أقلام حرة

أقلام حرة

لا يوجد حزب لم بلد مستبدا، فغاية تأليف الأحزاب تحقيق نوازع النفس المتطلعة للإستبداد. الأحزاب تضع لها أهدافا للتمويه على دوافعها المطمورة، وما أن تحين الفرصة حتى ينفلت ما فيها من الجشع والإستحواذ الذي تتوج لتحقيقه فرد قد برز فيها، وتمكن من القوة والسطوة، فيتحول الحزب لعبة في يديه.

أحزاب الدنيا تلد مستبديها، وبهم تتألق وتنتهي وكأنها أدت دورها ورسالتها.

الأحزاب بأنواعها، ومهما إدّعت بأدبياتها وشعاراتها، غايتها الوصول إلى سوح الإستبداد والتفرد بالسلطة والإستحواذ على مقدرات البلاد والعباد.

فعندما نقرن كلمة حزب بأي مسمى، نمنحه الضوء الأخضر للوصول إلى ميادين الإستبداد.

فالأحزاب ذات عقائد والعقائد ديدنها الإستبداد، فلا توجد عقيدة ترضى بغيرها، أو تتآلف معها، العقائد غابية الطباع همجية التفاعلات.

فالعقائد الدينية تتماحق، والحزبية والمذهبية، ولن تهدأ مسيرات الإقتتال بينها، ما دامت تمتلك القدرات اللازمة لتسويغ إنفلات النفس الأمّارة بالسوء، وتبرير مآثمها وخطاياها وتجريد الفاعل من المسؤولية.

والأحزاب في فضاءات الديمقراطية وغيرها، يمكنها أن تصنع مستبدا من بينها، والأمثلة واضحة في أوربا ودول أخرى، أنجبت صناديق الإنتخابات فيها رموزا تسببت بخسائر حضارية فادحة.

وهذه النتائج المأساوية لمسيرات الأحزاب، تستدعي قوة دستورية تمنع جماحها، وتحد من سلطاتها، وترسم خطوطا حمراء لتفاعلاتها، إن تجاوزتها فعليها أن تدفع ثمنا باهضا.

وحتى في المجتمعات الدستورية النظام والكيان، تتحقق ولادات قيصرية لرموز إستبدادية من رحم أحزابها، لكن إرادة الدستور تتصدى لها وتقيد سلوكها، وفي بعض الأحيان تنقاد الأحزاب وراء المستبد المولود فتقضي على وجودها.

وفي المجتمعات التي يفقد الدستور فيها دوره وفعاليته، تكون الأحزاب ذات نشاط تناسلي لإنجاب المستبدين الفاعلين في حياتها.

فلا يمكن لهذه المجتمعات أن تتصور الحياة من غير مستبد فاعل فيها، وقابض على مصيرها، ومتحكم بأيامها بالقهر بالحاجات،  فهل من تأديب للأحزاب؟!!.

***

د. صادق السامرائي

14\2\2021

 

في كل يوم أسأل نفسي: ماذا ستكتب؟ وهل المطلوب منك أن تُصيب القراء الأعزاء بالكآبة والضجر وأنت تلاحق أخبار النواب " الأكارم "، وتحاول اصطياد الموضوعات من ماء السياسة العكر؟. ولهذا تجدني أحيانا أستبدل حديث السياسة بأحاديث عن الكتب والثقافة،

وكنت أنوي أن أكتب لكم عن أحد مؤلفات الفيلسوف السلوفيني سلافي جيجك والكتاب بعنوان " تراجيديا في البداية، هزلية في النهاية " وهو اسم يحيلنا بالتاكيد بما يجري في بلاد الرافدين، يحاول السيد جيجك في كتابه أن يكشف عن وجهين للسياسة " وجه تراجيدي وآخر هزلي " وصاحبنا السلوفاني الذي كان يعيش ضمن حدود جمهورية يوغسلافيا، قبل أن تتحول إلى أكثر من ثماني جمهوريات، يحاول أن يذكرنا بزعيم يوغسلافيا جوزيف تيتو، الميكانيكي الذي أصبح واحداً من أهم شخصيات القرن العشرين. والرجل الذي تجرأ على الاختلاف مع ستالين يوم قال له : لماذا تريد جيشاً يوغسلافيا قوياً؟ نحن جيشك. ليجيب تيتو: شيئان لا يمكن استيرادهما، الوطنية والجيش. الآن يريد البعض أن يسخر من الجيش العراقي والتقليل من اهميته، وقد تكررت في السنوات ظاهرة لا وجود لها إلا في هذه البلاد المغرقة في الخطابات والشعارات، تتلخص في محاولة البعض الإساءة للجيش أو محاولة التقليل من أهميته، والإصرار على جعله رقماً فائضاً في معادلة الاستقرار .

سيقول البعض مالك يارجل بدأت بالبحث عن موضوع، وانتهيت بشعارات عن المواطنة والجيش؟ ماذا أفعل يا سادة، لابد من العثور على موضوع، يبعد عني ملاحقات بعض الذين يعتقدون أنني عميل لج، وأنني المسؤول عن ضياع عشرات المليارات وتخريب تجربتنا الديمقراطية الرائدة.

ياسادة كم هي صغيرة همومنا أن نعثر على ديمقراطية حقيقية لا مكان فيها للمحسوبيات، سيرد البعض حتماً؛ لماذا تريد أن تنكر أننا بلد ديمقراطي من الطراز الأول ألم تقرأ تصريح السيد رئيس المحكمة الاتحادية وهو يعلنها صريحة أننا أفضل نموذج ديمقراطي في العالم؟. فعلاً ياسادة والدلائل كثيرة، يكفي منها أن يسمح لمثنى السامرائي بأن يصبح عضواً في لجنة النزاهة البرلمانية، وأن يصر البعض على إسدال الستار على سرقة القرن لصاحبها "المدلل" نور زهير .

الحقيقة أنني لم أكن أريد الحديث في السياسة، لكن ماذا أفعل والبعض لايريد لنا أن نغادر عصر "المهزلة السياسية"، بدليل أن الكثير من النواب يصرون على عودة محمود المشهداني للاستفادة من الخبرات " العظيمة " في ادارة مجلس النواب والحصول على "المالات".

***

علي حسين

 

يمتد الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر مرورا بفترة الانتداب البريطاني وصولا إلى هذا اليوم.

وقد شدد القائمون على هذا المشروع على العلاقة بين الشعب والأرض،لأن تأكيد هذه العلاقة عند المهاجرين اليهود كانت ذات أهمية بالغة لنجاح المشروع الصهيوني. فعندما اشترى أثرياء اليهود أمثال (موشيه منتفيوري والبارون روتشيلد) أخصب أراضي فلسطين مثل مرج ابن عامر من عائلة سرسق اللبنانية ،أطلقوا على عملية الشراء تخليص الأرض.بمعنى أن هذه الأرض كانت لهم واليوم استرجعوها ،فأضفوا عليها المعنى الديني الوارد في تلاميدهم وتوراتهم. بالإضافة إلى منح هذه العملية البعد القومي.

وحتى تقوى صلة هذا الشعب المستورد من شتات الأرض بأرض فلسطين اتبعت سياسية تغيير هوية الأرض،فبدأت بمحو أسماء القرى العربية واستبدالها بمسميات وردت في كتبهم آنفة الذكر. لكن مساعي الحركة الصهيونية بتهويد فلسطين ارتطمت بوجود الشعب الفلسطيني المتجذر في أرضه منذ آلاف السنين. فما كان من القائمين على الحركة إلا أن بدأوا بتزييف الحقائق بهدف إقصاء أصحاب الأرض عن دائرة أرضهم وقطع أي صلة لهم بها، فقالوا أن الشعب الفلسطيني شعب جاء من الجزيرة العربية ومصر وغيرها وأن لا صلة لهم بهذه الأرض.

لكن ما هي الأهداف من وراء عملية الاستيطان؟

إن للاستيطان على أرض فلسطين عدة أهداف ،منها أهداف أمنية تهدف إلى توفير حزام حول المدينة المحتلة من هجمات الفلسطينيين. وأهداف ديمغرافية حيث أن بناء المستوطنات يهدف إلى استيعاب أكبر عدد من السكان اليهود وفي المقابل عدد أقل من السكان العرب. وأهداف دينية وذلك من خلال طمس المعالم الإسلامية بما فيها هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة ثم إقامة الهيكل الثالث. بالإضافة إلى أهداف سياسية واقتصادية.

ويعد بناء المستوطنات كما جاء في القانون الدولي خرقا للقانون الدولي والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني في الحرب والسلم وخرقا لحقوق الإنسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي.

فعلى سبيل المثال لا الحصر لنأخذ مستوطنة ( معاليه أدوميم) وهي مستوطنة يهودية في الضفة الغربية مقامة على أجزاء كبيرة من أراضي بلدتي العيزرية وأبو ديس الفلسطينيتين وتقع على بعد ٧ كم شرق مدينة القدس. فقد نشرت منظمة (بتسيلم) في عام ١٩٩٩ تقرير (منحدر الضم) الذي تركز في انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن (معاليه أدوميم) وتوسيعها ،وتركز التقرير في طرد العرب البدو من قبيلة الجهالين، بالرغم من هذا التقرير إلا أن دولة الاحتلال قد زادت تبجحا فقررت إقامة جدار فاصل ومترابط بغرض الدفاع عن السكان المستوطنين من الفلسطينيين بعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٠. والجدير بالذكر أن الجدار الفاصل يمر في غالبيته داخل الضفة الغربية وليس على الخط الأخضر. ومن المفترض بالمسار المقرر في منطقة (معاليه أدوميم) أن يبقيها والمستوطنات الصغيرة المحاذية لها( كفار أدوميم، أكيدار،نوفي برات،وألون) في الجانب اليهودي العازل من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية وصنع فاصل بين قسمها الجنوبي والشمالي وبالتالي عزلهما وإضعافهما.

واليوم وتزامنا مع الحرب على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ نجد دولة الاحتلال تكثف من عمليات البناء بجنون لزيادة عدد المستوطنات العشوائية والطرق المؤدية إليها بشكل غير مسبوق في الضفة الغربية ،وذلك استنادا إلى تقرير جديد نشرته منظمة ( السلام الآن) العبرية حيث قالت المنظمة أن الحرب المستمرة منذ ٣ أشهر يستغلها مستوطنون لتثبيت حالة أمر واقع على الأرض وبالتالي السيطرة على مساحات أكبر من المنطقة. وكأن هذه الدولة باتت تعاني من متلازمة الاستيطان مع شعورها باقتراب خطر النهاية.

***

بديعة النعيمي

ليس من الغريب أن تتحول العلاقات الاجتماعية في مجتمعنا الى علاقات إلكترونية تماشيا" مع التطورالعلمي من خلال إجتياح الثورة المعلوماتية للعالم عن طريق الشبكة العنكبوتية في عصر العولمة والتكنولوجيا الرقمية للحاجة الماسة اليها بعد أن جعلت الكرة الأرضية برمتها كقرية صغيرة لسرعة نقل الاخبار والتواصل من خلال الأجهزة الذكية التي باتت من سمات العصرنة والعولمة وأصبحت ضرورة ملحة لتسهيل متطلبات الحياة اليومية كحضارة الكترونية مثل الحكومة الالكترونية والتعليم الإلكتروني والتجارة الإلكترونية والخدمات الالكترونية وأخشى أن نشهد الزواج الإلكتروني في زمن التحديات والمفاجآت .

لذلك بدأنا نعيش في مجتمعين متناقضين الى حد ما مجتمع إفتراضي من خلال شبكات الانترنيت ووسائل التواصل التي تتجاوز كل الحدود الزمانية والمكانية باعتباره ضربا" من الخيال بعيدا" عن الواقع ومجتمع واقعي حقيقي ليصيب البعض بإنفصام في الشخصية بتولد شخصيتين متناقضتين في جسد واحد مما يؤثر سلبا"على حياته وسلوكه اليومي داخل الاسرة والمجتمع والتي كانت تتسم بالبساطة وصفو النيات وطيبة القلب وحلاوة المعشر والتزاور والتعاون والتآلف والمحبة والتكافل الإجتماعي بين العوائل والعلاقات العاطفية الودية التي باتت غريبة في العالم السيبراني الافتراضي.

ناهيك عن المشاكل الناتجة بسبب بعض المنشورات التي تحمل في طياتها رسالة يحقق من خلالها الناشر مبتغاه دون النظر الى الكم من التعليقات والإعجابات حيث يتفاعل كل متابع معها حسب قناعته وثقافته ويدلي بدلوه سلبا"أو أيجابا" وقدتوٌلد حالة من الحسد والضغينة بين المتابعين وفي حالات نادرة قد تصل الى النزاع والمحاكم في الوقت الذي لا ناقة له فيها ولاجمل والأدهى من كل ذلك موضوعة التهديد الأخلاقي والإبتزاز المادي الذي بدأ ينخر جسد الاسرة العراقية لسوء استخدام أجهزة الهاتف النقال والهدف الذي من أجله وجدت بغض النظر عن الجرائم الالكترونية التي باتت ظاهرة مشينة ما أنزل الله بها من سلطان .

فهل لنا أن نحافظ على ثقافتنا وتراثنا وحضارتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها عن الآباء والأجداد وعلاقاتنا الإجتماعية التي جبلنا عليها من خلال التوازن بين الأصالة والحداثة في التعامل مع الأمور الحياتية الضرورية بكل حيادية دون أن ننزلق في متاهات ومغريات الحياة الفانية والتي أضحت في متناول الجميع صغارا"وكبارا"بلا رقيب من خلال الشاشة الزرقاء ومواقع التواصل الإجتماعي وليكون الضمير هو الفيصل في التعامل معها حفاظا"على النسيج الإجتماعي والسلم المجتمعي .

***

حسن شنكالي

تؤكد بعض فقرات مذكرات هنري كيسنجر، أن الهدف الحقيقي من الحرب على العراق عام 2003 كان السيطرة التاريخية والروحية عليه.. والتي ستكون مقدمة لضمان السيطرة على عموم منطقة الشرق الأوسط.

 الضرب على وتر الدين والفكرة الطائفية، كان أهم وسيلة لبدء الحرب في الشرق الأوسط.. ولتكون سبباً في تقسيم المقسم والبدء بعملية الصراع الدامي فيه، ومن هنا جاءت فكرة اختيار العراق، لما يمتلكه من عناصر ومقومات الصراع بالإضافة للموقع الجغرافي المجاور لإيران والسعودية، واللتان تعدان من أهم الدول من حيث اثرهما في المنطقة وتأثيرهما على مجريات الاحداث فيها، وهو ما يعد حافزاً لعملية التقسيم الطائفي، إلى جانب الأسباب الأخرى المكملة والداعمة كوجود القوميات والمذاهب والتي تعد أهم الأسباب الداعمة لهذا الصراع .

عمل البيت الأبيض وطوال سنين لإضعاف العراق إقتصاديا، فخلق حروبا مصطنعة ساهمت كثيراً في إضعافه سياسياً..الأمر الذي جعله يبدو هشا فسقط أمام أول عاصفة شنتها الدبابات الأمريكية عام 2003 وبدون مقاومة تذكر من جيش يُعد من أقوى الجيوش في المنطقة العربية.

 حينها سعت الولايات المتحدة لأقناع المعارضة العراقية في الخارج، بضرورة إسقاط النظام وإنهاء وجوده، ولولا وعي التيارات السياسية في كشف النوايا الأمريكية لكانت تدور في رحى الاحتلال ليومنا هذا.

 نظام صدام نفسه كان له الدور الكبير والمهم في إسقاط البلاد بيد الأمريكان، فقد ساهم هذا النظام بتصفية المعارضين للولايات المتحدة، وما جاء بعدها من حرب تدميرية مع إيران راح ضحيتها أكثر من مليون قتيل، وحماقته بإحتلال الكويت والبدء بعملية حصار خانقة للشعب العراقي، كانت كلها  حججا من أجل تجويعه وإذلاله لاجتياحه واحتلاله، فأصبح العراق ومنذ عام 2003 ساحة حرب وصراع مكشوفة.

الخطوة الاخيرة كانت إدامة وتأجيج الصراع الطائفي ليكون بداية للسيطرة على عموم المنطقة، وتحويله إلى أرض للخراب والدمار والظلام ، تمهيداً للسيطرة على باقي دول المنطقة.

السياسة الأمريكية يمكن تلخصيها بإبقاء الوضع منقسم طائفياً فيكون تحت السيطرة، وهذا ما حصل فعلاً من تقسيمات طائفية وقومية في بنية الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام، وتوزيع المناصب على أساس هذا التقسيم، إلى جانب سعي الأمريكان إلى تقسيم المناطق على نفس الأساس المذهبي والقومي، ودعم الأكراد قومياً وعندها تكون كركوك نقطة الخلاف بين العرب والأكراد.

 لم يعد خافياً أيضا أن واشنطن سعت بكل وسائلها لتضخيم دور إيران إعلاميا، لإخافة الدول العربية ودفعها إلى الصراع على أرض العراق وهذا ما تحقق فعلاً، وهي سائرة في تنفيذ مخططها بدقة، وما السفارة الأمريكية في الخضراء والتي تعد أكبر سفارة في العالم إلا دليل واضح على نواياها ورغبتها بالبقاء في الشرق الأوسط وتحديداً قبله العراق .

***

محمد حسن الساعدي

 

لم تكن سلام خياط التي رحلت عن عالمنا صباح أمس تُدرك أن حياتها التي كانت ضاجة بالأحلام والأمنيات والكتب والقصص والأشعار ستنتهي على سرير في دار للمسنين بلندن، وأن البلاد التي تغنت بحروف اسمها تستكثر عليها راتباً يحفظ لها حياة كريمة في الغربة، بدلاً من المعونات التي كانت تخصصها لها دائرة الإعانة في بريطانيا.

هل يمكنك عزيزي القارئ أن تصدق أن السيدة التي خدمت نصف قرن في مجال المحاماة ومثلها أو أكثر في مهنة الصحافة، عجزت أن تحصل على راتب تقاعدي في سنواتها الأخيرة، في الوقت الذي تمنح الملايين لنواب لاهم لهم في الحياة سوى التقليل من شأن العراق .

سلام خياط ساحرة الكلمة صاحبة الأسلوب المكثف والمرصع بجواهر اللغة، وروح الحياة ونضارة العبارة ودقة الرؤية والموقف الوطني الرصين ، كنت كلما أعثر على كتاب من كتبها النادرة الموضوعات، أتذكر عمودها "السطور الأخيرة" الذي كانت تنشره في صحيفة الجمهورية قبل أكثر من أربعين عاماً، ثم حطت به في صحيفة (المدى) ، ليُصبح علامة متميزة لفن الكتابة الصحفية، كتابة لا ثمن لها ولا مثيل .مقالات مكتوبة بمهارة وحرفية لا تقل إطلاقاً عن قدرت كاتبتها في طرح القضايا الوطنية بعمق وثقافة.

سلام خياط كانت مغرمة بما تكتب، تعتقد أن الكلمة والموقف سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، ومجتمعاً آمناً لا تقيد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يتربصون به كل ليلة.. عاشت أسيرة لأفكارها وأحلامها متنقلة بين الحديث عن الثقافة والفنون وبين التأسي على حال الوطن، مدركة أن الجهل لا يصنع مستقبل، وأن لعبة الديمقراطية الزائفة ستؤدي بالعراق إلى المجهول محذرة في واحدة من سطورها الأخيرة من أن: "الغرير وحده من تبهره الحملات الانتخابية المستعرة، فالأموال الطائلة المرصودة، لا تدفع عبثاً، ولا لخاطر المرشح شخصياً، ولا تحسباً لنافلة، ولا لمرضاة الله! من يدفع فلساً، يرتجي استعادة المبلغ أضعافاً مضاعفة فيما لو تحقق الفوز.. إنه موسم البذار بانتظار مواسم حصاد وفير يمتد لسنوات أربع".

