموا رائحة أنثى أو يلوح لهم في الأفق اسما انثويا إلا وحجوا له قبل الحجيج بعام وعلى ما اذكر أن احداهن كتبت على صفحتها ما اعتبره هؤلاء نصا شعريا قالت فيه:

(أن طلاء الأظافر الأخضر

لا يناسب رؤوس اناملي

ولايهمس لها بالحب لذا جافيته)

وخلال أكثر من ساعة وصلت التعليقات إلى رقم مدهش (٧٣٦) كلها تتحدث عن جمال النص الذي عجز الفحول عن الإتيان بمثله وكم هو طافح بالموسيقى والبلاغة المدهشة ويجب أن يغنى إضافة إلى جمال اناملها واظافرها وقوامها وبسمتها وحتى (زنود الست) عندها واستعداد الجميع لمحاربة هذا اللون البغيض الذي لايهمس لاظافرها بالحب، والنوع الثاني من قراء الفيسبوك هم المتملقون والذين أطلق عليهم صفة (اللواحيك) وهؤلاء أكثر شر من أولئك وفيهم الكثير ممن يدعون احتراف الأدب وهؤلاء يلاحقون بقراءتهم وتعليقاته (المسؤولين) في كل المجالات السياسية والأدبية وأذكر قبل عام كتب مسؤول ما يسمى مؤسسة أدبية ما معناه: (عندما اكل الطعام واشبع لا أشعر بالجوع ) وخلال ساعة واحدة تعدت تعليقات أعضاء تلك المؤسسة وأصدقاء الرئيس (١٥٠) تعليقا كلها تشيد بادبه وتمدح فلسفته وتعترف بحكمته ويطالبونه بالمزيد من هذا السرد الأخاذ والنوع الثالث من القراء هم الراكضون خلف (الصورة) وهؤلاء لا هم لهم غير مشاهدة الصور والتعليق عليها حسب ما يجيش في صدورهم هم لا يعنيهم مقال ولا يتوقفون عند اسم كاتب ولا حتى لماذا وضعت هنا الصورة ولايهمه من هو صاحب الصورة وفيهم من يحدد عمر صاحبة الصورة وصفتها (أربعينية صاكه) حتى أن أحدهم علق على صورة تبع موضوع ادبي عن القرن التاسع عشر بما يلي.. (الله هاي الثلاثينية الجادة هم عدها صفحة ع الفيس) .

وهناك أقسام كثيرة لا يسع المجال لذكرها لكنها في العموم لا تخرج عن هذا السياق.

***

راضي المترفي

إبتذال: إحتقار، إنحطاط، تفاهة، وضاعة.

ظاهرة سائدة في العديد من الحالات مما يتسبب بإنتشار الوضيع والتافه وتمكنه من وعي الناس، وعلى شتى المستويات والتفاعلات والعطاءات، ومنها عالم الإبداع بأنواعه.

فالمبتذل ينتشر كالنار في الهشيم، والرصين المتين ينحسر في زوايا حادة، وأقبية مظلمة، فالناس تعشق الإبتذال وتنكر الرزانة والعفة والصون والأدب والإحتشام في القول والتعبير.

فعندما تتناول موضوعا تافها فأنه يصل إلى أكبر عدد من القراء، كالنكتة الفارغة الوقحة والتصريحات الفجة المستقبحة، وهذا أكثر المتداول في وسائل التواصل المتعارف عليها.

يقول أحدهم أن شعبية أي قلم تتناسب طرديا مع كثرة المفردات المبتذلة التي يوظفها فيما يكتبه، أيا كان نوع ما يطرحه، من الشعر إلى المقالة والتعليق، فالمبتذل سريع الهضم ويغذي حاجة في نفس البشر، ليجد ضالته بالتماهي معها بتبني ما يلوح أمامه ويرده من حالات الإبتذال المثيرة للجدل.

عندما يتناول القلم شخصا ما وينهال عليه بمفردات الإبتذال، فالقارئ يحسبه عملا بطوليا، ويساهم في رقعة إنتشاره والتلذذ بقراءته والتفاعل به مع الآخرين، وكثيرا ما يأخذك العجب مما يردك من رسائل ونصوص، تفوح منها رائحة الإبتذال، وتحتار في دوافع ترويجها.

فهل النفس البشرية ميالة للإبتذال؟

ذات مرة قال لي أحدهم ونحن نتحاور حول شخص يُعرف بالعفة والمثالية الدينية، وقد فعل ما فعل من أمر لا يخطر على بال، قال: البشر لا يُظهر حقيقة ما فيه، ويرتدي قناعا يواريه، وفي سره ليس كما في علانيته، وما يقوله يناقض ما يقوم به، فالنفس صندوق أظلم.

الجواب ليس سهلا، غير أن الدلائل تشير إلى أن البشر يضع على رأسه تاج الباء ليحميه مما فيه، ومن الواضح أن الكتب الوعظية والإصلاحية والحركات المسمات دينية بأنواعها، هدفها تهذيب النفوس الأمارة بالمساوئ والعدوان على وجود الإنسان، فهي التي تعتاش على معطيات الإبتذال والإنشغال بما يحقق الكراهية والإذلال، وتتشفى بسقوط كل نجم ساطع، وتتمنى للناجحين الفشل والخسران.

فهل أن الإبتذال قانون في مجتمعات تحتقر القانون؟!!

***

د. صادق السامرائي

ظهرت كثيرا من الدراسات والبحوث والندوات النقاشية والكتب ورجالا تولوا المسئولية بإعادة دراسة الموروث التراثي والفكر الإسلامي والعربي العقائدي ودراسة تفسير الآيات التي لها ارتباط بالعقيدة والعبادات والآيات التي ترتبط بحياة الإنسان أولا والمسلم بالرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها هذا التيار المتنور العصري أمام التيار الديني السلفي المتعصب والمتطرف للتراث والتأريخ التي تقوده المؤسسات الدينية القديمة بطراز عقلية القرون الماضية والتي جعلت شخوص التأريخ ورجالها بموضع القداسة وتعتبر تجاوز تراثهم هو عملية انقلاب على الفكر الإسلامي وتشويه الدين وأنه تيار مادي أجنبي دخيل يعمل ضد الإسلام وعقيدته وهذه التهمة ألصقت لكثير ممن تناولوا هذا المسار الجديد بحداثة وتنور في البحث والتنقيب والتشذيب للموروث الديني والتاريخي الذي بات ضعيف أمام التغيرات الاجتماعية والفكرية التي حدثت للعالم الجديد ولعقول الأجيال الحاضرة علما أن الاختلاف في الآراء ووجهات النظر المتعددة للمثقفين وأصحاب الاختصاص تحت مظلة  الالتزام بالثوابت وشروط البحث والتقصي والمراجعة لما سبق من الآراء ضمن المنهج والمضمون وعدم خروج عن السياق العام للمادة المراد بحثها تعتبر حالة صحيحة وصحية في عصرنا الحالي وعلى مثل ذلك استطاعت الأمم الأخرى من التقدم الفكري والتقني والسير نحو الأمام بأفكارها وعقلياتها بتجاوز كثير من الماضي على العكس من مجتمعنا الإسلامي والعربي الجامد والمتزمت بأفكاره وتأريخه الذي بنا عليه الدهر ما بنا من تخلفات وغبار الماضي السحيق في هذه المرحلة علينا لملمت شتات أفكارنا وعقولنا وخزين معرفتنا ونوحدها في بودقة علمية فكرية واضحة المعالم صالحة للأجيال القادمة والحالية ومتقبلة لديهم لنزرع للجيل الجديد الوعي الصحيح وإذكاء الشعور المعرفي والفخر والاعتزاز بالفكر العربي الصحيح الذي حمله الكثير من رواد المعرفة الفكرية على مر الزمن من خلال الالتقاء مع الفكر المتنور مطابقا للاكتشافات الجديدة التي ظهرت في الآونة الأخيرة وخصوصا في العالم العربي آثارا تناولت العقائد وقسم من تراث بعض الأديان وكتاباتهم التي تؤكد التقارب الكبير بين هذه الأديان والملل والشرائع كونها مشرّعة من مصدر واحد هو الله تعالى الواحد الأحد تشمل القيم والمبادئ والأخلاق السامية والتعايش السلمي بين البشر والحضارات وتوضح العلاقة الصحيحة بين الخالق والمخلوق التي توصل إلى الثواب والعقاب بسبل واضحة لكن مع الأسف نرى الغموض والتعتيم وعدم الشفافية في أظهار هذه الاكتشافات مثلا لفائف قمران ومصحف صنعاء بخط اليد والمعاصر للرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه والنُسخ الثلاث للقرآن الكريم الذي عُثر عليه في الشام والمخطوط بعد حوالي الثلاثين سنة بعد الرسول الأعظم وأكتشف مخطوطات بالخط الكوفي والحجازي بلغت 4500 في جامع صنعاء الكبير سنة 1972ميلادية ويُعتقد أنها بخط الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام والعثور على مخطوطة من القرآن الكريم حوالي 35 ألف ومخطوطة لكتاب النبي داوود عليه السلام الزبور الذي يعود لأكثر من 8 آلاف سنة مضت .فإذا أردنا أعادت أمجادنا وجهود علمائنا ومفكرينا الذي ساهموا في النهضة العربية وإثرائها يجب أن تتكامل وتتضافر جهود الحكومة والمؤسسات الدينية والإعلامية والفكرية والعلمية جميعا باستخدام التكنولوجيا الحديثة من الأجهزة الإلكترونية (السونار) للكشف عن المعادن النفيسة والكنوز في باطن الأرض واستثمارها في أراضينا العربية التي شهدت النهضة والحضارة التي ساهمت في تقدم الأمم الأخرى والوقوف على ما خفية وأندثر من معلومات وآثار كانت حاضرة وشاهدة والتي تثير الجدل الآن بين المسلمين لتساعد المفكرين والباحثين في فك رموز الحقيقة وأعادت تأريخنا وموروثنا الأدبي والديني من جديد لحلته الأصلية بواسطة هذه التقنيات الحديثة ليكون لنا المتسع من الوقت في تقويم ودراسة عقيدتنا وإظهارها كما هي لأبعاد التشوه والمغالطات والمغالاة والتطرف بالرأي من طرف واحد حتى وصل إلى حد التقديس لرجالا أصبحت أفكارهم وتراثهم الأدبي من الماضي البعيد عن المنهج الحقيقي ولا يستسيغه عقل الجيل الجديد.