لم يقرأ أحد من مسؤولينا "الأكارم" شكواها التي سطرتها في سطورها الخيرة عام 2018 تشكو ظلم البلاد لها: "وجدت البارحة بين بريدي، رسالة من دائرة الإعانة، يخبروني فيها أن راتب الرعاية الاجتماعية قد زيد بمقدار ستة باوندات إسبوعياً لمواجهة التضخم.. إنهمرت دموعي رغماً عني، إذ تذكرت مراجعاتي العديدة لنقابة المحامين ببغداد، ألتمس راتباً تقاعدياً بعد حوالي نصف قرن (ممارسة فعلية وانتساباً) للنقابة، أحمل خيبتي، ألملم حاجياتي، وأقدم موعد عودتي لبلاد الإفرنج. من يوقف حزن العراقي وهو يعامل في وطنه كالغريب، ويحاط بالإنصاف والعدالة في بلاد الغرباء؟ " .

***

علي حسين

احتضار الخدمة المدنية في عهد البشير وموتها في عهد البرهان

إن من العبث الذي ليس إلى وصفه سبيل، إقناع تلك الجموع المستهترة من قبيلة الموظفين الذين يعتقدون أن الهيئات والمؤسسات الحكومية التي شيدتها الدولة إنما نصبتها رعاية لمصالحهم، وأقامتها حرصاً على منفعتهم، لأجل ذلك نراهم يتصرفون فيها كما يتصرف المرء في تالده وطريفه، نبصر من استطالوا عجباً، وترفعوا كبراً، يذيقون الناس ضروب المحن، وألوان الفتن، حتى صار الرجاء الباسم العريض أن يقضي الرجل بغيته التي من أجلها قدم إلى هذه الدواوين في عدة أيام رغم أنها لا تتطلب سوى لحظات لإنجازها، ما تفسير هذه الظواهر التي تعجز عن فهمها العقول؟ ولماذا صار الناس لا يجدون حباً ولا هيامًا، ولا يحسون عشقاً ولا غرامًا تجاه الخدمة المدنية، التي كانت تصطنع الدقة، وتحرص على رضاء الناس؟ ما هي الأسباب التي جعلت السواد الأعظم من الموظفين، لا يظهرون المودة وحسن الاستعداد، لتوثيق الصلات بينهم وبين المواطن، الذي يعجز عن حصر الآثام التي تُقترف، والسيئات التي تُجترح في حقه، حينما يدلف لتلك المباني التي يرفرف فوق ساريتها علم الدولة؟ إن من العدل الذي لا حيف فيه، أن نلتفت إلى القول الذي لا يثير الريب، أو يدفع إلي الشك، ذلك القول الذي يذهب إلى أن الخدمة المدنية قبل بزوغ نجم الإنقاذ كانت واضحة مستقيمة لا عوج فيها ولا التواء، نريد من سادتنا الآن بعد أن مضت الإنقاذ إلى غير رجعة في سفور وجلاء، أن يمحقوا هذا القول، ويبطلوا هذا الزعم، ويستأنفوا السعي للسيطرة على الخدمة المدنية، التي تسير بلا هدى ولا نظام، نريد منها أن تستأصل شأفة هذه الأصنام التي تخال أنها أقوى من أن تغالب، وأصلب عوداً من أن تحطم، نريدها أن تشاهد خيبة الأمل، ومرارة الخذلان، التي يكابدها هذا الشعب حينما يهدر وقته في تلك المرافق، ليعود وقد انحدرت الشمس إلى الغروب شاحباً كاسفًا، نريد من حكومتنا المشبل-إن صح أن لنا حكومة في ظل هذه الحرب، فنحن لا نرى منها غير أطياف- نريد من أرباب الحكم والتشريع أن يقفوا عند الخدمة المدنية ويطيلوا الوقوف، وينظروا لها بعين فاحصة وينعموا النظر، حتى يزيلوا عنها كل ما يحزن، ويدرؤ عنها كل ما يسوء، فهم إن فعلوا ذلك صانوا مصالحها من العبث، وعصموا منافعها من الضياع، ورفعوا عن كاهل هذا الشعب الصابر على عرك الشدائد، معضلة يسعى إليه الضنى فيها من كل وجه، ويهجم عليه الكدر فيها من كل سبيل.

لعل الحقيقة التي لا يرقى إليها شك، والواقع الذي لا تسومه مبالغة، أن الأمر الذي يثير حفيظة السودانيون، ويتغلغل في حناياهم الطيبة المتسامحة، أن الإنقاذ والأنظمة التي تعاقبت على سدة الحكم من بعدها،والتي  كان تريد الإصلاح فتسىء، وتقصد الهداية فتضل، لم تتهيأ كل تلك الأنظمة بعد بالقدر الكافي الذي يبث الطمأنينة في النفوس، لمحاربة سلطان الفوضى الذي يعم البلاد، فهي لم تخاصم كل موظف فاسد على ما أتى من مخازٍ، ولم تلجم كل مرتشٍ ضال فيما تورط من شرور، ينبغي -لحكومة الحرب وما بعد الحرب- أن تبلغ الكمال، وتحقق الآمال، في تقدير كرامة هذه الأمة، ومراعاة حرمتها، وأن تتمعن في فلسفة الامتعاض الذي أخذ بخناق هذا الشعب، على حكومة البرهان وما بعد البرهان أن تستمع بكلتا أذنيها لأصداء السخط والتبرم من صحة تعتل، وتعليم يختل، واقتصاد يفنى.

***

د. الطيب النقر

الحكومات العراقية المتتالية منذ العام 2003 م وهي تتمسك ببقاء القوات الامريكية  بحجة التدريب على الاسلحة المختلفة ومقاومة تنظيم الدولة، ترى هل يعقل هذا الكلام؟ العراق في يوم من الايام كنا نعده الاقوى عربيا تسليحا وعددا، وكنا نذهب اليه لأجل التدريب العسكري والانضباطية، سقط النظام امر واقع ولكن ان يسقط الجيش فهذا لا يمكن تصديقه، نعم قام بريمر الحاكم العسكري للعراق بحل الجيش ولكن هل يعقل ان كل الجيش تم تسريحه بحجة ايديولوجيته وفكره العروبي او البعثي او الشعبوي سمّوه ما شئتم؟، ثم لو ذهبنا الى ان الجيش تم تسريحه ،ما الذي جعل الحكومات المتعاقبة تعجز عن بناء جيش وطني قوي على مدى عقدين من الزمن؟ والسؤال الاهم هل هي فعلا جادة في بناء جيش وطني يحمي البلاد مخاطر  التدخل الاجنبي؟.

تنظيم الدولة ندرك انه صنيعة امريكية صرفة (لم يكن موجودا بالمنطقة قبل 11 سبتمبر 2001) لأجل بث الفتنة بين مكونات شعوب المنطقة  وتدمير مكتسباتها ونهب خيراتها ،هل يعقل ان تنظيما حديث التكوين استطاع ان يسيطر على نصف العراق في لمح البصر؟ وينهب الاموال الطائلة من بعض البنوك؟ أ لم يمددكم الأمريكان بمختلف انواع الاسلحة والذخائر نظير الاموال الهائلة بالخزينة العراقية او الاموال التي تم تجميدها ببنوك امريكا والغرب عقب احتلاله؟

العراق اليوم منتهك السيادة ومسلوب الارادة،التطاحن على السلطة ادى الى شراء الذمم واهدار المال العام، الاكراد على وشك اعلان دولتهم المستقلة فهم يتعاقدون مع من يريدون من الشركات الاجنبية لبناء الاقليم ويوجهون الدعوات لأفراد وجماعات ينبذها الشعب العراقي ويحرم بل يجرم القانون العراقي التعامل معها وبالأخص الصهاينة افرادا وكيانات (شركات). نهرا دجلة والفرات يتم التحكم فيهما من قبل العثمانيون الجدد، ولا تحرك الحكومات العراقية المتعاقبة ساكنا بل تكتفي في افضل الاحوال بالإدانة والشجب والاستنكار واللجوء الى المجتمع الدولي.

مع تضييق الخناق على الغزاويين. تتبنى بعض الفصائل المسلحة العراقية الهجمات على القواعد الامريكية بالعراق، كيف يحدث ذلك؟ فصائل تتبع الحكومة وقواعد اجنبية متواجدة بالبلد وفق التشريعات النافذة أي اتفاقيات وعقود .

هل يعني ذلك ان الحكومات المتعاقبة وهذه الحكومة بالذات مجبرة على التعامل مع الامريكان والبقاء على قواتهم وقواعدهم بها، لأنها ان لم تفعل ذلك فستعمل امريكا على سحب البساط من تحت ارجلها؟ ولذلك فهي مضطرة للتغاضي عن اعمال تلك الفصائل والتظاهر امام امريكا بعدم قدرتها على لجمها، علّ تلك الهجمات تؤرق مضاجع الامريكان وتستنزفهم وتؤدي الى رحيلهم، ام انها لعبة تقودها الحكومة بالتفاهم مع الامريكان للظهور امام الشعب العراقي الابي الرافض للوجود الاجنبي والامريكي على وجه الخصوص بانها وطنية لامتصاص غضب الشعب؟

المؤكد ان الامور ستنجلي قريبا، وسيكون للشعب العراقي موقفه المشرف والثابت بشان الاستقلال وعدم التبعية بالانتخابات المقبلة، ويضع حدا لسياسة الفساد والانبطاح اللامتناهي.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

معضلة الأمة الشرسة، أن ذباب الكراسي بأنواعه، قد أوهم الجالسين على كراسي الفردية والإستبداد، والذين يمسكون بسوط السلطة، وينوبون عن ربهم الذي يوهمون الناس بأنهم يعبدونه، بأن العلم بدعة، ويتعارض مع الدين، ويحرر العقول من إرادة التبعية والخنوع، ولابد من إستعمال الدين كبضاعة للتضليل والخداع والتنكيل، ولصق تهم التكفير والزندقة بأي عقل رشيد.

وبموجب إرادة الحكم بتعطيل العقول، تعرض معظم أعلام الأمة عبر مسيرتها إلى أقسى التفاعلات السلبية، ومنهم من أصابه الذل والهوان والتنكيل الشديد، وحتى القتل.

ولا يزال المؤدينون يرون أن من ضرورات الهيمنة بالدين أن يعم الجهل والأمية، ويفقد الناس عقولهم، ويحرم عليهم التفكير والسؤال.

ومن الشواهد الواضحة أن مراكز العبادة ما عادت مواطن تنوير وتثقيف وتعليم، فهمها التجييش الإنفعالي والتأجيج العاطفي العمياوي اللازم لنشر الكراهية والعدوانية بين أبناء الدين الواحد، وكل يدّعي ما يراه الحق المبين، وغيره من أعداء الدين.

فكيف نفسر كثرة العمائم ومراكز العبادة وإرتفاع نسب الأمية؟

المؤدينون بحاجة لمعشر من الجهلاء ليكرسوا إستعبادهم لهم، وتمتعهم بمميزات المعرفة والإستعلاء وفرض الأمر المطاع.

وإياك، إياك أن تسائل أو تحاجج مؤدينا، فسيعتبرك من أعدائه الساخطين، وربما سيفتي بإجتثاثك من الحياة لأنك تعارض وجهة نظره فهو الممثل لرب العالمين.

هذا من أهم عوامل إستنقاع الأمة بالجهل والأمية وإهانتها للعقل ومنعها للتفكير الحر، وإمعانها بالإندساس في الماضيات ورفعها إلى مقام مطلق، وبأن الأجيال غير قادرة على الإتيان بما جاء به الأولون، فالأجيال الحاضرة في عرفهم متخلفة وبعيدة عن الحياة، وعليها أن تفكر بالموت وتسعى إليه، فالحياة لا تساوي شيئا.

فالخطابات موتية والنشاطات تخريبية وعدوانية، وينبوع أحقاد وكراهية، فالدين تحول لسلاح ضد الحرية والإرادة العقلية الإبتكارية المعاصرة.

وهم الذين يتمتعون بمبتكرات العقول الكافرة!!

وتأملوا نسبة الفتاوى المتعاوية على مرّ العصور وستجدونها سائدة وقائدة!!

***

د. صادق السامرائي

 

الماء يُغطي اربعة اخماس الكره الأرضية وهو اساس تركيب الاجسام الحية/ من الماء كل شيء حي والماء الوسط الذي تجري فيه وبه كل الفعاليات الكيمياوية في اجسام الكائنات الحية وهو يضم/ يحوي خزين هائل من الحياة المتنوعة ولا توجد يابسه خاليه منه حتى الصحارى.

الطفولة عماد الحياة ومستقبلها والحافظة للثوابت والمتغيرات الوراثية والناقلة لها والدامجة اصولها وفروعها وطفراتها وهي الجيل القادم لكل جيل فلا يوجد جيل خالي منها.

الثوار هم شُعلة الحياة وبُناتُها والمحافظين عليها والمضحين في سبيلها ولا توجد بقعه ارض خاليه من الثوار او اثارهم.

الماء تكّون ويتكون من اتحاد عنصرين مهمين هما الهيدروجين المتفجر وحامل الطاقة الهائلة ومشعل النيران والاوكسجين الاساسي للحياة واللازم لأي اشتعال. والطفل نتج من اتحاد او اندماج حيمن ذكري واحد من مليون حيمن... وهو الأكثر هيجاناً/ طاقة (نسبياً) مع تلك البويضة الوحيدة الهادئة الساكنة والتي لولاها ما تم الاخصاب لأنهاواحدة في الأعم الاغلب من الحالات.

والثائر نتج عن اتحاد فكرة ثوريه تحمل طاقة الحياة وربما هائجة انتجتها الإنسانية لإيقاف الظلم والاغتصاب والتهميش أي تعديل مسار الحياة السائدة... والثوار اشخاص فاعلين محبين للحياة مضحين في سبيل حق.

الماء والطفل والثائر جاءت على ذكرها كل الكتابات القديمة منها والحديثة وكانت محور كل الفلسفات والأديان.

للماء ذكريات في كل مكان حتى التي تبدو للعيان انها خاليه منه... ذكريات حفرها في الصخور والسهول والوديان والمدن والحضارات في انسيابه او ثوراته وهياجه.

(تتوهم تصد الماي الحجار...دقق زين بيها تلكَه الاثار...الماي يذل الحديد يحوله زنجار)

الطفل حفر ذكريات طفولته في خلاياه وخلايا من عاش قريب منهم او معهم وهو مسالم بريء محب للحياة ونقائها ويشيع الفرح والبهجة في نفوس الجميع اينما حل ولكنه عندما يثور يقلب السعادة الى مأتم... وكل طفل يحمل ذكريات الطفولة مرات عديده ذكرياته وذكريات اقرانه وذكريات اطفاله عندما يكبر.

(الطفل والماي والثوار......زينه للحياة او منجم اسرار وأفكار)

والثائر انسان هادئ محب للحياة مضحي يحب الماء والاطفال ويترك ذكرياته في في جماد المكان وفي الزمان وفي النفوس...وعندما يفارقهم او يفارقونه تبقى تلك الذكريات تُعاد وتُطرح في مناسبات عديده ولكنه اذاغضب او شعر ان هناك ظلم وعسف يثور ويزلزل الارض تحت اقدام الطغاة وتهتز لثورته العروش والكروش والصولجانات والتيجان...

 (يتوهم ظلم يركب ظهور الناس...الثوار سوو حديد الظلم كوم حجار)

كم مرة بكى الثائر لوحده او امام رفاقه بكاء الاطفال وكم مره تمنى ان يكون له طفل ليتبع خطاه وكم مره شعر بالسعادة وهو يقترب من منبع ماء ليروي عطش رفاقه وكم مره تصرف الثائر كما الطفل عندما يصل مجرى نهر ليرتوي ويستحم ويتأمل وكم ثائر سقط في طريق الذهاب الى منبع الماء او مجراه او في طريق عودته وكم مره سقط وهو يحمل الماء على  ظهره ليمتزج الماء مع دمه الطاهر.

ضفاف الانهار والعيون والينابيع والسواحل تشكلت قربها وفي محيطها تجمعات حضريه. واقيمت حضارات وانتجت مدن وقيم وخدمات وثوار وأطفال. وللطفولة ضفاف بُنيتْ عليها حياة الأسر وهي أدات ربط الاجيال ومستقبل الحياة . والثائر بنى ويبني بعرقه ودمه وعمله مواقف كثيره حفرها في الحضارة البشرية سواء في حياته او مماته.

قيل عن الماء الكثير ويقال وسيقال شعرا ونثراً بوجوده او عدمه والطفل يتغنى وتغنى به الجميع وعندما يغادر الطفل طفولته سيقول فيها لمن يأتي منهم. والثائر قيل ويقال عنه الكثير بحضوره او غيابه مِمَنْ عايشه او مِمن لم يلتقيهم او يراهم والماء والطفل والثائر لهم صور راسخه في مخيلة كل انسان محب للخير والسعادة .

الماء ساحر يشعر الناظر اليه بالأمان والاطمئنان ويسمع مع حركته موسيقى يتفنن في استنتاجها او تخيلها وينقل صور سقف الكون وكل ما يتحرك فيها فوقه ويمزج الوان المحيط.

والطفل يُشْعِر الناظر اليه بالأمان والطمأنينة لما يحمله من براءة وينقل صور الغير من المحيطين به من ملامح او مشاعر او مؤثرات.

والثائر رغم تحسسه للمكان والزمان فهو يثير مشاعر الغبطة والثقة والنصر والامل في المحيط الذي يتواجد فيه ويشيع الامان بسَهَرهِ على حماية الناس والقيم ويقدم دائما المساعدة والفرح للغير رغم عذاباته وقلقه.

الماء يطفئ نيران الحرائق ونيران العطش ونيران الجفاف والطفل يطفئ نيران القلق ونيران التوحم ونيران الطلق والثائر يطفئ نيران الظلم ونيران الاستبداد.

الماء لا يموت بل يتحور/ بتحول الى حالات اخرى متحمل اوجاع ذلك خدمة للحياة فلو شعر ان الحرارة تلهب الناس وتزعجهم يمتص ما يستطيع ليتحول الى بخار لينعشهم وعندما يشعر ان الاجواء تميل للبرودة يتحول ذلك البخار الى ماء/مطر لتعم فائدته على مساحه اكبر من تلك التي كان قريب منها وعندما يشتد البرد يمتص تلك البرودة او يمنح الحياة الدفيء بان يعطي طاقه ليتحول الى ثلج/ جليد يتجمع وينتظر متحمل الوحشة والصمت ليذوب مره اخرى ليسقي ويروي وينعش وينشر الخير والحياة ويعزف معزوفات ويغذي الحياة المائية بالأوكسجين اللازم لها ويعطيها غذائها .

والطفل لا يموت لان كل يوم اوكل لحظه هناك طفل جديد ليتحول في مراحل العمر الى ان يعطي طفل جديد ليجدد الحياة وينقذها من الشيخوخة فتراه متحول متجدد ومجدد.

والثائر لا يموت فموته يودي الى تكاثر الثوار وازديادهم ويتحول الثائر من شخص عادي معتنق فكر الى صانع او مجدد للفكر فكل يوم شيء جديد واسلوب جديد...رغم الصعاب حيث ما ماتت ثوره بموت ثائر.

شح الماء يثير القلق وينشر الجوع والجفاف والمرض ويترك اثار مرعبه على الحياة وتنتشر اخبار ذلك في كل مكان ويدعوا للتفكير باستغلاله بأمثل صوره واعادة استعماله وتقنين استخداماته وابداع طرق جديده للمحافظة عليه.

وشح الطفولة يودي الى القلق العام والخاص وتبتدع طرق لإنتاج الطفولة والمحافظة عليها وتنميتها لان هذا الشُح يؤدي الى جفاف المجتمع بالشيخوخة.