***

ضياء محسن الاسدي

للسودان من بين كل الدول والشعوب العربية وضع خاص في الوجدان الشعبي المصري، تجلى حتى في ابداع سيد درويش الذي غنى قبل ثورة 19 أغنيته الشهيرة " دنجي دنجي" وجاء في كلماتها: " ما في حاجة اسمه مصري، ولا حاجة اسمه سوداني.. نهر النيل رأسه في ناحية.. ورجليه في الناحية التاني". وعام 1948 غنت أم كلثوم من كلمات أحمد شوقي: " فمصر الرياض وسودانها.. عيون الرياض وخلجانها"، وتغنى المطرب السوداني المعروف عبد الكريم الكابلي منشدا: " مصر يا أخت بلادى.. يا شقيقة.. يا رياضا عذبة النبت وريقة." وهي علاقات تعود إلى عصر الدولة الفرعونية والحكم الروماني، وفي ذلك يقول الرحالة الفرنسي " بران روليه " الذي قام برحلات طويلة في السودان (1840-1852): " يعلمنا التاريخ أنه طالما كانت هاتان الأمتان مصر والسودان متحدتين عن طريق المصالح المشتركة والدين والأخلاق والعادات والتقاليد استطاعت مصر أن تشغل مكان الصدارة بين الأمم وأمسى من العسير على أعدائها غزوها". ولعل الملح الأكثر أهمية في كل هذا هو ذلك الوجدان التاريخي المشترك بين الشعبين والذي يتميز بالسماحة وكراهة العنف، وهو الانطباع الذي يتركه الانسان السوداني في الآخرين، محملا بالدماثة والمحبة. لذلك فتح أهالي أسوان بيوتهم للأخوة السودانيين وتسابقوا على استضافتهم، وبلغ عدد الأخوة السودانيين الذين دخلوا مصر عبر معبر أرقين نحو 17 ألف مواطن، علاوة على أربعة ملايين سوداني يعيشون في مصر من دون أي تمييز. ويذكر كل ذلك بما قاله العالم الفرنسي لويس باستور مكتشف البسترة: " في المحنة لا يسأل أحدنا الآخر: ما هو بلدك.. ما هي ديانتك؟ كل ما يقوله له: إنك تتألم، يكفيني أن أعرف هذا". وإذا نحينا جانبا تاريخ العلاقة الانسانية العريق فسنجد أن ما يجرى في السودان حلقة من حلقات تدمير الدول العربية وهو المخطط الذي بدأ بالعراق ثم ليبيا وسوريا واليمن، والذي يؤدي إلى تطويق مصر بدويلات صغيرة تمزقها إما حروب أهلية أو نزاعات عسكرية وعرقية فتجد مصر في كل ذلك ما يستنزف أمنها وسلامتها وقدرتها على التقدم. من ناحية أخرى فإن تلك الحلقة من المخطط تهدف إلى هدم الدولة السودانية التي يشكل وجودها الشعبي والرسمي حائط صد أمام مشروع سد النهضة الرامي لتعطيش مصر. ولكل ذلك فإن ما يجري في السودان سوف تنعكس نتائجه سلبا أو إيجابا علينا، والاقتتال الدائر يدمر في ما يدمر حتى المصالح الاقتصادية المشتركة، ففي السودان يوجد أكثر من مئة مشروع صناعي مصري، وتتحرك فيه استثمارات مصرية تبلغ أكثر من عشرة مليارات دولار، كما أن الاقتتال، واحتمالات هدم الدولة، ستغلق الطريق أمام أي فرصة للتكامل الذي يسارع بتأكيد قوة البلدين، إذ أن المساحة القابلة للزراعة في السودان الشقيق تشكل 48 % من الأراضى الزراعية في العالم العربي، مما يطرح مختلف مشاريع التكامل لمصلحة الشعبين. وتبقى السودان أخت بلادي، وراية الأساطير التي وصف محبتها الشاعر الكبير محمد الفيتوري بقوله:" هذه الأرض التي أحملها ملء دمائي.. والتي أعبدها في كبرياء.. هذه الأسطورة الكبرى.. بلادي". السلامة للشعب السوداني، والتكامل، والتحرر، والتقدم.

***

د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري

كتبت يوم أمس عن ظواهر موجودة على الفضاء الأزرق يدينها البعض ويسعى البعض الآخر لتكريسها بقوة مما يولد صراعا خفيا لا يتيح لمدينها الرد رغم رفضه الواضح لها لذا يلجأ لسلوك آخر يعتبر ردا عليها حتى لو كان غير مباشر، ومعلوم أن في الفيس شخصيات فاعلة كثيرة في الجانب الإيجابي تركت بصمتها على صفحاته وحظيت بمتابعات وقراءات وحوارات بين القراء لكن كثرة المرفوض من قبل هذه الشخصيات الفاعلة خصوصا من أصحاب الجنس الأدبي الذي يعملون عليه دفعهم إلى تغير مساراتهم على صفحات الفيس ولو إلى حين عل الأمور تتغيير نحو إلاحسن ومن هذه الشخصيات ..

(١) ابراهيم البهرزي:

شاعر متفرد من شعراء هذه المرحلة ذا بصمة خاصة وذوق جميل في اختيار مفرداته وقدرة تامة على تناول المواضيع المهمة في شعره مع خط شعري واضح يميزه عن غيره لكنه بدأ في الفترة الأخيرة بالتحول من كتابة الشعر على صفحات الفيس إلى الصحافة الفنية التي نجح فيها خصوصا وانه يتناول في كتاباته زمن ما اصطلح على تسميته بالفن الجميل بعد ما رأى أن الشعر تحول من سوق عكاظ إلى سوق (الهرج) .

(٢) نصيف الناصري:

شاعر لا يقل جمالية عن البهرزي حفظا ودراية لكن الفرق بينه وبين البهرزي أن البهرزي وضع لنفسه اطرا مهنية قد تكون أخلاقية ولم يحيد عنها في حين مارس الناصري ضياعا على طريقة (الحصيري) مصحوبا برفيقة أطلق عليها اسم (الشفيعة) تشاركه البعد عن الشعر والضياع والانغماس في بنت الحان واستذكار شعراء المجون وليذهب الشعر إلى الجحيم مادام اختلط الحابل بالنابل على صفحات الفيس .

(٣) تحسين كرمياني:

روائي مرموق ذا بصمة ورأي وسعة اطلاع اذهلته تلال الروايات التي تتعالى كل يوم على رفوف الفيسبوك من دون أن يجد في بعضها بارقة أمل تسمو بالرواية العراقية خصوصا والأدب عموما نحو مسارات تليق به فاغلق شبابيك الرواية في بيته ومارس هذيان الفلاسفة على شكل ومضات ونصائح وانتقادات ربما لا يطلع على أغلبها من سخموا الصفحات الكثيرة بما يطلقون عليه اسم (رواية) .

(٤) أنمار رحمة الله:

قاص مقتدر جميل يميل للغرائبية في كتابة قصصه ويمزجها بالاحلام احيانا اذهله نزف الأحبار وجبال الورق المستهلك في تسطير ما يطلق عليه جزافا (قصص قصيرة) فاشاد لنفسه صومعة في بيته بعيدا عن القص والقصاصين واراح أنامله ووهب قلمه استراحة مقاتل وفتح سمعه على مصراعيه فازدحمت فيه الاغاني الرومانسية وخصوصا الأجنبية منها املأ بأن يشغل صخب ما يسمع عينه وروحه عن النظر إلى ما يكتب تحت مسمى (القصة القصيرة) ولو إلى حين .

***

يتبع

راضي المترفي

ليست الطبقة العاملة كما تعرفها الطبقات الحاكمة (الرأسمالية) باعلامها الممول بانها فئة محددة في نوع من العمل أو شكل معين من أشكاله، وانما تشمل الطبقة العاملة أولئك الذين يعملون مقابل راتب أو بأجر، (كل الموظفين الحكوميّن (دائمي، عقد، اجير يومي) بكافة مسؤولياتهم ومراتبهم العلمية والعملية- وكافة العاملين في القطاع الخاص - وطلاب الجامعات (مشروع عامل)- والعاطلين عن العمل (عامل مُعطل).. الخ) وبمعنى آخر/ كل إنسان يرتبط بعلاقة مع وسائل الإنتاج فهو عامل.

يردد الوعي المعرفي للعمال بالأول من أيار: نحن نعرف حق المعرفة أن الأغنياء لا يخاطبوننا بأي خطاب إلا ليستغلونا.

إن هذه المناسبة ليست عيداً للأحتفال بل يوم تضامن العمال العالمي والإحتجاج ضد بشاعة وأستغلال وظلم وعدم مساواة من قبل البرجوازية الرأسمالية وليست عطلة في أغلب الدول التي تعد قواتها الأمنية لقمع تظاهرات العمال في هذا اليوم مثل فرنسا وتركيا وكوريا الجنوبية ودول امريكا الجنوبية والفيلبين وغيرها.

وهو يوم تذكير البرجوازية بجرائهما ومعتقلاتها وإعلامها المأجور وكتابها ومثقفيها وإقتصادييها ضد الطبقة العاملة الدارة لهم الأرباح والتي تمكنت الطبقة العاملة عبر تأريخها وتضحياتها من فضح سياسات اللامساواة والعنصرية والتحرش الجنسي.

اما العراق؛ يتمتع العمال في هذا اليوم بعطلة رسمية فرضت نفسها نتيجة لنضالاتهم منذ أول إضراب قاده عمال "مسفن دوكياد" في البصرة عام 1918 وأضراب عمال الزيوت النباتية عام 1968 وتم فتح النار عليهم وتلفيق تهم الدعارة ضد العاملات بعد أربع أشهر من سيطرة البعث المقبور على السلطة؛ هنا كانت الحركة الأولى في العراق لتفتيت الطبقة العاملة وكل حركة لكسب حقوقهم فأنها ستواجه بالقتل والإتهام، وحول صدام كل مصانع ومعامل وزارة الصناعة الى التصنيع العسكري لفرض القوانين العسكرية على العمال.

بعد عام ٢٠٠٣ والاحتلال الامريكي للعراق قرر "برايمر" منع مختلف أشكال التنظيم العمالي وسلب حق الإضراب والتظاهر في القطاع العام حتى صرح "ديك تشيني" نائب الرئيس الأمريكي آنذاك (بوش الابن) بخشيته من وصول مسودة "قرار برايمر" للإتحادات والمنظمات العمالية في العراق، لكن سارع البرلمان بسن قوانين التقشف والخدمة المدنية والحريات النقابية وخصخصة المصانع والتعليم والصحة كي لا يكون دور للإتحادات والمنظمات العمالية لتنظيم الطبقة العاملة وأخذ حقوقهم وحمايتهم.

ما قامت به البرجوازية الرأسمالية العالمية على مر التأريخ وليومنا هذا حيث بابسط ازمة اقتصادية للطبقات الحاكمة ترمي كرة الازمة على رقاب العمال، لذا على المجتمع أن يضغط بكل الأشكال على الدولة بأخذ مسؤوليتها في توفير الأمان الإجتماعي والسياسي والإقتصادي للجميع وإيجاد فرص عمل أو ضمان بطالة للعاطلين، وإطلاق كافة الحريات وصيانتها وتنظيمها بقانون، وإتاحة حرية التنظيم والإضراب والتظاهر وحرية الإعلام والتعبير عن الرأي، وتفعيل قانون العنف الأسري ضد النساء والأطفال.

يثبت الأول من أيار ان الطبقة العاملة قوة هائلة واغلبية على الصعيد الاقتصادي والعددي والمجتمعي وبامكانها أن تطيح بعالم اللا مساواة، عالم من جزئه الصغير الى الكبير يسير بالمقلوب.

***

حسام عبد الحسين 

نحن في حاجة إلى نخبة واعية متشبِّعة بقيم العقيدة الوطنية، تقول الحق ولو كان مرّا، دون الخوف من لومة لائم، وتقف سدّا منيعا أمام كل محاولات التمييع التي تطال القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية في هذا الوطن الذي ابتلي بالعديد من الأمراض، ما ولّد حالة من اللامسؤولية تجاه الوطن؛ فالنخبة بغيابها تركت في مناسبات عدّة المجال للغوغائيون، الذين ركبُوا الموجة وأضحوا يحلّلون ويناقشون قضايا الأمة ويحاكمون حتى النوايا، حيث تحوَّل “الإنسان الرقمي” الذي يُحسن التعامل مع تكنولوجيا الإنترنت، إلى فاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر الأخبار ويبث الصور والفيديوهات ويبدي آراءه حول مسائل جوهرية، تهمُّ الوطن والمواطن، في ظل اختفاء العقل النخبوي، الذي اغتال نفسه منذ زمن لان النخب هي التي تقود قاطرة النهضة والتنمية في بلدان، وهي العقل الذي تفكر به المجتمعات الراقية، عبر تسيّدها المشهد في كل الميادين، وانخراطها في مجمل النقاشات العامة حول القضايا التي تشكل الصالح العام، فإنّ حالها في بلادنا على النقيض من ذلك تماما؛ فهي منزوية ومنطوية على نفسها، ومستقيلة من دورها في التخطيط لمستقبل البلاد ة وفي زرع الاخلاق الواعية بين ساكنته،وعليها ان تشارك في إيجاد الحلول لكافة الآفات التي تنخر المجتمع، وهي غائبة للأسف عن المشاركة في صناعة القرارات المصيرية. البعض يقول: “إنّ هناك تجنيا مع سبق الإصرار والترصد في حق النخبة الوطنية، التي تعاني الإقصاء والتهميش بلا سبب”، في حين يرميها البعض الآخر بسهام النقد، وستظهر محطات مهمة كانت النخبة خارج مجال التغطية فيها، فهل فعلا صفوة المجتمع المشتغلون بالثقافة والعلم، مغيّبون أم غيَّبوا أنفسهم؟ لماذا لا نجد لهم أثرا في النقاشات العامة. اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى مطلوب من العقول النيرة والتي تشعر بالوطن ومعانته من الخروج من هذه القوقعة سواء فُرضت عليها أم فرضتها على نفسها، وأن تكون في الطليعة، وتنخرط في كل المسائل الحياتية، بالدراسة والتحليل والتخطيط والاستشراف، لا أن تترك المجال للعابثين والمصطادين في المياه العكرة. كما عليها أيضا الفكاك من المنزع النرجسي وعقدة التعالي، التي تجعل من العالِم حبيس برجه العالي، ويرفض أن يتزحزح منه، ليُحاكي واقعه.

إن دور النخب في البناء الحضاري هو فهم واجب القيادة والمقصد منه، ويتمثل في مواكبة التطور بالجديد والمفيد في ميادين التكنولوجيا، والتقدم الصناعي والعلمي، وتشجيع المفكرين والمبدعين، وفسح المجال للعلماء وأرباب الفكر في صناعة التقدم والحضارة، وبذلك تنمو الحياة بشكل متكامل ومتنامي من جميع الجوانب، وعلى كافة الأصعدة والاتجاهات، ومقدرته على مواجهة الأزمات والتحديات المعاصرة.ومن منظور آخر كيف قامت الأمم السابقة بواجب الاستخلاف، ومن ثم الفهم الشامل والصحيح للحضارة المعاصـرة بالانفتاح عليها انفتاحاً منضبطاً بضوابط الوحي، لأن الانفتاح المنضبط نحوها أمر ضروري للتبادل الحضاري الصحيح، لكون هذا الفهم هو الذي يمكن من الانتقاء والاستفادة العلمية والفنية الصحيحة، دون مساس بالقيم والعقائد والهوية

***

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

كان في الماضي الاعتياد أن تقرأ في الصباح جريدة ما وانت تحتسي قهوتك أو تشرب الشاي هذا إذا كنت من (الفايخين) ولك مكتب خاص بك وربما سكرتيرة بظفائر وتنورة قصيرة وسيقان من مرمر وابتسامة كابتسامة  (بروك شيلدز) أو دلع وضحكة (معالي زايد) أما إذا كنت من الذين وضعتهم اقدارهم في رهط (مكتوب عليهم قلة الراحة) فأنت أيضا تقرأ الجريدة صباحا حتى إذا كنت (لبّاخ) أو (تجبن جص) لكن الاختلاف في القراءة حيث تصلك (لفة الريوك) ملفوفة بجريدة مع علمهم انك تهتم للقراءة وليس لتاريخ الاصدار وبما أن زمن الجرائد ولى وسقطت دول المرابطين والموحدين والخرفان وأصبح (ابن العميد) قهوة مستوردة وعبد الحميد حكاية لا يذكرها إلا (نصيف الناصري) بعد عبور (النص) بصحبة كما يسميها (الشفيعة) لم يبق لنا جريدة تقرأ صباحا إلا (الفيس بوك) خصوصا وأن هذا المخلوق لا يشبه الجرائد من حيث تقسيم الصفحات والإخراج مع التأكيد بأننا كنا في الأزمنة الغابرة نقرأ تلك الجرائد من (وره) اي نبدأ من الصفحة الاخيرة حيث أخبار الفن وصور الحسان مفضلينها على الصفحة الأولى التي تحمل صورا مكفهرة وأخبار مستفزة ووعود كاذبة وافتتاحيات تنظر لحياة (السعالى) و(الطناطل) لكن الفيس هذه الأيام استولت عليه أربعة جهات لم تراعي فينا نحن قرائه الله وتوزعت هذه الجهات مساحات الفيس المسماة بالزرقاء فأخذت المنشطات الذكورية حيزها فارضة شعارها المؤدب الخجول (طول.. ضخامة.. تأخير) مع تزاحم اغلظ الإيمان بالله والكتاب المقدس والأئمة أن هذا المنشط هو الغاية والمبتغى وانه خالي من المواد الكيميائية وتحريض فاضح على أذية النصف الآخر (خليك كدها ولاتخليها تنام للصبح) أما الجهة الأخرى فهي صفحات الأدعية التي ربما عجز عن الإتيان بمثلها (مفاتيح الجنان) ومن لايحضره الفقيه والبخاري ومسلم ودعاء للرزق واخر لجلب الحبيب وثالث للغنى ورابع للسلطة وكلما كان المطلب نفيسا كان الدعاء طويلا مع عبارة (ارسله إلى كل من في صفحتك) وعندما تقرأ هذه النصيحة تجد أن كل أصحاب الأدعية ذا قلوب محبة خالية من الأنانية تريد الخير للجميع ومع كثرة المنشطات والإصرار  على قوة مفعولها وطول الأدعية وضمان الاستجابة لم نسمع شكوى حتى إذا خارج المحكمة عن طلب احداهن الطلاق بسبب فحولة المتعاطي كما لم نر الملايين في غير جيوب اللصوص الفاسدين .

يتبع

راضي المترفي

‏أصبح العراقيون مدركين تماماً، أن المشاكل التي يمر بها بلدهم وحلولها باتت بأيديهم، وهم من يمتلكون أدوات التغيير، حتى مع وجود واشنطن، التي مازالت تمتلك خيوط لها كشريك وليست مسيطرة على القرار السياسي الوطني..

يبدوا ان العراقيين باتوا يتطلعون إلى سياسيهم، بأن يكونوا على قدر المسؤولية في تنفيذ مطالبهم وحقوقهم، بالإضافة إلى إيجاد الحلول الناجعة لمشاكل الفساد، التي أخذت تتجذر أكثر فأكثر في مؤسسات الدولة، ‏وغيرها من المشاكل التي بدأت تؤثر على المشهد الاقتصادي، وآخرها التأثير المناخي التي بدأت تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وزاد من مخاوف المجتمع العراقي ككل، في قدراتهم على تحسين وضعهم المعاشي، بما فيها العثور على وظائف، أمام تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وزيادة الأسعار، وما رافقها من أزمات أثرت على الوضع العام كأزمة المياه، و تسارع سياسة تركيا في زيادة إعداد السدود على نهري دجلة والفرات، ما سرّع كثيرا في زيادة نسبة التصحر، وهذا ما أكده تقرير البنك الدولي لعام 2020.

‏الشعب العراقي أصبح على يقين، أن المشاكل التي تمر بها البلاد، لا يمكن حلها من الخارج، وأن معالجتها ينبغي أن تكون داخليا، وليس هناك أي إرادة خارجية لإجراء أي تعديلات أو تغيرات، على البناء الاقتصادي والسياسي للبلاد، لأن الأزمة ليست سياسية أو مالية اقتصادية، بقدر ما هي أزمة إدارة..

‏الولايات المتحدة كشريك أيضا، لها أدوات عقابية تجاه العراق، ويمكن لها أن تستغل القوانين لمعاقبته كقانون "ماغنسي"الذي يمكن استخدامه في عمليات تهريب الأموال إلى الخارج، وتقديم الدعم اللازم لمجموعة مراقبة مكافحة الفساد في العراق، حيث تساعد واشنطن في إعادة الأموال وتجميد المهرب منها، و التي ترى بأن الدولار عملتها الرسمية، ومن حقها متابعة عمليات تهريبه وملاحقاتها، ومنعها من الفاسدين، وإيقاف أموالهم في البنوك الغربية .

‏يعتقد بأنه بات ممكنا للعراق، أن يجد حلاً لمشاكله من خلال نظام "الحوكمة" الذي سيسهل عملية مواجهة تحديات الإصلاحات الاقتصادية، وجذب الاستثمارات في مختلف المشاريع، وأهمها المجال النفطي، واستثمار عمليات الغاز المصاحب في توليد الطاقة، و استخدام المياه العذبة التي بدأت تشح في بلاد الرافدين!

‏هناك من يرى أن على واشنطن، أن تكون جادة ومهتمة باستقرار العراق، وتطوره وازدهاره وتطوير قدراته الإدارية والاقتصادية، وان تنفذ ما عليها من التزامات، وأن تكون صادقة في ذلك.. وإلا فإن العراق بقدراته البشرية والمالية، يمكن أن يكون متقدما في المجال الاقتصادي، وسط الانفتاح على الوضع الإقليمي والدولي، الذي بالتأكيد سيؤثر بالإيجاب، على اتساع رقعة الاستثمار في البلاد .

‏العراق بداء يصبح أكثر قدرة على حماية نفسه، ويعمل على تثبيت دعائم أمنه واستقراره وسيادته، ويمكنه الدفاع ضد أي خطر يهدد آمنة واستقراره، وآخره تنظيم داعش الإرهابي، حين استطاع بقدرة أبنائه، أن يكون أن يقود حربا بالنيابة عن العالم، ضد هذا التنظيم الإرهابي، ومنع المخطط الدولي في تقسيمه.

يبقى الخطر الأكبر والأبرز الذي يهدد الدولة العراقية، هو الفساد المستشري الذي بدأ يضرب أركانه، ويصل إلى القيادات السياسية، والذي يعد احد الموروثات السلبية للتدخل الأمريكي، وساعد في تكوين طبقة من الأثرياء، حيث تصل شهرياً ما بين مليار إلى ملياري دولار أمواله، من البنك الفيدرالي الأمريكي، لدعم رواتب موظفيه، وتوفير رأس المال للمشاريع والاتفاقيات التجارية الخارجية، فتوفرت بيئة للفاسدين من سرقة المال والتلاعب، به حتى وصل الحال إلى اختلاس مليارين ونصف المليار، في صفقة وصفت بأنها الأقوى والأكثر فساداً في القرن الحالي.

***

محمد حسن الساعدي 

الكتاب لا يتصل بحياتنا، وفي أحسن الأحوال ينتهي سجيرا للتنور، الذي يطعمنا خبزا ثمنه باهض وأليم.

ستقولون ما هذا الطرح المتحامل على الكتاب؟!!

فالواقع المتواصل على مدى العصور، أسس للقطيعة بيننا والكتاب، ولا تزال متنامية ومتفاعلة في مجتمعاتنا.

فهل وجدتم مكتبا لمسؤول فوقه كتاب يقرأه ويسترشد به؟

هل رأيتم في غرف إستقبال بيوتنا كتبا على المناضد؟

وهل شاهدتم مكتبة في دواوين المشايخ التي تكاثرت بسرعة عجيبة؟

ولن تجدوا في أسواقنا رفوفا للكتب!!

المجتمعات المتقدمة ترعرعت على الكتب، فالبيوت محشوة بالكتب، والأسواق بأنواعها فيها أقسام للكتب، حتى الصيدليات، وأماكن الإنتظار في أي دائرة أو مؤسسة.

وما تنتجه دور النشر في دولة من المجتمعات المتقدمة يفوق ما تنتجه  دور النشر في دول أمتنا.

ومع قلة إنتاج الكتب عندنا، فأسواقها بائرة، والعلاقة بينها والمواطن مقطوعة، وما سمعت أو رأيت من يتكلم عن كتاب قرأه.

والسبب يعود إلى أن الكل تعرف، وتعلم، وتستند على شجرة تلهمها كل شيئ، فما دام من نسل كذا وكذا فهو العارف بكل شيئ.

أما تربيتنا المتوارثة فهي التي تحتقر الكتاب، وفي القليل من بيوتنا تجد القرآن في مكان مهجور، ولا يعرف مَن في الدار قراءته.

وفي ذات الوقت يتباهى العديد من ذوي الأقلام بأنهم أصدروا عددا من الكتب، وجميعها طبعت ببضعة مئات وتكدست في أقبية ظلماء، ويُهدى منها للمعارف والأصدقاء، أما بيعها فمن المعجزات.

فالناس المولعة بزيارة شوارع عرض الكتب والمكتبات تكتفي بقراءة العنوان، ولا تجود بالمال على كتاب.

ترى لماذا نؤلف الكتب وثقافة العدوان على الكتاب تسود؟!!

هل أنها العبثية والخداعية والنرجسية المهيمنة على وعينا الجمعي؟!!

***

د. صادق السامرائي 

1 - منذ الزمن البعثي، الى زمن الأستبعاث الأسلامي، انا وانت وهي، مهاجرون او مهجرين، والوعيد المرفق بالشتائم والتسقيط يطاردنا، خياراتنا محاصرة، بين قطع الأرزاق او الأعناق، او الهرب من جحيم منفانا، في وطن مهجر في ذاته، انا مثلاً  تطالني البذاءات، مع اني قد تجاوزت عمري، كما انها لم توفر كرامة لأمي، التي توفيت في الجنوب العراقي ــ العمارة ــ ولم ترى شكل السيارة، فقط لأني اخبرتهم، على انهم حثالات، لا يليق في العراق، أن يكونوا داخل مجتمعه النبيل.