وشح الثوار يثير القلق لأنه يؤدي الى تكاثر وانفلات اعداء الحياة ويؤدي الى جفاف التفكير وتشققه وشيخوخته.

الطغاة في كل العصور يحاربون الحياة ويحاولون قطع الماء عنها بتلويثه وتجفيف الانهار، وتدمير الزراعة ويحاربون الطفولة ويمنعون عنها اسباب الحياة والنمو الطبيعي ويخنقون احلامها بشكل مباشر ضد الطفل او غير مباشر ضد الماء واهل الطفل ويحاربون الثوار لانهم حماة الحياة ومجدديها وهم حماة الطفولة والمدافعين عنها وعن احلامها تلك الحرب تتم بشكل مباشر وفردي للثائر بتعذيب اطفاله او تهديده ليبتعد عنهم او بقطع سبل العيش والمعيشة.

(ما جّذب طفل لو صاحله بدار

لو مهضوم لو محروم لو مفطوم...غصب يتلوه محتار

ماكو طفل...طلع فد يوم ويه اشرار بس هوايه شفنه اطفال ثوار

الطيب يجمع طيب...طيب الطفل طيب الماي والثوار

ذك بحسن نيه وذوله بحسن نيه وقوه وإصرار).

***

عبد الرضا حمد جاسم

 

من المعروف أن البشر عبر التاريخ مارسوا أفعالا وحشية ضد بني جنسهم في حياتهم بغرض التنكيل والإذلال، لكن أحيانا ما كان يتم الانتقام من أعدائهم حتى بعد رحيلهم (بالموت). وذلك بالتسلط على قبورهم ونبشها وإخراج جثثهم لأهداف منها التشفي والانتقام والثأر لأسباب منها الصراع على الأرض وأسباب دينية بالإضافة إلى السعي لمحو أثر جريمتهم. ويرى بعض الباحثين ان لنبش القبور بعد نفسي واجتماعي في قوانين الثقافة والحرب لأي مجتمع. فكيف عندما تجتمع هذه الأهداف والأسباب كلها ضد شعب معين كما حدث ولا زال مع شعبنا الفلسطيني. فها هي جثامين الشهداء عام ٢٠٢٣_٢٠٢٤ في مقابر غزة لم تسلم من أحقاد جنود الاحتلال. وليس أدل عليها مما انتشر من فيديوهات تم تصويرها في مقبرة حي التفاح حيث تصور لقطات يظهر فيها الخراب الذي عم قبور الشهداء بعد نبش الجثامين واقتلاعها في أكفانها وسط أكوام من التراب، وأخرى تبدو مدفونة جزئيا، بين شواهد مقلوبة حيث كانت آثار جنازير الدبابات وعمليات التجريف. وقال أحد الحاضرين في المقبرة أن الاحتلال قد سرق عددا كبيرا من الجثامين لأسباب كنت قد تطرقت إلى ذكرها في مقال سابق.

وهنا نتسائل هل الهدف هو الانتقام بسبب ما ذاقوه على يد المقاومة في معاركها البرية معها؟ ام هو التشفي؟ أم الثار لمن مات من جنود الاحتلال؟ أم هي عقيدتهم؟

والجدير بالذكر أن القانون الدولي يجرم نبش القبور، حيث نصت معاهدات عام ١٩٤٩ في مادتها الرابعة على أن الأطراف المتحاربة عليها ضمان دفن الموتى بطريقة مشرفة، وفي مادتها ال٧٦ الخاصة بأسرى الحرب نصت على أن على الأطراف المتحاربة ضمان دفن الأسرى الذين يتوفون في الأسر بطريقة مشرفة. وتضمنت معاهدة جنيف الأولى والثالثة والرابعة عام ١٩٤٩ أنه على أطراف النزاع ضمان دفن الموتى بطريقة لائقة وفقا لشرائعهم الدينية إن أمكن وان تحترم قبورهم.

فما الذي فعلته دولة الاحتلال؟ لقد ركلت الأعراف والمواثيق والقوانين كلها في عرض الحائط، وارتكبت ما يندى له الجبين وسط دعم غربي وصمت عربي.

اليوم غزة يتيمة تحارب بمقاومتها دول تمتلك تراسانات ضخمة، زودت دولة الاحتلال بآلاف الصواريخ والقنابل المحرمة.

وماذا بعد أيها العالم وإلى متى؟.

***

بديعة النعيمي

 

عندما وقفت أمام هذا الموضوع، أمسكت قلمي، ووجدت الأفكار تنهمر عليّ كالمطر، وتتدفق مثل الأنهار، وتنفجر كالبركان.

أخبرت قلمي أن يبدأ في الغوص في بحر العلم مع صفحاتي، ونصارع أمواج الأفكار معًا؛ لاستخراج الكلمات التي مثل الدرر في مكنونها.

أسأل الله تعالى أن يرزقني طلاقة اللسان، وروعة البيان، اللذان يجعلاني أضيف لهذا البحر، وأقتبس قول العلماء “المرء بأصغريه: قلبه ولسانه”.

وقال الحكماء أيضًا: “إن من البيان لسحرًا، ومن الشعر لحكمة”، ومن هنا أحب أن أبدأ حديثي.

كنت يوما ما أمشي ليلاً على البحر وإذا سيل من الافكار يراودني:

ما هذه الحياة وما غاياتها؟

وهل كل الحياة ينبغي على الانسان أن يخوض التحدي مع ذاته للوصول أهدافه وأمنياته !وقد كثرت علي التساؤلات وجاءت على بالي قصة القائد

وقف القائد أمام جنوده المدافعين عن مدينتهم، فخطب فيهم قائلا: جاء اليوم الذي ننتظره لندافع عن بلادنا ونهزم أعداءنا، إنَّ موقع هذه المدينة مهم جداً وعلينا أن نصدَّ المعتدين عنها .

استبسل الجنود في الدفاع عن مدينتهم، لكنَّ العدوَّ كان أقوى منهم فانتصر عليهم، واضطرَّ القائد وجنوده إلى ترك المدينة، وتجمعوا في أحد الوديان .

جلس القائد يستريح وقد غلبه اليأس؛ فهذه أول هزيمة يمنى بها . وفي أثناء ذلك رأى نملة تحمل قطعة خبز أثقل من جسمها محاولة أن تصعد بها إلى أعلى الصخرة لتصل إلى بيتها، ولكنها وقعت، فأعادت المحاولة مرات ومرات، إلى أن نجحت أخيرا في الصعود إلى الصخرة، وهي تحمل قطعة الخبز .

قال القائد في نفسه: هذه النملة الصغيرة ظلت تحاول ولم تيأس إلى أن تحقَّق لها ما تريد، وأنا لن أيأس من أول هزيمة سأحاول من جديد،ثمَّ جمع جنوده ونظَّم صفوفهم، وتمكنَّ من طرد الأعداء من المدينة .

تذكَّر القائد النملة، فابتسم وقال: الحمد لله الذي ساق إليَّ تلك النملة لتعلمني درسا نافعا في قوةالعزيمة، والإصرار على الظفر.

فهذه القصة للعبرة والعظة فلا تيأس فرب الخير لا يأتي إلا بالخير وتحدى ذاتك انك تقدر فقط تحلى بروح الشجاعة والاقدام وإياك ثم إياك الانحناء والاستسلام وأنت انسان مكرم وقال تعالى ولقد كرمنا الانسان وتحلى بالصبر فمنهج الصبر هو مربط الفرس اصبر وواصل طريقك ولا تستسلم ستواجه الشتم والاستهزاء فقط واصل يقول غاندي في البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر

كن قوي مهما تقلبت بك الايام ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي قف دون رأيك في الحياة مجاهداً إن الحياة عقيدة وجهاد

ولا تستعجل على رزقك حتماً سيأتيك ولو بعد حين يقول الشاعر

لا تعجِلنَّ فليس الرزقُ بالعجَلِ

الرزقُ في اللوحِ مكتوبٌ مع الأجل

فلو صبرنا لكان الرزقُ يطلبنا

لكنّه خُلِقَ الإنسانُ من عَجَلِ

فلابد أن تصل إلى وجهتك ولا تفكر في محاربة كل الذين يهاجمونك فبعضهم يتعمد ذلك لإلفات نظرك واجهادك لتغير مسار تفكيرك المرسوم أو مآرب أخرى يقول ونستون تشرشل

لن تصل أبداً إلى وجهتك إذا توقفت لتلقي بحجر على كل كلب ينبح.

واصل طريقك وحتماً سيعم السلام الداخلي ومن ثم ترى انعكاساته جليةً ظاهرة في حياتك وتهدأ هذه الروح التي جبلت على حب التحدي للوصول الى الاهداف والغايات السامية ويقول المتنبي اذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الاجسام فهناك كثيراً من القصص في تاريخنا الانساني وإلى يومنا هذا ينبغي أن تكون إلهاماً لنا تحي فينا الامل وهناك حكمة عميقة لسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول

"أنا رجل أحيا بالأمل، إن تحقق فبفضل الله، وإن لم يتحقق فقد عشت به فترة من الزمن

انظر الى هذه العبارة الرائعة التي تحي في قلوبنا الحياة فمتى ما فقدنا الأمل فقدنا الحياة سأعيش على أمل أن كل شيء سيصبح

جميلاً مادام لنا رب يقول كن فيكون وكل التوفيق لكم جميعاً . انتهى

***

زكريا الحسني

كاتب من سلطنة عمان

تداعيات ما تسمى الحرب على غزة بمساحته وإمكانياته المحدودة لن تقتصر على القطاع والقضية الفلسطينية فقط كما لن تفتصر على كشف الوجه البشع للكيان اليهودي الصهيوني العنصري ونهاية اساطيره القديمة  والحديثة من هيكل سليمان الى الهولوكست، كما ستتجاوز التداعيات منطقة الشرق الأوسط، لتمس النظام الدولي برمته الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية بمرتكزاته الأساسية: الشرعية الدولية والقانون الدولي العام وميثاق الأمم المتحدة واتفاقات جنيف ولاهاي والإعلان العالمي لحقوق الأنسان الخ.

تداعيات حرب غزة بالإضافة الى تداعيات حرب اوكرانيا ستعجل بقيام نظام دولي جديد متحرر من اساطير اليهودية الصهيونية وروايتها ومزاعم الديمقراطية الغربية وزيف عدالة الشرعية الدولية.

***

د. ابراهيم أبراش

نريد أن نقول ونسرف في القول، ونطلب ونلح في الطلب، من السادة أقطاب الفضل الذين لا يداخلنا منهم ريب، أو يخامرنا تجاههم شك في مدى حنوهم وشفقتهم، أن تولي تلك الطائفة التي يعتقل لسانها من الخجل، ويقطعها الحياء عن الكلام، النزر القليل من الاهتمام، فكل شيء في حياتهم يستغرق كل شيء، ويستأثر بكل شيء، فالمشقة التي سلطت عليهم من كل ناحية، وأخذت عليهم كل سبيل، تفد عليهم كل يوم لتعبث بهم عبثاً لا حد له، وتعمق في حناياهم المكلومة مشاعر الضجر والقنوط من ليل يمر في وحشة، ونهار يكر في حسرة.

إن الأمر الذي أدعى إلى العجب، والأبلغ في الغرابة، رؤية هذه المشاهد في مركباتنا العامة التي تضرم النفس، وتصلي الضلوع، وتستوقد الصدر، فذاك المحصل أو «الكمساري» الذي لا يندى له جبين، ولا تغض طرفه المخازي، لا يتكلف الحيل والأعذار في أخذ الأجرة كاملة غير منقوصة من فئات لا خروج فيها على نظام، ولا مخالفة فيها لقانون، إذا انتُهكت كرامتهم، وأهدرت حقوقهم في رابعة النهار، فحكومتنا المشبل التي تصطنع الأناة في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، لا تحرص على تعميق الصلات بينها وبين من عصفت بهم أنواء الحياة الحديثة التي لا تأبه لعاداتنا الموروثة، وتقاليدنا المغروسة، التي أخشى أن يكون قد انقضى عهدها، وعفت آثارها، نعم لم تصر هذه الحكومة التي تقيم في كل يوم أدلة قاطعة جازمة على عجزها البين في مراقبة ما تصدره من قرارات، وما تسنه من تشريعات، على أن تزيح عن هذه المهج المترعة بالأسى والحزن أعباء أمل سامٍ عريض، فهذه الناجمة التي واهم من ظنّ أن أياديها خالية مما ينفع الناس، ويعمر الكون، ويجلب الخير لهذا البلد الذي أتمنى أن يؤخذ فيه الناس بالحسنى، وتنجلي عن كواهلهم اللاغبة غمرة الوصب والعناء، تريد هذه الثلة بلا شك أن تعيش وادعة مطمئنة وأن تخلو حياتها من مظاهر الذلة والانكسار، فالألم المضني الذي تعجز أيديهم عن دفعه أو تغييره، لا يمنعهم أن يخصبوا أرض الوطن بالنماء وليس في زعمي هذا شبهة من مبالغة أو إغراق، كل ما يجب علينا فعله أن نهرع إليهم، ونستمع منهم، ونمهد لهم أن يشقوا طريق العلا والمجد بلا ريث أو إبطاء، لا أن نثبط هممهم الماضية، وعزائمهم الهادرة، على حكومتنا ألا تسرف في خداعنا وتضليلنا، فقد سئمنا من تلك الأهزوجة التي تشنف بها مسامعنا غداة كل يوم، ورواح كل أمسية، نريد من سادتنا أن يجتثوا سياسة الأحاديث الجوفاء من أصلها، فهي تردد دائماً أنها لا تدخر وسعاً في مد يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة، رغم أننا لم نرَ بعد دواوين الحكومة ومرافقها قد اكتظت بجموع المعوقين، لم نبصر أيها الأكارم دهاليز الجامعات قد امتلأت بحشود المكفوفين، كيف لنا أن نسير في طريق الرقي والتطور ونحن نضفي على هذه الشرائح مظاهر الإهمال والإغضاء، هذه الجماعات التي يجب أن نعزها ونخصها بالنعمة والاحتفاء، أسبغنا عليها ثوب الكدر ضافياً فضفاضاً، حينما جال في خاطرنا أن الشعب برمته يمكنه أن يرتاد قاعات الدرس ودورات المياه.

***

د. الطيب النقر

 

مسيرة التفاعل مع النصوص بأنواعها، وخصوصا الدينية إستندت على إقتراب ثنائي متطرف، خلاصته أن النص فيه معنى ظاهرة (حسي)، وآخر باطني (عقلي)، أي أن الحالة ذات بعدين، مما يمثل طرفين متطرفين وفقا لمفهوم منحنى الإنتشار الطبيعي.

أي أن الجهد مبذول في 2.5% من كل طرف في المواضيع المُتصدى لها، ويكون المهمَل منها أكثر من 70% والبعض يرى 95%.

الكون بما فيه من موجودات وظواهر وتفاعلات له ثلاثة أبعاد لا بعدان، وإلغاء البعد الثالث يتسبب بتداعيات قاسية.

نبه إلى ذلك واصل بن عطاء (80 - 131) هجرية، عندما طرح مفهوم (المنزلة بين المنزلتين)، وانطلق فكر المعتزلة العقلي بالبحث، لكنه مع توالي السنون وتبني المذهب من أناس آخرين، تم إلغاء البعد الثالث، وتركز محور الحركة على ما يسمى (خلق القرآن)، والقراءة الموضوعية للقرآن تكشف  أن فيه المطلق والنسبي، ولا يوجد ما هو أزلي مطلق أو مجعول مطلق.

أي أن المعتزلة تطرفوا وتسببوا بإنطفاء أنوار حركة ذات قيمة فكرية وإبداعية نادرة، ذلك أن البعدين يأكلان بعضهما البعض، فالظاهر يأكل الباطن والباطن يأكل الظاهر.

وما يحصل في الواقع المعرفي، أن إلغاء البعد الثالث من مرتكزات التداعي والإندثار والخمود.

وكأننا ننكر بين الليل والنهار حالة ثالثة، وبين الظواهر تواصل إنتقالي، فلا يوجد خير مطلق وشر مطلق، فكل منهما يلد الآخر، وهكذا دواليك.

فالمتناقضات تتزاوح وتتوالد، فالواقع لن يكون أحسن مما هو عليه، إن لم يدرك المفكرون والمثقفون ضرورة وعي البعد الثالث، والتفاعل معه بصدق وتعبير أمثل عن جوهره.

الوجود ليس أبيضا وأسودا، هناك لون رمادي بينهما لا يجوز تجاوزه.

لا يوجد كذب مطلق وصدق مطلق، الموجود حالة متواصلة ذات طرفين متناقضين، ولولا التناقض ما تحقق التواصل!!

***

د. صادق السامرائي

26\8\2022

 

سؤال مهم يدور في أروقة أذهان الكثير من المثقفين وقلوبهم على العراق وحبه يسري في دمائهم مع الكثير ممن يرون في ضمائرهم ونظرة ترقب على مستقبل العراق وشعبه الصابر المجاهد الذي تحمل أوزار وهموم مخلفات الحروب المتعاقبة وأخطاء حكامه وعنجهيتهم وتخبطهم في اتخاذ القرارات المصيرية وعلى من في جعبته الجواب الشافي والسؤال المطروح دائما لماذا العراق بالذات يعيش في دوامة هذه الحروب والمشاكل والصراعات الدولية والإقليمية والداخلية والذي يدفع ثمنها ويتحمل عبئها الشعب العراقي من استنزاف ثرواته ودماء أبنائه الزكية الطاهرة التي تسيل على أرضه وخارجه فعلى مدى تأريخ العراق المعاصر ساحة مفتوحة على مصراعيها لكثير من الصراعات التي لا ناقة ولا جمل فيها ولا مصلحة لشعبه سوى الدمار لبناه التحتية وتدمير اقتصاده وتبديد ثرواته وعدم استقراره سياسيا وامنيا دون بلدان الجوار والدول العربية فهل المخطط المرسوم له أن يبقى هكذا ضعيفا محتاجا لغيره من الدول الكبرى والمنطقة .

فهل نجد يوما ما من لديه القدرة والشجاعة الكاملة على الإفصاح عن الجهة التي تتلاعب بمقدرات هذا البلد والشعب المسلوب الإرادة السياسية وبعثرت أوراقه الاقتصادية والمادية والبشرية ويفصح عن الأيادي الخبيثة التي تلعب في ساحته حيث اختلطت الأمور على المواطن البسيط وأصبح لا يفرق بين العدو والصديق ومن عليه ومن معنه كون العراق شُرعت أبوابه لكل من يريد أن يمرر مشروعه الخاص به خدمة لسياسته الخارجية ومصلحة أسياده . ومن وجهة نظر شعبية ووطنية كسؤال امتحاني لمصداقية السياسيين يوجه لهم وبالخصوص الشرفاء الوطنين في السلطة خصوصا وخارجها البوح عن الجهات التي لا تريد لهذا الشعب والبلد الاستقرار والتنفس ولو لفترة قصيرة للوقوف على قدميه للبناء والتطور والعمران ولكن بنظرة تمعن بسيطة نستطيع أن نستدل على أن هناك أيادي خفية معلنة وغير معلنة تحرك دمى الساسة العراقيين بأصابع دول خارجية وخليجية وعملاء من الداخل منها إيران وتركيا وبريطانيا وأمريكا لتحقيق مصالح شعوبها ودولها وتنفيذ مشاريعها الطامعة بثروات العراق وقتل الروح الوطنية والعقيدة الدينية التي طالما تمسك بها هذا الشعب الأبي على مدى عصور سابقة وما زال يقدم الكثير له.

***

ضياء محسن الاسدي

 

الحرب على غزة (28)

منذ تدمير هيكل هيرودوس أي الهيكل الثالث بعد هيكل سليمان المزعوم سنة ٧٠ للميلاد على يد جيش الرومان بقيادة تيطس، واليهود يدعون في ما تسمى صلواتهم أن يعيد الله بناء هيكلهم الثالث في القدس.