2 - البعث لا يملك من القومية، سوى جلدها، ليخفي تحته ماضيه القمعي، اما المتأسلمين الجدد، فيتخذون من اسماء الله والأولياء، واجهات للخداع، ومن المذهب رتوش لتحسين صورتهم، حتى اصبح معاقاً بهم، ملثماً بالقناص والسياف، ومراجع الصمت الشيطاني، جاءت بهم أمريكا لتسقطهم، كالذي سبقهم بعد نفاذ ضرورتهم، لكن الأمر قد تغير، وحال امريكا لا يسعفها الآن، وهي مختنقة بنفسها الأخير، والخوف يعتريها، من آخرِ سيسقطها، ليكشف عن مخالب ديمقراطيتها، كما ان المتشيعين قد تعفنوا، ولم يصلحوا حتى ذيولا لأيران، وسيتعرون عن تاريخهم المنافق بلا مستقبل.

3 - العراقيون ومنهم بنات وأبناء الجنوب والوسط، بشكل خاص، لا يعنيهم من التشيع، سوى حبهم لعلي والحسين والعباس (ع)، مثلما يحبون الزعيم عبد الكريم قاسم، من دون النظر لدينه او مذهبه، سوى انه كان، وطني نزيه كريم عادل وشجاع، ان التساقهم كرقعة فساد ولصوصية وانحطاط، في الثوب النظيف، لعلي واولاده واحفاده (ع)، أمر لا يقبله عراقي منصف، ومثلما كنا ولازلنا مهجرين ومهاجرين، بأنتظار العراق، ان يخرج من تحت، ثقل انتكاساته المريرة، ليرتدي تاريخ حقيقته، ومنها يبدأ التغيير والأصلاح.

4 - المهجر يبقى مهجر، وكذلك المهاجر، ما داما "يريدان وطناً" الولائي سيبقى مطارداً، ما دام يخون وطناً، العراق يبحث عن نفسه، في واقع التطورات الكونية، هناك شعوب تغير العالم، ذو القطب الواحد المتمرد، وأنظمة تختنق بنفسها الأخير، سيعود المهجر والمهاجر الى ارضه، ليسقيها بدموع محبته، وسيحمل الولائي اكياس خياناته، ويرحل الى حيث كان، فهناك فقط لديه ما يفعله كقاطع طريق، ولم يتبقى لهم في الذاكرة العراقية، سوا اثار خياناتم، على بنات وأبناء العراق، ان يفكروا بقوة الوعي الجديد، وبأرادة شابة واعدة، ان ينجزوا ادوارهم، في اعادة اصلاح وتغيير وبناء وطنهم، وأجتثاث الأيديولوجيات والعقائد النافقة، للولائيين في العراق، كمرتزقة لأمريكا او لأيران، حينها سيستحق العراقيون وطنهم، كما يستحقهم.

*** 

حسن حاتم المذكور 

28 / 04 / 2023

حتى لا نمارس بذخ النقد "المهلك" ونكون مثل جرير والفرزدق في شعر الهجاء، لا بد من تملك عمليات النقد ضد الذات وتصويبها باتجاه الآخر. ففي ظل رؤية التوافق والاحتكام للعقل الجمعي لم يبق لدينا حاكما ولا معارضا شرسا، بل بتنا نتحدث لغة واحدة وهي الخروج من الجائحة بأقل الخسائر. اليوم يجب أن نعترف أن تطوير المجتمع لا بد أن تكون سكته متواصلة بسرعة"تجيفيTGV"، وهي التحولات التي لا مفر منها وقد تصبح مثل كرة الثلج القادمة من الجبل أكثر حدة ومتسعا بالمطالب والأولويات. من اليوم لا بد أن نستوقف التفكير في بناء تحول نوعي من نفس نبع ذات ما بعد الاستقلال. من اليوم يجب أن نبحث عن تأسيس مخفضات حصينة لسرعة التغيير الجارفة، و حتى التغيرات السريعة غير المراقبة بـ (رادار Radar) القيم الاجتماعية السليمة. من اليوم لا بد من مواجهة كمون التغيير غير النافض للغة المطالب، لا بد من مواجهة عمليات التيئيس من التجديد والتحديث، لا بد من مناصرة الثقة في المستقبل وبناء مسارات التغيير المرتكزة على السلم الاجتماعي والعدالة والكرامة.

الثورة على الإحباط، ورؤى سوداوية المستقبل، لا بد أن تكون لغة يمتلكها الشعب بالعامية نحو ترييش أجنحة الفساد، وضبط عقارب التنمية بالتسريع المندمج، نحو بناء رافعات ركيزة تضع المراقبة والمتابعة في يد المجتمع المدني والفاعل السياسي والمؤسسات الدستورية. فالثورة على الإقصاء والتهميش يجب أن يكون حلا جوهريا (تجربة زمن (كوفيد) ثلاث أرباع من الشعب تقريبا يحتاج إلى الدعم) ، يجب نسف كل الفوارق الاجتماعية العمودية بشكل هرم"خوفو" والتي تجعل من القاعدة متسعا لشعب الحاجة والفاقة، يجب أن تكون طريق التطور(النموذج التنموي الجديد) حلما جماعيا لا نخبويا.

صدق التغيير ينبعث من بناء روح الذات والجماعة والوطن بالايجابية التفاعلية، صدق البناء يكون بضبط عقارب ساعة تتحرك من الذات وفق الصدق والثقة في المستقبل وردم فجوات الماضي(الانتكاسات السياسية)، وفق العناية بتميم ممرات مأسسة مفهوم الوطنية والتي لا تختزل في رفع الشعارات بمفرقعات دوائر (رغوة تيد TIDE)، بل في الوفاء للثوابت والمقدسات وللمؤسسات الدستورية، وكذا من خلال العناية بالوحدة الوطنية والاعتراف بها كفاعل محرك للتغيير. إنها أصعب المسارات التي تتناول الانتقال من أنانية الهوية (الفردية) إلى نقيضها (المشترك) المنفتح على القيم والمعتقدات والثوابت اللازمة للعيش المشترك.

حق القول بالختم، حين تنكسر رغبات الذات (الفئوية) يسود الإحباط وانعدام الثقة، وينمو الحقد الاجتماعي ومفهوم (المقهور) و(الحكرة)، وتظهر الآثار السلبية وتصبح الهزيمة متمكنة من السيطرة على الذات والآخر بالتوسع . لنختم بأننا بالإفراد والجمع في حاجة ماسة إلى خلوة مع الذات، خلوة غير صوفية بالتمام، لكنها تفتح الحوار مع (أنا)، وتساءل المحيط .

***

محسن الأكرمين

بعد أن قضى ثلاثة عقود في إحدى الدول العربية، انتهى عقد عمله في أحد الدوائر الحكومية وتم إلغاء إقامة عمله وباع سيارته وأثاثه وانهى عقد إيجار شقته الصغيرة وعاد لوطنه مع عائلته الصغيرة وهو يحمل ذكريات كثيرة، ولقد كان يشعر بالخوف فوطنه الأم لا يعرفه فلقد تركه في بداية شبابه وذكرياته بحلوها ومرها في الدولة العربية التي عاش فيها، وطبعا المعاناة مضاعفة لأبنائه الصغار فهم لا يعرفون عادات ولا لهجة وطنهم الحقيقي ويحتاجون لاحتضان الكل حتى يتم إدماجهم للحياة الجديدة التي سوف يعيشونها، وكم كنت أتمنى أن تعطى الجنسية لهذا الرجل الشهم لأنه كان مخلص لعمله ونموذج للإنسان الصالح المحترم .

في أوطاننا نجد الحديث عن تجنيس من يأتي إلينا للعمل أو الإقامة أو ينصهر معنا بالنسب يعتبر من المحرمات والكبائر و أذكر أنني شاهدت جلسة حوارية مع نخبة من أبناء المجتمع الكويتي وما أن فتح موضوع التجنيس حتى بدأت الشتائم والاتهامات تنهال للكل دون استثناء للرافض والمؤيد ..!!

في أغلب دول العالم الأمر سهل وميسر وبسيط بل أن بعض الحكومات تقدم جنسيتها لأي إنسان تجد أنها سوف تستفاد منه في الوقت الحاضر أو في المستقبل، ودول عظمى وثرية تعطي جنسيتها مقابل مبلغ مادي و تعلن ترحيبها به وإن خالف أو أخطى فالقانون له ولغيره بالمرصاد، وجميعنا يذكر عبر وسائل الإعلام كيف أن أوروبا جاءتها موجة هجرة جماعية غير شرعية وعلى الأخص من السوريين والعراقيين وحينها أعلنت ألمانيا عن قرارات كثيرة لاحتواء العدد الأكبر منهم وهم الآن مندمجين ويعملون وشريحة الشباب منهم لهم مكانة متميزة بالجامعات الألمانية .

***

بروفسور حسين علي غالب بابان

أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا

لا يتجاوز عدد سكانها السبعة ملايين نسمة، ويتواجد بالبلاد ما يقرب من هذا العدد من الاجانب (عربا وافارقة) أي ان كل مواطن هناك اجنبي يخدمه، يشاركه في قوته والخدمات التي تقدمها الدولة رغم ضآلتها، يشغل هؤلاء حوالي 300 الف مسكن مما ساهم في ارتفاع قيمة الايجار.

في جميع دول العالم هناك ضوابط بشان الوافدين ومدى احتياج البلد لهم، أما في ليبيا فيستطيع أي انسان دخول البلاد سواء بتأشيرة وثمنها رمزي جدا لا يكاد يذكر والسلطات الليبية لا تتعامل بالمثل مع بلدان هؤلاء، حيث تفرض تلك الدول مبالغ طائلة في سبيل الحصول على تأشيرة دخولها، اضافة الى الاعداد الهائلة من دول الجوار التي تدخل عبر الحدود البرية دون تأشيرة.

في سبعينيات القرن الماضي كانت هناك ضوابط بشان الوافدين فكان الوافد يسجل باسم من يعمل لديه وتعطى له اقامة مؤقته، وعند انتهاء عمله اما ان يجيّره(يتنازل عنه) لأخر يمعرفة السلطات المحلية، او يتم تسفيره الى بلاده.

للأسف الشديد اصبح معظم الوافدين لا يعملون في الانتاج وبالأخص الزراعة، بل يعملون في التجارة بمختلف انواعها،والمقاهي والمخابز، اصبحوا اصحاب رؤوس اموال يملكون مغازات السلع بمختلف انواعها يسيطرون على السوق، يعملون لحسابهم وليسوا لحساب ليبيين ما جعلهم يتحكمون في اسعار السلع من خلال التحكم في عرضها، كما انهم يعملون كمقاولين في اعمال البناء والتشييد، إي انهم اصبحوا دولة داخل دولة، ولم تفرض عليهم الحكومة أية ضرائب او رسوم عن إيراداتهم.

نتمنى على الدولة، ان تقوم بوضع ضوابط بشان العمالة الوافدة، أي ان لا يعملوا لحساب انفسهم بل تحت امرة ليبيين في المواقع الانتاجية، وان يستبعدوا من العمل في المخابز والمقاهي والمطاعم وما في حكمها، وربطهم بمنظومة محلية بأماكن تواجدهم، يسهل من خلالها تتبع حركتهم ،وفرض ضرائب ورسوم نتيجة مزاولتهم المهن المختلفة.

أما العمالة الزائدة عن الحاجة، فيجب استحداث اماكن لإيوائهم تليق بهم كبشر والعمل على عدم وقوعهم فريسة في ايادي تجار البشر الذين يكسبون من وراء ترحيلهم الى اوروبا الاموال الطائلة حيث يفقد الكثير من المهاجرين ارواحهم في البحر، والعمل على اعادتهم الى بلدانهم بإشراف الامم المتحدة.

ان بقاءهم دون عمل سيجعلهم يعملون أي شيء في سبيل الحصول على لقمة العيش، فيقومون بأعمال السرقة والنهب والسلب وتجارة المخدرات، والعمل لصالح بعض الليبيين لتنفيذ اعمال اجرامية انتقامية، وكذلك سرقة الممتلكات العامة وبالأخص اسلاك التيار الكهربائي والاعمدة المعدنية، وبالتأكيد لصالح مجرمين ليبيين، من اجل الكسب غير المشروع وغياب الدولة.

في الاساس ان تقوم الدولة بتسيير دوريات على طول الحدود واعادة المتسللين الى بلدانهم  نعلم انها مهمة شاقة ولكن علينا البدء بذلك وفق الامكانيات المتاحة.

لقد لاحظنا وللأسف وعبر وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة بالصوت والصورة، وفي اكثر من مكان، قيام بعض الاجانب بتعذيب وقتل الليبيين لأجل الكسب غير المشروع او تنفيذا لأوامر بعض الليبيين الفاقدين للإنسانية. إن مثل هذه الاعمال تؤجج روح العداء للأجانب غير المنضبطين، فتحدث اعمال عنف قد تطال بعض الابرياء، وتظل الدولة هي المسؤول عن ارواح الجميع المتواجدين على اراضيها.

***

ميلاد عمر المزوغي

قل مُضعّف ولا تقل مثقف، فكلمة مثقف بلا أثر ودور في مجتمعات الأمة، فالمثقف إسم مجهول، ومستتر مبني على السكون، وتلتف حول عنقه حروف الجر والنصب، ومفعول به ولا يجوز له أن يكون فاعلا في الوسط الذي هو فيه.

المثقف مَهيض الجناح مكسور الخاطر ممنوع من الصرف، ومحكوم عليه بالقهر والحصار وقطع لقمة العيش، فعليه أن يصلي في محراب الكراسي، ويكبّر بإسم الجالسين فيها، الذين تحركهم قوى وقدرات مهيمنة على البلاد والعباد.

فالكراسي مملوكة والجالسون فيها وكلاء لا غير.

والمثقف يتوهم الحرية والسيادة الوطنية والقوة والكرامة، ويغفل أنه تحت مشيئة القابضين على مصير ما فوق التراب.

فالتفاعلات في جوهرها إقتصادية إستحواذية، إستئثارية تتفتح في ربوعها الأنانية والإمتهان.

فعندما يتحرك المثقف وفقا لأوهامه، يحترق في تنور الجور والعدوان على وجوده.

وعليه أن يكتب بمداد الطامعين والمستحوذين على كل شيئ، ليناله بعض شيئ من الغنيمة.

ولهذا من الصعب التكلم عن المثقف، ولا بد من الإقرار بوجود المثقف المُستلب، والمجتمع المأسور المُستعبد بإرادة الأقوياء الخارجين عن سلطة كل شيئ، فهم فوق الدستور والقانون والأعراف والتقاليد، وأساطين أمّارات السوء التي فيهم.

فدور المثقف بلا قيمة، ولا يمكن للمثقفين تكوين تيار معرفي وقوة نوعية تسعى للتغيير، والتعبير عن الإرادة الوطنية الحرة، وبموجب ذلك، فدول الأمة عبارة عن بيادق تحركها أيادي اللاعبين الحالمين بصيد سمين.

فهل نفع مثقفوا الأمة الأجيال المتعاقبة، إنهم يسطرون ولا يؤثرون، ويدّعون ولا يفعلون، وما أكثر مشاريعهم ونظرياتهم ومجتمعاتنا تنخرها آفات الوجيع والحرمان من أبسط حقوق الإنسان، ويترعرع الأثرياء والفقراء في ديارنا الغناء.

فأين المثقف المقدام؟!!

***

د. صادق السامرائي

ما يدور في السودان من اقتتال لا يصب إلا في مصلحة الشيطان الذي يعربد في التفاصيل؛ وليتها مجرد كوابيس تباغتنا بينما السودان بخير وسلام! لكنها الحقيقة الصادمة التي يأنفها المنطق.. فالقتال هو الخيار الذي لم تصمد أمامه هدنةُ الثلاثة أيام العجاف، التي أغلقت في ظلها الكئيب الأبوابُ على كل الحلول المتاحة المرتجاه.. فاعقبها حمام دم سخي دون انقطاع.

وكان ينبغي على العقلاء إدراك بأن أيّ هدنة مؤقتة بين طرفين متنازعين دون مفاوضات إنما هي استثمار للوقت من أجل تقيم الوضع العسكري لكل جانب، وإعادة الانتشار بغية التصعيد كما حدث في السودان.. فبعد هدنة الثلاثة أيام احتدمت المعارك وتضاعف عدد الضحايا.

واللافت أن قوات التدخل السريع تستحكم بالأحياء السكنية في كافة المدن لتحييد القوة الضاربة للجيش السوداني واتخاذ المواطنين كرهائن في حرب ضروس لا تبقي ولا تذر.

هؤلاء هم تجار الموت الذين حولوا ثروات السودان بدلاً من معطيات للتنمية إلى نقمة على العباد.

ولا استبعد أن ينبت للأفعى قرون أخرى تنافس الخصمين في الأزمة السودانية على كعكة الوطن.. فيما يدفع الشعب السوداني فاتورة الدم دون أن يكون له ذنب في الكارثة التي يشهدها السودان.

فقط! يحتاج السودان بمكوناته المتشرذمة، إلى عقل سخي بعطائه لصالح وحدة السودان ومصالحه العليا، بعيداً عن أنانية القادة وشبقهم الشهواني لملذات الثأر البيني.. ولو أدّى الأمر إلى تدمير السودان وتبديد ما سيتبقى من ثرواته.

كيف يختار عاقل الأرضَ اليبابَ والحديقةُ مشرعةُ الأبواب في وجهه الذي غطته الحيرة بالاكتئاب!

ألا يعقب اقتتال الإخوة حصاد الشر الذي لا يثمر سوى الحنظل إن لم تأت نيران الحقد على الهشيم!

ومن قال حينها بأن الطامعين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء (كالصهيونية) سوف يخمدون النار دون أن يستوطنوا في قلب الحكاية ويستملكوا حصاد ما اقترفت أيادي الضّالين من خيبات! فخيبة السودانيين حينها بالنسبة لأعدائهم كروم مثقلة العناقيد.

فهل من عاقل يوقف الحرب، ويقطع دابر كل من تسوله نفسه العربدة في تفاصيل الشأن الداخلي كالاحتلال الإسرائيلي ومن يدور في فلكه من المطبعين.. ومن ثم بناء السودان المزدهر، واستغلال مُقَدَّراتِه لأجل مستقبل الأجيال القادمة!

اللهم أنصر السودان على من يعاديه ويسخر له العقلاء المخلصين.

***

بقلم بكر السباتين

27 أبريل 2023

اعترض بعض الاخوة على مقولتي (عصر النفط قريب من الانتهاء على غرار الفحم الحجري) ومن اعتراضاتهم: (ان هذا الكلام اعلامي اكثر مما هو واقعي)، (الوقود الاحفوري كما قال بعضهم سيبقى إلى قيام الساعة) وآخرين قالوا (الى خمسين سنة على الأقل سيبقى هو المصدر الاساسي للطاقة)، وقالوا ايضاً: (ان النفط استخدامه الأقل هو كوقود للسيارات واستخدامه الأكبر هو كوقود للطائرات)؛ وقالوا (هناك دراسات تقول ان أسعار النفط ستشتعل وتصبح 200 دولار خلال العشرين سنة القادمة)، ثم اعترضوا علي قائلين (لماذا تثير هذه الأمور المزعجة الآن خلينا نايمين، اليوم اكو اكل وباجر الله كريم)، ومن مقولاتهم ايضاً (سوف لن يهتموا لما تقول لأن الخزينة بيها مليارات ولهذا السبب عينوا نصف مليون موظف خلال ثلاثة اشهر)، وقالوا ايضاً: (الحكومات تفكر لأربع سنوات فقط ومن يجي يوم ما عده الحكومة تدفع معاشات راح ينتبهون لطروحاتك)، ثم قالوا: (منو يقرأ ومنو يسمع الكل طرشان) .

فكانت اجابتي لهم: اني اتمنى ان يكون بعض كلامهم صحيحاً، وان تستمر الحاجة الى النفط الى قيام الساعة، وأتمنى ان يصبح سعر برميل النفط 200 دولار، اما بالنسبة لانهيار سوق النفط فتكثر الآراء في هذا المجال فهناك من يقول ان انهيار سوق وأسعار النفط ستكون في العقد القادم، وآخرون يقولون بعد عقدين او ثلاثة بل حتى خمسة عقود، طبعاً شركات النفط تعطي أطول الفترات لسبب واضح، فإن اقروا ان السوق والأسعار ستنهار خلال عقد او عقدين فمعناه ستنهار قيمة اسهم شركاتهم قبل ذلك، واني لا اريد ان اتبنى وجهة نظر أي من الفرقاء وأقول نعم لا توجد لدينا توقيتات يقينية ولكن يوجد واقع على الارض، لذلك من المهم ان نعرف هذا الواقع ونبني عليه السياسات المستقبلية للبلد. فالنروج على سبيل المثال في يومنا الحالي 80٪ من سياراتها تعمل على الكهرباء ووضعوا حداً عام 2025 لا يجوز بيع اي سيارة جديدة لا تعمل على الكهرباء، اما الدول الكبرى كاليابان والصين والبرازيل وبعض الدول الاوربية وضعوا حداً نهائياً عام 2030، بريطانيا وضعت قانون مشابه ولكن بين عامي 2030 و 2035، الاتحاد الاوربي وضع حداً عام 2035 وكذلك الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وجنوب افريقيا، اما الهند فاتخذت سياسة خاصة حيث أصدرت قانون عام 2023 وضع حداً اعلى لاستخدام السيارات التي تعمل على الوقود لفترة لا تتجاوز ال 15 سنة في المدن الكبيرة وانشأت الهند الكثير من المصانع الكبيرة لتحويل مكائن السيارات القديمة التي تعمل على الوقود الى مكائن تعمل على الكهرباء؛ نأمل ان يستمر استخدام الوقود لأطول فترة ولكن في نفس الوقت يجب ان نتهيأ للسيناريو الآخر، لقد انهت السعودية اقتصادها الريعي وطورت قطاعها الصناعي والزراعي والخدمي بحيث أصبحت الموارد غير النفطية تشكل 54٪ من الناتج الإجمالي المحلي (GDP) لعام 2023 حتى الآن، اما بالنسبة للنفط فضمنت هي واكثر الدول النفطية أسواق النفط المستقبلية، فقد اشترت وانشأت السعودية والامارات وقطر والكويت والجزائر عشرات المصافي في العالم، احداها اكبر مصفاة امريكية اشترتها السعودية وهي مصفاة بورت آرثر وستحولها الى اكبر مصفاة في العالم (1.5 مليون برميل يومياً) اعتماداً على تقنيات جديدة تتلاءم مع السوق المستقبلي للنفط فلا تنتج وقود السيارات إلا بنسبة ضئيلة، وللعلم فهذه المصفاة ستشتري النفط السعودي فقط ولا يمكن ان نبيع لها النفط العراقي في المستقبل، وكذلك كل المصافي التي اشترتها وستشتريها الدول النفطية ستكون سوقاً لهذه الدول وليس للعراق، الكويت أصبحت اكبر مجهز لوقود الطائرات في العالم حيث سيطروا على اكثر من 40 مطار دولي في العالم سيستوردوا وقود الطائرات من الكويت وبالتأكيد ليس من العراق؛ الدول النفطية عملت وتستعد لهذا اليوم وجلبوا الشركات الاستشارية التي وضعت لهم هذه السياسات الاقتصادية لمواجهة الأيام والسنين القادمة حين تقل الحاجة الى الوقود، ونحن للإسف غافلون، وفي التقرير الاخير للبنك الدولي الذي صدر في كانون الاول الماضي بشأن التنمية والمناخ في العراق ذكر الفقرة التالية [بينما يتخلى العالم عن الوقود الاحفوري سيضعف الطلب على صادرات النفط العراقية… هذا يؤدي الى تقليص القطاع العام ويؤدي الى خلق تحديات كبيرة في أي بلد، وهذه التحديات ستكون شديدة في العراق، وهذا لن يؤدي الى تسريح عمال القطاع العام وقطع المصدر الرئيسي لدخل الاسرة فحسب بل الى الغاء وصول الاسر الى أنظمة الحماية الاجتماعية ايضاً]، للأسف هذا واقعنا بسبب الكثير من افراد الطبقة السياسية التي حكمت البلد خلال العشرين سنة الماضية.