وينقسم الحاخامات فيما يخص الهيكل إلى من يدعو لزيارة الحرم وقسم آخر يتحفظ لدواع دينية وسياسية،  بينما يدعو القسم الثالث إلى بناء الهيكل. ومن هؤلاء حاخام صفد (شموئيل إلياهو) يسانده حاخامات آخرون. وفي فتوى له صدرت عام ٢٠١٢ يقول (الملكوت التي نحلم بها تعرف كيف تهزم أعداءها وتضربهم ولا تترك جرحى في الميدان يخططون لحرب قادمة. ولا مجد لها إلا الهيكل حتى لو نضطر لمحو المساجد في الجبل المقدس). ويصعد هؤلاء دعواتهم لتدنيس الحرم القدسي استعجالا للخلاص وبناء هيكلهم المزعوم بأسرع وقت. اما بالنسبة لدوافع بناء هذا الهيكل والفتاوى حوله فأولها القومية، حيث يرى أنصارها فيه أنه قلب الدولة اليهودية ومركزا لوحدة اليهود. اما الدافع الثاني فهو ديني يرى ان بناء الهيكل يتيح إقامة أكبر قدر من العشائر التوراتية. وبالنسبة للدافع الثالث فهو رومانسي، فبناء الهيكل يتيح لليهود التواصل على زعمهم مع إلههم بعلاقة حميمة وحقيقية. والرابع فهو (مسيالي) أي غيبي وأنصاره يزعمون أن بناءه يشكل خطوة حاسمة لاستحضار الخلاص، على حد قولهم.

ويرى هؤلاء الحاخامات بأنه من أجل التسريع من بناء هذا الهيكل من الضروري تغيير أنظمة العبادة في الحرم عن طريق تغيير الموقف الديني بعد تأليف قلوب اليهود وإزالة مسجدي قبة الصخرة والمسجد الأقصى. كما يستلزم توفير أدوات ما يقع تحت مسمى العبادة في الهيكل منها أدوات عزف، ثياب الكاهن الاعظم والبخور ومذبح للقرابين المعد لبنائه بين الأقصى وقبة الصخرة.

وهناك منظمات تحظى بدعم من أعضاء الكنيست ووزراء وغيرهم ممن يؤيدون بناء الهيكل، حيث تتغذى هذه المنظمات المتطرفة من تصريحات هؤلاء السياسيين ومن ضمنهم أعضاء من حزب الليكود.

وقد اتضحت هذه الرؤية بعد حرب ١٩٦٧ حينما وقف لواء المظليين وهم يبكون على حائط البراق وصوت قائدهم ( مردخاي غور) يصرح بحماسة للإذاعة العسكرية بقوله( جبل الهيكل في أيدينا).

واليوم وقبل عملية طوفان الأقصى وتحديدا بتاريخ ٢/ أكتوبر ٢٠٢٣ اقتحم المسجد الأقصى أكثر من ألف مستوطن متطرف يهودي بحماية من شرطة الاحتلال وقاموا بتأدية ما يسمى صلاة تلمودية عند باب السلسلة وهو أحد أبواب المسجد الأقصى. كما اقتحمه مئات من قطعانهم على شكل مجموعات متتالية من جهة باب المغاربة وأدوا طقوسا تلمودية حاملين (قرابين نباتية) من سعف النخل، فيما ارتدى آخرون لباس الكهنة الديني.، وتأتي هذه الاقتحامات في ثالث أيام ما يسمى (عيد العرش اليهودي) وسط اعتداءات على المرابطين الفلسطينيين.

كما وأقدمت الشرطة على فرض قيود عمرية على دخول المصلين إلى المسجد يمنع الشباب الفلسطينيين من دخول المسجد خلال فترات الاقتحامات.

وقد نادت جماعات يمينية يهودية بتكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى خلال عيد العرش.

ومن هنا نخرج بنتيجة واضحة من خلال ما ذكرناه من اقتحامات وجلب أدوات عبادتهم الفاسدة وثياب الكهنة والقرابين بأنهم بالفعل يسعون لقلب النظام الديني في المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة كما يقدمون على تدنيسه كمقدمة لبناء الهيكل استعجالا على ما يزعمون انتظاره وهو الخلاص.

وأستغرب بعد كل هذه الحقائق التي تتضح كالشمس لمن يتنكرون لعملية طوفان الأقصى التي جاءت ردا على هذه الاقتحامات والطقوس التي يؤديها اليهود في المسجد الأقصى وبالمقابل الاعتداء على المرابطين من شعبنا الفلسطيني الصابر.

***

بديعة النعيمي

 

الحرب على غزة (27)

تأسس سلاح الجو في دولة الاحتلال بتاريخ ٢٨/ مايو ١٩٤٨ وكانت طائراته آنذاك طائرات قتالية قديمة من بقايا الحرب العالمية الثانية. كما أقدمت الدولة على شراء طائرات أضافتها إلى ما تملك.

وقد خاض سلاح الجو عدة حروب ابتداء من حرب ١٩٤٨ وحتى الحرب الأخيرة على غزة ٢٠٢٣. ويشكل سلاح الجو خط الدفاع الأول للأمن القومي لدولة الاحتلال بالإضافة إلى مهام أخرى مثل صنع التفوق العسكري والتجسس ونقل القوات والمعدات وأنظمة السلاح والقيام بعمليات البحث والإنقاذ والإخلاء وضرب أهداف في عمق أرض الآخر.

ومن المعروف بأن أسطول هذه الدولة مدعوم من طائرات أمريكية الصنع كون الولايات المتحدة الأمريكية هي المزود الرئيسي لها. فيمتلك على سبيل المثال طائرات مقاتلة أمريكية خفيفة من طراز (إف - ١٦) وطائرات من طراز (إف- ١٦سي) بمختلف إصداراتها مع تعديلات في أجهزة الرادار والرؤية الليلية والمحركات والمعدات الأخرى. كما يمتلك مقاتلات خفيفة متعددة الأغراض من طراز (إف -١٥إيفل). كما تمتلك الشبح الأمريكية القاذفة من طراز (إف -٣٥).بالإضافة إلى امتلاكها طائرات نفاثة ومروحية فرنسية وإيطالية وألمانية.

وكانت أولى عمليات سلاح الجو بتاريخ ٢٩/ مايو ١٩٤٨ عندما تصدت للقوات المصرية بالقرب من أسدود ثم توالت العمليات في بقية عملياتها من العدوان الثلاثي على مصر إلى حرب ٦٧ فحروب الاستنزاف ولبنان وغيرها وصولا إلى ٢٠٢٣ في ٧/ اكتوبر حيث كانت طائرات سلاح الجو بقيادة اللواء (تومر بار) قد دخلت الحرب مباشرة مع المقاومة الفلسطينية من خلال تنفيذ ضربات كثيفة وأحزمة نارية سوت مربعات سكنية كاملة مع الأرض ومستشفيات وعشرات المساجد ومدارس ومئات المجازر ولم يسلم من القصف لا بشر ولا حجر. كل هذا في محاولة من الجيش لتعويض اهتزاز صورته عن طريق تلك الضربات الجوية المستمرة. غير أننا نجدها تتخبط في كثير من الأحيان ،فقد أقدمت على قتل جنودها بما هو تحت مسمى نيران صديقة.

كما وصرحت كتائب المقاومة الفلسطينية بأنها تمكنت من إسقاط عدد من المروحيات وطائرات استطلاع من نوع (سكايلارك ٢). كما أسقطت عددا من طائرات درون الاستطلاعية وأخرى بهدف القتل.. واستطاعت قبل أيام إسقاط طائرة حديثة من نوع ( هيرمز٩٠٠) تكلفتها ٦ مليون دولار.

بقي أن نقول أن دولة الاحتلال لولا سلاح الجو لما تمكنت من الصمود أمام إيمان المقاومة حيث نجدها تخسر المعارك البرية وتذوق فيها الويلات.

***

بديعة النعيمي

 

منذ النكبة التي ارتكبتها الامم المتحدة (ممثلة في امريكا وبريطانيا وبقية الدول الاستعمارية) في حق الشعب الفلسطيني والذي اصبح مشردا مشتتا بين دول العالم، احتضن لبنان جزءا كبيرا منهم ليعيشوا في المخيمات التي تفتقر الى ابسط المتطلبات للعيش الكريم، وهذا الاحتضان الشعبي ترتب عليه تحمل اثمان باهظة ،فكثيرا ما كان العدو يشن غارات جوية ويقوم بالاستهداف البري والبحري للمهجرين ومن يؤوونهم، ومنذ حوالي الخمسين عاما ارتكب العدو مجزرة بحق قادة المقاومة في قلب بيروت (كمال ناصر، وعدوان وابويوسف1973 م)، وصل الامر بالعدو الصهيوني في العام 1982 الى استباحة العاصمة بيروت، وتصفية العديد من المقاومين للاحتلال الصهيوني من لبنانيين وفلسطينيين.

 العالم الحر المتمدن المتمثل في امريكا وبريطانيا وبقية الدول الغربية يساهم وبشكل يومي في قتل المهجرين ومضيفيهم، بوضعها فيتو على تسليح لبنان، ليبقى ميدان رماية للعدو يستخدمه متى اراد ،ويعمل جاهدا على اقامة منطقة عازلة في الجانب اللبناني المتمثل في القرار 1701 ليأمن هجمات المقاومة حيث اشتد عودها وازداد بأسها واصبحت تمثل رقما على الساحة يحسب لها الجميع ثقلها، واصبحت قوة ردع لا يستهان بها.

حرب غزة المعاصرة او ما يعرف بــ(طوفان الاقصى)، اثبتت لشعوب العالم كافة بما فيها شعوب الغرب المغيبة عن ما يجري حولها والتي تستقي معلوماتها من وسائل الاعلام الحكومية العتصرية،اثبتت لها ان المعايير الانسانية بشان الحقوق العامة من عيش كريم وتقرير المصير  وحرية الراي والتعبير تختلف من مكان الى اخر ومن عرق الى اخر، انهم ينظرون الى بقية الامم على انها خلقت لأجل خدمتهم والسمع والطاعة والا فالويل لها.

لقد اجهضت امريكا وتوابعها اكثر من قرار لآجل وقف شامل لإطلاق النار وتجنيب المدنيين ويلات الحرب، يجدون المبررات للصهاينة لضرب المشافي واماكن العبادة، ونبش القبور للتشفي من القتلى والمتاجرة بأعضائهم، وفوق ذلك كله يتحدثون عن ايجاد ماوي لسكان القطاع ومن ثم السماح للصهاينة بالإقامة فيه وليتحقق حلمهم في اقامة كيانهم المزعوم على كامل تراب فلسطين التاريخية.

بالأمس استهدف الكيان الصهيوني وبمساعدة امريكا ثلة من المقاومين بقلب بيروت، لكنهم تناسوا ان اصحاب الحق لا يموتون ان غابت اجسادهم،فسيكون هناك خلف لأفضل سلف يكملون مشوار التحرير ولهم من الاسباب ما يجعلهم قادرين على ذلك، كافة الاسلحة التي يستخدمها المقاومين (صواريخ وقذائف وطائرات مسيّرة) قاموا بتطويرها . 

الشعب الفلسطيني باق بارضه رغم ما يلاقيه من اصناف العذاب، قتل وتدمير وتهجير ،يزفه شهداءه بالزغاريد، بينما الصهاينة الذين هم بالأساس ليسوا ابناء الارض بل اناس من مختلف اعراق العالم تجمعهم روح التكبر وحب التسلط والتحكم اقتصاديا في العالم، نجدهم ومع انطلاق المعارك يشدون الرحال البلدان التي اتوا منها ويحملون جنسياتها، حقا ان فلسطين ليست بلدهم ولن يبقى بها الا من ولدوا بها وجذورهم التاريخية ضاربة في اعماق ارضها.

تحية لبيروت حاضنة المقاومة الفلسطينية على مدى 8 عقود ،حتى وان لم تستطع حمايتهم من جبروت العدوان الصهيوني الامبريالي الغاشم، فإنها تحتضن رفاتهم (اجسادهم الطاهرة) لتثبت للأعداء قبل الاصدقاء انها ارض كل العرب، ستقود بيروت بشرفائها رغم قلة امكانياتها معركة تحرير فلسطين من النهر الى البحر، وليذهب كل الدخلاء الى اوطانهم الاصلية.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

التصنيع أضحى سهلا ومتيسرا، فالدنيا تفكر والصين تصنع، فمعظم المصنوعات تمثل أفكارا تحقق تصنيعها في الصين، أي أنها ليست أفكارا صينية وإنما صناعة صينية، بمعنى، أن الناس في دول العالم تعمل على فكرة وتطوره وتصبح ناضجة للتصنيع، فتذهب إلى الصين لإنجاز ذلك.

والسبب أن الصينيين قد إمتلكوا المهارات التصنيعية المعاصرة، وأصبحوا قادرين على تحويل الأفكار إلى موجودات مادية فاعلة في الحياة.

فعندما تتوفر الفكرة يتحقق تصنيعها، وهكذا فأن القول بوجود دول صناعية وأخرى غير صناعية فيه نوع من التضليل، فالدول المسماة صناعية تركز على الصناعات الحربية الثقيلة لأنها تدر عليها المليارات، أما الصناعات الأخرى فأنها من نصيب دول العالم الأخرى، وقد شذت عن ذلك الصين لأنها جمعت بين الحالتينن، لتمكنها من إبتكار الوسائل اللازمة للإستثمار بالبشر وتحويله إلى طاقة فاعلة في بناء القوة والإقتدار.

وعليه فأن القول بأن دولنا غير صناعية لا يتوافق وإيقاع العصر الذي نعيشه، فدولنا قادرة على فعل كل شيئ عندما تتحرر من الأضاليل والأوهام والثقافات الساعية لتحنيطها،وتخميد أنفاس الأجيال في ربوعها، ومنعها من إستنشاق هواء العصر، والإمعان في الإندساس بالغابرات والأجداث، وفقا للتوجهات القاضية بأن الحياة في الدين وليس العكس.

فالمطلوب أن تنطلق الأفكار في مجتمعاتنا، وأن يتم تصنيعها في أي مكان في الأرض، وربما يكون من الأربح أن لا تُصنع في ديارنا بل في مصانع الآخرين، لأن الكلفة أرخص والخبرة أقدر.

فعلينا أن نحث الشباب على إصطياد الأفكار اللازمة لصناعة الواقع الأفضل للأجيال، ودعوا الصين تصنّع الأفكار، ونجني الثمار، ونكون بأسعد حال.

***

د. صادق السامرائي

8\10\2022

 

(اختطافهم لتنشئتهم على القومية اليهودية)

الفلسطينيون الرُّضَعِ الذين يتعرضون للاختطاف من قبل جنود إسرائيل هم في خطر أكثر من الأطفال الذين يموتون أو هم اليوم مشردون خارج وطنهم، ويكابدون ألم الجوع والبرد، هو مشروع لتهويد أطفال فلسطين، وقد اختار العدو "الرُّضَّعُ " لأنهم لا يدركون شيئا مما يحدث والحرب القائمة، لأن العدو سيغير هويتهم ويعمل على تهويدهم وغرس فيهم حُب القومية اليهودية، ففي الحروب تقع أشياء كثيرة اعتداءات وانتهاكات واغتيالات لكن اختطاف الرُضّع فلم يحدث في التاريخ.

 فمشروع تهويد أبناء المسلمين قديم يتجدد،  وهي عملية ممنهجة منذ الإحتلال الصهيوني لفلسطين، ولا أحد يعلم إلى أي تيار سينتمي إليه هؤلاء الرضع بعد أن يكبروا ويصلون إلى سن الخامسة على الأقل، هل إلى التيار الأهالي أم الليفورني، أو اليهود السفارد أو الإشكناز، رغم اختلاف عبريتهم  ويعلمونه الثقافة العبرانية  كما سيعملون على تجنيسهم ، ظنا منهم أنهم سيصبحون من شعب الله المختار، وهي واحدة من  الأفكار التي ينتهجها اليهود في مشروعهم الإلهي، فضلا عن إخضاعهم لبعض الطقوس اليهودية عندما يصلون سن البلوغ، الحديث هنا عن رُضَّعِ لم يصلوا إلى السن القانوني لاستخدامهم في الحروب سواء دينيا أو سياسيا ،  وما يحدث لهم من تغيير في حياتهم، لأنهم حديثي الولادة ولا يدركون ما يحدث حولهم، وهنا مكمن الخطر لأنهم سينشأون على الطريقة اليهودية ، فيعلمونه التوراة ، والتراث اليهودي والدور التاريخي والروحي للشعب اليهودي.

 وهذه التنشئة تجعلهم جزءًا من المجتمع اليهودي، وتزويده بالثقافة العبرية و يغرسون في ذهنه حب القومية اليهودية،  وتعميق فكره بالوعي اليهودي حتى يقنعونه أن العرق اليهودي من ارقى العروق و العرب والمسلمين أكبر عدوٍّ لهم، حيث  يكبر هذا الرضيع (المسلم)  وفي قلبه حقد كبير على الإسلام والمسلمين، وقد يُجنّد في الجيش الإسرائيلي ويقتل يوما شقيقه أو واحدا من أبناء بلده الأصليين دون أن يعلم أنه مسلم وتم اختطافه ، وهكذا تكون القومية اليهودية فلسفة حياة بالنسبة له، وقاعدة تبدأ من وقوفه للنشيد اليهودي، وهو يردد: إسرائيل هي وطن الأمة اليهودية،  فالمشروع الصهيوني يهدف إلى تكوين جيل من اليهود (من أبناء المسلمين)  يحبون اليهودية والثقافة العبرية وهو ما أكده دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل في المؤتمر الصهيوني الرابع والعشرين والمنعقد عام 1956م " أنه لن يكون للحركة الصهيونية مستقبل بدون تربية وثقافة عبرية لكل يهودي بوصفه واجبا ذاتيا، وقال ان حفظ اليهودية مرهون بتطوير التعليم العبري والثقافة العبرية.

 إنه الحديث عن الإسلام اليهودي ، نلمس ذلك في عمليات "التطبيع" التي تمارسها بعض الدول العربية والتي تعلن دعمها لإسرائيل، وقد صدرت عديد الفتاوي حول التحول من الإسلام إلى المسيحية إلى اليهودية، واعتبرها البعض ليس كفرا، وإن كان هذا التحول يدخل في باب الحريات الفردية وحقوق الإنسان في الاعتقاد، لكن أن يختطف أطفال رضع  ويبعدون عن أمهاتهم لأغراض لا تعني شيئا ولا تهدف إلى شيئ سوى تهويدهم،  فعملية التهويد  لها جذور تاريخية ولكن لا يمكن اعتبار كل اليهود أعداء للإسلام وللعرب وبخاصة الفلسطينيين، فهناك جماعات يهودية ضد ما يحدث الآن في غزة والقصف البشع على السكان  وهي تعارض دولة إسرائيل وتدعو إلى حل سلمي للصراع القائم بين الطرفين، فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ عن منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام  (JVP)التي تأسست عام 1996 وهي منظمة شعبية تهدف إلى تعزيز السلام والعدالة والمساواة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ومنظمة يهود من أجل العدالة للفلسطينيين (JfJfP):التي يدعو أفرادها إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وغيرها من المنظمات والجمعيات التي تدعو إلى إحلال السلم بين الشعوب والتعايش فيما بينهم، يبقى الدور على الأنظمة العربية الصامتة والتي لم تحرك ساكنا لوقف مشروع التهويد الذي تهدف إليه إسرائيل وبكل الطرق والوسائل.