ترى متى سنتخلص من الاقتصاد الريعي للنفط، متى سنوفر الخدمات لتنهض الصناعة في بلدنا، متى سنوفر الماء من الوفرة النفطية لتنهض الزراعة في العراق، متى سيعمل القطاع الخاص بكل حرية بعيداً عن الفساد والرشاوي وانعدام الامن فنوفر مجالات العمل لملايين العراقيين في القطاع الخاص بعيداً عن التعيين في الدولة، متى سيلتحق بلدنا بالركب العالمي لإنقاذ البلد من انهيار حتمي خلال فترة لا تتجاوز العقدين من الزمن!

***

محمد توفيق علاوي

من المسؤول عن محاولة قتل الخطوط الجوية العراقية؟

سيادة الدكتور محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي المحترم

اولا احييكم واعلن لكم انك اول رئيس عراقي يحظى بثقة معظم الشعب العراقي بعد القائد المغدور عبد الكريم قاسم وهذه الثقة جاءت بعد ما حققتم من انجازات مفرحة نرجو لكم التوفيق في اتمامها وبفرض القانون على الجميع وفي كل ماتقومون به من اجل الشعب العراقي.

اود ان اعرض عليكم كمواطنة عراقية مشكلة البحث عن الطيران العراقي اي الخطوط الجوية العراقية.

بعد معاناتي والالاف من العراقيين المغتربين في اضطرارهم استخدام الخطوط التركية وغيرها من اجل زيارة اهلهم في العراق، بعد سقوط صدام. اقسمت ان لا اسافر الى بغداد الا على متن طائرة عراقية.. وقد تحققت امنيتي في السنوات التالية وحظيت برحلة جميلة على متن طائرة عراقية صغيرة استوفت كل الشروط، التي يدعي البعض ان الطيران العراقي لم يلتزم بها! وتكررت والحمد لله في سنة اخرى، بالرغم من صعوبة الوضع الامني في العراق في ذلك الحين وعدم استقرار الوضع السياسي والاقتصادي، خاصة في السنوات 2006-2009. فتأملنا خيرا بعد ان تحقق الامن وبفضل النشامى العراقيين قضيتم على عصابات الارهاب بكل اشكالها فحلمنا بأن الطيران العراقي سيصبح افضل بطائرات اكبر تسع الزوار من مختلف الجنسيات من سواح ومستثمرين، بل ولن تخضع للتفتيش كما حصل مع كل طائرة عراقية تخرج من العراق! بالرغم من ان العراق كان هو ضحية الارهاب الذي تسابقت الدول في تصديره لهم! والغريب ان التفتيش في كل مرة يتم في بلد اوربي مختلف كما لو ان كل دولة لابد ان يكون لها حصة من الكيكة العراقية!!

لكن العكس هو الذي حصل! فالطائرة العراقية اختفت تماما وحين عادت بشكل مؤقت لفترة وجيزة فوجئنا ان الطائرة لاتمت للعراق بصلة سوى شعار الطيران العراقي المعروف.. فقد كانت من مخلفات الطيران التركي والطاقم كله اتراك حتى المضيفون والمضيفات! والذين كانوا ابعد مايكون عن مهنة الضيافة بعدم معرفتهم بلغة البلد الذي منحهم فرصة العمل تلك ولا حتى الانكليزية اللغة العالمية التي لايقبل احد في هذه المهنة اذا لم يتحدث تلك اللغة وبطلاقة.. اضافة الى جفاف تعاملهم وقلة تهذيبهم مما جعلني اجزم انهم كانوا يتعمدون ذلك لتشويه الطيران العراقي، وبالتالي يعود الناس مضطرين لاستخدام الطيران التركي وغيره بالرغم من متاعب الانتظار خاصة في مطار تركي لساعات طوال تصل الى اكثر من عشر ساعات على مقاعد غير مريحة والفوضى المتعبة طول تلك الساعات.

فتركيا والاردن -مع احرامي وتحيتي لطاقم الطيران الاردني-كانتا اكثر الدول استغلالا لمحنة العراق وحاجة العراقيين لزيارة بلدهم.. بل ان اقتصادهم ازدهر على حساب المواطن العراقي هذا بالرغم من التسهيلات التي تمنحها لهم الحكومة العراقية في استيراد النفط العراقي بارخص الاثمان اذا لم يكن مجانا!! الى جعل العراق سوق للبضائع التركية بشكل خاص! مع هذا لم يفكر اي مسؤول عراقي بمطالبة تلك الدول بمنح العراقي الاولوية أو على الاقل بتخفيض اثمان تذاكر السفر للعراقيين مقابل الخدمات التي تقدمها الدولة العراقية..او على الاقل مطالبتهم بعدم تشويه الطيران العراقي.

ولا ادري اذا فكر مسؤول الطيران العراقي بزيارة منظمة الطيران العالمي؟ هل فكر بتفنيد ادعاءات الحاقدين على العراق واثبات ان الطيران العراقي افضل من التركي بل افضل حتى من بعض الخطوط الجوية الاوربية مثل ايزيجت وراينير ..؟

ما الصعوبة بتوفير طائرة صغيرة لتسهيل رحلة العراقيين الى بلدهم لزيارة اهلهم او لانجاز بعض اعمالهم؟ مادامت العودة بشكل نهائي باتت شبه مستحيلة!؟

ما الصعوبة بفتح حوار صريح مع الدولة التي تستغل هذا الامر، لتعزيز مؤسساتهم وزيادة ارباحهم على حسباب سمعة العراق واقتصاده؟

أين وزير المواصلات ومسؤول الطيران العراقي ؟ أين وزير التجارة ووزير الخارجية ووزير السياحة والاثار، ووزير النفط من واجبهم الوطني؟ الذي يحتم عليهم ان يؤدوا عملهم على اكمل وجه ليثبتوا للشعب الذي منحهم تلك المناصب، انهم اهل لتلك الثقة.. من اجل العمل على ازدهار الاقتصاد وتوفير الخدمات للشعب العراقي )ليحللوا خبزتهم( علبى الاقل، كما يقول المثل.

بانتظار النظر في تلك المشكلة التي ليست سهلة كما يتوهم البعض. ارجو ان نسمع عن عودة الطيران العراقي متحديا كل العراقيل والصعوبات

بالرغم من حاجتي الماسة لزيارة اهلي واحبتي في العراق، لا اريد ان استخدم الطيران التركي ليس لاني لا اريد ان ارجع بحلفاني، ولا لاني لا اريد الاتراك ان يستفيدون من خلال استغلالهم حاجتي تلك.. ولكني حرصا على العراق وعلى كل مؤسساته، ورفضي لأي استغلال لمحنة الشعب، الذي انتمي اليه مهما باعدنا الزمن.

وفقكم الله وسدد خطاكم .. ولكم كل الشكر والاماني بالتوفيق في كل مايخدم الشعب العراقي.

***

كاتبة عراقية

لندن 2023

قيمة الإنسان ليست مفردة خيالية يترنم بها أدعيا السياسة، ويتوهمون بأنها كلمات فاقعة، وخطابات رنانة، ومواعظ فتانة، إنها مفردات بسيطة متعارف عليها في البلدان التي تحترم مواطنيها، وتعزهم ولا تبخس قيمتهم، ومن مفرداتها:

أولا: المستشفى المعاصرة

لا وجود لقيمة الإنسان إذا الخدمات الصحية متردية، فلا يجد مستشفى متطور يقدم له ما يحتاجه من الرعاية الصحية اللازمة، فالخدمات الصحية من أولويات التعبير عن أهمية قيمة الإنسان.

ثانيا: المدرسة الإبتدائية الحديثة

الدول التي لا توفر مدارس إبتدائية معاصرة لأبنائها، تحتقر المواطن، وتدمر المستقبل، لأن المستقبل ببساطة ينمو في دنيا الأطفال، ولهذا توفر المجتمعات المتقدمة أفضل الرعاية للأطفال لأنها تبني المستقبل بهم.

والعديد من دولنا تدمر المستقبل بإهمالها للمدارس الإبتدائية، وتدفع بالأطفال إلى أماكن لا تصلح زرائب للحيوانات وتسميها مدارس لفلذات أكباد وطن، وبهذا تقضي على المستقبل الأفضل.

ثالثا: البنى التحتية الراقية

البنى التحتية ركيزة الحياة في البلاد، وإذا لم تكن ذات قوام سليم فالمواطن سيعاني، وسيجد نفسه في محنة يومية قاسية تستنزف جهده وعمره، وينتابه شعور بالذل والهوان والإنكسار.

ومنها طرق المواصلات ووسائلها، وشبكات التصريف الصحي، والجسور والأنفاق، والمرافق الترفيهية، والثقافية والأسواق وغيرها الكثير من متطلبات العيش الرغيد.

رابعا: الماء الصالح للشرب

لا توجد حكومة في دول الدنيا تهتم بمواطنيها ولا توفر لهم الماء الصالح للشرب، فذلك من أولويات مسؤولياتها وواجباتها الخدمية، وهو من ضرورات الحياة السليمة القويمة، لأنه إن لم يكن صالحا للشرب فسيتسبب بأمراض وعلل تكلف الدولة الكثير من الإجراءات الخسرانية.

خامسا: الكهرباء

الكهرباء عصب الحياة، وشريانها الأبهر، ولا تستغني عنها الشعوب ولو لساعات، لأن جميع الأدوات في المنزل ستتعطل، وتنعدم الإضاءة التي تحارب الظلام وتطرد الإجرام.

فأية قيمة لإنسان محروم من الكهرباء على مدى أعوام؟!!

فلا تحدثونا عن أي شيئ قبل أن تستوفي المجتمعات حقوقها الإنسانية، فكل كلام قبل ذلك هراء وبهتان!!

***

د. صادق السامرائي

 

الكثيرون بالتأكيد كانوا ولايزالون مغرمين بكتب من نوعيّة "كيف تصبح مليونيراً؟ "، ورغم قراءتي للكتاب، إلا أنني ما أزال أنتمي الى طائفة الذين ينتظرون هلال الراتب كل نهاية شهر. يضع أهل المال أحياناً كتباً عن تجربتهم المهنية.

ويقدمون لنا ما يعتقدون أنها أفضل النماذج لتعليم الناس كيف يعيشون حياتهم بجدّ واجتهاد، وقبل سنوات كنت حدثتكم عن السيد بيل غيتس، وهو يروي في سيرته الذاتية كيف واجه تضخم ثروته، عندما قال لزوجته ذات يوم لابدّ من عمل يخلّصنا من عبء هذه الثروة، فقّرر تخصيص جزء كبير من ثروته لمساعدة المحتاجين حول العالم، لا لون ولا طائفة ولا هوية دينية للذين يتلقون المساعدات .

ستقولون، عدت ثانية للتنظير وحديث الكتب، ونحن نعيش مرحلة معركة المصير بين حيدر الملا ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فقد استثكر الملا على المسكين الحلبوسي ان يشتري طائرة خاصة، ويبني قصراً يذكّر الناس بتاج محل، وسخر الحلبوسي من ليالي الانس التي يقيمها حيدر الملا في عمان، فيما المواطن العراقي لا يزال يسخر من الاخبار كلما سمع ان الدولار هبط في بورصة الكفاح . ماذا أفعل ياسادة وأنا أقرأ تقريراً يحدد عدد السنوات التي يمكن أن تجمع بها مليون دولار؟، لأكتشف أن المواطن العراقي الذي يتقاضى راتباً مثل جنابي يحتاج إلى أكثر من 154 عاماً من العمل المتواصل، وعدم الإنفاق، ليجمع المليون الأول. ويبدو أن أصحاب التقرير لم يتعرفوا على نور زهير وأشقاءه الذين أصبحوا مليارديرية وجمعوا آلاف الملايين من الدولارات في زمن قياسي لم يتجاوز العام الواحد. ولم يقرأوا  في الاخبار ان "المناضل" أيهم السامرائي هرب ومعه مليار دولار عدا ونقدا من اموال الكهرباء، وان "التقي" فلاح السوداني ينعم في بريطانيا باموال الحصة التموينية .