***

علجية عيش

اللغة العربية بشهادة علماء اللغة في العالم من أرقى اللغات المتصرفة. غير أنها ترقى برقي أهلها وتضعف بضعف أهلها لو أردت أن توازن بين خصائص اللغة العربية وبين خصائص اللغات الأخرى لوجدت بوناً شاسعاً ولكن ضعف هذه الأمة أضعف معها لغتها. أنظر مثلا كلمة اللطيف:

كلمة اللطيف وردت في سبع آيات من القرآن الكريم ولم يقترن إسم اللطيف إلا باسم الخبير. واللطيف في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل. والفرق بين اسم الفاعل، والصفة المشبهة بإسم الفاعل، هو:

 إسم الفاعل: يدل على الحدوث والانقطاع. بينما الصفة المشبهة بإسم الفاعل: تدل على الثبات والدوام. ومن أوزانها فعلان وفعيل. فاللطيف هنا جاءت على وزن فعلان وفعيل. صفة مشبهة بإسم الفاعل.

‏كنت أبحث عن الله من خلال التأمل في المخلوقات والكائنات من الذرة إلى المجرة وأتسائل كيف أشعر بوجود الإله وكيف السبيل إلى ذلك وهل هناك سرا لا أعلمه أو شيئا آخر لم أجده إلى الآن حتى جاء ذلك  اليوم الذي قال لي رحل حكيم كم أنت لطيف فوقعت هذه الكلمة على قلبي وحركت بحور من المشاعر والأحاسيس فتأملت كثيرا في هذا الكلمة فقلت إن الله عز وجل من اسمائه اللطيف واستعرت بلطف الله في حياتنا وكيف تتسهل الأمور بلطف من الله فقلت كم أنت لطيف يا إلهي رغم محدودية إدراكنا ومنطقنا في البلوغ إلى جمال لطفك الذي لا ينتهي كم أنت لطيف حينما أوجدتنا وكم أنت لطيف حينما رزقتنا وكم أنت لطيف حينما ألهمتنا وعلمتنا وفهمتنا وجعلت أطيب خلقك تتجه نحونا بلطف وجعلت اللطف في دائرة أطباعنا وسلوكنا والله كل لطف نجده ينبغي أن نعلم  يقيناً لطف الله علينا وما يحتوي هذا الاسم من عظمة وجلال

كن لطيفا لأن الله لطف مطلق. كن لطيفا لأن من اسمائه اللطيف. وهنا أورد شعراً لطيفاً

اسقِ الفؤاد محبةً وسلاما

وارسم على وجه الغريب وئاما

*

و اصنع جميلًا في الحياة فإنما

باللطف نبلغ في القلوب مقاما

فكل ما يواجهنا من خيبات وآلام سترى بعدها لطفا عظيما لأن الله لم يخلقنا ليشقينا وحتى الابتلاء جاء ليطهرنا وينقينا لنرتقي ويشملنا لطف الله  وراء كل أمر حكمة إلهية لا ندركها في حينها ولكن سندركها ونشعر  بلطفها  لاحقا ونعلم أن الله عز وجل لطفه بنا لا حدود له

فكن راضيا بقدر الله وأنه هو اللطيف الذي وسع لطفه سائر الكائنات فتأمل معي سير الأولين والآخرين ستنظر إلى لطف الله الذي ترى أبعاده في خلقه ولله في خلقه شؤون وكن مؤمناً بأن الله على كل شيء قدير.

ونختم مقالنا بهذه العبارة: نحن من طينٍ يوجعنا الأذى ويجرحنا صغير الشَوك.. ويجبرنا لطف الله. انتهى

***

زكريا الحسني

كاتب صحفي من سلطنة عمان

 

الحياة في العلم وبدونه تنتفي معانيها وتطلعاتها نحو الأفضل، فالعلم يصنع الحياة، ويولد من رحمها، ويعني أن نعرف بالدراسة والبحث وإتخاذ المناهج العلمية وسيلة لمواجهة التحديات وتأمين الإرادات.

فالعلم يستحضر ما نريد، ومَن لا يجيد التفاعل العلمي لا يحصل على القوة والإقتدار.

والعلة الأساسية في مجتمعات الأمة تتلخص بغياب العلم ونكرانه بل ومعاداته، والتوهم بأن الحياة في الدين، وبدونه لا معنى للوجود والبقاء، مما يتسبب بتداعيات تشاؤمية وإستثمار في الأحزان والويلات اللازمة لترسيخ مفاهيم الإنهيار والإندثار.

ومن الواضح أن عقول الأمة أمعنت بغفلتها العلمية، وتمادت بالتركيز على ما لا ينفع، ولا يساهم في إطلاق الطاقات الكامنة في أعماق الجماهير الحية الواعية.

ويعود السبب للكراسي التي علمت ومنذ أكثر من قرنين أن الحياة في العلم، فوجدت العمائم الحافة بها ستتضرر من العلم، فأوهمتها بأن الحياة في الدين، فهو الذي يصنع القطيع التابع القابع، أما العلم فسيؤسس لسلوكيات لا يمكن ضبطها بالقوة والسلطان، ففي العلم حرية عقلية، وهي محرمة في الدين، الذي يدعو للسمع والطاعة، وبأن القابع بالكرسي يمثل إرادة الرب، ومن لا يطيعه خارج عن الملة وعدو للرب والدين.

تلك حقائق مؤلمة لا يقترب منها المحسوبون على الفكر والفلسفة، ويتحركون حولها خشية المواجهة مع القوى المدمرة لمرتكزات الوجود القويم.

فهل من جرأة على التفاعل بعلمية مع منابع المآسي والويلات؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\6\2022

 

الحرب على غزة (26)

إن الصراع بين الحركة الأسيرة وإدارات السجون والمعتقلات صراع مستمر لأنه امتداد للصراع الحضاري والتاريخي بين الشعب الفلسطيني الذي يسعى بكل طاقاته لتحرير فلسطين وبين العدو. هذا العدو الفاشي الذي يهدف من وراء عمليات الاعتقال إلى قتل المعتقل معنويا وجسديا ،وإفراغه من محتواه الوطني من خلال ظروف الاعتقال وسياسية القمع والإرهاب الممنهجة وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم الإنسانية. فمن الأساليب التي يستخدمها محققي الشاباك ضد المعتقلين الضرب الوحشي المفضي إلى الموت،تكسير الضلوع،الهز العنيف،الحشر داخل ثلاجة،الصفع على الوجه وركل المعدة والبطن وأماكن أخرى،الضرب على مؤخرة الرأس والتهديد بالاغتصاب وغيرها من الوسائل والأساليب التي أقل ما توصف بأنها وحشية ولا إنسانية. وما تمارسه دولة الاحتلال من تعذيب وتنكيل بالمعتقلين ليس بالأمر الجديد ولا الطارئ فقد لجأت إليه منذ أن سرقت الأرض من أصحابها بوعد ظالم وانتداب صليبي حاقد فثار أصحابها لاستردادها والدفاع عن حقهم المسلوب. وهنا افتتحت عشرات المعتقلات منذ كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني منها سجن عكا الشهير والذي تعرض فيه الثوار إلى التعذيب والإعدام.

واليوم مع الحرب على غزة تتزامن الاعتقالات لسكان القطاع. فقد أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تطابق شهادات جمعها مع ما كشفت عنه صحيفة هآرتس العبرية بشأن جرائم إعدام ميداني نفذت بحق المعتقلين . فيما قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم في معسكر للجيش يعرف باسم (سدية تيمان) يقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبا ،وقد تحول إلى سجن (غوانتانامو) جديد يحتجز فيه المعتقلون في ظروف قاسية جدا داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة من الوقت.

وقد صرح بعض المعتقلين المفرج عنهم بتعرضهم لتعذيب قاس على يد جيش الاحتلال حيث قاموا بحرمانهم من النوم وقدموا لهم طعاما فاسدا ومتعفنا. كما منعوهم من التحدث مع بعضهم خلال فترة الاعتقال ومن لم يتقيد بالتعليمات تعرض للتعليق من رجليه لساعات طويلة من قبل الجنود.

وذكر أحد المعتقلين أنه ومن لحظة الاعتقال عصبوا عيونهم واقتادوهم إلى مناطق مجهولة وأبقوهم مكبلي الأيدي و الأرجل لمدة يومين كاملين. ونقل البعض بأن جيش الاحتلال تركوهم لمدة ست ساعات مقيدي الأيدي خلف الظهور مع الجلوس على الركب طيلة تلك الساعات.

ومن الأساليب التي استخدمها الجيش الظالم مع المعتقلين أنهم قاموا برش أجسادهم بمواد غريبة وغير مألوفة الأمر الذي جعلهم فريسة للحشرات.

كما أقدم الجيش على ترك المعتقلين عراة في البرد والهواء في مناطق مجهولة. وأجبروا المعتقلين على تناول أقراص دواء سببت لهم الهلوسة والتي ما زال البعض يعاني من آثارها من صداع ودوار حتى بعد أن أفرج عنهم.

ناهيك عن الضرب الذي تعرض له المعتقلين والذي كانت آثاره واضحة في أجسادهم.

هؤلاء هم القابضون على الجمر السائرين على طريق الشوك المتلمسين طريق الشهادة في سبيل فلسطين. رحم الله شهداء غزة وفلسطين عامة. ولسوف نبقى نكرر ما قاله الشهيد عز الدين القسام (وإنه لجهاد نصر أو استشهاد).

***

بديعة النعيمي

 

من هنا بدأت بواكير مسيرة الحياة التعليمية منذ نعومة الاظفار مع تلك الحروف الجميلة بأصواتها ورسومها من قبل معلم الصف الأول الإبتدائي (ا..و...ر ...ز...د...ي) والتي كانت بمثابة طلاسم تحتاج الى فك رموزها لا غير لتتبلورمن خلالها ملامح شخصية الطفل ومستقبله وتكون فيما بعد مفتاحا" للتسلح بالعلوم والمعارف والتي أنارت بها العقول ونمت وتغذت بها الأفكار من أجل غد افضل إتسم بالقيم والمبادئ الإنسانية والتي أفضت الى فتح آفاق رحبة لغد مشرق على أيدي عمالقة العلم وبناة الأجيال معلمي جيل الطيبين والذين حفرت ذكراهم بالعقول قبل القلوب ليكونوا بحق قدوة بقوة الشخصية والاناقة والعلم والاخلاق الفاضلة التي إمتازوا بها بالرغم من قساوة المعيشة حينها وصعوبة تداركها مع تنامي معدلات الفقر وانعدام فرص العمل .

فالحنين الى الماضي يرتبط بتلك العلاقات الإيجابية الطيبة العابرة للطائفية المقيتة التي لم نكن نألفها حينذاك وكانت تجمع كل مكونات المجتمع في بيئة مدرسية نقية ينهل الجميع منها دون تمييز خالية من خطابات الحقد والكراهية المعهودة في زماننا بعيدة عن الزيف والخداع خاصة عندما تلتقي بصديق الطفولة والبراءة وأيام الدراسة والصبا تعود بك الذاكرة الى تلك الأيام الخوالي وتعيد عقارب الساعة الى الزمن الجميل لتبقى المواقف الطريفة حاضرة كما كانت وتفتش بين ثنايا الضحكات عن السعادة الحقيقية التي إفتقدناها للظروف التي مرت بنا من سنوات عجاف من حصار وحروب ونزوح وتعود الاحاسيس الى أحلام مرت كلمح البصر ولازلنا نتذكر كراريس المدرسة الإبتدائية مملوءة برسومات طفولتنا ومقاعد صفوف دراستنا لازالت تحكي قصص حياتنا البريئة .

فاليوم لا دار ولا دور ؟! واللبيب بالإشارة يفهم

وختاما"قال امير الشعراء أحمد شوقي (قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم ان يكون رسولا).

***

حسن شنكالي

نحن في حاجة لمواجهة تلك الحقائق، والتماس العلاج الناجع لها، فوحدتنا القومية الحق الذي لا يحتمل شكا ولا جدال، أنها باتت تعاني من الضعف والفتور، وهزال هذه الوحدة لا يحتاج منا إلى بحث أو استقصاء، فعللها واضحة مسرفة في الوضوح، ولعل الأسباب التي قادت لأن تكون هذه الوحدة ضعيفة واهية، هو قصور عقلنا الجمعي لتصوره للأشياء ء وقضاءه فيها، فنحن حتى نستعد للنهوض بهذه الاعياء، وتحمل تبعاته، ينبغي أن نقر أن هناك  عللا أخرى غير هذه العلة الظاهرة، التي تتمثل في حروبنا المستمرة، فالحرب سببا سهل على الألسنة اجتراره، ويسير على العقول التفكير فيه، كلا ليست الحرب التي نعتبرها مصدرا للكثير من المشقة التي تواجهنا الآن في حياتنا الحاضرة، هو العامل الذي أدى لانحسار وحدتنا الوجدانية وتراجعها، ليست الكريهة هي التي أضعفت صلاتنا، و مزقت لحمتنا، وضعضعت تكاتفنا، وقوضت نسيجنا الاجتماعي، هذا الاضطراب الذي بات هو السمة الواضحة لمجتمعنا السوداني، يحتاج منا إلى رقي وتقدم وجهاد، وحتى نجتثه من شأفته، ونجزه من منبته، نحتاج فعلا لأن نلجم هذه العاطفة وهذا الشعور، في حالة السلم أو الخصومة، ونستبدلهما بالحكمة والروية، ففي اعتقادنا أن تأثرنا بالحس والشعور، هو سبب كل هذه  المصائب التي لم يعد يختلف مقدارها باختلاف الأفراد والبيئات، إن تماهينا مع القبيلة ومثلها وأعرافها، وتجاوبنا الدائب لها كلما رفعت عقيرتها بالنداء، لم يضعف بعد أو يتضاءل، فنحن ما زلنا نخضع لها، كما كان غيرنا يخضع لسلطانها على وجد شديد، ورغبة جامحة،  فمن "السخف، وهراء القول، وفاتر الحديث" كما يقول أديب مصر الضرير، أن نزعم أن عاطفتنا في السودان ظهرت عليها مظاهر الحدة والحرارة والصدق، ظهورا قويا عنيفا،  ونحن أسرى لهذه الجوائج، ولكن بان دفق هذه المشاعر، ولاحت ضخامة تلك الأحاسيس، حينما تداعت جموع الناس ملبية نداء قبائلها، وانتظمت في تلك النفرة الشعبية الهادرة لمجابهة خطر عربان الشتات، ولكن الحرب التي انطلقت منذ أكثر من ثمانية أشهر في عاصمة البلاد وفي غرب السودان، ظل الناس يشهدون وقائعها في ترقب وحذر، وينتظرون في ضجر،أن تنجلي غمرتها بانتصار الجيش، تفاعل الناس الآن مع تلك الحرب التي لا تأصرها آصرة، مرده إذن التفات الوجدان لنداء أطلقته قبيلة من القبائل، وفي الحق أن مثل هذه النداءات على كثرتها، غنية بالحب، ولا يتردد أتباعها في تلبيتها في تهافت وحرص، على ضوء ذلك نستطيع أن نزعم في يقين واطمئنان، أن نفوذ القبيلة لن يناله ضعف أو خمود، إلا إذا بات حبنا للسودان لا تشوبه شائبة، فالوطنية الصحيحة تقتضي أن يكون حبنا لأوطاننا أسمى وأرفع حتى من حبنا لشخوصنا وعائلاتنا، الوطنية الصحيحة التي نحتاج لأن نفهمها، ونقدرها، ونخلص لها، يجب ألا تنهكها الخصومات السياسية، أو تعصف بها الآثرة وحلل الانتهازية، أو تودي بها المنافع والطموحات الشخصية، بل يجب  أن تكون عروتها باقية قوية، ومكانتها بارزة في ناحية من نواحي قلوبنا، الوطنية الصحيحة من المهم حقا أن تعجز الأيام وأحداثها لاضعافها أو النيل منها.

نحن نظهر هذا الحزن العميق، لأن مآسي السودان وخطوبه التي يتبع بعضها بعضا،في نزف شديد، وسرعة غريبة، تلزمنا بأن نعيد التفكير في كل ما يتصل بنظامنا الاجتماعي، وبكل ما يحيط به من ظروف، فنحن نعتقد أن هذا النظام هو الذي ورطنا في كل تلك الآثام التي نسرف في ارتكابها، دون أن نكلف أنفسنا عناء التفكير فيها، ولعل القول الذي ينم عن الحق، أن هذا النظام هو الذي قادنا لئلا نعيش تلك الحياة الهادئة الوادعة التي يعيشها غيرنا من الشعوب، هو الذي جعلنا نبغض بعضنا بعضا، ويحتقر بعضنا بعضا، ويكيد بعضنا لبعض، إن الأمر الذي يجب أن نمضي فيه دون روية أو تفكير، هو السعي لتغيير هذا النظام البغيض الثقيل، الذي يدعو إلى الشر، ويصد عن الخير، ولا تذعن فيه شرائحه ومكوناته، لتضامن وجداني عريض، إلا إذا نزلت بها غاشية، أو ادلهمت بها الخطوب، نعم يجب أن نحتال في تغيير نظامنا الاجتماعي الذي يعلي من سقف القبيلة، تلك القبلية التي توارثناها، وخضنا في لججها، بحكم تربيتنا وأمزجتنا والمحيط الذي نعيش فيه، قد آن الأوان للتحرر من قيودها، يجب أن ننكرها ونسرف في الانكار، لأنها هي التي تجعل كل فرد منا ينظر لغيره نظرة ازدراء واحتقار، هي التي  قادت في واقع الأمر، قوات الدعم السريع تخرج من التعريض إلى التصريح ببغضها للشمال، ولإنسان الشمال، ومما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن صراعتنا القبلية تجعل الأمبريالية سعيدة مغتبطة، تصفق بيديها في جزل وابتهاج، لأنها تحقق لها ما تبتغيه ، فالغرب الذي تطربه خصوماتنا وتعنيه، عمد في رفق ولين لاذكاء عبقها النتن، وحرص بسياساته المعتسفة ألا ينغمس السودانيوان في حب صريح لأطيافهم، إن نظامنا الاجتماعي الذي نركن إليه، ونلوذ به، ونحتمي به من كل شيء، هو العامل الذي قاد لأن تنقطع وتيرة صلاتنا بالجنوب الذي كنا نتخذه موضوعا للعبث وللسخرية، فجنوبنا الذي نتحرق شوقا لموعد عودته، لم يزّور عنا هذا الازوار، ويستعصم بهذا الاباء، إلا بعد أن أعيته ضروب التهكم والاستخفاف، زهد الجنوب في بقاءه معنا، بعد أن عجز الساسة وعجزت الأحزاب، لادراك شيء يسير الفهم والتعليل، أن الجنوب الذي يجاهدونه ويصارعوه، كان يبتغي منهم فقط العدل والانصاف، والدفع بسبل التطور في مجتمعاته المتباينة،  إن حقيقة انفصال الجنوب التي يدور الناس حولها، ولا يحسنون تصويرها، أن اسئثار بعضنا بالسيطرة والسلطان،  والتقدير والحكم، ضاعف من شعوره وانفعاله السريع، واحساسه بأن الشمال لا يقدر اختلاف بيئاته ولا ظروف حياته، فمضى الجنوب بعد صراع مرير إلى حال سبيله، ونحن إذا ظللنا على عمانا هذا، ولم نستشعر اختلاف البيئات بذوقها وثقافتها، ستسخط علينا دارفور أشد السخط، وسيسخط علينا أهالي النيل الأزرق أشد السخط وأعنفه، فقد أخبرتنا وقائع الدهر أن أي حادثة لا تقع إلا وقد سبقتها علة، وعلل تشرذم مجتمعنا هذا وتفككه، هو نظامنا الذي لا يرضاه الدين، و تأنف منه الأخلاق.

وحتى نلخص حديثنا هذا، وندع هذا الاستطراد والتفصيل، نقول أن نظامنا الاجتماعي الذي يجب أن نتفانى في طلبه، هو النظام الذي لا يتعارض مع الدين وقيمه ومسلماته، ولكي نكفكف هذه الدموع التي تنهمر، ثم تستحيل إلى زفرات حارة، ونحيب لا ينقطع، علينا أن نخفف لوعة حزننا بتنمية وجداننا المشترك، الذي يظهر شيئا من الجزع غير قليل، إذا أقامت الدواهي بناحية من نواحي قطرنا الكبير الممتد، علينا أن نفكر ونطيل  التفكير، في تشحيذ وحدتنا الوجدانية التي واهما من ظن أن تفعيل أسبابها  يكون في مدننا، وقرانا، وشوارعنا، وأسواقنا وحوانيتنا، ضخ الدماء في شرايين تلك الوحدة لا يتأتى إلا إذا كانت جذوتها قوية دائما، عنيفة دائما في أفئدتنا، وهذا لن يتحقق إلا إذا أظهرنا خضوعنا للسودان، واحتفينا بعنصره، و حرصنا على عقولناوأحلامنا التي تدعونا لأن نطيل رفع بصرنا إلى السماء، ونتدبر في كنه الأشياء وجوهرها، ستلتئم جراح وحدتنا، إذا تمسكنا بأهداب الدين الخاتم، ديننا الإسلامي الذي يدعو إلى الحرية والعدل والمساواة.

***

د. الطيب النقر

 

لقد اغتالت دولة الاحتلال منذ الحرب العالمية الثانية أشخاصا أكثر من أي دولة أخرى في العالم الغربي، والسبب أن قادتها وجدوا أن اغتيال أهدافا محددة طريقة مجدية للحفاظ على أمنها القومي. حيث تتم سرية الاغتيال بطريقة الاختيار ظنا منهم بأنهم عندما يتخلصون من الهدف الذي تم اختياره سيحلون المشاكل الصعبة التي تواجه الدولة.

ويجدر الذكر بأن اعتماد هذه الدولة على الاغتيالات كأداة عسكرية نابعا من الجذور الثورية الناشطة للحركة الصهيونية على حد قول الصحفي اليهودي (رونين بيرغمان) وغيرها من الأسباب التي تدعيها مثل (الهولوكوست) والخوف من التعرض للإبادة مجددا.

إذن فالنتيجة أن تاريخ الاغتيالات لهذه الدولة الإرهابية ليس بالأمر الجديد. فقد انتهجت هذا النهج من قبل قيامها ١٩٤٨، حيث كانت تنفذها العصابات اليهودية مثل (إرغون وشتيرن والهاجاناه) ،لكن بعد ٤٨ تولت هذه الاغتيالات (الموساد) وأذرع الاستخبارات اليهودية.

فمن تصفية الشرطي عارف العرسان عام ١٩١٥ على على يد (حراس هاشومير) التي تطورت فيما بعد إلى عصابة الهاجاناه. إلى ( دي هان) الحريدي المناهض الصهيونية والذي اغتالته الهاجاناه عام ١٩٢٤. إلى الضابط البريطاني( توم ويلكين) قائد الوحدة اليهودية في إدارة التحقيقات الجنائية في الانتداب البريطاني الذي اغتيل على يد عصابة شتيرن المتطرفة عام ١٩٤٤. وتطول قائمة الاغتيالات التي نفذتها دولة الاحتلال بهدف حفظ الأمن القومي كما قلنا وصولا إلى المهندس (يحيى عياش) الذي أعيا دولة الاحتلال ،فخلال عامي ١٩٩٤ و ١٩٩٥ كان مسؤولا عن تسع هجمات انتحارية قتل فيه وجرح العشرات من اليهود،عندها وقع اسحاق رابين (الصفحه الحمراء) ضد عياش. وقد تم اغتياله في ٥/كانون الثاني من العام ١٩٩٦.

والسؤال هل نجحت دولة الاحتلال بالقضاء على العمليات الفدائية باغتيال العياش؟ حتما لا. فقد كان عياش قد درب مجموعة من نشطاء حماس على فن صناعة العبوات الناسفة وكان من ضمن هؤلاء (محمد دياب المصري) المعروف (بمحمد الضيف) وغيره من النشطاء وبذلك ولد بدل الواحد مائة.

وبعدها اغتالت عددا من قيادات حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية وصولا إلى الشيخ (أحمد ياسين) الزعيم الروحي لحركة حماس وهو خارج من المسجد مساء ٢١/ مارس ٢٠٠٤. ثم اغتيال الرئيس ياسر عرفات ،رحمهم الله جميعا وشهداء فلسطين عامة.

واليوم الثاني من يناير ٢٠٢٤ وبعد أن فشلت دولة الاحتلال في حربها على غزة ودخلت مأزقا لم تستطع الخروج منه وعجزها عن تدمير حماس كما وعد (بنيامين نتنياهو) في بداية الحرب وكما هي عادتها عندما تجد نفسها عاجزة تحتمي باغتيال القادة لظنها انه الحل الأنجع.

حيث اقدمت طائرة مسيرة تابعة لها على استهداف مبنى في الضاحية الجنوبية في بيروت حيث كان الشيخ العاروري نائب رئيس مكتب حماس يتواجد مع عدد من أعضاء الحركة ما أدى إلى استشهادهم. وبذلك يكونوا قد انضموا إلى قوافل الشهداء الذين سبقوهم...

فهل ستخرج دولة الاحتلال من مأزقها أم أن ألف صالح سيخرج لها من حيث لا تعلم؟.

***

بديعة النعيمي

الدوران حركة سرمدية فاعلة في الموجودات الكونية، ومنها الأرضية، والدوران يعني التغيير وعدم الثبات، فكل موجود يتبدل وكل حالة تعود إلى مبتدئها، فالقوي إلى ضعيف، والضعيف إلى قوة، وما تم نقص.

والحالات التي تستطيع التواصل هي التي تمتلك قدرات إعادة التصنيع الذاتي والموضوعي، وفيها طاقة ترميم ذاتية تستوعب إرادة التغيير.

فالقوة في الجريان، والضعف في السكون والإندحار، والمجتمعات لكي تتقوى عليها أن تتواشج وتتسابك،  فإختلاط الأمم والشعوب قوة  وعزلتها ضعف وهوان.

وبعض المجتمعات تتعلم وأخرى تتوهم أنها تعلم، والذي يعلم يرفض أن يتعلم فتطغى عليه فيضانات التقدم المتسارع المتولد من الدوران.

فالأيام أرحام ولاّدة، وفي كل يوم وليد جديد يريد أن يساهم في صناعة الحياة.

قوى تغور وأخرى تثور، وبعضها نامت ثم قامت، وفي رقدتها إعادة نظر، وتعميق رؤية وبناء وتصور متوافق مع العصر، وتوائم مع إرادة الحياة الحرة الكريمة.

فلكل فكرة ملاذ، ولكل رؤية ميعاد، وما أن تولد الفكرة حتى تتكون وتتطور وتتناسل في عقول الموجودات، فكأنها الشرارة التي أذكت النيران وأوجدت اللهيب الفتاك العابث بالأشهاد والغابات.

مَن يتوهم البقاء في الكرسي سيحترق بغتة ويتحول إلى رماد، ويكون الكرسي تابوته، ومن لا يرى بعيون مصلحة شعبه ستدوسه سنابك الأخطار وتعصف به الأهوال.

وكل مَن في الكرسي فان، فإرادة جذب التراب أقوى من الملك والسلطان وكم أكلت منهم، وكم أصابت الجبابرة بالخذلان والهوان.

الحصيف من تفانى في صناعة الخير، وإسعاد المواطنين، والتضحية في سبيل رفاهيتهم وأمنهم وسلامتهم وتأمين مصالحهم.

والطائش المنبوذ من توهم القوة فبطش وإستبد، وإستخف بإرادة التراب وحسب الناس من حوله أرقام، وغرق من أنانيته وظلمه وبؤسه المقدام.

فهل يتعظ البشر أم أن الكرسي يسلب اللب ويقيم الحداد ويجرد البشر من الإنسان.

إن الكرسي سيد وسلطان، والذي فيه دمية وأداة لصياغة البهتان.

***

د. صادق السامرائي

29\8\2021

 

أكدت حركة حماس "اغتيال" القيادي في الحركة صالح العاروري في ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء، مع اثنين من قادة كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس.

وتُعَدُّ عملية الاغتيال هذه بطائرة مسيرة الأسهل إسرائيلياً كونها حدثت خارج قطاع غزة بعد فشل محاولات إسرائيلية حثيثة للوصول إلى رموز قادة الحركة في أنفاق غزة، لبناء أكذوبة نصر وهمي، حيث اختزل نتنياهو النصر باغتيال السنوار في أرض يحاول جيش الاحتلال المهزوم بسط سيطرته عليها دون طائل.

وتأتي هذه العملية بعد يومين من قصف كتائب القسام لمدينة تل أبيب بصواريخ المقاومة من طراز إم 90 في رسالة بأن الحرب مستمرة والمقاومة صامدة، فكان الرد الإسرائيلي برسالة أخرى تفيد بأم سلسلة اغتيالات قادة حماس قد فتحت أولى صفحاتها باغتيال أحد أهم قادة حماس.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد نشرت مطلع ديسمبر الماضي، تقريراً يكشف خطة إسرائيل لاغتيال قادة حركة حماس في جميع أنحاء العالم، بمجرد انتهاء حربها في قطاع غزة.

ويبدو أنها استعجلت التنفيذ للرد على ما أقدمت عليه كتائب القسام في قصف العمق الإسرائيلي قبل يومين.

وذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر وكالات الاستخبارات بوضع خطط لاغتيال كبار قادة حماس، الذين يعيشون خارج غزة "في أي مكان بالعالم".

وبحسب التقرير، دعا البعض "إسرائيل" إلى اغتيال خالد مشعل رئيس حماس في الخارج وآخرين "على الفور بعد هجوم 7 أكتوبر"، الذي نفذته الحركة على الكيان الإسرائيلي.

إلا أن العاروري كان قد تعرض إلى تهديدات مباشرة في أواخر أوغسطس 2023.. حيث وجه نتنياهو رسالة تهديد للعاروري خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، وذلك في ضوء تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

وكان رد حماس على تلك التهديدات بنشر صور للعاروري كان جالساً فيها خلف مكتبه ومرتدياً زياً عسكرياً وواضعاً أمامه سلاحاً، وكان يتحدث في الهاتف بلا مبالاة.. غير آبه بالتهديدات الإسرائيلية، موحياً بأن اغتياله -لو تم- لن يكون آخر المطاف فالمقاومة ولادة والقضية الفلسطينية لا تختزل في أشخاص.

والعاروري قيادي سياسي وعسكري فلسطيني بارز، وهو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

اختير عضواً في المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية-حماس عام 2010م وحتى التاسع من أكتوبر 2017 حيث أعلنت حركة حماس عن انتخاب العاروري نائباً لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية خلال انعقاد مجلس شورى الحركة.

تم ترحيله إلى سوريا واستقر بها لمدة ثلاث سنوات، ومع بداية الأزمة السورية غادرها إلى تركيا في شهر فبراير عام 2012، واستقر بها ثم بعد سنوات غادر تركيا وتنقل بين عدة دول من بينها قطر وماليزيا وأستقر أخيرًا في الضاحية الجنوبية في لبنان حيث تم استهداف مكتبه واستشهاده.

وتكمن أهمية الشهيد بالنسبة ل"إسرائيل" في مساهمته بتأسيس الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية المحتلة، فيما ظل يشكل حلقة الوصل بين حماس من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى.

لذلك يحمله الإسرائيليون مسؤولية جلب التمويل الإيراني لحماس وفق ما صرح به رجل المخابرات السابق أودي ليفي.. وقد تنبأ العاروري بعد السابع من أكتوبر، بنشوب حرب إقليمية إذا ما تم استهداف قادة من حماس وفق ما جاء في (يو أس أيه توداي) الأمريكية.

وكان العاروري سيلتقي الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله غدا الأربعاء.

واتهمته "إسرائيل" في وقت سابق بأنه يقف خلف عملية خطف المستوطنين الثلاثة في الخليل، حيث أعقبت الاتهام بهدم منزله في قرية عارورة شمال رام الله في الأول من أكتوبر 2023.

وهذا يفسر النية المبيتة لاستهدافه من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وربطها بتصاعد أعمال المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وفق ما قاله الجيش الإسرائيلي حينذاك في بيان لـCNN، إن القوات "عملت في البلدة ليلاً لهدم منزل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس، والمسؤول عن أنشطة حماس في الضفة الغربية".

ويذكر أن العاروري قام بالبدء في تأسيس وتشكيل جهاز عسكري للحركة في الضفة الغربية عامي 1991-1992، مما أسهم في الانطلاقة الفعلية لكتائب القسام في الضفة عام 1992م.

والعاروري تم اعتقاله لأكثر من 18 سنة في السجون الإسرائيلية، وعندما أفرج عنه في المرة الأخيرة عام 2010 تم ترحيله إلى سورياً لمدة ثلاث سنوات ومن ثم غادر إلى تركيا مع تفاقم الأزمة السورية ويعتقد أنه لعب دوراً محورياً في اتمام صفقة شاليط.

فالعدو الإسرائيلي غاشم لا يرى سوى أوهام القوة التي طغت على قراراته وأصابته بالعمى لذلك تقهقر مهزوماً بفعل ضربان المقاومة في غزة.

وكأنه لا يدرك بأن المقاومة ولاة وهي غير مرتبطة بفصيل أو أشخاص لأن وقودها الشعب الذي يطالب بحقوقه المشروعة، ويبذل الغالي والرخيص لنيلها.

رحم الله شهداء فلسطين الذين غيروا موازين القوى إزاء القضية الفلسطينية في العالم.

*** 

بكر السباتين

2 يناير 2024

 

كانت الرؤية الصهيونية تركز على يهود أوروبا الشرقية وعلى مفهوم الدولة العلمانية الأوروبية النمط على أرض فلسطين. فقبل الحرب العالمية الثانية كان اليهود الاشكيناز يشكلون الغالبية العظمى للتواجد اليهودي في العالم ،والفكرة الصهيونية كانت بتحويلهم إلى تلك الأمة في أرض وجيش تخصها وحدها. لذلك فإن الحركة الصهيونية لم تعر يهود الدول العربية أي اهتمام ولم تعتبرهم جزءا من تلك الأمة التي حلمت أن تزرعها في الوطن القومي( فلسطين).

لكن وبسبب (الهولوكوست) المزعوم الذي طالما تبجحت به الحركة الصهيونية وإبادة الستة مليون يهودي دفعها إلى حث يهود الدول العربية بالهجرة إلى فلسطين من أجل تعديل الميزان الديمغرافي لصالح دولة الاحتلال إلى جانب عدد من المجازر وعمليات التهجير القسري لأصحاب الأرض الشرعيين الشعب الفلسطيني.

وفي ذروة الحرب في نوفمبر/١٩٤٢ عرض دافيد بن غوريون في معهد الأبحاث الاقتصادية في (رحوبوت) خطة استجلاب فورية لمليون يهودي،فكان يهود الدول العربية والإسلامية حتى ذلك الشتاء هم الهدف الممكن. ومن هنا بدأت المخططات لتهجير يهود هذه الدول ونجحت الحركة الصهيونية بذلك. وعند قدومهم إلى دولة الاحتلال تحولوا من يهود عرب إلى يهود (شرقيين) وصودرت منهم هويتهم العربية. وانهارت أسطورة اللبن والعسل التي تم إغرائهم بها حال اصطدامهم بطبقة الأشكيناز الشوفينية والتي اعتبرت هؤلاء طبقة دنيا متخلفة فبدأت معاناتهم بسبب العنصرية وعلى جميع المستويات.

عقب إنسحاب دولة الاحتلال عام ٢٠٠٥ من قطاع غزة أنشأ الاحتلال منطقة عازلة على طول الحدود البرية وبقيت عشرات المستوطنات القريبة من القطاع وأطلق عليها غلاف غزة. ويبلغ عدد هذه المستوطنات ٥٠ مستوطنة. ويعتبر هذا الغلاف خط الدفاع الأول لدولة العدو أمام غزة.

والجدير بالذكر (وزبدة الحكي) كما يقال أن معظم سكان هذه المستوطنات هم من اليهود ( الشرقيين) الذين كما قلت ينظر إليهم المجتمع اليهودي بعنصرية. وقد تم إغرائهم من قبل الحكومة عن طريق التسهيلات المقدمة لهم لأن هذه المستوطنات طالما كانت هدفا سهلا لصواريخ المقاومة الفلسطينية لقربها من القطاع..

وفي ٧/ اكتوبر فر معظم قطعان المستوطنين باتجاه مدينتي تل أبيب وإيلات مع رفض قاطع بالعودة..

فمن أين سيأتي اليوم بنيامين نتنياهو بمن يقبل السكن في غلاف غزة بديلا عن اليهود الشرقيين ؟؟؟

***

بديعة النعيمي

الأرض تصاغرت بسرعة تتناسب طرديا مع سرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس، وما عادت الحدود مانعة للتواصل والإطلاع على أحوال الدول كافة، فوسائل الإتصال المعاصرة المتوافقة مع سرعة الضوء في سفرها بين البلدان وبين الإنسان، قد أحالت الوجود الأرضي إلى جهاز صغير يوضع في الجيب ويستحضر ما يدور عليها أسرع من البرق.

إن إطلاع الشعوب على بعضها سيدفع نحو مسيرات العدالة الكوكبية، بمعنى أن يعيش البشر في جميع بقاع الأرض بذات المستويات وأن ينال حقوقه بالتساوي.

ووفقا لهذا المنطق الذي يفرض نفسه على البشرية، ستكون أنظمة الحكم مرغمة على تبديل سلوكها والتفاعل مع الواقع الجديد بجدية ومواصلة وإصرار، لأن الإطلاع على واقع الآخرين، سيتسبب بثورات عارمة تهدف إلى التغيير والبحث عن جواب كيف نكون مثلهم.

وفي دولنا العربية بعضها إستوعبت الرسالة والمعاصرة، وراحت تعمل بجد وإجتهاد للإرتقاء بمستويات المعيشة، والبنى التحتية والعمرانية إلى أوج ما تستطيع وتقدر عليه، وبعضها الآخر متمترسة بعقائد أحزابها المغالية الخارجة عن العصر، والمندفعة نحو الويلات والتبعيات والخسران، وهي بائدة لا محالة، وستنتهي إلى بئس المصير وسوء المسير.

والمشكلة في الدول المعوقة بعقائد أحزابها وفئاتها، أنها تتخذ من الدين قناعا لإفتراس البشر وإستعباده، ومصادرة عقله وتحويله إلى موجودات راتعة في ميادين إمتهانها، وأخذها إلى ويلات السعير بإسم الدين.

ومن الواضح أنها أفلحت في إمتصاص رحيق البشر ومصادرة عرق جبينهم، وخداعهم وتضليلهم، بالتبعيات والولائيات، وتقليد الآخرين، الذين يوهمونهم بأنهم ينوبون عن رب العالمين، وتلك محنة مدمرة للوجود الإنساني القويم.

إن الحياة تعرت أمام البشرية، وما عادت الأقنعة تنفع للإستغلال من قبل الآخرين على حساب العالمين.

فهل أن اليقظة الكوكبية ستزيح أعداء الإنسانية، وتبني السعادة بإرادة الناس أجمعين؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\1\2022

 

في العقود الأخيرة من زماننا، نسمع بين الفينة والأخرى عن استخدامات للذكاء، تدخل في إلكترونيات وآليات من صناعة الإنسان، منها الهاتف الذكي وما يوفره من خدمات تتأقلم مع متطلبات الإنسان المتحضر، كذلك هناك البطاقة الذكية التي تسهل التعاملات اليومية في كثير من دول العالم، وتعريفات الهوية الشخصية أمام المؤسسات. وهناك أيضا السيارة الذكية، كذلك الروبوت الذكي، وهو صيحة حديثة من صيحات توفير الخدمة للانسان، بتسخير الآلة للقيام بواجبات لم يكن يقوم بها غيره، فجاءت بتوفير الوقت والجهد والمال له.