ولكن شتان ما بيننا وبين تجارب الشعوب، بين ثروات بيل غيتس وجماعته الذين يهبونها لفقراء العالم وبين ثروات أغنيائنا الذين ينمون بها اقتصاد دول الجوار من خلال حسابات سرية لا يعرفها إلا الراسخون في العلم. ثروات أغنيائنا فقد جاءت من خطب رنانة ومناورة وانتهازية وتوازن طائفي.. فنحن برد علمت الناس القراءة والكتابة وأيضا كيف ينهب مال الدولة في سبعة أيام وفي وضح النهار، وفوق هذا كله فان مسؤولينا قادرون على أن يدخلوا أيديهم في جيوب الناس ويأخذوا مابها. نحن نعيش زمن مليارديرات المال العام، ثروات لمسؤولين استغلوا وظائفهم لمنافعهم الشخصية؟! للاسف فات اصحاب القرير ان يدركوا ان اسهل مهنة في العراق ان تصبح مليونيرا بعد ان تجلس على كرسي البرلمان اربع سنوات لاغيرها .

***

علي حسين

 

متربع على كرسي دار الافتاء لأكثر من عقد من الزمن، كافة تصريحاته تظهر وبما لا يدع مجالا للشك بان (جلالته) يتعاطى السياسة بغطاء ديني، أولى جرائمه البشعة في حق جزء كبير من الشعب الليبي من خلال تصريحه (من لم يشكر قطر فهة كلب) وكان يجب ان يكون هذا التصريح بمثابة اخبار لذوي الاختصاص ومنهم النائب العام واخذ الاجراءات المناسبة بالخصوص، تمادى سيادته في احداث الفرقة بين مكونات الشعب الليبي بدل ان يكون معول بناء ومحاولة لم الشمل في بلد تعمه الفوضى وينخر جسده السوس وتهدر امواله وتستباح ارضه من قبل مخابرات كافة دول العالم كبيرها وصغيرها فأصبحت البلاد ساحة صرع للقوى الاقليمية والدولية.

تصريحاته المتعاقبة ساهمت في ارسال قوارب الموت المنطلقة من المنطقة الغربية المحملة بمختلف انواع الاسلحة والتكفيريين الى بنغازي حيث سيطرت عليها ولفترات مجموعة تكفيرية عاثت فيها فسادا ومقتل المئات من العسكريين والامنيين الذين عملوا وبحرفية من اجل تامين البلاد من خطر الخارجين عن ملة الاسلام، لم يكتفي المفتي بذلك بل طالب من ارادوا تخليص مدينة سرت من الدواعش الذين نصبوا المشانق وقاموا بطلب مواطنيها على اعمدة الكهرباء بالمدينة على مرأى ومسمع العالم بان يذهبوا الى بنغازي وتحريرها من الجيش (او ما تبقى منه بفعل ضربات الناتو) الذي هب لنصرة سكان المدينة وتخليصها منهم ليعم الامن والاستقرار بها ولتكون البداية لتحرير كامل تراب الوطن من العصابات الاجرامية سواء الدينية منها والعلمانية والجهوية والعرقية.

بالأمس القريب ولدى اقامة شعائر صلاة عيد الفطر بساحة الشهداء بمدينة طرابلس، وبغض النظر عن ان رمضان هذا العام 1444 هجرية، كان ناقصا او مكتملا (دول غرب البلاد وشرقها افطروا يوم الخميس/ رمضان 29 يوما)، فان بعض سكان المنطقة الغربية(حيث دائرة نفوذه) اكملوا صوم رمضان بسبب فتواه، درءا للفتنة او عملا بالحديث الشريف "ان غمّ عليكم"، أو من باب في رقبة الحاكم / المفتي، إلا ان انصاره قاموا برمي الخطيب بالأحذية واجباره على النزول من على المنبر واعتلاه احدهم لاستكمال الشعائر وربما اعادة الصلاة، ترى هل انتقل احد الشياطين الثلاثة من الاراضي المقدسة الى ساحة الشهداء بطرابلس ويتجسد في خطيب العيد، وبالتالي وجب رجمه بالأحذية لتعذر وجود الحجارة لعدم علمهم المسبق بذلك؟ ذهب اليه انصاره للمعايدة وقصوا عليه صنيعهم، فتبسم! ما يعني انه جد راض عما قاموا به. ندرك بان هذا التيار سيقوم بتخليد هذه الموقعة اعلاميا، ولكن نتمنى عليه ان يقوم بتخليدها مكانيا بإقامة نصب تذكاري للموقعة بعين المكان للأحذية التي انهالت على راس الخطيب فهي موقعة عظيمة جرت في شهر رمضان المعظم. 

السيد الدبيبة منح الشعب يوما اضافيا لتصبح عطلة العيد اربعة ايام وقد استند في ذلك على قرار منحه الثقة من مجلس النواب، لكنه تجاهل ان المجلس الذي اعطاه الثقة قد سحبها منه وكلف غيره بتشكيل الحكومة بمعنى ان حكومته غير شرعية وانما حكومة الامر الواقع.       

التيارات الدينية والعلمانية والجهوية والعرقية تعمل في غرب البلاد وتسيطر عليه انطلاقا من مبدا ان لم تكن معي فلا تكن ضدي، إنهم يعيثون في البلاد فسادا يرهبون السكان ويقتلون من يخالهم الراي  ويستولون على اموالهم ويذلونهم .

ان التيارات المتباينة المسيطرة على غرب البلاد لأجل تحقيق مصالحها، فهي لا تعيش الا في بيئة الفوضى، لا تريد انتخابات رئاسية لأنها تدرك ان مجيء رئيس منتخب شعبيا وان بصلاحيات محدودة لن يبقيها على الساحة وسيحيلهم الى العدالة لتأخذ مجراها.

***

ميلاد عمر المزوغي 

الأسطوانة المشروخة التي تدور في الأوساط الثقافية، أن أي دولة في العالم المتقدم، لو بلغ عدد سكانها عشرة ملايين، فأنها تطبع أضعاف ما يطبعه العرب من الكتب، وياخذون ذلك كمعيار للثقافة والتقدم والرقاء؟

وهذه فرية لتعزيز مشاعر الإحباط والدونية، وتأمين إرادة التبعية.

فالمجتمعات لم تتقدم بطباعة المزيد من الكتب، وإنما طباعة الكتب من نتائج تقدمها وإزدهارها في ميادين الحياة المتنوعة، فالكتاب نتيجة وليس سببا.

التقدم يتحقق بإعمال العقل الحر في مواجهة التحديات والعمل على تلبية الحاجات، وبدون نشاطات عقلية أصيلة متميزة في شتى الميادين، لا تقدم ولا ثقافة ولا معرفة.

فما قيمة طباعة آلاف الكتب التي لا تلامس الواقع، ولا تتفاعل مع إرادة المواطن، الذي يمارس حياته يجد ونشاط وإبداع متراكم.

هل أن الكتاب سبق الثورات المعرفية الكبرى في مجتمعات الدنيا؟

هل سنغافورا صنعتها كثرة طباعة الكتب، وكذلك الصين وأندونيسيا والهند والكوريتان، ودول أخرى عديدة؟

بين فينة وأخرى تنطلي علينا لعبا هدفها الخداع والتضليل والتخميد والتقنيط، والمحافظة على أهوال اليأس الجاثمة على الصدور.

فهل ينفع طباعة كتب يباع منها أقل من 10% ويُقرأ أقل من ذلك بكثير، فالعلة في المقرؤية المنخفضة جدا في مجتمعاتنا، والسبب الرئيسي أبواق المنابر المؤدينة، التي لا تريد بشرا يقرأ وإنما يسمع ويطيع.

فمجتمعاتنا سماعية، وكلامية وليست قارئة، فهم على سبيل المثال يستمعون للقرآن ولا يقرؤنه، ويطربون لأنغام تراتيله المتنوعة، فالنسبة العظمى لا يجيدون القراءة، ويفضلون الإستماع والإتباع، فالعقل صدوي والملايين من الناس تتبنى عقل شخص واحد وتبيد عقولها.

فعلينا أن نكون موضوعين ومدركين لمفردات التداعيات والتردي في المجتمع، بدلا من المقاييس المغرضة الهادفة إلى تنمية سلوكيات الوجيع.

فهل سنتعلم القراءة ونجيد مهاراتها وأساليبها ليكون للمكتوب قيمة؟!!

***

د. صادق السامرائي

كالعادة، صباح كل يوم أبحث في الفيسبوك عن الجديد من الأخبار وأتابع الصفحات المتميزة لبعض الأساتذة ومنهم أستاذ الاقتصاد الدكتور عماد عبد اللطيف سالم، ووجدته في اليومين الأخيرين مهموماً بأحوال الموازنة التي يتعارك عليها النواب في برلماننا العتيد الذي يطالب فيه بعض النواب بمنع المواطنين من رؤيتهم بالعين المجردة، فالسيارات المضللة وحدها التي تحمي النائب من عين الحسود.

أعود للأستاذ عماد الذي نشر في صفحته تخصيصات الموازنة للوزارات للعام 2023، فماذا وجدنا ياسادة؟، إن ديوان الوقف السني ومعه شقيقه الوقف الشيعي خصصت لهما موازنات أكثر من موازنة وزارة الزراعة، وأن الدولة أرادت أن تكافئ الوقف السني بعد فضائح الفساد فعينت على ملاكه 14 ألف موظف عام 2023 ، بينما عينت لوزارة  الإعمار والإسكان والبلديات ثلاثة آلاف موظف لاغير .

في هذه الزاوية المتواضعىة ما زلت أُكرر القول إنني لن أتوقف عن تذكير الناس بما يجري حولهم من دمار وأسى باسم الطائفة أحياناً، وباسم الاستحقاق الانتخابي أحياناً أخرى كثيرة، وباسم الانتهازية التي تجعل فريقاً سياسياً ينسى أن المعركة معركة إنقاذ العراق من وباء قاتل، وليست معركة من أحق بالكرسي.

دائماً ما أُكرر عليكم حكاية الكتب، لأنها أفضل وأغنى الحكايات عن الأمم، ففي لحظة فارقة من تاريخ البشرية يكتب البريطاني النحيل "إيزايا برلين" عن نسيج الفساد الذي يحاول البعض أن يلف به الأوطان..ما هو الشعور الذي سيخامرك وأنت تقرأ حكاية عن "القناع الثعلبي"؟ هذا القناع، هو أحد اختراعات القوى السياسية الفاسدة فهي تخلقه ومن ثم تعززه.

يقول برلين: "الفاسد أبعد ما يكون عن روح المواطنة، إنه لا يعرف إلا طريقاً واحداً هو طريقه، يتوهم أنه وحده الذكي، وعلى الآخرين أن يتعلموا منه". ويضيف في مكان آخر من كتابه "نسيج الإنسان الفاسد": "الإنسان الفاسد يرتكب أعظم الآثام، ثم يكررها مرات كثيرة. لأنه في نهاية المطاف لا يريد أن يصنع شيئاً مستقيماً أبداً".

في كل مناسبة يُطل فيها أحد المسؤولين على العراقيين، سواء عبر خطاب أو بيان، نجده حريصاً على أن يعد الناس وعوداً لبناء مجتمع سليم ومتطور، ولكنه في الخفاء ينسج لمجتمع الفساد، ففي خبر جديد يعد بمثابة "معجزة" نعرف ان التخصيصات التي وضعت في الميزانية للوقف الشيعي ومعه الوقف السني تتجاوز تخصيصات وزارة الصناعة . اما وزارة الثقافة فهي خارج الحسابات ، فمن يحتاج للثقافة في بلد الخطب والشعارات .

هل تريدون خبراً آخر؟، تفضلوا: العراق في ذيل قائمة الرفاه الاجتماعي حيث ياتي العراق في الترتيب 115 بحصّة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي .

هذا خبر مدهش حقاً، يضاف الى خبر الاوقاف التي بدلا من أن تصرف أموالها في مساعدة العراقيين، نجد الشيوخ الأفاضل يصرفونها على مقاولات وهمية!

***

علي حسين 

شركات احتكارية عالمية عابرة للحدود باتت أقوى من الدول وهي تتربع ومنذ أمد ليس بالقصير على عرش اقتصادات العالم لتتحكم بخيراته، وتسرق ثرواته، وتلوث تربته ومياهه وأجوائه وقلما يعرف الكثيرون منا دور هذه الشركات العملاقة في احتلال دول، وإفقار أمم، وإمراض شعوب بأسرها.