ولانعلم مايأتي به الإنسان لأخيه الإنسان في المستقبل من اختراعات ذكية، تغنيه عن الكثير من المتاعب والفعاليات الجسدية والذهنية والنفسية، ولكن مع كل هذه التكنولوجيا في التسهيلات الحياتية، يبقى العنصر الأساس في إدارة هذه الأجهزة والمستلزمات هو الإنسان ذاته، فبتوجيهه السليم يتمكن من الوصول الى النتائج الناجعة والمجدية والمتوخاة من هذه الاختراعات.

هنا في عراقنا أرى أن الذكاء أول عنصر مغيب عن التفعيل والاستخدام، وإن أردنا تغيير أوضاع البلد المتردية، يتوجب علينا إعادة تفعيله في مفاصل حياتنا جميعها، أداة ووسيلة ونهجا وأسلوبا وتفكيرا، ليس فيما يتعلق بمواقع مسؤوليات الجهات القيادية ببلدنا فحسب، بل يشترك المواطن في الشارع والبيت والمعمل، فعلى الجميع استغلال عنصر الذكاء في كل خطوة يخطونها، لاسيما في عملهم الذي له تداعيات تعود بالنفع العام إن أحسن فيه، وبالضرر العام والشامل إن أساء أو أخفق بأدائه. ولما كان الشيء بالشيء يذكر، فإن العراقيين لم يسخّروا ذكاءهم إزاء عملية كان حريا بهم جميعا، إيلاؤها الدرجة القصوى من التحلي بالذكاء، وتجييرها لصالح الخير والمصلحة العامة للبلد، تلك هي عملية الانتخابات، ومن المعيب أن صبر العراقيين عقودا على الدكتاتورية، وتحملهم ضغوطاتها، أن لا يعقبه استثمار يكلله العراقيون أنفسهم، بالفوز والنجاح لصالحهم بامتياز، لا لصالح الكتل والأحزاب والتحالفات المنتفعة من عملية الانتخابات، ولا لحساب المرشحين الرامين الى الانتفاع منها كما انتفع الذين من قبلهم.

إن عملية الانتخابات الأخيرة، كان من الواجب عليهم تدارك الأخطاء السابقة، وتسخير كل طاقاتهم الذكية، لينتقوا الرجل الأنسب في "العرس" الانتخابي، بمقاييس تختلف عن المقاييس التي اتبعت في "العزاءات" الانتخابية السابقة، ووضعه في المكان المناسب، من دون أي اعتبار للمحسوبية الفئوية او المنسوبية العشائرية والقومية والعرقية والدينية، وكان على المواطن وضع السنين الماضيات ومردودات عملية الانتخابات السابقة نصب عينه، للمقارنة بين اختياره السابق لكتل وأحزاب وشخوص خذلوه وخيبوا ظنه، بتملصهم من وعودهم ونقضهم عهودهم التي قطعوها، وحنثهم بقسمهم الذي أدوه، وبين مسؤولية علامة الصح التي وضعها إزاء من سلمهم الجمل بما حمل.

كان من الضروري على الناخب انتهاج فكر قويم في تحديد حيثيات المرشح، وكان عليه أيضا النظر للمرشح بعدسة مغايرة لتلك التي استخدمها سابقا، بعد ثبات فشلها. إذ هناك من المرشحين دواهٍ وعمالقة في المراءاة والتضليل، وأسياد لايبارون في الخديعة والمكر والحيلة، ليس أولها ارتداء عمامة بيضاء او سوداء، وليس آخرها توزيع الدنيويات من الحاجيات المنزلية والمبالغ النقدية، تحت ذريعة المساعدة او الهبة، كما أن الزيارات الميدانية التي قاموا بها قبيل طقوس التصويت، باتت فعالية سمجة حد السخافة، وانكشف المتوخى منها أمام أعين أبسط المواطنين.

ما تقدم من طرح، هو في حقيقة الأمر لوم وتقريع لي أولا ولأهلي العراقيين ثانيا، ولا ألوم حظنا وأنعته بالعاثر، إذ نحن ملزمون بالعمل الجاد على انتقاء ذكي، وغربلة ذكية، بوحدات قياس ذكية، لتكون الحصيلة انتخابا ذكيا، فمن غير المعقول والمقبول، أن يدخل الذكاء أجهزتنا وآلاتنا وأدواتنا بسرعة الصوت، فيما يخرج من رؤوسنا بسرعة البرق؟

***

علي علي

 

السؤال الجدلي الذي يفرض نفسه كثيرا في مدارات الصحافة العربية خصوصا على العديد من الصحف الخليجية هو: لماذا توظف أقلام لأجندات اجنبية، ولماذا لا تستحي اقلام فتبيع ذمتها للاساءة والاستفزاز للشقيق العربي والمسلم؟

 الصحافة العربية تئن بأوزار كتاب لا همَّ لهم سوى السمسرة واللهث وراء الدولار والدرهم، مسكين ذلك الكاتب الذي يشهر قلمه ليسيء لبني جلدته ويتقن التفاهة والرداءة التي صارت عنوانا بارزا للعديد من المنابر الاعلامية العربية للأسف خاصة الإلكترونية التي تنعت بالذباب بل حتى الذباب انظف منها.

ما تشهده الصحافة العربية في خضم التحولات والانجازات والرهانات في العالم العربي والمواقف البطولية للعديد من البلدان العربية التي تؤمن بأن الوطن العربي قضية مصيرية ومسؤولية العرب ككل من طنجة إلى مسقط ، وأن فلسطين وكل المعذبين في الارض هي مسائل تقرير مصير وحقوق شعوب في العيش الكريم، إنه “الايدز الإعلامي” الذي يظهر بعلاقات غير شرعية بين كتاب لا حياء لهم ولا خير فيهم إلا ببعض أسمائهم التي لو نطقت لتجردت منهم، في ظل هذا الفيروس العفن في جسم الصحافة العربية، اصبحت قواعد العمل المهني والأخلاقي شعارا فارغا يباع للجهة التي تدفع أكثر على حساب الشرف والنخوة والاصالة والاخوة العربية، وهذا عين الإفلاس لكتاب قاربوا السبعينيات ولا يزالون في أسواق المؤامرة يعتاشون لزعزعة البلدان الشقيقة وبث الفرقة والفتنة بين بني الوطن الواحد وبين الأشقاء. لقد بلغ الامر بكتاب أصحاب المشيخة إلى التدخل في شؤون البلدان بلا خجل ولا ادنى حكمة ارضاء لأسيادهم وفق منطق "الزعران رهن سيده"، ليس من عادتي الرد على أقلام التفاهة، لكن واقع الصحافة العربية في ظل هكذا كتاب الفجور والبهتان، ليثير موضوعاً شائكاً، بحق وهو طغيان الدناءة على الوعي والحكمة والجد المهني.

جميعنا يعلم أن ما يخطط وتحرك أحجاره في العالم العربي من محاولات زعزعة أمن البلدان وضرب اقتصاداتها واضعافها وتسقيط محاولاتها للنهوض بالامة العربية والسعي لافساد كل مبادراتها الاستراتبجية، كل هذا معروف مبرمجه ومموله ومحركه في الجغرافية والاقتصاد والعالم الافتراضي، لكن الدول العربية الرشيدة والواعية والمسؤولة والمخلصة لشعوبها ولامهات القضايا في عالمنا العربي، تاريخها العميق والنظيف والثري هو الذي يحكي عنها قبل ان يكتب عنها كاتب تؤجره، بل لها ابناؤها الاشاوس الذين رضعوا حب الوطن والامة والاسلام والعروبة وفلسطين والمظلومين فولاؤهم للوطن لا جدال فيه ولن يبيعوا كرامتهم واصالتهم بدراهم معدودة أو عديدة..

موضوع الايدز في الاعلام العربي والصحافة تحديدا كما وصفتها، هي إشارة إلى معاناة الأمة مع هذه الظاهرة التي احرقت الأخضر واليابس وبات نجومها يسمسروا في مجالس التطبيع والتطويع، بدل العمل على ردم فراغات بلدانها ولم شمل اوطانها ورأب صدع اقتصاد بلدها المباح من قبل شركات التجويع والنهب والفوضى، فصاروا أسماء تتهافت على مكاتب السفارات من أجل نيل دفعة اولى للعب دور او اداء رقصة اعلامية ضد الاشراف الذين ينبض قلبهم ثورة ضد الفساد والطغيان والهيمنة والاستدمار .

ظاهرة الدناءة التي انتشرت في اوراق كبرى عناوين الصحافة العربية بشكل كبير، ازاحت الستار عن فوبيا الرجال الذي أصاب العديد من اشباه العرب.

وبإطلالة سريعة على محتويات مقالات كتاب "التطبيع الدفيع" بلغة أشقاءنا المصريين، نجد أنها باتت تقتات على إثارة الفتن واستفزاز الكرام الذين صمتهم رحمة وقولهم ثورة، الذين عقدوا العزم ان لا ذلة في قاموسهم، حيث تنامي ظاهرة الدناءة في الاقلام المأجورة والمسعورة هو نتيجة لـمتغيرات وتطورات مهمة جداً حدثت على المستوى العربي والعالمي قبل 7 اكتوبر من العام الماضي وبعده ، حيث انتقلنا إلى اقتصاد العزة والشهامة والكرامة الإنسانية عامة والعربية خاصة.

لقد كانت الصحافة تتيح الشهرة للأشخاص على أساس جودة الأفكار وقوة الطرح والمنطق ، لذلك في السابق كانت الدناءة صعبة الحصول والتحقق وتكاد تكون حالات نادرة جداً، ولا ريب عرفت الصحافة في الغرب والشرق حالات من الاقلام الموظفة لحرق البلدان وتسقيط الكيانات والمؤسسات لكنها ظلت شبه منعدمة أمام الضبط المفروض على الصحف في إلتزام المهنية والموضوعية ، لكن مع موجة حرب الجيل الرابع والخامس اصبح المعيار هو التمويه المنتج.

للفوضى في نطاق محدد من المجال العربي لا لشيء لأن هذا -المجال العربي-معطل لرهانات التطبيع والاستدمار والهيمنة.

من هذا المنطلق، يبدو الحديث عن الصحافة العربية المعاصرة في بعض صور أحراز كتابها قلبت السحر على الساحر لأنها شر اريد بالعرب تحت مسمى خير ينسب زورا للعزيز الحكيم بل هو مكر لا خير سوى في اسمه ولا يحق المكر الا بأهله ..و أهل مكة أعلم بما يصلح لها والذي جاء بالصدق وصدق به فاولئك هم المتقون.

***

مراد غريبي

 

إنّ بنك الجلد هو نظام تخزين عينات من الجلد يتم استخدامها في عملية الترقيع أو زراعة الجلد سواء للتشوهات أو الحروق على اختلاف درجاتها، ويستخدم الاحتلال الصهيوني بنك الجلد لمعالجة  أصابات الحروق بين جنوده . لكن السؤال  ما مصدر هذه الجلود؟ هل يتبرع الإسرائيليين بجلودهم بعد الموت لبنك الجلود؟ ....الخ . والكثير من الأسئلة التي يثيرها  بنك الجلود الصهيوني...

وقد صرح أحد الحاخامات في معهد "شختر" للدراسات اليهودية  ان الديانة اليهودية  تنص على عدم "التنكيل بجسد الميت أو إهانته"، وتدعو لدفن الميت بعد وفاته بوقت قصير"، وهو ما فسره رجال الدين بضرورة دفن الميت وكل أعضائه في الوقت نفسه، لكن معظم الحاخامات أجازوا لاحقاً نقل أعضاء من شخص ميت لآخر حي بهدف إنقاذ حياته. ورغم تناقض  الآراء بين رجال الدين اليهودي . إلا إن  قناة العاشرة الإسرائيلية عام 2014، نشرت تقرير تؤكد امتلاك  إسرائيل ما يقارب 170 ألف متر مربع من الجلد البشري وهو رقم ضخم للغاية مقارنة مع عدد السكان في دولة الاحتلال.

 وقد كشفت الطبيبة مئيرا فايس في كتابها "على جثثهم الميتة" عن تفاصيل جريمة سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين واكدت مشاهدتها كيف كانت تتم سرقة الأعضاء من جثامين الفلسطينيين. حيث كانوا يأخذون الأعضاء من الجسد الفلسطيني، قرنيات، وجلود، وصمامات قلبية، ولا يمكن لغير المهنيين أن يتنبهوا لنقص هذه الأعضاء، حيث يضعون مكان القرنيات شيئا بلاستيكيًّا، ويأخذون الجلد من الظهر بحيث لا ترى العائلة ذلك. ثم تستخدم الأعضاء التي تتم سرقتها مِن قبل بنوك الأعضاء الأخرى في دولة الاحتلال من أجل الزرع وإجراء الأبحاث وتعليم الطب"(1).

في فيلم وثائقي انتشر عن قضية بنك سرقه اعضاء الشهداء  عام 2009م ثمة اعترافات للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي يهودا هيس يؤكد فيها سرقتهم أعضاء الشهداء في المعهد. وهناك العديد من الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تؤكد سرقه جيش الاحتلال لأجساد الشهداء واستئصال ما يريدون من اعضاء وجلود دون مبالاة ..

ونتيجة طوفان الأقصى  وقصف جيش الاحتلال غزة باستمرار لما يزيد عن 80 يوماً حتى الآن . لم يكتفي الاحتلال بسرقة الأرض وقتل المدنيين من أطفال ونساء بل لاحق اجساد الشهداء بعد موتهم أيضا من خلال الاجتياح البري للمستشفيات ونبش القبور  وسرقة اجساد الموتى . وذلك من خلال  أعلان  رئيس التجمع الطبي اللبناني وممثل الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية في لبنان البرفسور "رائف رضا" بأنه لم يكتفِ الكيان الاسرائيلي بإبادة شعب غزة بل قام بسرقة جثث الشهداء من مستشفى الشفاء بهدف سلخ جلودهم لبنك الجلد الصهيوني.

واضاف بأن الكيان الاسرائيلي ارتكب جرائم الحرب عبر قطع المياه والكهرباء والوقود والأدوية وقصف واقتحام المستشفيات وآخرها مستشفى الشفاء التي أطبقت عليه، وخرب أقسامه ومعداته وقطعت الأوكسيجين عن الخدج وروعت المرضى والجرحى، وأخرج الكثير منهم دون علاج، وادعى ادعاءً زائفًا بوجود أسلحة في المستشفى من أجل الإفلات من الجريمة وإبادة الشعب وخاصة في المستشفيات التي هي محمية كما يُدعى باتفاقيه جنيف الرابعة، بحماية المستشفيات والأطباء والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية وغيرهم.

وتابع: "ها هم نبشوا المقبرة الجماعية في مستشفى الشفاء وأخرجوا 145 جثة شهداء بطريقة قذرة وبشعة، والهدف الأساسي من سرقة الجثث هو سلخ جلودهم ووضعها في بنك الجلد الصهيوني التابع للقطاع الطبي للجيش الصهيوني ويعد من أكبر البنوك في العالم للمتاجرة"(2).

ما يحدث لشعب الفلسطيني من إبادة جماعية  الآن على مرأى ومسمع العالم دون أن يحرك أحد ساكناً ويؤكد لنا أن جميع المنظمات الغربية من حقوق الإنسان ، حقوق الطفل ، حقوق المرأة ، والقانون الدوالي.. الخ . ما هي إلا أكذوبة ذات معايير مزدوجة فحياة المواطن الفلسطيني أقل قيمة من الآخرين . يبدوا أن حقوق الإنسان لم تنشأ من أجل شعوب العالم الثالث ما هي إلا أكذوبة خُدعنا بها.....

***

آية محيي الدين عمر

 

.....................

https://www.azhar.eg/observer (1)

سرقة اجساد الشهداء من مجمع الشفاء

https://ar.irna.ir/news  (2)

 

قوله تعالى "ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ " (ابراهيم 22): أي لست بمغيثكم ومنقذكم، وليس معناها الدارج مناديكم أي من الصراخ والنداء. جاء في تفسير الميسر: بِمُصْرِخِكُمْ: بِ حرف جر، مُصْرِخِ اسم، كُمْ ضمير. بمصرخكم: بمُغيثكم من العذاب، بمصرخيّ: بمغيثيّ من العذاب، ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ: بمغيثكم و منقذكم من العذاب. وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى "وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ" ﴿ابراهيم 22﴾ "ما أنا بمصرخكم" بمغيثكم "وما أنتم بمصرخيَِّ" بفتح الياء وكسرها،

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل "مَا أَنَا . بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ" (ابراهيم 22) أي: ما أنا بمغيثكم ولا معينكم وما أنتم بمغيثي ولا معيني. وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جل جلاله "ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ" (ابراهيم 22) الصارخ هو المستغيث، والمصرخ هوالمغيث، والمعنى أن الشيطان يقول غدا لأتباعه: ما أنا بمغن عنكم شيئا، ولا أنتم مغنون عني شيئا، وليست بيني وبينكم أية صلة.

جاء في موقع الولاية الصريخ لغة: (هو المغيث والمستغيث، فهو من الأضداد وفي المثل: عَبدٌ صَريخهُ أمَةٌ، أي ناصره أذل منه). الاستصراخ الإغاثة الاستغاثة بلا مغيث في قوله تعالى: "وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل" (فاطر 37). ومنه الصراخ وتعني الاغاثة، وتلبية الصارخ، ومنه قوله تعالى: "ما انا بمصرخكم وما انتم بمصرخيّ" (ابراهيم 22) وجاءت دلالة (يستصرخ) بمعنى يطلب النجدة في فزع ومنه قوله تعالى: "فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه" (القصص 10)، أي يطلب النجدة وهو في حالة فزع شديدة، نتيجة الرعب والخوف الذي نزل به.

***

د. فاضل حسن شريف

العبرة في حياتنا: العقل والحب والآثر الطيب الجميل

جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد عش ماشئت فإنك ميت واعمل ماشئت فإنك مجزى به وأحبب من شئت فإنك مفارقه وأعلم أن شرف المؤمن صلاته بالليل وعزه استغناؤه عن الناس (رواه الطبرانى).مغادرة الدنيا هي أخطر حدث ينتظرنا في المستقبل ولكن لاندرك معناها متى وكيف والى اين؟ الانسان يسافر ويرجع، يذهب في نزهة ويعود للبيت، أما اذا مات فلا عودة، فهنيئا لمن يحرص على ان يظلم احدا،، ولا يكره ولا يحقد ولا ينافق، ولا يجرح احدا ولا يرى نفسه مغرورا فوق الجميع، كلنا راحلون عن ظهر الدنيا.

إن الفراق من أصعب الأحاسيس وأكثرها قسوة وإدماء للقلب والوجدان، ففي رحلتنا القصيرة في هذه الدنيا، تضعنا الأقدار في طريق أشخاص يرافقوننا في مسار الحياة ويتركون بصمتهم الخاصة في العقول والأذهان، فلا يسع الفؤاد إلا أن يحبهم ويتعلق بهم أيما تعلق، فيرتبط وجودنا بشكل أو بآخر بوجودهم، وتطمئن جوارحنا لمجرد رؤيتهم، يملؤون حياتنا أملاً وحباً وانشراحا،، وفجأةً في إحدى اللحظات الخاطفةِ نستسلم لقطار الحياةِ السريعِ فتأخذنا مشاغلنا بعيدا عنهم، وتجبرنا أنانيتنا وما وضعناهُ لأنفسنا من أولوياتٍ على أن نخطّ لحياتنا مساراً مغايراً، فلا نكاد ندركُ شيئا حتى نجد أنفسنا قد انجرفنا في مادية الحياة وشهواتها وقد أنسانا الزمن أحبابنا وأصدقاءنا. فتخطفنا الحياة فجأة لتخبرنا بأن الله أخذ أمانته وانتقلت الروح إلى بارئها، ويجعلنا الموت في صراع رهيب مع ذواتنا ودواخلنا،، فلا ندري أنحزن لموت الحبيب وفراقه أم لضعفنا وعجز قوتنا، ولا نعلم أنندم لسنوات أضعناها بعيدا عنهم ومشاغل حرمتنا أنسهم ومجلسهم، أم نبكي لفراقهم وانقطاع لقياهم. إن الموت فرصة مناسبة لطرح الأسئلة، أسئلة حول وجودنا والهدف منه وبخصوص ما قدمنا في دنيانا لآخرتنا. الخوف من الموت غريزة حية لا معابة فيها، وإنما العيب أن يتغلب هذا الخوف علينا ولا نتغلب عليهِ

علينا ان ندرك أن العبرة في الحياة ليست بما تشاهده العين من وجوه، ولكن ما يستقر في النفسِ من أثرٍ، قيمتنا فيما ننتجه، وفي البصمة التي نتركها بعد وفاتنا، فكم من الناس ألهموا العالم وغيروا مجرى البشرية بوجودهم، وكم من نفس عاشت وماتت دون أن تترك أي تغييرٍ يذكر! فاختر أنتَ من تكون.

نعم ! فراق الأحباب مؤلم، لكن نحتمله ونتحلى بالصبر حين نعلم أنه سيُتبَع بعد أشهر أو سنوات بلقاءٍ. الأكثر إيلاماً ووجعاً هو الفراق الأخيرُ، عندما نشعر بالفراغ بدواخلنا بعد النظرة الأخيرة، وبالألم المزمن بعد الوداعِ، فكلما تعودت النفوسُ على أشخاصٍ وكلما تخالطت الأفراح والأحزان يكون الفراق صعباً وقاتلاً، ولكن عندما نفكر قليلا نجد أن هذه سنة الحياة وقانونا أزلياً في الكون، مهما هربنا وتهربنا من الواقع فإننا ندرك أننا سنفقد آباءنا وإخواننا وأحبابنا في يومٍ من الأيام، لنستيقظ أمام الواقع المرير الذي تفرضه الحياة علينا

بكل جوارحنا واحاسيسنا – نستقبل عام بأبتسامة، نتمنى ان يكون العام الجديد 2024 عاما سعيدا لنا ولشعبنا ووطننا وان يمنح الله الحكمة لاصحاب السلطة والمال، اللهم عاما يغاث فيه الناس من احزانهم وامراضهم وعثراتهم واوجاع قلوبهم، اللهم عاما لا يزوره احزان مليئا بالخير والافراح، اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا ولا تفجعنا في احبابنا –ونسأل الله ان يختم عامنا الراحل بدعاء مستجاب ومغفرة للمؤمنين الصالحين بلا عذاب، وان يفتح لنا ابواب الرزق الحلال.. رددوا معي اللهم امين.

***

نهاد الحديثي

 

حملت الأخبار الموجعة للقلب أن الوزير الأول البريطاني الأسبق توني بلير سيقوم قريبا بجولة أوروبية لمحاولة اقناع العديد من الدول الغربية بقبول منح الموافقة على استقبال الفلسطينيين من أهالي قطاع غزة " كلاجئين "على أراضيها وهي محاولة يراها البعض مسعى" كريم" لإنقاذ شعب من خطر الإبادة والفناء.

عندما أعطى من لا يملك من لا يستحق عام 1948ضمنت قوة عظمى لنفسها موطأ قدم استراتيجي هام في الشرق الأوسط بعدما سلبت الفلسطينيين أراضيهم وممتلكاتهم ثم حشرت بالقوة مكانهم أقواما من شتات الأرض في مناطق ليست حقا لهم ولم تكن يوما ملكهم، وبرغم مرورعشرات السنين عرفت البشرية خلالها تطورا في المفاهيم ورقيا في الفكر السياسي يبدو من واقع الحال أن المستعمر باقي على حاله فكرا وسلوكا لم يتغير في شيء لأنه لم يستفد من دروس التاريخ ولم يتخذ من التجارب الإنسانية السابقة درسا له أو عبرة، بمعنى لم يخجل من عرة تاريخه الاستعماري ومن موبقات تعاملاته وسوءاته القبيحة، فكانت المفارقة أنه تمت سرقة هذا الكائن الضائع الغريب من طرف قوة أخرى أكبر منه وأقوى تتشكل من خليط المهاجرين الأوروبيين استغلت الوضع لجعل هذا الكائن ـ ذراعا قويا لها، وشيئا فشيئا تدحرجت قيمة وأهمية من سبق أن أعطت لنفسها حق العطاء وفقدت مكانتها الريادية ولم يبق لها سوى اسمها، لقد تلاعبت القوة الزاحفة على العالم من الأراضي الجديدة بأعرق الحضارات الأوروبية وجعلتهاألعوبة في يدها تسحبها وقتما تشاء لأداء أدوار غير منطقية فتراها تقوم بما تؤمر به وهي لا تعي ما تفعل إنما تفعل ما يراد لها ولو على غير قناعة، حدث ذلك في حرب غير شرعية لتدميرالعراق وقتل الآلاف الأبرياء من شعبه وكذا من الجنود أبناء الطغاة الذين جرى اقتيادهم غصبا في أتون حرب لا يعلمون يقينا سببها ثم اتضح للجميع مدى حجم الكذب وذاقوا عمق الشعور الأليم بعار الفضيحة.

ومرة أخرى، تعود من لم تكن الشمس تغيب عن أراضي مستعمراتها في محاولة يائسة لاستعادة بريقها العالمي المفقود، تريد أن تؤدي دورا ما ولكن للأسف في الوقت الضائع، لقد أفاقت من غفلتها العميقة على معطيات أخرى تختلف تماما عن تلك التي تركتها قبل انكفائها على نفسها والدخول في سباتها، لذلك تتعامل مع معطيات الوضع الدولي الراهن بعقلية قديمة ووفق مفاهيم بالية وانطلاقا من أرضية ثقافية رثة وبعقيدة مضطربة وتريد أن تؤدي دورا يعيد لها كبرياءها الضائع في الطريق بين دهاليز قصر بكنجهام وبين أروقة مقر 10 داونينج ستريت الحكومي، قد ترى بعض الحكومات الغربية أن التعامل الإيجابي مع المسعى البريطاني ــ الذي يبدو غير رسمي ــ ممكن التنفيذ وسيكون مفيدا لكونه قد يسهم في وضع حد للقضية الفلسطينية التي جرى استغلالها لعهود طويلة لاستنزاف قدرات الدول الأوروبية في دعم الكيان المستحدث والتي تكون قد ضاقت بانعكاسات أزمة لا أفق واضح لحلها، فيما قد ترى أخرى أن عدم التجاوب مع هذا المسعي سيعفيها من مواجهة تداعيات أزمة مستوردة عميقة لم تكن طرفا فيها ولا تطيق تحمل نتائجها، ويمكن أن تضركثيرا بمصالحها مع الدول العربية، خاصة وأن هذا المسعي يتناقض مع القرارات الأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية ويتعارض مع الإرادة الدولية، والمعنى أنه مسعى بائس صادرعن طرف تعيس لا يزال يتصور واهما أن بإمكانه أن يواصل جهود التمكين للكيان الدخيل في ظروف لم تعد هي عالمه الماضي، ولكن إن لم تستح فافعل ما تشاء، والثقة الكبيرة في أصالة الشعب الفلسطيني تجعل الجميع مطمئن إلى صلابة الموقف الشعبي الفلسطيني في تمسكه بأرضه المدعوم من كل أخوته العرب .

***

صبحة بغورة

1 - لو لم تكن إيران، دولة إسلامية الدين والمذهب، لما فعلت بالعراق كل تلك ألبشاعات، وبتلك الوحشية والهمجية، ولما توافقت مع أمريكا وأسرائيل، على انهاك العراق وتدميره، ولما اغرقت المجتمع العراقي ودولته، بكل انواع المخدرات، الجسدية والعقلية والعقائدية والثقافية والأجتماعية، ولما جعلت من العراق سوقاً، لمختلف المخدرات التي ينتجها حزب ألله البناني، وحولت محافظات الجنوب والوسط، الى مستنعات للجهالة والفقر والخوف والأذلال، وعرضته لوحشية وبربرية ألمليشيات، وجعلت من الشعوذات والتخريف ثقافة رسمية، أيران وكما هي امريكا واسرائيل، جعلت من الأسلام مقبرة لعروبة ألنبي محمد، والعكس أيضاً صحيح، لو علم النبي، أن دينه لا يصلح لعروبته، وعروبته لا تصلح لدينه، لوظف مواهبه وقدراته، ألى قضية اُخرى، اكثر نفعاً لأمته، لكن الآوان قد فات، وان الأنحار ألنهائي، للدين الأسلامي قادم حتماً.

2 لا يُسمح لمن يعمل ولائه لصالح دولة اجنبية، كمرتزق وعميل وخائن، أن يدعي الجهاد وشرف الشهادة، ويقدس عمالته لعواصم ارتزاقه، وهو ألمؤجر لأيرن، والمنتمي لأهم وأشرس مؤسسات أجتياحها، لم يعرف التاريخ العراقي ألحديث، أن هناك من يقدس المحتل، امريكي كان ام ايراني، ليس هناك مبرر اخلاقي، لحق الأختيار بين الولاء لأمريكا او إيران، وكلا الدولتين وعبر التاريخ العراقي الحديث، متوافقتين على انهاك وأخضاع العراق، دولة ومجتمع، ونقطة انطلاق للتوسع وأخضاع كامل المنطقة، اذا كان النفوذ الأمريكي، يمكن معالجته بثورة شعب، فاذرع الأجتياح الأيراني، الممتدة والمتغولة، في محافظتي النجف وكربلاء، ليس من اليسير معالجتها، أنه إجتياح عقائدي وفكري وروحي ونفسي وعاطفي، إنه مخدر شامل مدمر ومكلف، وبالضرورة أولاً، تحرير العقل الجمعي، لمجتمع الجنوب والوسط، من تراكم الجهل والفقر والخوف والأذلال، عبر الأجتثاث ألتام لمافيات ألشعوذة والتخريف، وتجفيف مستنقعات جميع، ألمخدرات ألفكرية والسياسية والأخلاقية والتربوية، ألتي تحاصر الوعي المجتمعي، في الجنوب والوسط، ومنه محافظتي النجف وكربلاء بشكل خاص.                  

3 - لقد اثبتا العقدين الأخيرن، ما بعد الأحتلال الأمريكي والأجتياح الأيراني، أن التوافق بين أطماع الدولتين، المحكوم بجنون التوسعغ الأسرائيلي، يشكل مشروعاً خانقاً ومدمراً للمنطقة برمتها، وسيلعب ثلاثي العملية السياسية في العراق، دور المفخخة الأخيرة، لتفجير المتبقي من الوحدة الوطنية، الى جانب الأدوار الخبيثة، للصمت الشيطاني في مهام المراجع العظام!!!، والتي ستشعل حرائق الفتنة أمؤجلة، من زاخو حد الفاو، حيث التمزيق المخيف لوحدة المجتمع العراقي، فالعراق دولة ومجتمع، وبكافة مكوناته وشرائحه، يقف الآن على حافة نكبته، ثورة الأول من تشرين عام 2019، كانت الأعلان الأول للتغيير، ولم تستطع ماكنة الأبادة من كسرها، لكن موجة الأنتهازيين، وحدها تتحمل مسؤلية خذلانها وإنهاكها، ولا زالت عودتها، تلهث من تحت رمادها، إنها ثورة شعب وحقيقة.

4 - بيوت العمالة والخيانة، للهويات المكوناتية، وبعد ان سحقت، هوية المشتركات الوطنية، تستعد الآن لأكمال ادوارها، فحصتي امريكا وأيران ، الى جانب مجندي اسرائيل وتركيا والعملات الخليجية، قد وصلت نقطة مواجهتها، مع المكونات والقوى الوطنية للمجتمع العراقي، انهم ورغم عنجهياتهم الفارغة، يضعون الآن رؤسهم في جيوبهم، ويبحثون عن افضل واقصر الطرق، لهم وعوائلهم ومسروقاتهم، للوصول (إن أفلتوا)، الى نهايتهم الأمنة، في عواصم الأرتزاق، ونحن مثلهم (احيانا) ننسى، ان العودة الساخنة للعراق، ستمسح شوارع وساحات بغداد والمحافظات، بأسمال نهاياتهم القذرة، وعلى العراقيين كعادتهم، ان يبقوا على موعد، مع لحظة الأنفجار الوطني.

***

حسن حاتم المذكور

طالما استثمر اليهود أحداثا تاريخية مثل (الهولوكوست) المزعوم وجندوها من أجل الواقع كما استفادوا منها قدر الإمكان لما سيجلبه المستقبل للمدعو بالشعب اليهودي. وما بين التربية الممنهجة في المجتمع اليهودي على القوة وما بين اللجوء بعد ما يدعيه اليهود من أحداث دامية لهم في الشتات نشأت فكرة (الضحية). وأصبحت هذه الفكرة فيما بعد أداة خصبة تبنتها الطغمة السياسية في دولة الاحتلال ،حيث عملت على مأسسة هذه الأحداث التي حلت باليهود في أوروبا الشرقية من خلال تنظيم زيارات للشباب اليهودي إلى معسكر الإبادة في أوشفيتس في بولندا. والهدف من وراء ذلك تذكير هؤلاء الشباب المحاربين في المستقبل أنهم جاءوا من هنا كبقية اليهود بهدف الحفاظ على استمرارية وجوده وبقائه.

وقد استخدمها أيضا السياسيون لإقناع العالم بالتعاطف مع اليهود وخاصة في أوروبا التي اضطهدت اليهود وقامت بمعاداتهم وارتكاب المجازر بهم على حد قولهم. فما كان من هذه الدول بالفعل إلا أن حملت عقدة الذنب لما فعله من سبقهم ،وقد بلغ التعاطف مع دولة الاحتلال وصل إلى اكتساب تأييد الشعوب بفعل تلك الدعاية لكل قرار يدعم اليهود حتى لو كانوا هم المعتدين وهم دائما معتدون.

وطيلة عقود ظلت عقدة الذنب تجاه المجتمع اليهودي قائمة عند تلك الشعوب إلى أن حل تاريخ ٧ اكتوبر عندما بدأت دولة الاحتلال حربها الهمجية على قطاع غزة بأسلحتها المتطورة التي زودتها بها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من عظميات الدول، وجنود من مختلف الجنسيات بالإضافة إلى مرتزقة الأرض. فارتكبت أفظع المجازر عنفا من حيث الكم والنوع على مر التاريخ. وهنا سقط القناع الذي تحصنت خلف براءته دولة الاحتلال لأكثر من سبعة عقود ليظهر الوجه الحقيقي القبيح لها فانعكست الصورة وانقلبت الموازين في الاتجاه الصحيح هذه المرة عندما انتفضت شعوب العالم بالملايين إلى الشوارع منددين بالمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال معلنين تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

فمن الدول العربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى بريطانيا فإيرلندا وبقية الدول خرج الجميع ليقول لدولة الاحتلال ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية بعتادها وعدتها :

 كفى، أوقفوا القصف واخرجوا من غزة، فقناع الضحية قد سقط.

***

بديعة النعيمي

 

من شعب واحد بدولتين الى شعب بدولة وهوية، بالتأكيد لم تكن الوحدة بين الشطرين سهلة المرام بل استمرت فترات من الزمن بين الاشقاء، لا نشك ان هناك قوى اقليمية لم تكن ترغب في توحيد الشعب اليمني، أيا يكن الامر اتحد الشعب وانشئت الدولة الموحدة، ربما شعر بعض اليمنيين بالتهميش حيث غلب على السلطة اخوة لهم من الشمال، قد نعزوا ذلك الى الوضع الاقتصادي البسيط نظرا لقلة الموارد الطبيعية واكتشاف النفط والغاز جاء متأخرا بعض الشيء لكن لا نخلي مسؤولية من هم في السلطة على الوضاع المزرية.

مع انطلاقة الربيع العربي الذي بدأ واضحا انه لم يكن لأجل اجتثاث الطغاة وتحسن الوضع المعيشي والسياسي (التعددية) بل لتجزئة الوطن العربي والعمل على احداث فتن بين مكوناته الأثنية التي شهدت تالفا بينها للنهوض بالأوطان المستحدثة وفق اتفاقية سايكس –بيكو، اليمن كان مستهدفا بالتغيير، مجلس التعاون الخليجي لم يضم اليه اليمن لأنه يعتبره بلدا فقيرا ولا فائدة منه، الخليجيون هم من قاموا بتنفيذ الربيع العربي والمساهمة بأموالهم في تحقيقه واليمن من ضمنه، بداية ساهموا في ازاحة الرئيس وابقوا على حزبه في السلطة، ثم قتل الرئيس وسحبت السلطة من الحزب ودخل اليمن مرحلة صراع اقليمي.

مجلس العموم الجنوبي (هيئة الرئاسة، والجمعية الوطنية، ومجلس المستشارين)، وفق ما يرى ناشطون وسياسيون ينتمون الى ما كان يعرف بدولة جنوب اليمن ويسعون الى انعقاد جلسات له في عدن (الاول من يناير 2024)، مختص بمناقشة القرارات المصيرية المتعلقة بهوية شعب الجنوب وسيادته. ويعتبرونه المرجعية السياسية في إقرار أو قبول أو رفض أية حلول تتعلق بالقضايا المصيرية لشعب الجنوب، وبما يحقق تطلعاته وإرادته والمُتمثلة في استعادة الدولة كاملة السيادة، كما يصرون على ان انعقاده يعد خطوة من خطوات البناء المؤسساتي لدولة الجنوب المنشودة ويعتبرون انه الانعقاد يأتي في ظل تكالب القوى التي يدعون انها معادية لهم.

أيا تكن المبررات التي يسوقها هؤلاء (جميع القضايا يمكن حلها بالحوار ان خلصت النوايا وفك الارتباط مع الخارج) فإنها تعد خطوة لتشرذم اليمنيين (الشعب وليس الساسة) الذين اثبتوا على مدى سنوات انهم اخوة مترابطين يوحدهم الوطن والمصير.

يمثل اليمن البوابة الجنوبية للبحر الاحمر الذي يعد بحرا عربيا، وبالتالي فان دولا اقليمية وقوى اجنبية لا ترغب في ان يكون امن وسلامة الملاحة به بأيدي دول المنطقة، لذلك انشات هذه الدول بعض القواعد بأريتريا وجيبوتي والصومال المجزأ، للتدخل عند الحاجة، وقد لاحظنا ذلك بسعيها المحموم لتشكيل تحالف دولي لضمان عبور بوارجهم وسفنهم الحربية لإمداد العدو الصهيوني بما يحتاجه خاصة وان العدو ومن ورائه امريكا والغرب يشنون حربا شعواء لا هوادة فيها على قطاع غزة المحاصر منذ 3 عقود، ارتكبوا ولا يزالوا ابشع الجرائم بحق المدنيين العزل من اطفال ونساء، ولم تسلم المشافي ودور العبادة من اعمالهم الشنيعة.

قد يتعثر تشكيل التحالف لكنه يظل هاجسا يؤرق دول المنطقة، ويسلبها حقها في الابحار بحرّيّة ، حيث تسعى امريكا ومن معها الى التحكم في المعابر-المنافذ الدولية. وتظل صنعاء عاصمة لليمنيين وان طال السفر.

***

ميلاد عمر المزوغي

في المثقف اليوم