قبل أيام ساقتني الأقدار لأتابع عن كثب برفقة قريب مصاب بالمرض الخبيث (السرطان) في مرحلته الرابعة، عافانا الله تعالى وإياكم، وأطلع على أحوال المرضى، وتداعيات المرض الفتاك إضافة الى آلامه المبرحة، وتكاليفه الباهظة في العيادات الخاصة، والمستشفيات الاهلية والحكومية، زيادة على الصيدليات والمختبرات، وأجهزة الرنين المغناطيسي والمفراس الحلزوني والسونار، ومعاناتهم من جرعات الكيماوي والاشعاع والحق أقول لكم لقد صدمت، بل قل صعقت وأسقط في يدي، ولم أنبس ببنت شفة وأنا أرقب بأم عيني أعداد المرضى الهائل، ولكل الاعمار، ومن كلا الجنسين، ومن جميع المحافظات العراقية ممن أصيبوا بالمرض الخبيث، ولاسيما من أبناء البصرة والانبار العزيزتين، أعداد غفيرة، وطوابير طويلة تسد عين الشمس بوجود نقص حاد في الأدوية و العقاقير والحقن، وبكلف عالية جدا في حال العثور عليها وبفوارق مخيفة في الأسعار بين مذخر وآخر، وبين صيدلية وأخرى،وكثير منها مستورد من مناشيء تكنى بـ " العالمية " مشكوك في جدواها وجدارتها وكفاءتها اضافة الى صحتها لأن سوء التخزين هاهنا وبخلاف الضوابط والشروط الدولية صار عرفا فاسدا حيث تبيت البضائع أياما طويلة قبل اكمال اجراءاتها وأوراقها - ودفع المقسوم - ولأن تزوير العلب والماركات والملصقات وتواريخ الصنع والنفاد - ولاسيما بمطابع البتاويين - داخلة في سياق الجريمة المنظمة في بلاد ما بين - الجفافين،والحربين،والتلوثين، والجوعين، والظلامين، والظلمين - فهذا البلد المظلوم لا يكاد ومنذ عقود طويلة يغادر حربا حتى يدخل في أخرى، ولا يكاد يغادر ظالما جائرا، و ظلاما دامسا حتى يحشر في نفق أحلك ظلمة وأشد ظلما وعلى قول المتنبي :

مات في البرية كلبٌ... فاسترحنا من عواه

خلف الملعون جرواً... فاق بالنبح أباه

والكل بات يسأل ويتساءل (ترى لماذا ينتشر مرض السرطان بأنواعه في العراق بهذا الشكل المخيف، وبتلك الصورة المرعبة ؟) لتأتيك الاجابة تارة على لسان بعض أصحاب الشركات الاحتكارية الكبرى أنفسهم، وأخرى على لسان من صحت على حين غرة ضمائرهم الميتة والكل يردد بلسان الحال لا المقال ما نظمه طرفة بن العبد يوما :

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً... ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ

ولعل البداية المتسلسلة تنطلق من "القتلة الاقتصاديون " إنهم رجال محترفون يتقاضون أجراً عالياً لخداع دول العالم بابتزاز ترليونات الدولارات وتحويل الاموال لتصبَّ في خزائن الشركات الضخمة وذلك من خلال تقاريرُ مالية محتالة وانتخاباتٌ مُزوَّرة ورشاوى وابتزاز وغواية جنسية وجرائم اغتيال فبهذه العبارات لخص الخبير الاقتصادي الأمريكي (جون بيركنز) عمل الشركات الاحتكارية الكبرى العابرة للحدود والتي تمثل دولا عميقة داخل الدول وحكومات ظل دولية مستترة تقبع خلف الحكومات المحلية الظاهرة لتتلاعب بالعملات والاقتصادات وتنهب الثروات وتدير الانقلابات وتؤجج الثورات وتحيك المؤامرات وذلك في كتابه (اعترافات قاتل اقتصادي) المنشور عام 2004، وقد أتى بيركنز على ذكر آل بوش وأل روكفيلر، وجورج شولتز، والاخوين تشارلز وديفد كوك، واصفا إياهم جميعا بأنهم أسوأ من المافيا فالشركات العابرة للقارات تتمتع بنفوذ هائل تشكل لوبيات للضغط على صنّاع القرار مع تقديم الرشاوى والتهرب الضريبي واستغلال العمال وتشغيل الأطفال وفقا لدويتشه فيله الالمانية.

فشركة (بيكتل) والتي كان (جورج شولتز) قد شغل منصب المدير التنفيذي لها ودورها في غزو بنما لا يخفى على المراقبين والمحللين وقبلها اغتيال الرئيس البنمي (عمر توريخوس)

بعد رفضه شق بكتل الامريكية لقناة جديدة في بنما ليمنح عقدها إلى شركات يابانية بدلا منها أعقبها غزو بنما وقتل 2000 شخص وتدمير مركز الاستخبارات البنمية لما يضمه من وثائق وصور وملفات وفضائح تدين بوش الابن، وشولتز وغيرهم من الساسة الاميركان

ومن ثم اعتقال الرئيس البنمي مانويل نورييغا، لحيازته صورا التقطت لهم خلسة بتوجيهات منه في جزيرة كونتادورا البنمية بحسب وكالة (روسيا اليوم).

أما عن الحرب على العراق 2003 فهذه قد وصفت بأنها (حرب هاليبرتون) وكان (ديك تشيني) مديرا تنفيذيا لهاليبرتون بين 1995 - 2000 قبل أن يصبح نائبا للرئيس الاميركي

والذي يحلو لي تسميته بـ جورج WC بوش بين 2001 / 2009 وسبق له أن شغل منصب وزير الدفاع بين 1989 - 1993 وأدار الغزو الأمريكي لپنما عام 1989 وعملية عاصفة الصحراء عام 1991 وقد انخرطت الشركة مع الجيش الامريكي بعد أن فازت بمناقصة إطفاء 320 بئرا نفطيا في الكويت عام 1991 لتحصل بعد غزو العراق 2003 على عقد تجهيز القوات الأميركية بـ 42 ألف وجبة غذاء يومية وعقد الاستيلاء على صناعة النفط العراقية أما فرع الشركة "كيلوغ براون آند روت" فقامت عام 2003 ببيع الجيش الأميركي وقودا مستقدما من الكويت بأسعار تفوق أسعار السوق وفقا لمكتب المحاسبة في البنتاغون

اما شركة شيفرون الامريكية العاملة في مجال الطاقة ولها فروع في 180 دولة فهذه متورطة بفضـائح النفط مقابل الغذاء والإسهام بتلويث بيئة الإكوادور وإلقاء مخلفات سامة و تلويث البيئة ولاسيما في الامازون اضافة الى دفع رشاوى لمسؤولين في غينيا الإستوائية وبورما ودعمها لضربات عسكرية في النيجر وقتل المتظاهرين في نيجيريا.

كذلك الحال مع شركة مونسانتو احدى الشركات المساهمة بصناعة القنبلة الذرية والتي تحولت إلى انتاج البذور الزراعية عقيمة الثمار والمعدلة وراثيا - المسرطنة - كذلك المبيدات الحشرية الملوثة للبيئة وقد تورطت الشركة بإنتاج (العامل البرتقالي)الذي استخدمته الولايات المتحدة لتدمير الغابات والمحاصيل الزراعية في فيتنام ما اسفر عن اصابة 3 ملايين شخص بمادة الديوكسين السامة اضافة الى تشوّهات خلقيةأصابت 500 ألف طفل حتى الان والحبل على الجرار، كما أن هذه الشركة اللعينة التي جمعت منظمة آفاز غير الربحية والتي تضم 70 مليون عضو في 194 دولة، ملايين التواقيع حول العالم لتقديمها الى المحاكمة، لأن (شركة مونسانتو) هي من تقف وراء ظهور مرض جنون البقر وأنواع السرطانات حول العالم حتى لقبت بـ شيطان الزراعة "فهل ستحد الدول من إحتكار وتحكم الشركات العابرة للقارات في زمن الركود والانكماش الاقتصادي العالمي ؟) الجواب وبالعامية (موعيب ؟!)، والسبب بالفصحى وعلى قول الشاعر المصري (احمد محرم) :

أَرى فَساداً وَشَرّاً ضاعَ بَينَهُما...أَمرُ العِبادِ فَلا دينٌ وَلا خُلُقُ

أما بصدد ارتفاع معدلات الاصابة بالامراض السرطانية ولاسيما بين الاطفال في محافظة البصرة فقد اثارت مخاوف كثيرة بوجود عدة عوامل يتصدرها دخان المصافي، والمشاعل النفطية وبما يمكننا تسميته بـ (الذهب القاتل)، صحيح أن أسبابا عديدة تلك التي تتسبب

بانتشار مرض السرطان بمحافظة البصرة بمعدل 9 آلاف إصابة سنويا وقد سجلت أكثر من 27 الف اصابة بالسرطان خلال الاعوام 2018 / 2019 / 2020/وفقا لقناة الحرة الامريكية، إلا أن المتهم الأول هو مخلفات اليورانيوم الأمريكي المنضب، وانبعاث المركبات الكيميائية، زيادة على الحقول النفطية المستثمرة من الشركات الأجنبية حيث يحرق الغاز في الهواء الطلق لينتج عن غاز الشعلة ذاك مزيج قوي من ثاني اكسيد الكربون والميثان والهباب الأسود الذي يعمل على تلويث الهواء ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم ولاسيما تلك الحقول القديمة التي تعمل فيها شركة بريتيش بتروليوم، وشركة إيني الإيطاليّة، وفقا للبي بي سي، وتشير إحصاءات وزارة الصحة لعام 2021 إلى تسجيل 2000 حالة اصابة بالسرطان سنويا بسبب مشاعل النفط التي تطلق غازات سامة في الهواء نتيجة عمليات الاستخراج من الحقول مع تجاهل المعايير والضوابط البيئية والصحية المعتمدة

وفقا لموقع "المونيتور" الأميركي والنتيجة هي أن البصرة تتصدر قائمة المدن العراقية بمعدلات الاصابة بالسرطان وقد تم تسجيل ما بين 600 الى 700 شهريا خلال العام 2020 وفقا لمفوضية حقوق الانسان في البصرة فيما اظهرت بيانات الأقمار الصناعية (حقل الرميلة) وهو واحد من أكبر حقول النفط وكيف يتسبب بحرق الغاز بكميات أكبر من أي موقع آخر في العالم ما دفع السكان المحليين لتسميته بـ (المقبرة) أو مناطق القرابين (البشرية) بحسب البي بي سي.

وتأسيسا على ذلك فإن الشركات المشرفة على مصافي وحقول النفط مطالبة بتدوير الغازات المنبعثة واستثمارها بدلا من الكوارث الهائلة التي تسببها اضافة الى وجوب العمل بعيدا عن المناطق السكنية ولابد من بناء عشرات المستشفيات الخاصة بعلاج مرضى السرطان وبكامل تجهيزاتها ومعداتها وطواقمها الطبية لعلاج المرضى - مجانا - وتوفير الادوية اللازمة لهم - مجانا - بالتزامن مع انشاء منظومة متكاملة لـ - تدوير النفايات - والطمر الصحي الآمن، ومعالجة مياه الصرف الصحي قبل القائها في الانهر والمصبات، ومعالجة المخلفات وبالاخص البلاستيكية منها ومخلفات المصانع التي تلوث المياه وتسرطنها، اضافة الى رفع النفايات، والتوقف عن إهدار الغاز المصاحب، والتوقف عن بناء المصافي والمصانع بالقرب من المجمعات السكنية، زيادة على اعادة نظام التقييس والسيطرة النوعية لمتابعة وفحص - المواد الغذائية التالفة والمسرطنة - التي تدخل الى العراق بملايين الأطنان، وابعاد ابراج الاتصالات عن المناطق المأهولة بالسكان، علاوة على منع استخدام واستيراد البنزين الممزوج بـ (رباعي إيثيل الرصاص) والمستخدم حتى يومنا في العراق واليمن والجزائر، والمحظور عالميا بتوجيهات من الامم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في عشرات الدول لما يسببه من أضرار هائلة، ولما ينجم عنه من مخاطر صحية وبيئية لاتحصى، ليس أولها أمراض القلب والسكتات الدماغية والسرطان، ولا آخرها نقص نمو الدماغ البشري وتراجع ذكاء الاطفال، فهل من مجيب..أم وعلى قول الشاعر :

تغافلت حتى صرت من فرط غفلتي...كأني لا أدري بتلك المراهب

***

احمد الحاج

في المثقف اليوم